تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

غذاء طفلك خلال شهر رمضان...

يبدو مشهد الطفل الصائم قبل ساعة الإفطار طريفاً وهو يراقب ما تضعه والدته على المائدة وفي عينيه نظرة الجوع ثم يطرح عليها وابلاً من الأسئلة: 'متى يضرب المدفع؟'، 'هل حضرت لي طبق البطاطا المقلية؟'، 'سوف ألتهم كل ما حضرته'.
ويختلف المشهد بعد الإفطار، فالطفل متخم رغم أنه لم يأكل الكثير. وتحاول الأم إثارة شهيته للأكل بشتى الوسائل، خصوصاً أن شهر رمضان هذا العام يكون في عز الصيف، مما يعني أن النهار طويل والشعور بالعطش يظهر مع أي مجهود يبذل. فما هي الوجبات الضرورية للطفل خلال هذا الشهر؟
'لها' التقت اختصاصية التغذية في بيروت لانا فايد العريس وطرحت عليها الأسئلة حول نظام الطفل الغذائي في شهر رمضان.

بداية ترى الاختصاصية أن قرار صيام الطفل يعود إلى سنه و حالته الصحية  والنفسية. فضلاً إلى ضرورة أن يعرف الطفل مفهوم الصيام من الناحية الدينية، ويدرك أنه ليس قصاصًا.
وعمومًا طبيب الأطفال هو الذي في استطاعته القرار ما إذا كان في إمكان الطفل الصيام أم لا. إذ لا يجوز السماح للطفل الذي يعاني فقر دم أو أي مرض مزمن بالصيام، أو إذا كان وزنه أقل مما ينبغي، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. كما لا يجوز السماح له بالصيام إذا تعكّر مزاجه أو شعر بالدوار والتعب الشديد.

- هناك بعض الأهل يقولون إن صيام شهر رمضان لن يؤثر في وزن الطفل وطوله؟
هذه من المقولات الخاطئة عند الأهل. فقد أثبتت الدراسات الطبية أن الصوم يؤثر في وزن الطفل وطوله.
فالطفل ذو الوزن المنخفض، سيتأثر وزنه وينخفض بين ليلة وضحاها ، فبمجرد مرور يومين لا يأكل فيها الطفل في شكل جيد سيؤثر في وزنه وبالتالي  في طوله.
لذا أنصح الأهل بتعويد أطفالهم على الصيام بشكل تدريجي كما أفعل مع ولديّ. أي أن يتدرج الطفل في الصيام. فالطفل بين التسع سنوات والعشر سنوات ليس من الضروري أن يصوم الشهر كله، مثلاً يمكنه الصيام أول يوم من رمضان وآخر يوم منه، أو السماح له بشرب الماء والانقطاع عن الطعام خصوصًا أن رمضان هذا العام يأتي في الصيف.
أو الصيام من الصباح حتى الأولى بعد الظهر ثم يأكل في شكل عادي، وهذا يعود إلى الأم التي تعرف قدرة طفلها على التحمّل، وإذا كان الطفل مصرًا تسمح له بالصيام من الثامنة صباحًا إلى الثانية بعد الظهر.
هذا يعني أن التدرج في الصيام مهم جدًا للطفل، إذ لا يجوز أن يستيقظ يومًا ويجد نفسه فجأة صائمًا من الصبح إلى المساء.

- ما هي الأطعمة الغذائية التي يجب توافرها للطفل أو المراهق الصائم خلال شهر رمضان؟
تناول وجبتي إفطار وسحور تحتويان على المعادن وفيتاميني A,B6 وكالسيوم وحديد وزنك ومغنيزيوم وبوتاسيوم  لتعويض ما فقده خلال النهار، إذ يحتاج وهو في طور النمو إلى كميات كبيرة من الوحدات الحرارية والفيتامينات والمعادن.
ويجب التأكد أنه يحصل على الكميات الضرورية من السوائل ليلاً  تفاديا للجفاف والإمساك والإصابة بالالتهابات البولية خصوصاً عند الفتيات.

- ماذا عن العصير خصوصًا أن شهر رمضان هذا العام يأتي في الصيف، مما يسبب عطشًا قويًا؟
أنصح بشرب الكثير من الماء، خصوصًا إذا كان الطفل يعاني وزنًا زائدًا. فمن الضروري خلال الفترة الواقعة بين الإفطار والسحور أن يشرب الطفل الكثير من الماء، وعدم تناول العصائر الصناعية التقليدية الخاصة بشهر رمضان مثل الجلاب وقمر الدين والسوس والليموناضة لأنها تحتوي على كمية كبيرة من السكر، في الوقت الذي لا يحتاج فيه الطفل إلى السكر بل إلى الماء.
لذا يمكن الاستعاضة عنه بعصير الفواكه الطازج مثل البرتقال و عصير البندورة والجزر، فهذه العصائر تحتوي على الكثير من الفيتامينات والمعادن من دون أن تحتوي على نسبة عالية من السكر شرط أن تحضّرها الأم قبل خمس دقائق من موعد الإفطار، فإذا قامت الأم بتحضير العصير صباحًا فإنه  يفقد كل مكوّناته الغذائية ويتحول خلال النهار إلى ماء وسكر مثله مثل العصائر الأخرى.
كما من الممكن أن نقدّم للطفل كوبًا من اللبن من دون إضافة ماء لأن الطفل في حاجة إلى الكالسيوم والبروتين الموجود فيه، فعندما نضيف ماء أو نقدم له لبن عيران فإننا نقلل من كمية الكالسيوم التي يحتاجها.

- هل صحيح  أن  شرب الماء بكثرة خلال الإفطار يفقد الطفل الشهية؟
هناك أطفال يأكلون أكثر من غيرهم وإن شربوا الكثير من الماء. الماء لا يفقد الشهية خصوصًا إذا كان الطفل صائمًا، و لا يمكن القول للطفل لا تشرب الماء لأنه أهم شيء، فهو يمنع الجفاف وبالنتيجة لن يبقى الطفل جائعًا.
لنفترض أنه شرب الكثير من الماء أثناء الإفطار وفقد شهيته، لكنه بعد فترة سوف يشعر بالجوع وسيأكل. لذا لا يجوز منعه من شرب الماء.




ما هو النظام الغذائي الذي تنصحين الأم بتوفيره خلال شهر رمضان

وجبة الإفطار

أوّلاً تناول حبتي تمر: فالتمر يحتوي على الكثير من المعادن والزنك والمغنزيوم والألياف. عندما نعطي الطفل حبتي تمر، وينتظر فترة أو يذهب للصلاة.
فإنه يسمح بهذه الطريقة بوصول  الفروكتوز إلى الدم الذي يحتوى على السكر ويصبح متوافرًا للجسم، عندها لا يعود الطفل يأكل الطعام بنهم لأن الأكل السريع يؤذي المعدة.

ثانيًا الحساء: لا يمكن تفويت طبق الحساء فهو ضروري لتعويض السوائل والفيتامينات التي خسرها الطفل خلال نهار الصيف الطويل. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه ليس من الضروري أن تضيف الأم مكعبات النكهة الصناعية إلى الحساء، وإضافة الزبدة أو الكريما.
فبمجرد تحضير الحساء من الخضار الطازجة وإضافة الأعشاب واللحوم والبهار تصبح لذيذة، خصوصًا إذا كان الطفل يعاني وزنًا زائدًا. وأشير هنا إلى أنه ليس من الضروري إضافة الزبدة أو الزيت إلى شوربة العدس.

ثالثًا السلطة: تزوّد سلطة الخضار لاسيما الفتوش الجسم بالفيتامين والمعادن والألياف، وهنا أشدد على عدم إضافة كمية كبيرة من زيت الزيتون، وعدم قلي الخبز بل يمكن الاكتفاء بتحميصه، وإذا أمكن عدم إضافة الخبز.
وقد تعترض الأم وتقول إنه طفل ويجب أن يتغذى، وأنا أقول إن الدهون المشبعة لا تغذي الطفل بل هي مصدر السمنة، وهي مضرة بالقلب. ولا يجوز تفويت الفتوش لأنه ضروري فخلال نهار صيام طويل تبطؤ حركة المعدة مما يسبب إمساكًا، والألياف الموجودة في الخضار مهمة لأنها تليّن المعدة.

رابعًا المقبلات: عادة تحضر الأم المعجنات مثل السمبوسك المقلية أو البيتزا يوميًا وهذا من العادات الصحية السيئة خلال رمضان. يمكن تحضير هذه الأطباق مرة واحدة في الأسبوع أو كل أسبوعين ، والاستعاضة عنها بتحضير العجة التي تحتوي على المكوّنات الغذائية الضرورية خصوصًا أن  البيض فيه البروتين.
صحيح أن البيتزا جيدة ولكن لا ننسى أن فيها أيضًا كمية نشويات كبيرة، إضافة إلى الدهن الموجود في الجبن خصوصًا إذا لم يكن قليل الدسم. لذا يمكن تحضير العجة من دون زيت أو زبدة بل شيّها في الفرن، فضلاً عن أنه يمكن إضافة البقدونس والبصل والكوسى والجزر أو أي نوع من الخضار إليها.
و يمكن تحضير الحمص بالطحينة أو الكبة مشوية وليست مقلية، ويجب تفادي الكبة النيئة خصوصًا في الصيف.

خامسًا الطبق الرئيسي: يجب أن يكون غنياً بالبروتين والحديد، وهما موجودان في اللحوم الحمراء والدجاج والسمك، إضافة إلى اليخنة الغنية بالألياف والنشويات كالبازيللا والفاصوليا والبطاطا والأرز.
مما يعني أن  أفضل الأطباق اليخنة والسمك والدجاج. وهنا أنبّه كل الأمهات إلى مضار البطاطا المقلية يوميًا نظرًا إلى نسبة الدهون المرتفعة التي تحويها، وهي مضرة بالقلب والمعدة.
وقد تعترض الأم وتقول هل نخضع الطفل للحمية! أقول لا، بل نعوّده على الغذاء الصحي الذي يزوّده بكل ما يحتاجه من كالسيوم فيتامينات ومعادن وبروتينات لينمو في شكل صحي.
ومن قال إن الدهون المشبعة تفيد! بل العكس هي مسببة لزيادة في الوزن لا حاجة للجسم إليها. فضلا عن أنه في رمضان تكون المعدة فارغة طوال النهار مما يزيد نسبة الأسيد فيها، والدهون والزيوت المحترقة تسبب حرقة في المعدة.

الحلوى: صحيح أن الحلويات الشرقية فيها  كالسيوم ولكن في الوقت نفسه فيها الكثير من الدهون المشبعة المضرة، لذا يمكن  تقديمها مرة  في الأسبوع. بينما أفضّل أن يتناول الطفل  الرز بالحليب والقشطلية والكاتو وفطائر بالجبنة مشوية بالفرن.
أنا لست ضد الحلويات العربية بل ضد كمية الدهن التي تعطى في شكل يومي خلال شهر رمضان. أما الشوكولا فيمكن أن نسمح للطفل بتناولها، ولكن على الأم التفكير في الوقت الذي يأكل فيه الشوكولا فضلاً عن قلة الحركة.
لذا عندما يريد الطفل شراء الشوكولا من الأفضل أن يشتريها بعد الإفطار لأنه لن يختار كمية كبيرة، لأن أي إنسان كان طفلاً أو راشدًا حين يشتري الطعام أثناء صيامه سوف يشتري بكمية كبيرة لأنه جائع.
و لابد من تناول الفواكه لأنها ضرورية جدًا، و إذا كان الطفل لا يأكل فواكه على الأم تحضير سلطة الفواكه، ويمكن تحضيرها مثل البوظة بوضعها في الثلاجة ثم هرسها لتصبح بوظة سوربيه. ولا أحبذ الجيلو لأن فيه الكثير من المكوّنات الصناعية.

السحور: من المهم جدًا أن يتناول الطفل سحوره، وعلى الأم أن تفرضه لأن مكوّنات السحور تمنحه الطاقة وتزوده بالمكونات الغذائية التي يحتاجها في الساعات الست الأولى من النهار.
ويجب أن يحتوي السحور على الكالسيوم وهو موجود في الحليب والجبن واللبن والبروتين فضلا عن النشويات التي تعطيه الطاقة. والسحور لا يعني تناول منقوشة صعتر. صحيح أن فيها نشويات ولكن في الوقت نفسه فيها زيوت محترقة.
يمكن الأم أن تعطيه سندوتش صعتر وزيت، وتضيف لبنة أو جبنة. كما يمكن أن تحضر له صحن حمص أو فول. وهنا أشير إلى أنه من الضروري ألا تضيف الكثير من الملح والثوم  كي لا يشعر الطفل  بالعطش خلال النهار.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080