يعقوب الفرحان: لست راضياً عن نفسي
أداؤه أدواراً مركّبة جعله في مقدّمة أبناء جيله من الممثلين السعوديين، يخفي وراء ابتسامته شخصية خجولة وهادئة، حكيمة وعاطفية، وفي علاقته مع زوجته ليلى إسكندر، تحدّى كلّ الصعوبات وجاهر بحبّه لها رغم اختلاف الجنسية والديانة بينهما.
في غضون سنوات قليلة، أصبح من أهم الأسماء الشابة في السعودية، وقد شارك أخيراً في العديد من الأعمال، وكان آخرها «غرابيب سود».
- يعقوب، لنعد الى الوراء، كيف دخلت الوسط الفني؟
بدأت الفكرة تتبلور في ذهني منذ أيّام مسرح الجامعة. كنت أجمع أصدقائي ونحاول أن نحلم بالانتشار في كل المملكة، وقد وفّقنا الله، وحزت أكثر من جائزة عالمية، وتخطينا حدود المملكة فوصلنا الى تونس والمغرب ولبنان ومصر ودبي، واليوم عدت الى الرياض وقد ترسّخ إيماني بنفسي وبكل من التقيت به خلال الرحلة.
- شاركت في رمضان الماضي في مسلسل «غرابيب سود» الذي أحدث ضجة كبيرة، كيف وجدت أصداءه لدى الجمهور؟
بعد سنوات، اكتشفت أن الخيارات الشجاعة والواقعية هي التي تجعل الفنان أكثر قبولاً وقرباً من الناس. قوة «غرابيب سود» كانت تكمن في توقيت عرضه، وعندما طُرحت فكرة العمل، اعتذر الكثيرون عن المشاركة فيه خوفاً من تداعيات أحداثه على حياتهم، أما أنا فعلى العكس اعتبرته تجربة واقعية تذكّر بأن من يقترب من هذا العالم الأسود سيسقط في شرّ أعماله، حتى ولو كنّا نؤديه كعمل درامي، وأعتقد أن الرسالة وصلت.
- قل لي بصراحة، ألم تخشَ الظهور في عمل كهذا؟
لا، أبداً.
- ولكن قيل إن أغلب أبطال العمل تعرّضوا للتهديد بالقتل، هل كنت واحداً منهم؟
لا أذكر أنني تعرّضت لتهديد مباشر، وعموماً كنت أتوقع حدوث أي شيء من هذا النوع، ولم يكن عندي مشكلة.
- لو طُلب منك إعادة تقديمه، فهل توافق؟
بالتأكيد، أكرر التجربة بلا أدنى تردد.
- بعيداً من «غرابيب سود»، يتساءل الجميع لماذا لا نرى يعقوب مشاركاً في الأعمال الخليجية كالدراما الكويتيه مثلاً؟
يهمّني كثيراً الاختيار، ومنذ انطلاقتي الفنية وأنا أميل الى المواضيع المختلفة، ولم التفت الى السائد، كما حجزت في موجة السينما السعودية مكاناً لي، بعدما وجدتها أكثر فهماً وصدقاً مع المشاهد المحلي، ولا أنكر تلقيَّ الكثير من العروض الخليجية والكويتية، لكنْ لهذه الأعمال نمط قلّما يلفتني شخصياً.
- إلى جانب مَن مِن نجوم الدراما الخليجية تطمح بالوقوف؟
خليجياً، أتمنى المشاركة في عمل مع فيصل العميري.
- هل سبق أن شاهدت دوراً تمنيت لو كان من نصيبك؟
الاهتمام بتفاصيل الشخصيات لا يزال مشكلة في الخليج. بنظرة سريعة ستكتشف ضعف الشخصيات والنمطية في صناعتها، ولا أذكر أنني شاهدت دوراً وتمنيت لو كان لي. يحدث ذلك أحياناً عندما أشاهد عملاً عالمياً.
- ما هو الدور الحلم بالنسبة إليك؟
«جهيمان العتيبي»... مع الانفتاح الذي تعيشه المملكة اليوم، أعتقد أن الوقت حان ليتعرف الناس على هذه القصة وأسبابها ونتائجها على مجتمعنا.
- إلى أين تتجه الدراما السعودية في رأيك؟
قياساً بما نملك من أدوات وعقول نيّرة، يُفترض أن تكون الدراما في مرتبة متقدمة عمّا هي عليه اليوم. القيود التي كانت مفروضة على الإنتاج الدرامي بدأت تتلاشى، والسينما آتية لا محالة، وكل المؤشرات تؤكد أننا مقبلون على مرحلة ستشهد فيها الأعمال الدرامية تحسناً. لذا، أنا متفائل جداً بمستقبل الدراما.
- هل خطفتك مهنتك من وطنك؟
بالتأكيد لا... أُقيم وليلى في الرياض، وكل نشاطاتنا نقوم بها هنا. دبي كانت مرحلة انتقالية وكان لا بد لنا من أن نختبرها، خصوصاً أننا وشعب الإمارات قلب واحد وفكر واحد.
- وما أكثر عمل سعودي نال إعجابك وتمنيت المشاركة فيه؟
يبقى مسلسل «طاش ما طاش» على مستوى الطرح والتأثير أهم عمل درامي تلفزيوني سعودي، ولطالما تمنيت المشاركة فيه.
- كيف ترى التطورات التي حدثت أخيراً في بعض الأنظمة في المملكة كقيادة المرأة وافتتاح دور للسينما؟
كل من يعرفني يؤكد أنني من أبرز مناصري ما يحدث في المرحلة الحالية. لا يمكن أن نبقى معزولين عن العالم، لأننا مهمّون وأقوياء. المرأة السعودية تستحق ذلك، والفن يستأهل الانتشار في المملكة، فنحن شعب يجيد التعبير ويحترم الفنون.
- هل افتتاح دور للسينما في السعودية سيساهم في انتشار الفيلم السعودي؟
من المؤكد أن ذلك سيخدم صناعة السينما، فلا أحد يحرص على مشاهدة الأفلام السعودية أكثر من السعوديين، ومن المنطقي أن يتطور مستوى الدراما بوجود السينما. هي مرحلة مبدئية ستليها مراحل تُنتَج خلالها الأفلام، وبالتالي ندخل السوق العالمية ونعمل على تغيير الصورة التي كوّنها العالم عنا.
- هل أنت راضٍ عما قدّمته من أعمال، أم تشعر أنك لم تحظَ بعدُ بالعمل الذي يحقق لك نقلة نوعية في مسيرتك الفنية؟
بالطبع، أنا لست راضياً، وأتمنى ألا أرضى، وأقول إنني دائماً في حالة بحث عن الأفضل، والأفضل نسبي، وقد لا أجده. يهمّني أن تكون هذه الرحلة مثيرة للاهتمام.
- قطبا الدراما السعودية ناصر القصبي وعبدالله السدحان، كيف هي علاقتك بهما وهل سبق لك أن التقيتهما؟
علاقتي جيدة مع الجميع، والأستاذان عبدالله وناصر سبق لي أن تحدّثتُ معهما مراراً عن مشاركة محتملة، ولكن كما قلت قد لا أتفق كثيراً مع طريقة الطرح التي يتبعانها، ذلك أنني أجد نفسي منتمياً الى جيل آخر يعمل بطرق مختلفة... ورغم ذلك، يُحتمل أن أشارك في أي عمل فني متى وجدته مناسباً.
- حدّثنا عن المسرح؟
المسرح لا يزال يجري في دمي، وأرفض وضعي في خانة من هجروا المسرح. أخطط دائماً لعمل مسرحي، وبالتأكيد أن تجربة مسرحية في وقتنا الحالي ستكون مختلفة ومثيرة.
- هل تؤمن بمقولة «وراء كل رجل عظيم امرأة»؟
بالتأكيد، خصوصاً أنني الرجل الأكثر حظاً على وجه الأرض. صدّقني، كل من يعرف ليلى يقول لها هذا الكلام... فهي بالنسبة إليّ، الأخت والابنة والصديقة والأم والحبيبة.
- لو أردت الاعتذار من ليلى اليوم، علامَ تعتذر؟
على كل لحظة تحمّلت فيها نتائج ارتباطها بي.
- كيف تقيّم صوت ليلى؟
صوت ليلى من الصعب أن أصفه بكلمة... هو كالنساء بلا حدود، ودائماً اكتشف في صوتها جديداً، ويسافر بي إلى أماكن لم أرها من قبل. صوت ليلى مثقف، وقوي يخوّلها أن تغنّي كل الطبقات وفي مختلف اللغات.
- هل هي طبّاخة ماهرة؟
لا بل أكثر من ماهرة، «نفَسها طيب» وتهتم بالنظافة وهي تحضّر الطعام، لكننا نختلف في نوعية الغذاء، لأنها «نباتية» منذ سنتين.
- كيف تقدّم نفسك كنجم صاعد لمن يشاهد موهبتك الفنية؟
كما أقدّمها الآن، كل تفاصيل حياتي الخاصة والفنية تشبهني وفخور بها. سعيد بكل خطوة خطوتها حتى الآن، وأدرك أن الأجمل آتٍ، وأعد كل من يؤمن بموهبة يعقوب الفرحان بأنني لن أُخيّب ظنه وسأجعله فخوراً بي.
- أخيراً، سيُعرض مسلسلك «حب بلا حدود»، والكل تحدث عن كسره النمط السائد كصورة وإيقاع، ما رأيك بردود الفعل حوله؟
أنا راضٍ تماماً عن ردود الفعل التي وصلتني حول المسلسل، خصوصاً أن معظمها يؤكد أن العمل مميز وفكرته مستمدة من الواقع، فليس سهلاً أن تغامر مع الجمهور لو لم تكن متمكناً من إقناعه بما تقدّمه له، وهذا ما ركّزنا عليه كفريق عمل، فحاولنا إظهار إيقاع خاص وتقديم صورة مختلفة بإشراف المخرج العبقري مجتبى سعيد. الإنتاج الخليجي يجب أن يتطور، فلغتنا الدرامية لا تزال متأخرة ويطغى عليها الحشو والمبالغة، وهذا يُشعر الجمهور بالملل منها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024