عندما يريد المراهق...
هذا الصيف يحلم رامي (15 عاماً) بتمضية إجازته مع الأصدقاء، وهذا طبيعي لمن يمرّ بمرحلة المراهقة.
فمن المعلوم ميل المراهق إلى الاستقلالية والابتعاد عن كل ما يرمز إلى تبعية الأهل، والتخطيط للعطلة الصيفية أحد مظاهر هذه الاستقلالية.
فهو لا يرغب في تمضية الإجازة في منزل العائلة الجبلي، أو يمتنع عن مرافقة أهله خلال عطلة الأسبوع لأنه قرر تمضيتها على الشاطئ مع أصحابه.
ويقلق الأهل من محاولة المراهق الانفلات من رقابتهم المباشرة. فليس سهلاً عليهم تقبّل هذا الأمر، إذ كيف يريد الذهاب وحده إلى مخيم صيفي وهو الذي كان قبل سنوات قليلة ينتظر العطلة الصيفية حتى يرافقهم إلى منزلهم الجبلي!
يرى التربويون أنه على الأهل تفهّم رغبة ابنهم المراهق في الاستقلالية ودعمها لأن قلقهم وتوترهم يشعرانه بعدم الأمان وبعدم الثقة بنفسه وبأنه قادر على تحمّل المسؤولية في غيابهم، ويعود هذا إلى سن المراهق وشخصيته. وينصح الاختصاصيون الأهل بالآتي
التعرّف إلى ابنهم من خلال الآخرين
قد يظن الأهل أن ابنهم خجول وغير قادر على مواجهة الصعاب، ولكن عليهم الأخذ في الاعتبار وتصديق ما يقوله الآخرون ، كأساتذة المدرسة أو أهالي أصدقائه، بأن ابنهم يتمتع بشخصية حاذقة ولبقة حين لا يكون معهم.
وقد يكون العكس إذ ربما يتصرّف هذا المراهق بلباقة وذكاء أمام أهله، في حين أنه يشعر بالتوتر حين يخرج من قمقم العائلة الآمن.
وفي كلا الحالتين ورغم أن الابن قد لا يعطي انطباعاً بأنه قادر على مواجهة الآخرين خارج إطار العائلة، فإن في إمكانه الخروج من هذا الخجل إذا ما وضع في موقف يتطلب منه المواجهة.
بمعنى آخر لا يجوز للأهل الانتظار حتى يصير لديهم اقتناع تام وثقة به ليسمحوا لابنهم بمواجهة أمور تساعد في نمو شخصيته وتطوّرها.
أن يكون الأهل عمليين
عندما يقرر المراهق تمضية الإجازة مع أصدقائه في مخيّم بحري أو جبلي خارج المدينة التي يسكن فيها مع أهله، على الأهل بدورهم أن يكونوا عمليين ويتأكدوا من أنه يعرف أرقام هواتف الحالات الطارئة إذا أصيب أحد أصدقائه، أو يعرف لغة البلد الذي يريد السفر إليه إذا قرّر زيارة بلد أجنبي، فضلاً عن معرفة أرقام سفارة بلده إذا واجهته مشكلة هناك.
وقد يتمنى الأهل تأجيل هذه التجربة، ولكن عليهم السيطرة على مشاعر التوتر والقلق التي تنتابهم حين يقبلون بسفر ابنهم.
فسفر الأبناء المراهقين وحدهم من دون أهلهم، يعني أنها تجربتهم الأولى في الحياة خارج إطار العائلة والمحيط الاجتماعي.
وفي كل الأحوال من الضروري أن يكرّر الأهل على مسامع ابنهم الإرشادات الأساسية التي عليه التزامها خلال السفر.
وهي الانتباه إلى ماذا يأكل أو يشرب وإعلام إدارة الفندق الذي ينزل فيه بالأمكنة التي يزورها، وعدم التجوال وحده من دون أصدقائه أو مرشد الرحلة الذي غالباً ما يكون أستاذه في المدرسة إذا كان مسافراً في رحلة نظمتها المدرسة، وأن يبقي هاتفه الجوّال مفتوحاً ويتأكد أن البطارية مشحونة حين يكون في الخارج، وألا يستعمل دواء لا يعرف مصدره إذا شعر بألم في الرأس أو البطن.
السن تتحكم في إجازة المراهق قبل الثالثة عشرة
قد يرفض الأهل السماح لابنهم بالسفر مع رفاقه خارج المدينة إذا لم يكن برفقة راشد، فيما يرى الاختصاصيون أن سفر المراهق في هذه السن بالطائرة أو القطار تجربة مهمة، شرط أن يكون لديه المال الكافي لركوب سيارة أجرة ورقم هاتف الشخص الذي سيستقبله في المدينة التي سيزورها.
بين الثالثة عشرة والسادسة عشرة
هذه المرحلة من العمر دقيقة، ولكن إذا استطاع الأهل التحكم فيها بشكل عقلاني يتخطون الكثير من المشكلات التي يمكن مواجهتها مع ابنهم المراهق.
فإذا أراد تمضية جزء من الإجازة مع صديقه يمكن الموافقة على ذلك شرط ألا يكون منزل هذا الصديق بعيداً وألا تتعدى المدة ثلاثة أيام، والمتابعة مع أهل هذا الصديق ليستعلموا دائماً عن ابنهم.
بعد السادسة عشرة
يمكن السماح للمراهق في هذه السن بتجربة السفر وحده شرط أن يتقيّد بمواعيد اتصال الأهل به أو وقت تبادل المحادثة عبر الإنترنت التي اتفق عليها. ويجدر به أن يعرف أنه مسؤول أمام أهله عن الأخطاء التي يرتكبها.
الشعور بالاستقلالية
قد تكون تمضية العطلة الصيفية في منزل ريفي أو منتجع بحري مع الأهل من الأمور العادية بالنسبة إلى المراهق ولا يجد فيها امتيازاً.
لذا يمكن الأهل الاقتراح عليه أن يخيّم مع أصدقائه في الجبل القريب من المنزل إذا كانوا يصطافون في الجبل أو التخييم على الشاطئ إذا بقوا في المدينة .
شرط أن يقوم بذلك مع أصدقاء يعرفهم الأهل جيداً وأن يتناول وجبة غدائه في البيت، ويترك هاتفه الجوّال مفتوحاً، وعليه أن يعد بأنه لن يخرج من المنزل من دون إعلام أهله. فهو حين يتحمّل المسؤولية سيحترم بنود هذا الاتفاق، ويدرك أنه سوف يحرم خوض هذه التجربة بمجرد ارتكابه خطأ.
تسجيله في نشاطات صيفية
يحتاج المراهق إلى أشخاص يقوّمونه كي يشعر بأنه شخص فعال. لذا يمكن الأهل أن يقترحوا على ابنهم التسجيل في نشاط رياضي يرتكز على روح الفريق مثل كرة الطائرة أو كرة السلّة وسوى ذلك من النشاطات التي تسمح له ببناء صداقات.
إيجاد عمل
يمكن أن يعمل مراهق في السادسة عشرة أن يعمل خلال العطلة الصيفية. ويمكن الاقتراح عليه العمل نادلاً في مطعم أو بائعًا في سوبر ماركت بنصف دوام، فهذا يجعله يشعر بأهمية العمل ويبعد عنه الملل.
فأحياناً يمل المراهق تمضية كل وقته مع أصدقائه طوال الإجازة الصيفية.
تخصيص وقت له
رغم أن المراهقين يبدون رغبتهم في الاستقلال عن أهلهم، فإن لدى 90% منهم تكون تمضية بعض الوقت مع أهلهم أمراً رائعاً، لذا يمكن الوالد أن يفاجأ ابنه برغبته في أن يلعب معه طاولة أو الذهاب للتسوق.
ولكن في الوقت نفسه ليس من الضروري أن يتعمّد فتح حوار جدي أثناء ذلك، فالمراهق في حاجة إلى أن يشعر بأن والده قريب منه، وهادئ للاستماع إليه أكثر من أنه مراقب لتصرفاته.
المرونة في البرنامج اليومي
من المعروف أن المراهقين بارعون في تخطي القوانين. يحبون السهر والاستيقاظ في ساعة متقدمة من النهار. لذا يمكن الأهل ترك ابنهم المراهق يعيش «نعمة» الفوضى شرط وضع قواعد عامة.
مثلاً أن يغسل صحنه إذا تناول فطوره متأخراً، أن يكون حاضراً للذهاب مع أحد والديه للتسوق، فهذه المرونة تساعد الأهل في الحفاظ على هدوء ابنهم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024