كواليس مشاركة فيلم «القضية رقم 23» في حفل الأوسكار... للمرة الأولى فيلم لبناني يصل إلى النهائيات
من بيروت انطلقتُ وفريق عمل فيلم «القضية رقم 23»، وبعد رحلة طويلة وشاقّة وصلنا إلى مطار لوس أنجليس. كانت تنتظرنا مفاجأة جميلة. حشد من الجالية اللبنانية في لوس أنجليس رافق القنصل اللبناني الى المطار لاستقبالنا بالورود واليافطات التي تحمل كلماتها آمالاً بالفوز بالتمثال السحري «الأوسكار».
وصلنا الى الفندق، وهو يقع في قلب هوليوود، وقُبالة المسرح الصيني الشهير. في هذا الفندق أُقيم أول حفل لجوائز الأوسكار قبل ٨٩ عاماً.
بعد مضي ساعة، ذهبنا إلى الحفل الأول من أسبوع توزيع جوائز الأوسكار، وقد تخلّله لقاء حول الفيلم الناطق باللغة الأجنبية، وحضرته فرق الأفلام الخمسة المشاركة في هذه المسابقة، من السويد والمجر وروسيا وتشيلي والفيلم اللبناني «القضية رقم 23» للمخرج زياد دويري.
وفي الأثناء، التقينا عدداً من الشخصيات الهوليوودية، أبرزهم الممثل كريستوف والتز، المخرجة كاترين بيغلوو، والمؤلف الموسيقي هانس تزيمر الشهير بمعزوفة «الملك الأسد» والحائز عدداً من الجوائز، منها الأوسكار الذي حصل عليه منذ سنوات.
في اليوم التالي، تجدّد اللقاء الرسمي مع فرق الأفلام الأربعة الأخرى المشاركة في مسابقة الفيلم الناطق باللغة الأجنبية. اصطحبنا المخرج زياد دويري إلى Venice Beach أو «شاطئ البندقية»، وهي منطقة في لوس أنجليس يحبّها كثيراً. وفي طريقنا إليها، لفتته شاحنة تقدّم وجبات «التاكوس» المكسيكية، فطلب من سائق الحافلة التوقف بالقرب منها، وترجّل هو وعادل كرم منها وعادا محمّلَين بأطباق «التاكوس» التي تُكلّلها الصلصة لنتلذّذ بطعم هذه الوجبة السريعة.
فور وصولنا إلى Venice Beach، بدأنا التجوّل في شوارعها واستنشاق هوائها العليل. في هذا المكان أخبرنا منظّمو الحفل أن هناك دعوة إضافية لحضور حفل توزيع الجوائز في اليوم الثالث، وعلى الفنانتين ريتا حايك وكريستين شويري أن تُقرّرا أيٌّ منهما ستدخل الحفل إذ لا مكان للاثنتين، ليقع الخيار على ريتا حايك.
عدنا الى الفندق، وفي المساء تحلّقنا جميعاً حول مائدة عشاء أقامها منتج الفيلم أنطون صحناوي. وبينما كنا نتناول العشاء، وجّهت إحدى صديقات أنطون شكراً إلى المشاركين في الفيلم على أدائهم المبدع، والذي سمح لهم بالوصول إلى هذا المستوى العالمي من صناعة الأفلام، واستدركت قائلةً: «لا تشغلوا بالكم بالفوز أو الخسارة. عليكم ألا تنسوا أن وجودكم هنا هو انتصار بحد ذاته». هذا الإحساس كان فعلاً ينتاب معظم أعضاء الفريق. …لقد أتوا من بلد صغير لا دعم فيه للأفلام ولا لصناعتها، وعلى الرغم من ذلك تمكّنوا من الوصول والمشاركة في نهائيات أهم وأشهر مسابقة عالمية في هذا المجال.
الأحد، أي اليوم الذي أُجريت فيه المسابقة، كان على الجميع الحضور في تمام الواحدة والنصف ظهراً، والتقيّد بموعد الحفل الذي يبدأ في الساعة الخامسة عصراً. تجمّعنا في بهو الفندق، فتألقت الفنانات بتصاميم المصمّم العالمي إيلي صعب، وبرز الفنانون ببدلات التكسيدو السوداء. السيارات تنتظر في الخارج. التقطنا الكثير من الصور. أكثر ما لفتني، حرص الممثلة والمنتجة الفرنسية جولي غاييه على تصوير زياد دويري بهاتفها وهو في طريقه إلى الحفل وهي تبتسم وتقول: «هذه صورة تاريخية». لم تمضِ إلا دقائق معدودة حتى انطلقنا وكنا أوّل الواصلين الى الحفل...
الكل يترقّب ويلتقط أنفاسه قبل إعلان النتائج.
حان موعد عرض الفيلم الناطق باللغة الأجنبية فساد التوتر أجواء الحفل. وبعد إعلان فوز الفيلم التشيلي حزن البعض وترقرقت الدموع في عيون البعض الآخر، لكن لم يغب عن بال أحدنا ما قيل لنا في الأمس، من أن مشاركة الفيلم في الأوسكار، ووصوله إلى هذا الصرح العالمي الذي يلتقي فيه عدد من الشخصيات الأميركية المشاركة في الأكاديمية لمناقشة مضامين الأفلام بأدق تفاصيلها هو فوز بحد ذاته. فالفوز بالأوسكار ليس فقط الحصول على التمثال الذهبي الصغير، بل هو أيضاً رفع اسم السينما اللبنانية والعربية عالياً.
تسعون عاماً مرت على حفل توزيع جوائز الأوسكار، وهي المرة الأولى التي يتأهّل فيها فيلم لبناني الى نهائيات هذه المسابقة العالمية. تُرى متى سيكون موعد المشاركة المقبلة؟
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024