الأم تغار من ابنتها.. الأب هو السبب
تغار الأم من ابنتها. أمر غريب لكنه يحصل، وله مبرراته النفسية وإن كان غير مقبول إجتماعياً، بالنظر إلى الصورة المثالية للأم. فهل يُعقل أن تلعب الأم دوراً معاكساً لغريزتها، وأن تحسد ابنتها على ما تملك، وأن تذهب أبعد من مشاعر الغيرة إلى الإنتقام بالحرمان.. العاطفي والمادي؟.
حدث هذا ويحدث. وهذا ما كشفته إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة "تيمبل يونيفيرسيتي" بولاية فيلادلفيا الأميركية، والتي توصلت بموجب إحصائية شملت أكثر من 100 أم و200 ابنة مراهقة، إلى أن "18 في المئة من هؤلاء الأمهات شعرن بالغيرة من بناتهن المراهقات، مشيرةً إلى أن الأمهات عبّرن عن هذه المشاعر السلبية "بعدم قبول نصائحهن عند اختيار ملابسهن".
آمنة منصور
عوارض الغيرة
إذاً تغار بعض الأمهات من بناتهن، ويبرز هذا الشعور غير السَوي من خلال سلوك الأم الذي يخرج عن المألوف في التفاهم والتفهم، والمعروف في تقديمها للدعم والحب غير المشروط لابنتها، فينقلبان إلى مسافة شاسعة بين الطرفين بسبب الإنتقاد واللوم الدائمين.
"الأزمة" تظهر عند بلوغ الإبنة مرحلة المراهقة، لكنها تبدأ قبل ذلك بكثير. وأولى ملامحها الواضحة تكمن في التراجع الملحوظ في التواصل بين الأم وابنتها، وفي عدم الإستماع بحماسة لإنجازاتها أو بتأثر واضح مع مشكلاتها.
وقد تنحو الأم باتجاه خطير حين تُضيّق على ابنتها، لجهة منعها من الخروج من المنزل أو عدم ترحيبها بأصدقائها، أو تقطير المال الذي تعطيها إياه كي تحدّ من اهتمامها بمظهرها.
أسبابها
تظهر عوارض غيرة الأم من ابنتها بوضوح عند تفتح أنوثة الفتاة وتزايد الاهتمام بها، لكنها تبدأ في الواقع مع ولادة الإبنة، البكر غالباً، التي لا تسرق الأضواء منها فحسب، بل تسرق القلوب أيضاً.. لا سيما قلب والدها.
فالأم التي عاشت في طفولتها أو شبابها نقصاً في الإهتمام والعاطفة، تلاحظ أن المولودة الجديدة تنافسها وتسحب البساط من تحتها، وتحلّ مكانها وتأخذ مكانتها. ويزيد إهمال الزوج لزوجته من الهوّة، ليس بينه وبينها فحسب، بل بينها وبين ابنتها أيضاً.
وباعتبار أن بلوغ الابنة مرحلة الشباب يتزامن مع تقدّم الأم في العمر، حيث يغزوها الشيب وتظهر على وجهها التجاعيد، فإن شعور الأم بأنها أصبحت مهملة ومهمّشة وكبيرة في السن، حتى أن زوجها لا يغازلها او يأخذ برأيها أو يسألها حتى، بل يُعطي اهتمامه ووقته لابنته ويبني مواقفه على مشورتها، يدفعها لا إرادياً إلى ردة فعل صادمة تجاه المحيط، وتجاه الذات، من خلال ما يُعرف بـ "المراهقة المتأخرة" والتي تظهر عبر السلوك والمظهر.
تدارك الأمر
معالجة هذه الأزمة تكمن بردم الهوّة، ويلعب المحيط دوراً تكاملياً في ذلك، عبر إعادة الإعتبار إلى وجود الأم، وإن بدا ذلك للآخرين مبالغاً فيه، بعبارات الثناء والمديح والهدايا التي تُترجم مشاعر الحب والتقدير لدورها المحوري في الأسرة.
وباعتبار أن التدهور في العلاقة هو جرس إنذار، على الزوج إيلاء زوجته العطف اللازم وتصويب الأمور باتجاه التاكيد على كونها الطرف الأساسي في المعادلة لتسيير "دفة المنزل".
أما الإبنة، فيُفترض بها أن تلعب دوراً احتوائياً، فتتفهم ما قامت به والدتها ولا تبخل عليها بمشاعر الحب الصادق، وتطلعها بصورة دائمة على مشاكلها، لتؤكد لها أن حياتها ليست على ذلك النحو من الصفاء.. وأنها بحاجة إلى نصحها ورعايتها دوماً.
نقلاً عن "شبكة حياة الاجتماعية"
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024