تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

فروض العطلة الصيفية ضرورة تربوية ولكن...

تبدو العطلة الصيفية بالنسبة إلى التلميذ فترة نقاهة يحقق خلالها كل نشاطاته الترفيهية التي كان يحلم بها خلال عامه المدرسي. وقد تبدو الفروض الصيفية بالنسبة إلى بعض التلامذة عقاباً يؤجلونه إلى نهاية الصيف. وفي المقابل يجد بعض التربويين أن وظيفة الفروض الصيفية هي تنشيط ذاكرة التلميذ وتعزيز قدراته التعلّمية، خصوصاً أن هذه الفروض لم تعد كما في السابق تشبه الفروض الأكاديمية البحتة، بل تحوّلت إلى نوع من التسلية التربوية البناءة التي تطوّر ذكاء التلميذ. وعموماً يواجه بعض الأهل صعوبة في إقناع أبنائهم بالقيام بها. فهل الفروض الصيفية ضرورية فعلاً؟

من المعلوم أن الطفل يعيش خلال العطلة الصيفية حالاً من الفوضى ويخرق كل الطقوس اليومية التي اعتاد عليها خلال الفصل المدرسي، فهو يستيقظ  وينام في ساعة متأخرة ويمضي نهاره إما في اللعب أو مشاهدة التلفزيون... وأحياناً كثيرة يرفض أي أمر متعلّق بالمدرسة، لا سيّما فروض العطلة. و لتذمره أسباب وجيهة، فمن الملاحظ أن فترة الدرس خلال الفصل المدرسي قد تستغرق عشر ساعات بين المدرسة والفروض المدرسية التي يقوم بها في المنزل. وخلال العطلة الصيفية تعطي المدرسة التلميذ مجموعة من الكتب ليقرأها ويقدم تلخيصاً عنها عند العودة إلى المدرسة، مما يجعل المطالعة فرضاً مدرسياً أكثر منه نشاطاً ذهنياً يُشعر التلميذ بالمتعة أثناء القيام به. وعلى كل، فإن الفروض العطلة ليست أمراً محبباً للتلميذ ويجدر بالأهل أن يتوقفوا عن القول لطفلهم «هيا سوف نتسلى بفروض العطلة»، فيما القيام بفروض العطلة أمر واجب وليس من الضروري أن نوهم الطفل أنها للتسلية لأنه يعرف أنها ليست كذلك.


هناك ثلاث فئات من التلامذة، يختلف هدف فروض العطلة وأهميتها من فئة إلى أخرى

الفئة الأولى
فئة التلامذة الجيّدين الذين لا يواجهون أي صعوبة أكاديمية. وهذه الفئة ليس من المهم أن تقوم بفروض أكاديمية بحتة، كالقواعد اللغوية أو الرياضيات... بل المهم بالنسبة إليها الحفاظ على العادات المدرسية. إذ لا يجوز أن يمضي التلميذ نهاره كله أمام التلفزيون أو اللعب خارج المنزل، بل عليه  أن يقوم بنشاط فكري محدد كالقيام ببحث أو قراءة قصة...

الفئة الثانية
هي فئة التلامذة ذوي المستوى الأكاديمي المتوسط والتي تواجه صعوبة في بعض المواد المدرسية. والفروض الصيفية بالنسبة إلى هذه الفئة ضرورية وواجبة. وقد تسبب هذه الضرورة مشكلات بين الأهل والتلميذ تؤدي إلى أن يكره هذا الأخير المدرسة وكل ما يتعلق بها. لذا من الضروري، وتلافياً للمشكلات، أن يجد الأهل الوسائل التربوية غير التقليدية التي تساعد وبطريقة غير مباشرة في الحفاظ على عادات ابنهم الأكاديمية وتؤمن له المتعة والترفيه والفائدة في الوقت نفسه. ففي إمكانهم أن يشتروا له برامج تربوية يستعملها في الكمبيوتر، وأن يحددوا له يومين في الأسبوع ليجلس إلى الكمبيوتر ويقوم ببحث أو بنشاط فكري، أو زيارة المكتبة أو مطالعة قصة لإجراء مناقشة حولها... فمن الضروري أن يحافظ التلميذ على عاداته المدرسية ولو بشكل مختلف. كما من الضروري أن تضع الأم نظاماً يومياً وتحدد له ساعات اللعب كأن تضع له برنامجاً يومياً يقضي بأن يلعب صباحاً حتى الساعة 12:30 ظهراً ثم يتناول غداءه ويستريح قليلاً، وعند الأولى والنصف يجلس إلى الكمبيوتر يقوم ببحث أو يقرأ قصة لمدة 45 دقيقة، ثم يكون لديه وقت يمكنه خلاله مشاهدة التلفزيون أو أخذ قيلولة. ومن ثم يخرج عند الساعة الخامسة إلى الشاطئ أو اللعب مع رفاقه.أي على الأم أن تؤكد له أن لكل عمل أوانه المحدد. وليس من الضروري أن يكون القيام بفروض العطلة يومياً بل يمكن اختيار يومين في الأسبوع. وعموماً لم تعد فروض العطلة الصيفية كما في السابق أي جافة وأكاديمية بحتة، بل تعتمد كثيراً على جذب الانتباه من خلال الصور والأحاجي والفهم.

الفئة الثالثة
وهي الفئة التي تواجه صعوبة في كل المواد المدرسية وهذه الفئة لا تحتاج إلى فروض صيفية التي ليس هدفها تقوية مستوى التلميذ الأكاديمي وإنما تنشيط ذاكرته. لذا فمن الضروري معرفة أسباب المشكلة التي قد لا تكون ضعفاً في الرياضيات أو اللغة، بل تكون عدم قدرة الطفل على الفهم أو اتباع التعليمات أو عدم معرفة تنظيم أموره. ولا تحل فروض العطلة الصيفية هذه المشكلة، لذا من الأفضل للأهل أن يتعاونوا مع المدرسة ليضعوا برنامجاً محدداً يهدف إلى تقوية الطفل في المواد المدرسية التي واجه فيها صعوبة خلال الفصل المدرسي. وفي المقابل يواجه الأهل صعوبة في إلزام طفلهم ذي المستوى الأكاديمي الضعيف القيام بفروض العطلة الصيفية، والسبب بحسب الاختصاصيين أن أكثر التلامذة من هذه الفئة يعتمدون في شكل مطلق على أمّهاتهم. فنجاح التلميذ يعني نجاح الأم، فهو لم يعتد على أن يكون مسؤولاً عن واجباته المدرسية، لذا يمكن الأم أن تجد في الفروض الصيفية فرصة لتعويد الطفل على الاعتماد على نفسه.
ويحّذر الاختصاصيون  من تأجيل العمل في فروض العطلة الصيفية إلى أسبوع قبل العودة إلى المدرسة لا ينفع لأن الهدف من هذه الفروض تربوي شامل أكثر منه أكاديمي، فالمدرسة تنصح بهذه الفروض ليعمل الطفل طوال الصيف ويحافظ على معلوماته الأكاديمية. كما أن تأجيلها إلى نهاية الصيف يكسب الطفل عادة سيئة وهي أنه يصبح ممن يؤجلون أعمالهم للحظة الأخيرة، مما يؤثر سلباً في أدائه الأكاديمي والعملي في المستقبل. أما إذا كان الأهل لا يجدون فائدة من فروض العطلة الصيفية لأنهم يوفّرون لأبنائهم كل الوسائل التربوية والتثقيفية التي تساعد على بلورة فكر الطفل وتطوير ذكائه، فلا مشكلة.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078