خِلافاً لما يُعتقد: النساء أقل ارتكاباً لحوادث السير
لطالما كانت قيادة النساء للسيارات محل نقد كبير من المجتمع الذكوري في بلادنا العربية. فما أن يروا سيدة أو فتاة تقود سيارتها بحذر في الطريق العام، حتى تنهال عليها الانتقادات بحجة أنها "لا تعرف القيادة، وأنها المسببة لأزمة مرورية أينما تحركت"، وكأن هذه المهمة خُلقت للرجال فقط، ناهيك عن السخرية وإطلاق النكات حول قيادتها الحذرة والهادئة في بعض الأوقات.
ميس حمّاد
ولعل ما كشفت عنه دراسة نرويجية حديثة تفيد بأن النساء أقل عرضة لخطر حوادث السير أثناء قيادة السيارات، بينما يعد سائقو السيارات من الشبان أكثر المسببين لحوادث الطرقات، الدليل الأكبر على خطأ ما يعتقده الجميع.
الدراسة التي نشرت في مجلة “Frontiers” في نهاية عام 2017، أجريت على 1100 طالب من تلاميذ المدارس الثانوية و617 من الشبان البالغين، وأكدت أن 12 في المئة من أخطاء السائق مسؤولة عن هذه الحوادث، ومنها استعمال الهواتف الذكية أثناء القيادة، والاستماع لأجهزة الراديو مع التركيز الشديد، حيث تزيد من نسبة ارتباكهم و الهائهم.
وقال أولي جوهانسون، أحد الباحثين: "لقد وجدت أن الشبان هم أكثر الذين تحصل لهم حوادث الطرقات، وبدرجة اعلى من النساء، والسبب هو عوامل الإلهاء". وأشارت دراسات سابقة في السياق ذاته إلى أن عدم التركيز لمدة ثانيتين فقط أثناء القيادة كاف للتسبب بحادث سير.
يُذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد كشفت في دراسة سابقة عن ارتفاع حوادث الطرقات. ووفقا للتقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق، يلقى مايقارب 1.25 مليون شخص سنوياً حتفهم نتيجة لحوادث الطرق.
نساء خلف المقود
هناك الكثير من النماذج النسائية الناجحة في اختراق الانتقادات المجتمعية والذكورية، وإثبات أن المرأة قادرة على القيادة بحرص وثقة. فمن أصبحت تقود شاحنة، وطائرة، وسيارة أجرة، لن يعيقها قيادة سيارتها في الطريق العام بكل سهولة وأمان. من هذه النماذج:
رندة النابلسي
من النساء اللواتي برعن في قيادة السيارات وتسلمن أدواراً مهمة، الأردنية "رندة النابلسي"، التي تولت إدارة رالي الأردن2008 الجولة الخامسة من بطولة الشرق الأوسط للراليات (فيا). وتتمتع النابلسي بخبرة عريقة في إدارة الراليات، حيث عملت نائبة مدير رالي الأردن عند إقامته كجولة من جولات بطولة العالم للراليات في نيسان من العام 2008، إذ نالت الإعجاب والتقدير. وحققت النابلسي الريادة مرة أخرى في مسيرتها في عالم رياضة السيارات، حيث عملت مراقبة في رالي الأردن الأول في عام 1981 وأصبحت أول امرأة سائقة في راليات الثمانينات.
لطيفة النادي
تعتبر أول امرأة مصرية وعربية وإفريقية تقود طائرة بمفردها، في وقت كان فيه الرجال يخشون ركوب السيارات.حصلت لطيفة على الإجازة في الطيران عام1933 بمساعدة والدتها، بعد أن سبقها في مص33 شخصا حصلوا على هذه الشهادة، وكانوا جميعا من الرجال. شاركت لطيفة عام 1935 في سباق نظمه نادي الطيران المصري بين الإسكندرية والقاهرة، ذهابا وايابا، وتمكنت من الوصول أولاً إلى خط النهاية. لكن اللجنة لم تعطها الجائزة لنسيانها الدوران حول نقطة النهاية. وعُينت لطيفة النادي أميناً عاماً لنادي الطيران المصري بعد تقاعدها عن الطيران، وكانت صديقة مقربة من إميليا إيرهارت، أول امرأة تقود طائرة منفردة في العالم. وقضت القائدة المصرية بقية حياتها في كندا ثم انتقلت للعيش في سويسرا، إلى أن توفيت في عام 2002 عن عمر بلغ 95 عاماً.
فاتن الترجمان
القبطان فاتن الترجمان إبنة الساحل السوري، من مدينة طرطوس، تحدت القباطنة الرجال في أعالي البحار، وقادت باخرة تجارية بين الموانئ العربية والدولية، وعشقت البحر منذ طفولتها، وقبلها كان والدها بحاراً وقبطاناً. وكانت فاتن تُصّر على أن تصحبه في أكثر رحلاته، وعملت في مجال الملاحة، وكانت أول امرأة في العالم تتولى مهمة مرشدة بحرية، بالإضافة إلى إختصاصها في قيادة البواخر.
درست فاتن الملاحة البحرية في "طرطوس"، ثم انتقلت إلى العمل على سفينة والدها التي ارتادتها منذ أن كانت في سن الأربع سنوات، وعملت على جميع أنواع السفن، التجاري منها والخدمي، وكانت البداية من مينائي طرطوس واللاذقية، ثمّ اتسع نطاق عملها ليشمل موانئ البحر المتوسط، والأسود، والخليج العربي حتى المحيط الهندي، وما زالت تمارس مهنة القبطان حتى الآن من دبي، متنقلة بين موانئ العالم.
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024