فتيات ينافسن الرجال في الفروسية
لم تعد رياضة الفروسية مقتصرة على الرجال وحدهم، حيث اعتاد الكثير منا على رؤية الفارس في صورة شاب قوي مفتول العضلات، بل أصبحت أخيراً رياضة محببة لكثيرات من الفتيات، ولاقت إقبالاً كبيراً منهن، وفاقت أعدادهن أعداد الرجال في مراكز تعليم الفروسية، بل ومنهن من ينافسن الكثير من الشبان في مهارات تلك الرياضة. «لها» التقت بعض الفتيات ممّن يتعلمنَ الفروسية، للتعرف على أسباب حبهنَّ لهذه الرياضة وطموحهنَّ فيها.
مفهوم خاطىء
في البداية، تقول لمياء صلاح، التي تتعلم الفروسية في نادي «بيغاسوس»: «بدأت بممارسة الفروسية وأنا في السادسة من عمري، ثم انقطعت عنها لفترة بسبب الدراسة واهتمامي برياضات أخرى، مثل التنس والسباحة وكرة القدم، فكنت أهتم بها أكثر من الفروسية، ثم عدت إلى الرياضة التي أحببتها وهي ركوب الخيل، وما زلت أمارسها حتى اليوم إلى جانب عملي، وتطورت فيها ووصلت إلى مستوى قفز الحواجز، وتأهلت لدخول مسابقات».
وعن القول إن الفروسية رياضة ذكورية، توضح لمياء التي تعمل في مجال تصميم الأثاث وصناعته قائلةً: «هذا المفهوم كان سائداً في الماضي، لكن اليوم تستطيع الفتاة أو المرأة دخول كل المجالات وممارسة مختلف الرياضات والتفوّق فيها حتى على الرجال، فالتفوق والإخفاق في الرياضات يتوقفان على القدرة على التركيز والإصرار على النجاح».
ورغم الرياضات الكثيرة التي مارستها، ترى لمياء التي نشأت بينها وبين حصانها «لوغانو» علاقة صداقة وطيدة، أن الفروسية هي أفضلها على الإطلاق، وتضيف: «الفروسية من أجمل الرياضات التي يمكن أن يمارسها الشخص، فهي تنمّي قدرات تعجز عن تنميتها أي رياضة أخرى، إذ تعزّز الثقة في النفس وتقوّي التركيز، وكلها مهارات أستخدمها في كل نواحي الحياة، لذا أنصح كل الفتيات والأطفال بضرورة ممارسة هذه الرياضة، ولو لساعات قليلة».
فارسة شهيرة
تقول نور محمد، الطالبة في الصف الثاني الإعدادي: «أحب الخيول منذ الطفولة، وأتمنى أن أصبح فارسة مشهورة، وبدأت أتدرّب على الفروسية منذ ستة أشهر، وهناك استجابة في التدريب، وأصبحت اليوم في المستوى الثاني بعد أن اجتزت المستوى الأول في ثلاثة أشهر، وأمارس الفروسية بشغف، فالخيول كائن جميل ومطيع في بعض الأحيان، إذا استطاع الفارس أن يتأقلم مع الفرس بسرعة».
وتضيف: «كنت أخاف في البداية من الخيول، كخوفي من أي حيوان ضخم، لكن بعد أن تعلمت ركوب الخيل، وجدته كائناً حساساً ووفياً يشعر بصاحبه ويطيعه، لذا أتدرب بصورة دورية ومكثفة، فأتعلم ثلاث مرات أسبوعياً حتى أستطيع الوصول إلى المستوى الاحترافي بسرعة، وأنوي بلوغ المستوى النهائي وقفز الحواجز وتعلم مهارات أخرى في ركوب الخيل».
المفاجأة
يقول الكابتن ياسر عصر، مدير نادي «بيغاسوس» للفروسية، ومدرب منتخب مصر: «الفروسية من الرياضات التي تصقل شخصية الفرد منذ الطفولة إلى أن يتوقف عن ممارستها، والمفاجأة أن إقبال الفتيات على تعلم الفروسية في النادي؛ بل وفي مصر كلها في الفترة الأخيرة، فاق إقبال الشباب عليها؛ وهو على عكس المتوقع، فمن المتعارف عليه في السينما والتلفزيون أن الفارس يكون رجلاً، لكن في الواقع الفتيات أكثر إقبالاً».
وعن مراحل التدريب في النادي، يقول: «نبدأ بتدريب الفتيات والأولاد من سن صغيرة على حصان صغير أو (الفرس القزم)، حتى يتم تعويدهم على ركوب الخيل، ثم ندربهم على الخيول المصرية الأكبر، وهي خيول متوسطة الحجم، ثم على الخيول الأوروبية وهو المستوى الأخير، فنحن كأكاديمية لتعليم الفروسية نعلّم الفارس بدءاً من الخطوة الأولى حتى يتم تأهيله للمشاركة في البطولات المحلية والدولية».
أصغر الفارسات
عصام الدالي، والد فريدة، من أصغر المتدرّبات على الفروسية، يقول: «بدأت فريدة التدرّب على الفروسية منذ أربعة أشهر تقريباً، بناء على اختيارها، فهي التي طلبت ذلك، وقد تعرفت على الخيول منذ الصغر، لأنها من ضمن هواياتي، فأنا أربّي الخيول العربية منذ فترة، وهو اتجاه يختلف عن ركوب الخيول بالصورة الاحترافية، إذ نهتم فيه بجمال الخيول وأدبها، وابنتي اعتادت على رؤية الخيول وحبّها».
ويضيف: «لا تزال فريدة تمارس السباحة والجمباز الإيقاعي إلى اليوم، وقد خيّرناها بين أكثر من لعبة، لكن عندما جاءت إلى النادي ورأت الفتيات اللواتي في مثل سنّها يتدربن على الفروسية، أحبت هذه الرياضة واختارتها، فرحّبتُ بخيارها وشجّعتها، فالفروسية رياضة جميلة وتنمّي شخصية الأطفال
وقدراتهم العقلية، وتجعل الطفل في موقع القائد منذ سنّ مبكرة، نظراً إلى العلاقة التي تنمو بينهما، فيتعلم أن يقود شيئاً ويتحكم به ويوجّهه، فهي من أفضل الرياضات، وأتمنى أن تستفيد منها في حياتها العملية في المستقبل».
حب الخيول
تقول نور المكاوي، 12 سنة: «أتدرب على الفروسية منذ شهرين، في المستوى الأول، مرتين أسبوعياً لمدة نصف ساعة، ولا تعارض بين هذه الرياضة والمدرسة والمذاكرة، فأنا أنظّم وقتي، وأرى أنها مفيدة للجسم والعظام والعضلات».
وتضيف: «أحب الرياضة بصورة عامة منذ الصغر، لكن الفروسية كانت الأقرب إلى قلبي، فكنت أشاهد سباقات الخيول في التلفاز وصور الخيول على الإنترنت، حتى قررت تعلمها بصورة احترافية في نادٍ مختص».
نور، التي تأتي إلى النادي بصورة دورية بصحبة أختها الكبرى ملك ووالدتهما، تضيف: «لقد تدربت على المستوى الأول؛ وكانت بدايته الاعتياد على الحصان وعدم الخوف منه، وبعدها نتعلم ركوب الحصان والحفاظ على التوازن على ظهره، ثم التعلم على كيفية توجيهه والتعامل معه والجري به، والقيام والجلوس أثناء سيره».
أفضل الرياضات
أما شقيقتها ملك المكاوي، طالبة في الصف الثاني الإعدادي، فتقول: «بدأت تعلّم الفروسية منذ شهرين تقريباً، وهي ليست الرياضة الأولى التي أمارسها، فقد مارست من قبل رياضتي التايكوندو والسباحة، وحققت فيهما عدداً من البطولات، إضافة الى الإسكواش، وكلها رياضات بدأتها في سن الخامسة تقريباً».
وتضيف: «ما زلت أمارس الإسكواش إلى الآن، لكن أولي اهتماماً للفروسية، فهي رياضة جميلة وممتعة، وشعرت بها رغم أنني في المستوى الأول، لكن أنوي الاستمرار بها للوصول إلى مستوى قفز الحواجز والمشاركة في البطولات المحلية والدولية».
واختارت ملك أن تدرس الفروسية بنظام الحصص المكثفة، حتى تستطيع أن تتعلمها بسرعة، كما أنها تنوي شراء حصان خاص بها في المستقبل، حتى لا تنقطع عن ممارسة الفروسية، وكذلك تنظيم وقتها بين دراستها الجامعية وعملها لممارسة ركوب الخيل في شكل عام».
الفتيات الأكثر مهارةً
تقول المدرّبة الروسية ماغي: «أمارس رياضة الفروسية منذ أن كان عمري سنتين تقريباً؛ مع أسرتي في روسيا، وأدرّب على الفروسية هنا في مصر منذ حوالى العام، ونبدأ مع الفتيات والفتيان في سن صغيرة جداً وصولاً إلى الأكبر، فلدينا فارس في عمر 73 وما زال يتدرب إلى الآن، وأدرّب بنتاً في الرابعة من عمرها، وقد أصبحت تتحكم بالحصان بمفردها».
تضيف المدربة الروسية، التي تعيش في مصر منذ خمس سنوات، وتتقن اللهجة المصرية: «الفروسية ليس لها جنس معين، وكمتخصصين في الفروسية، نؤكد أن الفتيات أكثر مهارةً من الشبان في تعلم الفروسية وممارستها، وهذه حقيقة وليست انحيازاً إليهنّ، فالفتاة تستطيع أن تتآلف مع الحصان بصورة أكبر، وتكون علاقتها به أفضل، ويطيعها ويقودها إلى أن تصبح الأفضل، بخاصة في الجانب المتعلق بقفز الحواجز».
أما عن فوائد الفروسية للفتيات، فتلفت: «الفروسية تفيد الفتاة في تكوين الشخصية القوية والاعتماد على النفس والصبر والتسامح والقيادة، خصوصاً أنها تتدرب على التحكم بحيوان رغم حجمه الكبير وقوته الهائلة ومزاجه المتقلّب، فمن وجهة نظري، من يستطيع التعامل مع الحصان يمكنه بعد ذلك أن يتعامل مع أي مخلوق، كما أن الفروسية في شكل عام تساعد على تهذيب الأخلاق والسلوك، أما بالنسبة إلى الناحية البدنية فالفروسية تحرّك عضلات في الجسم لا تحركها أي رياضة أخرى».
متدربات في سنّ الخمسين
يقول العقيد خالد توفيق: «إن أكثر المراحل العمرية إقبالاً على تعلم الفروسية هي من سن ثمانٍ إلى 18 سنة، وبعد ذلك تكون المواظبة على التدريب وفق أوقات فراغ المتدرب، كما أنه ليس شرطاً أن تكون المتدربة في سن صغيرة كي تواظب على ركوب الخيول، بالعكس فهناك متدربات في سنّ الأربعين والخمسين، وما زلن يواظبن على هذا الأمر».
ويضيف: «الملاحظ في الفترة الأخيرة، أن الفتيات أكثر إقبالاً على ممارسة الرياضات من الشبان، في كل النوادي المصرية، وأكثرها الفروسية لاعتبارها جميلة وممتعة، وتشمل كل المراحل العمرية، حتى أن هناك زيادة ملحوظة في أعداد الفارسات الحاصلات على بطولات محلية ودولية، وهي ترجمة لحبّهنّ لها».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024