قلة النشاط آفة تهدد الأطفال والمجتمع ككل...
طفلتي تفضل الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لساعات بدلاً من الخروج للعب أو ممارسة الرياضة... هذه إحدى الشكاوى الشائعة التي نسمعها من الأهل بكثرة في أيامنا هذه.
إذ يميل الأطفال اليوم إلى التسلية بالوسائل الالكترونية بدلاً من اللعب أو ممارسة نشاط جسدي أو ممارسة رياضة معينة، بعكس ما كان يحصل سابقاً.
فنمط الحياة الذي يرتكز على الركود وقلة النشاط الجسدي بات منتشراً بشكل خطير فغاب عن نمط حياتنا أي مفهوم للرياضة والحركة.
تعتبر هذه من الآفات الخطيرة التي تهدد مجتمعاتنا مع ما قد ينتج عنها من عواقب ومشكلات على المستويات الصحي والجسدي والنفسي، وأيضاَ على مستوى العلاقات الإجتماعية والتواصل مع الآخرين.
قد يبدو ذلك قليل الأهمية للبعض، لكن في الواقع قلة النشاط الجسدي في أيامنا هذه بدءاً من الأطفال وصولاً إلى الأكبر سناً، تهدد المجتمع ككل ولا يمكن الاستهانة بها لما قد ينتج عن ذلك من عواقب خطيرة.
لا يدرك البعض أهمية الرياضة للطفل، فالعادات السليمة تبدأ من الطفولة ليكتسبها الطفل ويطوّرها شيئاً فشيئاً ويعمل على تحسينها.
لذلك، من الضروري أن يعمل الأهل على تشجيع أطفالهم على ممارسة الرياضة التي يفضلون والتي يختارونها بأنفسهم في الوقت المناسب ليتطوروا فيها شيئاً فشيئاً وليكتسبوا من خلالها كل الفوائد التي تنتج عن ممارستها من مختلف النواحي.
يمكن أن يصبح الطفل رياضياً بامتياز شرط اختيار الوقت والرياضة المناسبين له، مع ضرورة اتخاذ المواقف الصحيحة حيال ما يفعله لان التشجيع يبقى ضرورياً ليجد الطفل المتعة والفائدة في الرياضة.
- كيف يمكن أن أعرف مدى جهوزية طفلي للبدء بممارسة الرياضة؟
يصعب تحديد الوقت المناسب ليبدأ الطفل فيه ممارسة الرياضة، وتحديداً الرياضة ضمن مجموعة. إذ تختلف قدرة الطفل على التركيز ومستوى نضجه وقوته وقدرته على التوازن في حركاته في مختلف مراحل عمره ويصعب تحديد السن التي يكون فيها الطفل جاهزاً للبدء فعلياً بممارسة الرياضة، خصوصاً أن هذه الأمور تختلف بين طفل وآخر بحسب قدراته.
في المقابل، يمكن البدء بتعليم الطفل أسس ممارسة الرياضة في أي سن كانت، وإن كانت صغيرة، ليتقن الحركات الأساسية التي تسمح لاحقاً بالتطور أكثر فأكثر.
فعلى سبيل المثال يمكن أن يبدأ طفلك برمي الكرة وبالقفز والركل والركض، فكلّها تمارين تساعده على اكتساب مهاراته الرياضية التي يطوّرها في سنوات لاحقة.
في كل الحالات، عندما تقررين دمج طفل في مجموعة لممارسة الرياضة، من الضروري أن تركزي أولاً على جهوزيته العاطفية والجسدية وقدراته الإدراكية. واطرحي على نفسك الأسئلة الآتية:
- هل سيتمكن طفلي من الالتزام بروتين التمارين بانتظام؟
- هل يستطيع طفلي فهم قواعد اللعبة أو الرياضة التي يمارسها؟
- هل يستطيع طفلي المشاركة في اللعب وممارسة الرياضة ضمن فريق دون التفكير بتلبية رغباته الخاصة؟
- هل يريد طفلي ممارسة الرياضة لأنه يرغب في ذلك أو لأن أحد أصدقائه قد فعله؟
- ما السن المثلى ليبدأ الطفل بممارسة الرياضة ضمن مجموعة؟
إذا كانت الأم تشعر بأن طفلها صار جاهزاً لممارسة الرياضة أي ضمن فريق أو بمعنى الرياضة المنظمة ضمن مجموعة، يمكن البدء بذلك من سن 5 أو 6 سنوات. أما الرياضات التي تدخل ضمن إطار المبارزة أو المنافسة، فمن الأفضل عدم البدء بها قبل سن 8 سنوات.
ففي سن 5 أو 6 سنوات يمكن البدء بتنمية قدرات الطفل الرياضية عبر أنشطة مسلية. علماً أن القدرات الرياضية والقوة الجسدية ليست نفسها لدى كل الأطفال، إذ أن ثمة أطفالاً رياضيين بالفطرة وتنمو قدراتهم بشكل عفوي دون حاجة إلى القيام بأي جهد. أما التدريب فيساعد في تحسين أدائهم وتوازن حركاتهم.
- هل يمكن أن تحل الرياضة محل أوقات اللعب عند الطفل؟
صحيح أنه يجب تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة لكن مع التركيز على أهمية اللهو والتسلية للطفل ضمنها. ففي سن مبكرة، يكون اللهو أهم من المنافسة والربح في الرياضة.
لذلك، يجب أن يكون ثمة توازن بين فترات ممارسة الرياضة المنظمة وفترات اللهو واللعب الحر لأن الطفل يحتاج إلى اللعب والتسلية باستمرار.
- ما الرياضة التي يمكن أن يمارسها الطفل غير الرياضات المنظمة ضمن مجموعة؟
إذا تبين أن الطفل ليس جاهزاً بعد لممارسة الرياضة المنظمة ضمن مجموعة، ثمة اختيارات أخرى متوافرة كالسباحة والرقص يمكن أن يستمتع الطفل بالمشاركة فيها.
- هل من أنواع معينة من الرياضة تعتبر أفضل من غيرها للأطفال وتعدّهم ليكونوا رياضيين في المستقبل؟
بشكل عام، عندما تظهر رغبة الطفل في ممارسة الرياضة، يتجه عادةً إلى الرياضات الجماهيرية الأكثر شيوعاً ككرة القدم وكرة السلة.
وتعتبر هذه الرياضات مثلى للأطفال لما تتطلبه من نشاط وحركة دائمين فيما تترك، في الوقت نفسه، ما يحتاجونه من طاقة للعب والركض والسباحة وركوب الدراجة.
ونظراً إلى كون هذه الرياضات تتطلب الكثير من الطاقة والنشاط من الطفل، فهي تسمح بالحفاظ على وزن صحي وتساعد على نمو أجسام قوية وسليمة.
رغم ذلك، يطلب من الأهل تشجيع الأطفال، أيضاً على أهمية المشاركة في الرياضات التي تسمح لهم بالحفاظ على لياقتهم البدنية ورشاقتهم في سنوات لاحقة عندما تخف قدرة الجسم على حرق الوحدات الحرارية وتخف سرعة عملية الأيض.
ويعنى بهذه الرياضات تلك التي تتميز بفوائدها في المدى البعيد وهي «رياضات للحياة» بحيث يستمر الشخص بممارستها سنوات طويلة، بخلاف تلك التي يستمتع الطفل بممارستها في السنوات الأولى.
لذلك، تبرز أهمية تشجيع الطفل على ممارسة رياضة يستمر بممارستها طوال حياته فتشكل جزءاً من نمط حياته كالسباحة والتزلج وركوب الدراجة.
نصائح للأطفال الرياضيين
لا شك انه في ممارسة الرياضة متعة للأطفال لكن لا بد من اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة حفاظاً على صحة الطفل وسلامته، خصوصاً أن عظام الطفل وعضلاته تكون أقل قوة من عظام الراشد وعضلاته. من هنا، تبرز أهمية الوقاية من الضربات والإصابات والكسور من خلال بعض الإجراءات الأساسية البسيطة:
- تعتبر التحمية ضرورية قبل الشروع في ممارسة الرياضة
- يجب اللعب ضمن قواعد اللعبة فبهذه الطريقة يكتسب الطفل الرياضة بشكل أفضل، كما يكون بأمان فلا يتعرّض للأذى.
- يجب ارتداء أكسسوارات الحماية الخاصة باللعبة، على أن يكون مقاسها ملائماً.
- يجب إعلام المدرّب بأي مشكلات صحية أو جسدية يعانيها الطفل.
- في أيام الطقس الحار، يجب وضع الكريم الواقي من الشمس للطفل.
- يجب أن يشرب الطفل الكثير من الماء أثناء ممارسة الرياضة.
- يجب وضع وسيلة حماية للفم للطفل الذي يضع جهازاً لتقويم الأسنان.
- يجب الالتزام بحضور صفوف للمبتدئين قبل البدء بممارسة رياضة جديدة بهدف تعلّمها جيداً كالتزلج على الجليد والتزلج على الثلج....
- يجب أخذ قسط من الراحة من وقت إلى آخر عند ممارسة الرياضة.
- عندما يكون الطقس بارداً، ينصح بارتداء طبقات عدة من الملابس الدافئة ويمكن التخفيف منها عند الشعور بالحر.
- ينصح بأن يعتمر الطفل خوذة لحماية رأسه عند ممارسة ركوب الدراجة أو التزلج.
- يجب ممارسة الرياضة بانتظام حفاظاً على اللياقة البدنية.
إذا كان طفلك رياضياً... ال«نعم» وال«لا»
لا
لإحباط الطفل: إذ أن عدم تشجيع الطفل أو إبلاغه مسبقاً بأنه لن ينجح في ما يفعل بوجود أطفال أكثر كفاءة يقلل من ثقته بنفسه ويضمن فشله. يكفي أن تكوني واقعية دون أن تبالغي في السلبية والتشاؤم في نظرتك إلى الأمور.
للمبالغة في تشجيع الطفل: المبالغة في تشجيع الطفل وفي تأكيد الفوز لا يعتبر إيجابياً للطفل، بل على العكس يزيد من الضغط عليه فيعتقد أنه يخذل والديه إذا لم ينجح وأنهما سيعتقدان أنه فاشل.
لتصوير الطفل وكأنه ضحية: يميل الأهل أحياناً إلى مواساة أطفالهم بإقناعهم بأنه تم التحايل عليهم أو أن ثمة غشاً في المباراة أو مؤامرة ضدهم. هذه الطريقة أيضاً تزيد الضغوط على الطفل وتشعره بالتوتر عند المشاركة في مباراة رياضية.
لإنكار شعور الطفل بالخسارة: لا يمكن إلغاء ما يشعر به الطفل من انزعاج لخسارته في المباراة التي شارك فيها. فبمجرد القول له ان لا أهمية لتلك المباراة أو أنها سخيفة أو أن الفريق فاشل وكأننا بذلك نقلل من أهمية ما كان مقتنعاً بأهميته.
بذلك ينكر الأهل مشاعر الطفل مما يزيد الأمور سوءاً. لذلك، ينصح بإظهار التفهم لمشاعر الطفل لخسارته ليتقبلها بشكل أفضل.
تصوّر الطفل كانعكاس لك: صحيح أنه طفلك، لكنه لا يملك بالضرورة ميولك نفسها وهواياتك واهتماماتك في الحياة. يجب أن يتذكر الأهل دائماً أنهم أنفسهم مختلفهم عن أهلهم لجهة الاهتمامات والقدرات والتصرفات وليسوا نسخة منهم.
لا شك انه قد يجد الاهم لذة في تحقيق طموحاتهم وآمالهم في الحياة من خلال أطفالهم، لكن الطفل لا يملكها نفسها بالضرورة. إذا كان يملكها، يعتبر ذلك مناسباً، وإلا فمن الأفضل ترك الطفل ينمّي رغباته واهتماماته الخاصة.
نعم
للتركيز على الجهد الذي يقوم به الطفل بدلاً من النتيجة التي يمكن أن يحققها: قبل المباراة الرياضية التي يقوم بها يجب إظهار التفهم للطفل والتقدير للجهد الذي يقوم به. يمكن التفسير له قبل المباراة انه يمكن أن يربح كما يمكن أن يخسر وأن المباراة قد تكون صعبة والمحاولة هي الأهم.
لإعطائه بدائل إيجابية وحلولاً: يشعر الطفل بضغوط أقل في المباراة عندما يعلم مسبقاً بأن الخسارة ليست كارثة وأنه يمكن المحاولة في المرة التالية لتحقيق نتيجة فضلى.
يمكن تقديم الوعود بالمساعدة في التدريبات لتحقيق نتيجة فضلى في المرة المقبلة واقتراحات باللجوء إلى أشخاص معينين للمساعدة. كما يمكن اقتراح المشاركة في رياضة أخرى مختلفة.
مرافقة الطفل إلى مباريات رياضية: فعندما يظهر الطفل اهتماماً خاصاً برياضات معينة، من المهم اصطحابه لمشاهدة المباريات ليستفيد منها ويتعلّم بعض الاستراتيجيات الخاصة باللعبة ويشعر بحماسة كبرى للعب.
بهذه الطريقة يشعر الطفل بالاندفاع للعب ويدخل في أجواء هذه الرياضة التي اختارها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024