'لدبحلك عنتر واهديكي راسو'
« لدبحلك عنتر واهديكي راسو»، «واللي بيرميكي بوردة براسو بخرطش فردي»، و«رح يتملو عيالو».... «وحرقتني بالسيجارة...»
كلمات أغنيات استوقفتني عندما كان يرددها طفل لم تتعدّ سنه الخامسة، فهو ليس وحده الذي يرددها رغم أنه لا يفقه معنى الذبح حرفيًا أو القتل بالرصاص، وإنما أغنية لا يكف صندوق الفرجة عن عرض فيديو الكليب الخاص بها، والإذاعات عن بثها، ومن الطبيعي أن يرددها.
لا تعمّم هذه الأغنيات وحدها قانونية القتل بل غيرها الكثير والكثير، والأدهى أن الأهل يشعرون بالسعادة عندما يرددها أطفالهم بل يجدون الأمر طريفًا، فيما يصيبهم القلق والرعب ربما إذا ما كان ابنهم من هواة موسيقى الراب أو الهيفي ميتال.
أما مشاهد القتل والسحل اليومية فتتبارى شاشات التلفزة على عرضها تحت مسمى مشاهد حصرية، وكأنها مشاهد لا يمكن تفويتها فهي واقعية إلى أقصى حدود وليست من نسج خيال هوليوودي في فيلم رعب من المفترض أن يعرض في ساعات متقدمة من المساء حين يكون الأطفال نائمين ينعمون بأحلام وردية، لكنها تعرض أحيانًا في ساعات الذروة ومسؤولية الأهل أن يراقبوا الشاشة خلال النهار.
واللافت أيضاً أن الأهل يدخلون في لعبة حضور التلفزيون الموسيقي القوي في حياة الطفل من حيث لا يدرون. فكثيراً ما أرى مثلاً أماً تُطعم طفلها وهو يشاهد على قناة متخصصة فيديو كليب أغنية، يفسّر بالصور كلماتها، من دون أن يجري حوار بينهما، بل يقتصر على عبارة «افتح فمك، ابلع اللقمة، لا توسّخ ثيابك».
وفي المقابل يتصرّف الطفل كأن والدته غير موجودة، لأنه مشغول بالصور والأحداث التي تمر أمامه على الشاشة مما يجعله متوتراً وفاقد التركيز عما يدور حوله.
ما المطلوب؟ أن يعلن الأهل حالة طوارئ لتنظيف آذان أطفالهم وتنقيتها مما يسمعونه ، فبدل أن يتحمس الأب في السيارة ويضع أغنية شعبية على مسامع أطفاله، يمكنه أن يضع سي.دي أغنيات خاصة بالأطفال تشعرهم بالهدوء في السيارة.
ولمَ لا، يشاركهم في تردادها. وبدل قناة التلفزيون الموسيقية المفتوحة طوال النهار بحجة التسلية، فلتقتصر مشاهدة الطفل على قنوات خاصة به في غالبيتها تثقّف الطفل وتبقي أحلامه الوردية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024