الساحر عمر الفيومي
دائماً ما يفاجئ جمهوره بمعارض تدهشه في أفكارها وموضوعاتها وطريقة تناوله الموضوع الذي اختاره عنواناً لمعرضه، فالفنان الكبير عمر الفيومي، هو واحد من أبرز الفنانين التشكيليين، وأكثرهم غزارة وإنتاجاً، لا سيما في السنوات الأخيرة.
اختار الفيومي في معرضه الأخير، أن يحمل عنوان «الساحر»، بما لديه من القدرة على المراوغة، والتلاعب بنا عن طريق الخداع البصري، ويحاول أن يوهمنا بأشياء يقوم بها، وهي غير حقيقية... الساحر هنا هو الفنان عمر الفيومي، الذي لا يرسم لنا الساحر بملابسه المعروفة فقط، بل يرسم لنا وجوهاً وأماكن بألوان زاهية، لكنك عندما تقترب من كل لوحة، تشعر بأنك تحتاج الى وقت لقراءتها، ففي اللحظة الأولى تكتشف أنك أمام وجه مباشر، لكن ما يلبث أن يزول هذا الانطباع، وتجد أنك تحتاج الى قراءة هذا الوجه بشكل آخر، فهو ليس مثل وجوه الفيومي السابقة، بل يحمل دلالات المراوغة، كأن الفيومي تحوّل الى ساحر في هذه اللوحات التي تقترب من 25 لوحة.
الفنان في هذه اللوحات على حد تعبيره، لا يرغب في أن يقدم أعمالاً جاهزة للقراءة والمشاهدة، إنما تحمل في مضمونها طرحاً مثيراً للدهشة، حيث فكرة الساحر الذي يخدع أعين المشاهدين فيرون أشياء كأنها حقيقة، وهي مجرد خداع وتضليل بصري... وهذه هي الفكرة نفسها التي اعتمد عليها، إذ نوى خداع الجمهور أمام قراءة الأعمال، وهي رؤية لا تهدف الى التضليل، بل الى زيادة حالة التشوق وأنت تتطلع الى هذه اللوحة أو تلك.
وعن الفارق بينها وبين معرضه السابق الذي حمل عنوان «وجوه الفيومي»، يكمن ذلك في أن هذه الوجوه كانت بالفعل لأصدقاء وزملاء الفنان وأقاربه، وتميزت هذه البورتريهات بلمسة سحرية من لمسات الفيومي، عندما نجد وجهاً نظن أننا نعرفه، لكن في الوقت نفسه يضيف إليه الفيومي أبعاداً أخرى، بأن تقرب هذا الوجه المعاصر من وجوه سابقة عرفت باسم «وجوه الفيوم»، وهي وجوه سبق أن ألهمت العديد من الفنانين، قبل الفيومي، لكن عنده تميزت بأسلوبه الخاص، الذي جمع بين روح وجوه الفيوم وبين ألوانه وتقنياته المتميزة، فصنع حالة إنسانية جديدة، تجمع بين الرؤى القديمة للوجه والشكل المعاصر له.
يجيد الفيومي في معارضه كافة، استخدام الألوان الزاهية بتدرجاتها المختلفة، وهو ما ميز معرضه الساحر، فالألوان تكاد تكون هي البطل الرئيسي لهذا المعرض المتميز، الذي يضاف الى معارضه التي بدأها في الثمانينات، وهو حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة جامعة حلوان 1981، وبعدها نال الماجستير في الفنون الجدارية من أكاديمية سان بطرسبرغ في روسيا 1991، وتخصص في التصوير الجداري في الأكاديمية ذاتها، وقد مارس بالفعل رسم الجداريات، وله أكثر من جدارية في القاهرة.
وللفيومي العديد من المعارض الفردية، التي جذبت الانتباه على مدار تاريخه، منها «منمنمات»، وهو المعرض الذي حاكى فيه فن المنمنمات الفارسية، حيث استطاع في لوحة محدودة المساحة أن يرسم بورتريه أو منظراً طبيعياً، ثم توالت معارضه: «أبيض وأسود»، «ليالي المحروسة»، «البورتريه الشخصي»، «وجوه»، «رحلة العائلة المقدسة»، «الفن والموسيقى»، الذي قدم مجموعة مختارة عن تأثير الموسيقى في حياتنا، وعلاقتها بالفن التشكيلي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024