تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

بين الأم والأب...

«تشعر رلى بالتوتر عندما يلعب ولداها لعبة العراك مع والدهما، فيما الضحك يعلو في المنزل، غير آبهين بالركلات والسقطات... إنهما يلعبان مع والدهما»... يبدو مشهد لعب الوالد مع أبنائه مضحكًا، فخلال هذه اللحظات تلغى الحدود بين الأب وأبنائه والكل يدخل في اللعبة، الأبناء يتآمرون على الأب ليسقطوه أسيرًا في لعبتهم. هذا المشهد المليء بالحركة يقابله مشهد الأم التي تلعب مع طفلها بهدوء، فهي تقرأ له، أو تساعده في تركيب الليغو، أو تحرّك له الماريونات... فأي نوع من اللعب هو الأفضل؟
أظهرت دراسات نفسية أن الأم والأب لا يلعبان بالطريقة نفسها مع أطفالهما. وهذا التمايز في اللعب يغني شخصية الطفل ويساعد في نموه الفكري والجسدي معًا.
 
فهو يتعلّم أساليب متنوّعة من التفاعل، بعضها ذكوري وبعضها أنثوي. فهو يكتشف مع كل من والديه نشاطات مختلفة.
لذا من المهم جدًا احترام الإختلاف في طريقة اللعب بين الوالدين وتجنب طلب أحدهما من الآخر اللعب مع الطفل بالطريقة نفسها التي يلعب معه بها.

متع مختلفة
خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل يتميّز اللعب معه بالهدوء والملاطفة مثل اللمس والمحادثة. فعندما يكون الوالد مع طفله يريد فقط الحصول على متعة وجوده معه، وسعادته الكبرى أن يرى ابتسامة طفله، فيما الأم تلعب معه بهدف تربوي إذ تريد أن تعلّم طفلها أمورًا كثيرة.

نشاطات جسدية وابتكارية
تدفع الألعاب الجسدية الطفل لتعلّم السيطرة على مخاوفه وتحديدًا عندما يجد نفسه في أوضاع غير مألوفة بالنسبة إليه. عندما يلعب الوالد مع طفله يفضّل الألعاب والنشاطات الجسدية، فهو يحرّك يدي الطفل ورجليه، ولاحقًا يبدأ اللعب معه على الأربع أي الدبدبة معه في الصالون ويقوم بألعاب بهلوانية على السرير أو على الأرض.
كما يحوّل اللعب ويدمج مجموعة ألعاب ليبتكر موقفًا مرحًا، كأن يحوّل سلّة الغسيل إلى مزلاجة يجلس فيها الطفل ويتجول به في المنزل. رغم أن الطفل يشعر بالخوف قليللاً فإنه يشعر أيضًا بالمتعة لأن والده يشاركه اللعب.

لعبة العراك مع الوالد
كثيرات الأمهات اللواتي لا يحبّذن لعبة العراك بين الوالد وطفله خصوصًا إذا كان ولدًا، فهن يخشين أن يجعل هذا النوع من اللعب أبناءهن عنيفين مع الآخرين.
فيما أظهرت دراسة نفسية، لباحث اهتم بهذا النوع من اللعب بين الأب وابنه، أن العراك والمصارعة اللذين يمارسهما الأب مع ابنه يساهمان في تطور قدرة الطفل على السيطرة على انفعالاته، فبفضل هذا النوع من اللعب القاسي في محيط حميمي يتعلّم الطفل كيف يدير عدوانيته ويسيطر عليها.

المطالعة والألعاب التربوية
تهتم الأم بالألعاب النظرية، مثل لعبة الإيماءات، والتحدث إلى طفلها والغناء له، فتجذب انتباهه بالقيام بحركات مثل التصفيق بيديها، وتميل إلى تعليم الطفل كيفية استعمال اللعبة، مثلا ماذا يمكن أن نفعل بالشاحنة، ومعجونة Pate a modeler، والرسم بالقلم.
والأم غالبًا تقرأ القصص للطفل أكثر من الأب، وبفضل الكلمات والرسوم تجعل طفلها يكتشف متعة المطالعة والعالم الخيالي، علمًا أن الوالد يشارك أيضًا في هذا النوع من اللعب.
لذا فهناك نوعان من الألعاب باستعمالات مختلفة النوع الأول تربوي والثاني ترفيهي أكثر.

نشاطات مكمّلة
اللعب مع الوالد يحفّز النشاطات الجسدية وحركة الأعضاء الكبرى والسيطرة على الأوضاع، والتعاون والابتكار عند الطفل. فيما يلعب الطفل مع الوالدة ألعابًا أكثر هدوءًا تقوّي حركة أعضائه الدقيقة واللغة والخيال وتلقّنه الكثير من الأمور.
إذاً لعب الأب ولعب الأم عالمان مختلفان ولكنهما متكاملان يوفران للطفل نشاطات تتكامل في ما بينها لأنها تغني تجاربه وقدراته التعلّمية.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080