تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

مشكلات تواجهها الأمهات

«طفلي يعضّ، ابني يبوّل في سريره، هاني لا يأكل...» مشكلات تواجهها الأمهات مع أطفالهن، بعضها تختفي خلال فترة قصيرة وأخرى يبدو التخلص منها صعبًا. وفي المقابل يرى الاختصاصيون أن السلس البولي، ورغبة الطفل في العض، وامتناعه عن الأكل أو اعتراضه وقوله «لا» من المشكلات المتوقّعة في سنوات الطفل الأولى، وتبقى في إطارها الطبيعي ما دامت لا تستمر فترة طويلة. عن هذه المشكلات تسأل الأمهات والاختصاصيون يجيبون.


السلس البولي


ابني في الخامسة ويبلل فراشه في شكل متكرر. يبدو الأمر مزعجًا لك. هذه المشكلة التي يعانيها حوالى 10% من الأطفال معظمهم من الذكور، تعتبر عابرة وغير خطرة.  وعليك:

تحديد السبب
في البداية على الأم استشارة طبيب كي يتم تشخيص ما إذا كان سبب السلس البولي مشكلة فيزيولوجية، فمثلا يمكن أن يكون الطفل يعاني التهابًا في البول. والسبب الفيزيولوجي الأكثر شيوعًا بين 80% من الأطفال الذي يبللون فراشهم أن نمو المثانة لديهم لم يكتمل بعد، مما يفسر تأخر طفل في التخلي عن حفاضه مقارنة بغيره من الأطفال من هم في السن نفسها. ولكن يمكن أن يكون سبب المشكلة نفسيًا أيضًا، فالطفل الذي يبلل فراشه بعد فترة من تخلّيه عن الحفاض، قد يكون تعرّض لصدمة نفسية مثل انفصال الأهل، أو قدوم مولود جديد إلى العائلة، مما يقود الطفل في لاوعيه إلى اللجوء إلى طفولته الأولى، وبالتالي يعيش حالة نكوصية. وأحيانًا تكون هذه الظاهرة نتيجة تعليم الطفل في سن صغيرة جدًا( قبل السنتين) التخلي عن حفاضه. إذًا الأسباب كثيرة والحل الأمثل استشارة اختصاصي.
وفي كل الحالات إشعار الطفل بالذنب أو الصراخ عليه لا يحل مشكلته، فضلاً عن أن الأم قد تمضي الليل في تغيير فراشه وبالتالي لا تنام. لذا يمكنها اعتماد هذه الحلول:

  • تغليف فراش الطفل بشرشف من البلاستيك أو الاقتراح عليه ارتداء ملابس نوم واقية تناسب مشكلته.
  • التحدّث إلى الطفل عن المشكلة والشرح له أنه ليس مسؤولاً عنها لأنها تباغته أثناء نومه، وأنها مشكلة عابرة وسيتخلص منها حتمًا.
  • مساعدة الطفل في الاهتمام بنفسه عندما يبلل سريره. فهو طفل كبير يمكنه أن يغيّر البيجاما ويضعها في سلة الغسيل.
  • الاقتراح على الطفل عدم شرب الماء بكثرة مساء، وفي المقابل من غير المفيد أن توقظ الطفل من نومه وتعرض عليه الذهاب إلى الحمام.
  • يمكن وضع مبولة بالقرب من سرير الطفل إذا وافق على ذلك، فبعض الأطفال يخافون من التوجّه إلى الحمّام لأنهم يخافون من العتمة.
  • الاقتراح عليه تجربة آلة تنبيه صغيرة تطلق صفيرًا بمجرّد تسرب بلل، مما يسمح له بالاستيقاظ والتوجه إلى الحمّام.
  • الاقتراح على الطفل شرب الماء بشكل منظم خلال النهار والتوجه إلى الحمام بمجرد إحساسه بالتبوّل، إذ عليه تعلّم الذهاب إلى الحمام في كل مرة يشعر بالحاجة إلى ذلك كي لا تمتلئ مثانته بالبول، وبالتالي يصاب بالسلس البولي ليلاً.
  • وأخيرًا إذا كان السلس البولي عند الطفل نتيجة مشكلة نفسية على الأم التحدّث إليه والاستماع إليه وطمأنته والتأكيد له أنها تحبه وستحبه إلى الأبد.
  • أمّا إذا استمرت هذه المشكلة فيمكن الأم طلب مساعدة اختصاصي سواء كانت المشكلة جسدية أو نفسية، فثقته بنفسه هي مفتاح الحل.


يبكي طوال الوقت

يعتبر البكاء والصراخ في الشهور الأولى وسيلتي الرضيع للتعبير عن نفسه. فيبكي مثلاً لأن ماء الحمام ساخن جدًا أو لأنه يشعر بالألم أو بالتوتر أو لأنه لا يستطيع التقاط شيء، فتترجم الدموع الألم والغضب وعدم القدرة على التصرف في محيطه. وبعد ذلك حين يصبح في سن يستطيع فيها الكلام، يستمر بعض الأطفال بالتعبير عن أنفسهم بالبكاء، مما يجعل الأهل في حيرة، خصوصًا إذا كانوا قد حاولوا كل ما في وسعهم لمنع طفلهم من البكاء عندما كان صغيرًا جدًا.
 
دموع منهمرة

على عكس المعتقدات التقليدية تعتبر الدموع أمرًا إيجابيًا للطفل. فهي تسمح له بالتداوي من الألم والتوتر اللذين يشعر بهما، وكذلك الصراع الداخلي القديم الذي لم يحل، والذي يمكن أن يعود ويظهر بين لحظة وأخرى. وإذا تعرض للألم فإن نحيبه يمكن ترجمته على أنه أبعد من الألم ، مثلا غضبه من عدم قدرته على تجنب الحادث، وظهوره أنه فوضوي.
أما إذا كان يشعر بالحزن العميق على إثر موت عصفوره مثلاً، فإن الطفل بدموعه يخرج الألم المرتبط بالخسارة وكذلك الشروع في فترة حزن. أما إذا كان يبكي من دون سبب، من المؤكد هو يعرف لماذا، فقد يكون تعرض لتجربة أليمة في فترة ماضية، وهو يحاول  تخطيها.

ماذا على الأم أن تفعل؟
 عندما يبكي الطفل من الضروري عدم إجباره على مسح دموعه، صحيح أن حزنه يربك الأم ولكن هو في حاجة قبل كل شيء إلى عاطفتها وتفهّمها، فإذا كان صغيرًا جدًا عليها أن تحضنه، أما إذا كان طفلاً كبيرًا و لا يرغب في تهدئته، فعلى الأم أن تكتفي بالبقاء إلى جانبه  والتواصل معه بالكلمات الرقيقة والنظرات الحنونة. كأن تقول له إنها تفهم حزنه ، وإنه من الطبيعي أن  يشعر بالألم والبكاء يفرج عن كربه.

دراسات
أظهرت الدراسات أن الدموع تسمح بالتخلص من أمور سيئة محتملة تنغّص العيش. لقد انتهى الوقت الذي يعيب على الصبي البكاء ويلزمه بكتم غيظه كي يصبح راشدًا. وفي كل مراحل العمر تشكل الدموع طريقة مثلى لبلسمة الجراح، والأطفال يدركون ذلك.


ابني يعض

يمضي ابني يومه وهو يعضّ أصدقاءه. ماذا عليّ أن أفعل؟
معظم الأطفال تقريبًا يحاولون التعبير عن أنفسهم بالعض، والبديهي أنهم في حاجة إلى إخراج عدوانيتهم، والرسالة المنقولة عبر العض تختلف باختلاف السن والدافع إلى هذا التصرّف. فإذا كان الطفل دون السنتين قد يكون العض طريقة لتقبيل والدته، كي يبرهن مثلاً أنه يحب رائحتها، وفي بعض الأحيان يكون العض طريقة عنيفة للاعتراض على والدته والآخرين. وإذا كان الطفل في الثالثة وما فوق فهو يظهر رفضًا، سببه بديهي كأن تنهره والدته أو تمنعه من أمر ما، أو بسبب غيرة من أخيه الأصغر أو أحد أصدقائه في الحضانة. أو قد يكون غير واثق بنفسه ليحتج بالكلام فيعبّر بالعض.

الحل مساعدته في التخلّص من عدوانيته
 يعتبر العض أحد مظاهر العنف الواضحة حين تعجز الكلمات عن التعبير. ولكن لا يجوز أبدًا السماح للطفل بالعضّ فهذه الطريقة في التواصل مؤلمة جدًا: «أفهم أنك منزعج ولكن لا أسمح لك مطلقًا بأن تعض». هذا ما يجدر بالأم أن تقوله لطفلها في كل مرة يعضّ فيها أحدًا، فهذه هي اللحظة المناسبة لتعليمه كيف يتصرّف مع الآخرين. وإذا أعاد الكرّة على الأم ألا تيأس وتؤكد له أن العض غير مسموح به. كما عليها أن تظهر له فهمها أسبابه مما يجعله يبحث عن طريقة أخرى للتعبير عن نفسه. أما إذا كانت الضحية أحد أصدقائه فيمكن الأم الاستفادة من الأمر وترسيخ فكرة أخلاقية لديه: «لا يمكن أن نفعل ذلك بأصدقائنا، يمكن ألا تكون متوافقًا معه، ومن حقك ألا تحبه ولكن لا يحق لك أبدًا أن تؤذيه».
وإذا عبر عن غضبه بطريقة أخرى  كأني يرمي لعبه بقوة على الأرض، أو يتلف شتول النبات، عندها على الأم أن تساعده في إخراج طاقته عن طريق لعب بتطلب جهدًا جسديًا مثل كرة القدم. ومن ثم على الأم أن تتحقق من السبب، فإذا كان يعض أخاه الصغير بشكل منظّم،  فمن المؤكد لأنه يعتقد أن أخاه يستحوذ على جزء من عاطفة أمه، والحل يكون عندها بطمأنته ومناقشة المشكلة معه. أما إذا استمر هذا الوضع فترة طويلة فربما هو ضحية صراع نفسي ويحتاج إلى مساعدة اختصاصي يخلّصه من المشكلة التي يعانيها.


يقول لا دائمًا

يعارض الطفل بين السنة  والثلاث سنوات كل ما تطلبه والدته وكلمة «لا» لا تفارق شفتيه، فهو يحاول تكوين هويته الشخصية، والتخلص من الطفولة الصغيرة التي كان خاضعًا خلالها لكل ما يُطلب منه. مرحلة الاعتراض إشارة أولى لخطوات الطفل الأولى نحو بناء هويته الخاصة.

يكوّن شخصيته المستقلة
في بداية حياته يفعل الطفل كل ما تطلب منه والدته، لأنه يكون على علاقة انصهارية بوالدته وكأنهما شخص واحد، وعندما يكبر الطفل يأتي اليوم الذي يستطيع فيه قول كلمة «لا» ومن ثم يأتي اليوم الذي يقول فيه «لا» لكل شيء، فهي طريقة ليقول من خلالها «أنا أكون»، والطفل يدخل في احتمال قول «أنا» التي تناقض «لست أنا» . وخلال هذه المرحلة من التطور يعترض الطفل على كل شخص يريد أن يخضعه لرغبته.

يقول «لا» ليفعل «نعم»
على الأهل ألا يغضبوا ويتحلّوا بالصبر عندما يرفض طفلهم الخضوع لأوامرهم. واللافت عمومًا أن الطفل يقول «لا» ومن ثم يفعل «النعم» بعد دقائق، لأن هذه الـ «لا» طريقة ليفكّر في ما يطلب منه. فتكون «لا» لأن أمه طلبت منه كذا وكذا ومن ثم يقول «نعم» لأنه يريد أن يفعل ذلك بعد أن فكّر وقرّر. إذا يفعل ذلك كي يصبح مستقلاً في رأيه، وليس لأنه طفل وعليه الخضوع للآخرين. المهم أن يحترم الأهل وضع الطفل وليس إجباره على تبني وجهة نظر أهله.

الاعتراض ليس غنجًا
ليس من المجدي التعنت في الرأي والإصرار على الطفل لتنفيذ عمل ما، فالأمر لا يتعلّق بالغنج بل بتطور الطفل الذهني والنفسي، لذا فهو يشعر بالحزن لأنه لم يُفهم، وتجاهل «لائه» يشبه كمن يرفض هويته، ويفضل بقاء علاقته الانصهارية بوالدته. فهذا ضد حماسته إلى الحياة التي  تدفعه للانفصال عن الراشد كي يصبح تدريجيًا مستقلاً في تصرفاته.

يمتنع عن الطعام

رفض الطفل للطعام ظاهرة طبيعية عند معظم الأطفال، وهذا يسبب توتّرًا للأم. ففي سن السنتين وأحيانًا قبل هذه السن تميل مروحة التذوق عند الطفل إلى التقلص، مما يعني أنها مرحلة رفض الطعام، فيطلق عبارات «لا أحب هذا الطعام، هذا ليس لذيذًا، لا أريد أن آكله»... وتحاول الأم كل الحيل، وتبتكر ألعابًا خلال الأكل، في محاولة منها لجعله يقضم لقمة أو لقمتين، أو تركه يجلس ساعات أمام طبقه الملآن، ولكن دون نتيجة فهو لا يريد أن يأكل.
ولمواجهة هذا الرفض خلال تناول الطعام إليك بعض النصائح المفيدة:

  • أعلميه بوقت تناول الطعام قبل خمس دقائق كي يستعد ويتوقف عن اللعب.
  • حضّري طبقه قبل دعوته إلى تناول وجبته.
  • اسمحي لطفلك بمشاركتك في تحضير الطعام.
  • قدّمي له أنواعًا جديدة من الغذاء بحصص صغيرة ضمن وجبته الغذائية المفضّلة.
  • برهني لطفلك أن الطعام لذيذ لأنك جربته بنفسك، والهدف تعزيز فكرة المتعة في تناول الطعام، وليس فقط أهميته الغذائية التي تعني فكرة فرض الطعام عليه.
  • قدّمي لطفلك طعامه المفضّل.

يشير اختصاصيو طب الأطفال إلى أنه إذا كان معدل نمو الطفل  طبيعيًا، على الأم أن تطمئن وعلى عكس ما تفكّر فيه، فهو يأكل ربما ليس بالكمية التي ترغب فيها، ومن المؤكد ليس خلال الوجبة الواحدة، ولكن على الأم أن تحسب ما يأكله خلال النهار وألا تشعر بالذنب. وعندما يؤكد
طبيب الأطفال والجدة أن الطفل لن يموت جوعًا، فذلك لأنه يتناول كمية الطعام التي تناسبه وإن كان يظهر أنه قليل الشهية.وعندما يحين وقت تناول الطعام على الأم أن لا تلح على طفلها تناول طبقه ، فهو عندما يرفض تناول الطعام، تشعر الأم بالذنب ويشعر الطفل بدوره بذلك فيزيد عناده ورفضه الطعام. لذا على الأم أن تتوقف عن الدخول في لعبته.


وهذه بعض النصائح

  • قبل كل شيء على الأم أن تتنفس الصعداء وتحضر الطعام كما لو أن شيئًا لم يحدث.
  • تقديم وجبة طعام بكمية قليلة، فالطبق الملآن يثني الطفل عن تناوله، كما يمكن الأم تزيين الطبق كي ينجذب إليه.
  • ترك الطفل يأكل أو لا يأكل طبقه ومنحه الوقت لتذوق مكونات طبق الأم.
  • منح وقت وجبة الطعام جوًا من الحميمية والترحاب التي يجب أن تتضمن المزاح والتحادث، ولكن في الوقت نفسه لا يجوز التحدث إليه في شكل متواصل لأن ذلك قد ينسيه وجبته وإن كان جائعًا.
  • التوقف عن مراقبة الطفل طوال الوقت أثناء تناوله الطعام لمعرفة ما إذا كانت حيلتها تجدي نفعًا.
  • عدم تمديد وقت الوجبة بل على الأم أن تسحب صحن طفلها في الوقت الذي تنهي فيه طبقها.
  • عند نهاية الوجبة عرض طبق حلوى على الطفل، فحرمانهمن الشوكولا أو الحلوى لا يؤثر فيه.


متى يجدر القلق؟
إذا كان رفض الطعام يصادف توقيته مع اضطرابات أخرى مثل السلس البولي والتصرف العدواني والكآبة، وإذا لاحظت الأم شعور طفلها بالحزن، وإذا كان نموه بدأ يتأثر، على الأم استشارة طبيب أطفال، وكذلك طلب مساعدة اختصاصي نفسي يساعده في إيجاد طريقه إلى الطعام.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080