"الرضاعة الطبيعية" اللقاح الأول الذي يتلقاه الطفل
هبة الحياه عبيدات
"الرضاعة الطبيعية تسهم في الحد من معدلات وفيات الأطفال وتتيح منافع صحية تدوم حتى مرحلة الكهولة". هذا ما أكدته منظمة الصحة العالمية، التي أشارت إلى أن استمرار الرضاعة في الأشهر الستة الأولى وحتى بلوغ الطفل السنتين من العمر، ينقذ حياة نحو 800 ألف طفل كل عام.
الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وأنتوني ليك، المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، يؤكدان على أن "الرضاعة الطبيعية تساعد في تزويد الأطفال ببداية أوفر صحةً للحياة في كل مكان.. وتمثل اللقاح الأول الذي يتلقاه الطفل بتزويده بالمضادات الحيوية. وتسهم في النمو والتطور الصحيينِ للأطفال وتحميهم خلال أول عامين، وكذلك طوال حياتهم".
وتوصي منظمة الصحة العالمية بالاقتصار على تلك الرضاعة، لتغذية الرضّع في الأشهر الستة الأولى من حياتهم والاستمرار فيها بعد ذلك، مع إعطاء الأغذية المكمّلة المناسبة، حتى بلوغ الطفل عامين من العمر أو أكثر من ذلك.
توصيات
قدمت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أربع توصيات لتمكين الأمّهات من الشروع في الرضاعة الطبيعية والاقتصار عليها لمدة ستة أشهر، أولها الشروع في الرضاعة الطبيعية في غضون الساعة الأولى من حياة الطفل، وثانياً: الاقتصار على الرضاعة الطبيعية، وذلك يعني أنّ الطفل لا يتلقى إلاّ لبن الأمّ، دون أيّة أغذية أو مشروبات إضافية، بما في ذلك الماء.
ثالث تلك التوصيات هي "الرضاعة الطبيعية حسب الطلب" وذلك يعني الاستجابة لطلب الطفل كلّما أبدى رغبة في ذلك، أثناء النهار والليل، ورابعاً: عدم إعطاء القارورات أو المصّاصات أو اللهايات.
فوائد الرضاعة الطبيعية
تعود الرضاعة الطبيعية بفوائد صحية كبيرة على الأم والرضيع، إذ يحتوي لبن الأم على جميع المغذيات التي يحتاج إليها الرضيع خلال السنة الأولى من عمره. ويمثّل لبن الأم وفق منظمة الصحة العالمية أحد المصادر الهامة للطاقة والعناصر المغذية بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و23 شهراً. فبإمكانه توفير نصف الاحتياجات من الطاقة، أو أكثر من ذلك، للأطفال من الفئة العمرية 6-12 شهراً، وثلث الاحتياجات من الطاقة للأطفال من الفئة العمرية 12-24 شهراً.
وتوفر الرضاعة الطبيعية الحماية من الإسهال والأمراض الشائعة بين الأطفال مثل الالتهاب الرئوي، وقد يكون لها فوائد صحية أخرى طويلة الأجل على الأم والطفل، مثل الحد من مخاطر فرط الوزن والسمنة في مرحلتي الطفولة والمراهقة.
وتؤكد منظمة الصحة أن لبن الأم "يسهم في النماء الحسّي والمعرفي وحماية الرضّع من الأمراض المعدية والمزمنة. كما تسهم الرضاعة الطبيعية في تعزيز صحة الأمّهات وعافيتهم، وتساعد أيضاً على تباعد الولادات وتحدّ من مخاطر الإصابة بالسرطان المبيضي أو سرطان الثدي، وتزيد من الموارد الأسرية والمجتمعية.
وتشير دراسات منظمة الصحة إلى أن البالغين الذين استفادوا من الرضاعة الطبيعية في مرحلة الطفولة لوحظ عليهم انخفاض معدلات فرط الوزن والسمنة، كما أن الأطفال الذين تمتعوا برضاعة طبيعية في طفولتهم يحققون نتائج أفضل في اختبارات الذكاء.
استثمار
مما لا شك فيه أن الرضاعة الطبيعية تنعكس بشكل إيجابي على الاقتصادات الوطنية. ومن الممكن إحراز تقدم سريع بالاستثمار في السياسات والبرامج التي تزيد من دعم قرار المرأة بالرضاعة الطبيعية.
وتظهر ورقة بحثية للبنك الدولي بعنوان "إطار استثماري لتحقيق الهدف العالمي من التغذية من أجل الرضاعة الطبيعية" أن بلوغ هدف التغذية العالمي المتمثل في زيادة الرضاعة الطبيعية الحصرية إلى 50 في المئة بحلول العام 2025 يتطلب استثماراً إضافياً قدره 5.7 بليون دولار على مدى 10 سنوات أو 4.70 دولار لكل مولود جديد لجميع البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ويؤكد البنك الدولي أن تكاليف عدم الاستثمار في برامج الرضاعة الطبيعية تؤدي إلى 520.000 حالة وفاة بين الأطفال بالإضافة إلى انتشار أمراض الطفولة. ويضيف أن "من المتوقع أن يكلف تمديد الإعانات النقدية لإجازة الأمومة إلى ستة أشهر، والتي قد تزيد معدلات الرضاعة الطبيعية وتولد منافع اجتماعية وصحية وإنمائية أخرى، مبلغاً إضافيا قدره 24.1 بليون دولار على مدى 10 سنوات".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن السنوات العشر بين 2016 و2025 ستكون عقد العمل من أجل التغذية، داعيةً مختلف الدول إلى تنفيذ إطار عمل يشمل عدداً من التدابير دعماً للرضاعة الطبيعية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024