لا تخجلوا من البكاء...الدموع تحمي العين وتشفي الجراح
يرتبط البكاء دائما بالعواطف، أو عندما يواجه عقل الإنسان موقفا يصعب عليه تحمله، سواء في الفرح أو الحزن أو المرض. ذلك الدمع الذي يسيل من العين، هل تساءلنا يوما عنه أو عن مكوناته؟
هبة دنش
هو طبقة شفافة من السائل المالح، يغطي العين، مكون من البروتينات والماء والمخاط والزيت، يتواجد في أعلى المنطقة الخارجيّة من العين، وتفرزه الغدة الدمعيّة، كاستجابة عاطفية لشعور الحزن والضيق الشديد. إلا أن هناك أضرارا تحدث للإنسان نتيجة البكاء الشديد، تؤدي إلى جفاف العين وإرهاق عضلتها، وإصابة ملتحمة العين بالتحسس الشديد، والإصابة بالقولون العصبي، والتوتر، وارتفاع نسبة هرمون الكورتيزول الضار في الجسم.
يحاول الناس أن لا تفيض مآقيهم بالدمع في كل مناسبة أو هجران أو موت، لكنهم لا يملكون إلا البكاء. وتعتبر المرأة أكثر لجوءاً للبكاء من الرجل، وذلك بسبب طبيعتها العاطفيّة. و"لم يخلق الله الدمع عبثا"، إذ تعتبر النساء أن الدموع أكثر الأدوية التي تشفي جراحهن. ولا بأس، في محاولة التخلص من أحزانهن، ببركة مالحة صغيرة.
وكشفت الدراسات الأمريكيّة الحديثة أنّ الدموع تساعد على الحفاظ على صحّة العين، وتخلص الجسم من المواد الكيميائيّة التي تتشكل نتيجة الضغط النفسيّ.
وأكد الأطباء أن الدموع بأنواعها الثلاث مفيدة: الدموع القاعدية الموجودة بشكل دائم في العين، والتي تعمل على وقايته من الجفاف. والدموع اللاإرادية أو المنعكسية التي تمنع دخول الكائنات المجهريّة الضارّة كالغبار، والدّموع العاطفيّة التي تحتوي على مستويات عالية من "البرولاكتين" وهرمون "الليوسين إنكفالين"، والتي تعتبر مسكِّناً طبيعياً للألم.
وخرج العلماء باستنتاج "أنّ الإنسان الذي يبكي يتمتّع بصحّة عقليّة وبدنيّة ممتازة، وأكدوا أنّ الدموع العاطفية تختلف عن الدموع التي تنتج من جراء عدوى العين، وذلك لأنّ الدموع العاطفية ينبعث منها بروتين، ومادة "بيتا إندورفين"، التي تعتبر من مسكّنات الوجع الطبيعيّة في الجسم، وهذا هو السبب الذي يجعل الناس يشعرون بالتحسّن عندما يبكون، شرط عدم الإفراط في البكاء بكثرة، لأن ذلك يمكن أن يكون بمثابة جرس إنذار إلى وجود مشاكل أخرى".
وينصح الأطباء وخبراء الصحة النفسية الناس بمواجهة ضغوطات الحياة وفهم الأمور، والتكيف معها وعدم المبالغة، والسماح للنفس بالبكاء في المواقف التي تستحق ذلك، لأن كثرة الدموع وإفرازات العين تؤدي إلى جفافها، ما ينتج عنه مضاعفات خطيرة على الرؤية، قد تكون من مسببات ضعف النظر. لذلك ينصح الاختصاصي في علم النفسي العيادي الدكتور ميشال علمي مرضاه "باللجوء إلى ممارسة الرياضة، والتفريغ العصبي والنفسي بطرقٍ أُخرى".
في المقابل، من يفقد القدرة على البكاء هم أشخاص مصابون بمرض في العيون، بسبب خلل هرموني، هو نقص سماكة طبقات السوائل الدمعية عن المعدل الطبيعي، بخاصة لدى الأشخاص الذين يستعملون العدسات اللاصقة، حيث تمنع العدسات اللاصقة الأوكسجين من الوصول إلى العين. ويقول الدكتور ميشال علمي: "هذا الخلل يعمل على إفقاد العين القدرة على تكوين الدموع، أو تقليلها إلى حد كبير، فلا يستطيع الشخص البكاء بشكل طبيعي، الا أن كتمان الدمع، يعرض المرء للاكتئاب".
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024