ندى غزال: أتطلع إلى العالمية... ولا حدود لطموحي
شغف، طموح، إرادة وتصميم. بهذه الصفات شقّت مصمّمة المجوهرات ندى غزال طريقها العملية وصولاً إلى الشهرة. فمنذ صغرها تهوى الأعمال الحرفية الفنيّة، وتسعى دوماً إلى التميّز وتنفيذ ما ليس مألوفاً. عملت في اختصاصها، التصميم الغرافيكي، لسنوات عدة في أشهر المؤسسات، واكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال وفي عالم الدعاية والتسويق في دبي. إلا أنّ طوحها الكبير ظلّ يحرّكها لتأسيس عمل خاص بها في وطنها لبنان وتحقيق أحلام كثيرة. وقد أسّست عالمها في المجوهرات بتصاميمها المبدعة الفريدة والممهورة بتوقيعها NadaG، ونالت جوائز عدة تقديرية لإبداعها المستمرّ وطموحها الكبير وآخرها جائزة Woman Entrepreneur Of the Year التي كللت بها نجاحها نهاية العام الماضي.
- لماذا اخترت لبنان لتأسيس عملك، مع أنّك كنت مقيمة في دبي؟
عشت مدة طويلة في دبي، وهو بلد أحببت الإقامة فيه، لكن اخترت أن أؤسّس عملي في البلد الذي سأتقاعد فيه يوماً ما. وحلمت حينها بأن أشتهر في بلدي وألقى النجاح فيه.
- عالم التصميم واسع، لماذا اخترت تصميم المجوهرات؟
منذ صغري وأنا مولعة بعالم المجوهرات والأكسسوارات والعمل الحرفي، وكنت أجلس إلى جانب جدّتي أثناء حياكتها بالإبرة، فنمت هذه الموهبة لديّ يوماً بعد يوم. ولطالما أحبب الابتكار حتى في ملابسي، إذ إنني أرتدي أشياء غير مألوفة وجريئة التصميم. تخصّصت في الـ«غرافيك ديزاين» لاشتماله على كل أنواع التصميم، ومنه دخلت إلى عالم التسويق. وفي الوقت نفسه، كنت أصمّم مجوهراتي الخاصة وأحذيتي وأنفّذها في لبنان. وحلمت بأنّ تكون لي ذات يوم ماركة خاصة بي، وهذا ما حصل فعلاً. وأردت أن أخوض مجال المجوهرات لأنني بشكل عام، كنت أرى أن كلّ المجوهرات متشابهة وكلاسيكية، ونحتاج منها الى ما يمكن أن نضعه كل يوم وليس في المناسبات فقط، وهذا لم يكن متوافراً في السوق. من هنا، رأيت أن العمل يتطلب حاجة ورغبة وروحاً، فباشرت.
- هل كان سهلاً تأمين الرأسمال للشروع في عمل كهذا؟
مادياً، لم أتلقَّ الدعم من أحد، بل استطعت من خلال عملي في دبي أن أدّخر بعض المال للشروع في العمل. الخطوة التي اتخذتها لم تكن سهلة، لأنّه إذا تعثّرت في مكان ما فلن يكون هناك من يساعدني لكوني البنت الكبرى في المنزل، وقد توفي أبي وأنا في السادسة عشرة من عمري.
- هل كانت مجازفة أن تقدِمي على عمل حرّ؟
لا أنكر أن الخوف تملّكني في البداية، لكن قلبي دفعني إلى العمل. كان لدي شعور مقيم بالخوف والقلق من عدم النجاح، لكن عندما أقرّر أن أفعل شيئاً، لا أتردّد، ولم أشعر يوماً بأن عائقاً يقف في طريقي. وحتى لو خسرت، أين المشكلة؟ فأنا مَن جمع المال، ويمكنني أن أجمع غيره. لم أذق يوماً طعم الفشل.
- وضعت النجاح نصب عينيك وسرتِ، هل هذا ما تنصحين به أي سيدة تود القيام بعمل خاص بها؟
يجب أن تكون الأولوية للنجاح والرؤية الصحيحة والعمل الدائم للوصول، وإذا اعترضتنا أي مشكلة فيمكن أن نتخطاها ونكمل بطريقة أخرى. الحائط إذا كان مسدوداً يمكن أن نخترقه بأي طريقة. لا نهاية لأي شيء في هذه الحياة، حتى بعد الموت هناك حياة.
- هل هذا الشعور نابع من طبيعة عملك الخلاّقة؟
جزء منه يعود إلى مجال عملي، وجزء آخر الى واقعيتي في الحياة. فسرّ النجاح هو العمل بجهد وبتعب والقيام بأشياء جديدة مختلفة تجعلني متفردة في المجال الذي اخترته.
- من أين تستمدّين أفكارك والروح التي تضعينها في أي مجموعة جديدة تطلقينها؟
أي تصميم أقوم به ينبع من روحي وقلبي ويحمل قصة. بالطبع، أبلور قصة عشتها وشعرت بها في تصميمي. أحيانا،ً أشاهد صورة معيّنة أو أسمع رأياً في قضية أضع فيها إحساسي، فأرسمها على الورقة وأبلورها بتصميم. مثلاً، عندما كنت حاملاً، كنت كأي امرأة متقلّبة المزاج، فصمّمت مجموعتي المتحرّكةً بحيث يمكن أن تتخذ القطعة أشكالاً عدة.
كما أنني أهتمّ بالتفاصيل الدقيقة، وهذا جزء من سرّ نجاحي. وعندما أرى النتيجة، أنسى كلّ تعبي وقلقي لإنجاح العمل.
- هل لمع اسم ندى غزال سريعاً؟
عندما بدأت منذ 12 عاماً، انطلقت سريعاً وكنت أبيع أكثر من الإنتاج. لكن عندما تعرضت البلاد لخضّة أمنية، تأثر العمل. وبعدها خضت التجربة في المتاجر الكبرى، والحمد لله بدأ اسمي ينتشر، وقمت بحملة تسويق وانطلقت بقوة بعد فترة ركود. كما لمع اسمي في الخارج بفضل مشاركتي في المعارض الكبرى لسنوات عدة متتالية. اليوم، يمكن الماركات الجديدة أن تنتشر ويلمع اسمها سريعاً بفضل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. لقد بذلت جهداً مضاعفاً لأحصل على الشهرة التي حصدتها اليوم. فالبعض عندما يراني، يعتقد أنني ابنة ندى، ويتوقع أن أكون متقدمّة في السنّ أكثر، فيفاجأ بصغر سنّي وبما وصلت إليه من اسم وشهرة.
- إلى من تتوجهين أكثر، السوق المحلية أم الخارجية؟
أولويتي السوق اللبنانية. ليس هدفي البيع فقط، بل أن أرى تصاميمي تزيّن النساء. فمثلاً، عندما أكون جالسة في مكان عام وأنظر إلى سيدة بجانبي وأراها تتزيّن بتصاميمي، أشعر بفخر كبير وبسعادة لا توصف، لكون تصاميمي تُسعد من يضعها. أجمل شعور يخالجني، أن أتشارك موهبتي وشغفي مع الآخرين، وهذه قمّة النجاح بالنسبة إليّ. واليوم، أعمل على تقوية اسمي من بيروت لينتشر إلى العالم العربي، حيث حققت انتشاراً أيضاً، إذ أبيع في دبي في متاجر ضمن مجموعة مصمّمين، لكن في لبنان لديّ أربعة متاجر خاصة بي تحمل اسمي، وهذا طموحي.
- كيف تقيّمين نفسك؟ هل أنت سيدة أعمال ناجحة؟
بكل عفوية وبساطة أقول نعم، أنا سيدة أعمال ناجحة. أولاً، لأنني محاطة بفريق عمل مميّز وأشخاص موهوبين. أدير مؤسستي بمحبة مع فريقي ولا أتعامل مع الآخرين بصفتي رئيسة العمل. أختار فريقي وفق معايير ثلاثة: الشغف، القلب والتهذيب. فهذا التكامل مع فريق العمل يساعدني على النجاح، وبالتالي رأي الآخرين في الماركة هو الذي يحفّزني ويدفعني إلى القول إنني ناجحة. كما أنّ الربح الذي حققناه يفوق المئتين في المئة، وهذا دليل نجاح أيضاً ينسيني التعب الذي تكبّدته للوصول.
- هل المرأة مصمّمة المجوهرات تنجح أكثر من الرجل في هذا المجال؟
بالعكس، هناك مصمّمون رجال ناجحون ويهتمون بتفاصيل جمالية تخصّ المرأة. لكن المرأة يمكن أن تتمتع بأفضلية في هذا المجال لأنها تصمّم أشياء تحتاج إليها أي امرأة أخرى.
- ما هو التحدي الذي واجهته كامرأة في عالم الأعمال في مجتمع شرقي؟
لم أشعر يوماً بالفارق بيني وبين أي رجل يخوض غمار الأعمال. ورغم كلّ التحديات التي واجهتها، ولم ألقَ الدعم من أحد ولا حتى من الدولة، ولا التسهيلات التي يمكن أن أحصل عليها، لم أشعر بهذا الفارق.
- ما هو طموحكِ اليوم؟ وإلامَ تسعين بعد؟
طموحي أن أتوسّع في الخارج وأصبح عالمية أكثر، وأتوق إلى التعاون مع مصمّمين عالميين في قطاع مغاير للمجوهرات، وإلى إطلاق ورشة عمل بقالب متحف يمكن كل بلدان العالم أن تزوره، وأن تتعلم تصنيع المجوهرات. ففي لبنان، لا يمكن أن نغفل أن بلدنا يكسب كثيراً من تصدير المجوهرات.
كذلك، أطمح إلى تصميم مجوهرات بأحجار نادرة وثمينة وقطع باهظة الثمن، وإصدار مجموعة نادرة تكون لها قيمة تاريخية.
- هل تنافس NadaG اليوم الماركات العالمية؟
أتنافس مع هذه الماركات من ناحية مقارنة الزبون بشراء أي قطعة من مجموعتي أو من مجموعة عالمية أخرى. وعندما تضع المرأة خاتماً من مجموعتي وآخر من مجموعة عالمية أخرى، أشعر حينها بالمنافسة.
- ما النصيحة التي تسدينها إلى أي امرأة تودّ تأسيس عملها؟
أن تعمل بجهد لتنجح أكثر وعلى المدى الطويل، وألا تعيش على أمجاد الحاضر. والرؤية المستقبلية هي الأساس، إلى جانب الثقة بالنفس ودعم المحيطين بي من أهل وأصدقاء، بحيث أشعر بفخرهم الكبير بي.
- هل أنت اليوم راضية عن نفسك؟
لا يمكن أن نكون مثاليين، لأنه عندما نصل إلى مرتبة معيّنة، نسعى إلى الأعلى. فالطموح يحفّزني لطلب المزيد. مع العلم أنني لم أفعل دوماً الصواب. ففي مكان ما اتخذت قرارات صحيحة، وأحياناً أخرى لم أفعل وتعلّمت من أخطائي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024