هل يجب فصل التوأمين عن بعضهما؟
تتم تربية التوأمين عادة كما لو أنهما نسخة طبق الأصل عن بعضهما، ثم يعمد الأهل إلى إيجاد التفاضل بينهما. إلا أن الاختصاصيين يوصون اليوم باعتماد حلّ وسط.
يزداد يوماً بعد يوم عدد التوائم المولودين. والسبب في ذلك العلاجات المستخدمة للعقم مما يزيد من احتمالات إنجاب طفلين كل مرة.
ويعني ذلك إعداد الرضاعات مرتين أكثر، وتغيير الحفاضات مرتين أكثر... تكون مهمة الأهل شاقة ومرهقة! وثمة تحدٍ كبير في انتظار الأهل أيضاً، ألا وهو احترام ذلك الرابط التوأمي القوي جداً الذي يجمع الولدين، مع الحرص ألا يصبح سجناً يمنع كل منهما من تطوير شخصيته الخاصة.
احترام رغبتهما في التواجد معاً
عندما نفصل التوأمين للمرة الأولى، ليس مستغرباً أن يعبّرا عن انزعاجهما على شكل مرض بسيط. يصاب الأول مثلاً بطفح جلدي، فيما يعاني الثاني من التهاب في الأذن.
يوجد على ما يبدو رابط قوي جداً بين التوأمين، في الوعي واللاوعي على حد سواء. والواقع أن هذا الرابط موجود أيضاً عند التوائم «غير المتطابقين»، ولا يمكن بالتالي تبريره بالقول إنه إرث وراثي متشابه أو شبه جسدي كبير بحيث نظن الأول أحياناً أنه الآخر.
ما هي حقيقة الأمر؟ أثناء فترة الحمل، يشهد التوائم، المتطابقون وغير المتطابقين، تجربة حسية متشابهة جداً. وبما أن التوأمان يولدان في اليوم نفسه، فإنهما يقطعان كل مراحل النمو في الأوقات نفسها تقريباً. كل ذلك يجمع بينهما بطريقة قوية.
لذا، من غير الحكيم كسر هذه العلاقة المميزة جداً. ولا حاجة بالتالي إلى فصل التوأمين عن بعضهما في دار الحضانة أو السنوات المدرسية الأولى.
فخلال المراحل الأولى من التطور الاجتماعي، يحتاج التوأمان إلى الاتكال على بعضهما البعض للانطلاق نحو العالم.
يمكننا أيضاً السماح لهما باللعب مع بعضهما والتحدث بلغة ابتكراها بنفسيهما- علماً أن هذا شائع جداً عند التوائم- من دون الهلع أو الخوف من انغلاق التوأمين في دائرة منعزلة. كلما تركنا التوأمين يعيشان بهدوء هذه اللحظات الحميمة مع بعضهما، استمدا المزيد من القوة ليكمل بعدها كل منهما طريقه الخاصة في الحياة.
وفي الإجمال، بدءاً من الصفوف الابتدائية، يفضل التوأمان أن يحظى كل منهما بصفه، ورفاقه، ونشاطاته.
لذا، فإن إجبارهما على الانفصال المفاجئ والمبكر جداً، فيما هما غير جاهزين بعد، يمكن أن يجعل الطفلين قلقين وفي حال دائمة من الحرمان.
الكشف عن الفروق مهم أيضاً
احترام حاجة التوأمين ليكونا قريبين من بعضهما لا يعني أبداً زيادة هذا القرب أو توليد أوضاع يحتمل أن يذوب فيها الأول في الآخر.
فقد يسبب لهما ذلك مشاكل خطيرة في الهوية، بحيث يعجز كل واحد من التوأمين عن معرفة هويته، وما إذا كان هو أم الآخر.
وقد تنشأ بينهما علاقة «سيامية» ثقيلة ومضرة لهما. بالفعل، يجد التوأمان نفسيهما عاجزين عن الانفصال عن بعضهما طوال الحياة.
لا بد من إذاً من تفادي شراء ملابس مماثلة لهما لكي يبدوا نسخة طبق الأصل عن بعضهما، وإجبارهما على فعل الأشياء نفسها في اللحظة نفسها، وتسميتهما بأسماء متشابهة. باختصار، يحذّر من معاملتهما على أنهما هوية شاملة. ويعود إلى الأهل دور التمييز بينهما.
فحتى لو كانت الاختلافات بين التوأمين غير بارزة جلياً للعين المجردة، يتوجب على الأهل البحث عن تلك الاختلافات. فالتوأمان، حتى لو كانا متطابقين، يملكان دوماً طرقاً شخصية للتعبير، والبكاء، والأكل، والثرثرة، والضحك.
ويتوجب على الأهل تشجيع تلك الاختلافات عبر التعاطي بطريقة مختلفة مع كل تصرف. لكل واحد من التوأمين كلماته، وألعابه، ومداعباته.
وإذا تم النظر إلى التوأمين بهذه الطريقة منذ الولادة، يتجه التوأمان تدريجياً في هذا الاتجاه ويكوّن كل منهما شخصيته المنفصلة.
إلا أن التمييز صعب أحياناً، لا بل مستحيل، على رغم إرادة الأهل. فقد تكون هناك الرغبة اللاإرادية بمطابقة التوأمين مع بعضهما لتوليد الانطباع بوجود ولد واحد فقط.
إلا أن دمج التوأمين هو للأسف ظاهرة مرهقة للأهل يعجز العديد منهم عن مواجهتها. وتذكروا أيها الأهل أنه لا داعي أبداً للشعور بالخجل أو الذنب إذا لم تنجحوا لوحدكم في تربية التوأمين. استعينوا بمساعدة الاختصاصيين!
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024