مدوِّنة سعودية تكسر معايير الجمال: من قال أن الفتاة السمراء غير جميلة؟
"الجمال هوعلم التعرف على الأشياء من خلال الحواس"، وبحسب تعريف الكسندر كارتن، حكم الناس على الجمال باعتباره مزيجاً من حكم العاطفة والشعور والاحساس. وإذا لم تتوافر المواصفات المطلوبة في الفتاة، قالوا عنها إنها "ليست جميلة".
هبة دنش
ولكن، ما الذي يجعل إمرأة جميلة؟ وما الذي يجعل إمرأة أخرى قبيحة؟ ومن قرر أن الجمال يقتصر على ما نراه بأعيننا، فيما يمكن أن يكون إدراكاً شعوريا تنغمس فيه الروح؟
شكلت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضغطا نفسيا للفتيات، وهوسا للمراهقات، وفرضت عليهن معايير جمالية معينة، وبات من الضروري بالنسبة لهن تطبيقها حتى يعتبرن إلى فتيات جميلات، فغيرن أشكالهن من أجل إرضاء الناس، وليصبحن مقبولات في المجتمع. فالصور القادمة من السينما والتلفزيون ومجلات الموضة وعروض الازياء ومسابقات ملكات الجمال وبرامج تحسين المظهر الخارجي، دفعت مئات الآلاف من النساء في العالم العربي الى اعتماد المكياج الصارخ، أو اللجوء الى عمليات التجميل، فاصبح الجمال متاحا للجميع بمواصفات واحدة: شعر طويل، أنف اغريقي دقيق بأرنبة مرتفعة، عيون لوزية واسعة، ورموش كثيفة، بشرة بيضاء صافية، فم صغير، وشفاه ممتلئة بلون الكرز، شامة أعلى أو أسفل الشفة، ولا ننسى علامة الجمال الفارقة: الغمازات.
وسط هذه المواصفات الجمالية الحادة ومعايير الرشاقة والخصوبة التي جاء على ذكرها الفنانون في لوحاتهم والشعراء في قصائدهم، أثارت مدونة الجمال والموضة السعودية، ذات البشرة السمراء، عبير سندل، ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشرها فيديو تعاتب فيه من ينتقدها بسبب لون بشرتها، فيما تفتخر عبير بلون بشرتها وتتباهى بسمرتها .
عبير التي تعد من الجيل الرابع من السعوديات اللاتي ترجع جذورهن إلى غرب إفريقيا، تسأل عبر مدونتها: "هل من المنطقي أن تكون عقولنا صغيرة حتى لا نتقبل انفسنا، ولا نقدر أن نرى هذا الجمال ولو بطريقة مختلفة عن الصورة النمطية؟ الجمال نسبي، ولكن مجتمعنا يعتمد على معايير الجمال الأوروبية، وأصبح العالم يقدر الجمال الذي يشبه هذه المعايير. عقولنا للاسف مفصولة، نرى اشياء جميلة وكل ما هو مختلف عن هذه المعايير لا نعترف له بالجمال. من الذي أحضر ورقة وقلماً، وذكر فيها معايير الجمال، وقرر أن هذا هو الشكل الجميل للفتاة: غمازة وخال، عيون واسعة، وشعر ناعم؟ كنت أنظر في المرآة وأكره كل ما أراه، ما افقدني ثقتي بنفسي. والسبب هو حكم الناس في توحيد معايير الجمال، وهذا هو السبب أيضا الذي دفع العديد من الفتيات الى محاولة تغيير شكلهن من أجل إرضاء الناس".
وتتابع عبير: "من قال أن الفتاة السمراء غير جميلة؟ هذا غير صحيح. فالله خلق كل إنسان لديه أشياء مميزة".
واكتسبت مدونة عبير سندل شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب أسلوبها الأنثوي الخاص وطريقتها في تنسيق الأزياء ونصائحها في وضع المكياج والتجميل، بالإضافة الى نصائح للحياة اليومية التي تتوجه بها للنساء، وكيفية زيادة الثقة بالنفس.
وأثنى كثير من متابعي مدونة عبير على جمالها، رغم لون بشرتها السمراء، إلا أنها لامتهم ووصفت الأمر بالجهل والعنصرية، لأن من يقول أن الجمال يقتصر على البشرة البيضاء مخطئ، ومن خلال مدونتها تحاول العمل على تغيير هذه الفكرة السائدة لتحديد مقاييس الجمال، معتبرة أن أي إمرأة يمكن أن تكون جميلة بعيدا عن لون بشرتها وعرقها، بل يمكن أن يكون لونها هو السبب في هذا الجمال.
من هي المرأة الجميلة؟ الطويلة أم القصيرة؟ النحيفة أم البدينة؟ صاحبة العيون الخضراء، أم الزرقاء، أم السوداء؟ ماذا عن لون البشرة؟ ما الذي يصنع الجمال البشري؟
بحسب أهل الاختصاص، يبقى الجمال غريزة فطرية، ويختلف تذوقه من شخص الى آخر، لكن القول بأن للجمال لائحة مواصفات محددة بدقة أمر يجانب الصواب، لا بل هو الخطأ بعينه.
صفحة المدونة عبير سندل على إنستغرام
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024