القرفة.. أكثر من مجرد بهارات
واحدة من أهم البهارات والتوابل في العالم، تناولها الأجداد في كثير من وصفاتهم العلاجية التي أورثوها للأبناء.. انها القرفة، التي تعد واحدة من أكثر البهارات استعمالا في العالم، والتي عرفتها البشرية منذ قديم الزمان، وكانت مرتبطة بالأغنياء بسبب ارتفاع أسعارها في ذلك الوقت، إلى درجة إنها كانت توضع مع الحلى والمجوهرات، الأمر الذي جعل التجار يتهافتون لجلبها من الهند والصين، بوصفها واحدة من البهارات الثمنية والنادرة، فكانت القرفة تجارتهم الرابحة.
حسام بركات
والقرفة هي لحاء نبات شجرة دائمة الخضرة، استوائية، ذات رائحة عطرية طيبة، يتم تجفيفها حتى نحصل على القرفة بالشكل الذي يصلنا.
وعرفت القرفة باسماء عدة عبر العصور، حيث عرفت عند العرب في العصور الوسطى بـالـ"دارصيني"، أو القرفة السيلانية. أما تسميتها "القرفة" فقد جاء من اللغة التاميلية، حيث تسمى "كاروفا"، ومتعارف عليها في اللهجات العامية باسم "الدارسين".
القرفة عبر السنين
تصدرت القرفة مكانها بين التوابل والبهارات بوصفها الأقدم، حيث استخدمت في الكثير من الثقافات والحضارات العريقة القديمة. ففي الحضارة الفرعونية كانت القرفة أحد أهم المكونات التي استخدمت في التحنيط الذي اشتهرت به الحضارة الفرعونية، وفي الهند ومنذ آلاف السنين استخدموها في النظام العلاجي المسمى "الأيورفيدا"، وكانت تستخدم فيه القرفة لتنشيط الدورة الدموية.
أما الحضارة الصينية القديمة فيمكن القول انها استخدمتها في الوقاية والعلاج معا، حيث كانت تعالج الاضطرابات المرتبطة بوظائف الكلى، وأيضا للوقاية من نزلات البرد، لما لها من قدرة هائلة في رفع مناعة الجسم وتقويتها.
وفي القرن الماضي، وتحديدا في العام 1918، انتشر في اسبانيا نوع من الانفلونزا عرف باسم الانفلونزا الاسبانية، واستطاع هذا النوع من الفيروسات ان يحصد أرواح الكثير من الناس، ولم ينج من وطأة المرض سوى أولائك الذين كانوا يعملون في استخراج القرفة، والذين كانوا يضيفونها الى طعامهم أو يتناولونها كمشروب دافئ، ومع تطور أنواع الانفلونزا وظهور انفلونزا الطيور، قام العلماء بادخال القرفة في العام 2007 في تركيبة اللقاح المضاد لانفلونزا الطيور.
القرفة في الحلويات
رائحة القرفة الزكية ومذاقها الطيب، جعلها حاضرة في الأطباق على اختلاف المطابخ حول العالم، وبخاصة المطبخ العربي والهندي، كما تمت اضافتها الى الحلويات والمخبوزات، حتى أن بعض هذه الأطباق حمل اسمها، كحلوى "لفائف القرفة"، و"بسبوسة القرفة"، كما اضيفت الى (العلكة) لاضفاء نفس برائحتها الزكية، والقضاء على رائحة الفم.
حكاية النساء مع القرفة
عرفت القرفة بانها سيدة الطب البديل، حيث أثبت العلم الحديث ان القرفة قادرة على حل الكثير من المشاكل الصحية أو تخفيفها، وحتى زيوت القرفة لها تأثيرها في علاج القروح والجروح والنمش والكلف والصداع، وغيرها. لكن يجب استخدامها باشراف طبيب مختص لانه استخدامها الخاطئ يسبب مشاكل لا نريدها بكل تأكيد.
للجنس الناعم الحظ الاوفر مع القرفة، فهي للنساء سلاح ذو حدين، يمكن أن تفيد كما يمكن أن نضر. وقد توصل العلم الى أن تناول النساء للقرفة يمكن أن يعالج الدورة المضطربة بتنظيم الدورة الشهرية لديهن، وأن يضبط هرمونات الجسم، وبالتالي يفيد في علاج حالات تأخر الحمل الناتجة عن الخلل الهرموني أو اضطرابات التبويض.
كما يمكن للقرفة أن تخلص المرأة من الآلام التي قد تنتج من تقلصات الرحم القوية فترة حدوث الطمث، والتي تعرف باسم "متلازمة عسر الطمث".
أما الدورة الشهرية المحتبسة، فأكواب القرفة يمكن أن تسهل سريانها، وتمنع الصفائح من الالتصاق، ولعل هذا أهم الأسباب التي جعلت القرفة ترتبط بالمرأة في مرحلة "النفاس"، أي فترة ما بعد الولادة، لانها تساعد على ادرار "دم النفاس" وتنظيف الرحم بشكل أسرع، ومن جهة أخرى فهي تساعد في ادرار الحليب، وغناها بالكالسيوم يعوض عظام المرأة الكالسيوم الذي فقدته خلال فترة الحمل.
لكن، وعلى الرغم من كون القرفة صديقة للمرأة، الا انه يجب على المرأة الحامل، أو من تظن ان تأخر دورتها سببه الحمل، ان توقف القرفة، وتتوقف عن تناولها، لانها سوف تخسر الحمل جراء تناولها للقرفة، المعروفة بقدرتها على اجهاض الحمل، بخاصة في بداياته.
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024