تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الصيف الجميل وحرارة الرسوب عند التلميذ

«وداعاً للفروض المدرسية والاستيقاظ والنوم الباكرين»،«كم جميل أن أمضي كل يومي في اللعب». تتردد هذه العبارات على مسمعي جاد  من أخوته أو أصدقائه، فيشعر بالقهر، لأن حرارة الرسوب سوف تلسعه وحده بينما يبرّد أصدقاؤه وأخوته حرارة النجاح باللعب على الشاطئ أو الذهاب إلى مخيم صيفي جبلي. وهو عليه أن يدرس!

من المعلوم أن معظم التلامذة ينتظرون العطلة الصيفية بفارغ الصبر خصوصاً أنها طويلة، وهي من أجمل الإجازات بالنسبة إليهم فالطقس جميل واليوم طويل. بيد أن الاستمتاع بعطلة الصيف يعتمد على علامات آخر السنة الدراسية التي تحدد ما إذا كانت ممتعة أم لا. يرى التربويون أنه لا يمكن اعتبار رسوب التلميذ أمراً مفاجئاً بالنسبة إلى الأهل، فهم من المفروض أنهم توقّعوا ذلك من خلال أدائه طوال العام المدرسي. ورغم ذلك يشكّل الرسوب بالنسبة إلى الأهل والتلميذ صدمة. فالتلميذ سوف يدرك أنه سيعيد صفّه، وأنه لن يكون مع زملائه السنة المقبلة، مما يشعره بالحزن والتوتر. لذا من الضروري أن يدرك الأهل أن مسألة الرسوب تخيف ابنهم مما قد يسبب له إحباطاً. صحيح أن الأهل سيشعرون بالحزن ولكن ليس بالدرجة نفسها لدى التلميذ.


عن مشكلة الرسوب الأهل يسألون والاختصاصيون يجيبون

هل يجدر بالأهل معاقبة ابنهم الراسب؟
من الطبيعي أن يكون رد فعل الأهل الأول هو التفكير في معاقبة ابنهم الراسب شرط يكون العقاب مناسبًا لسنه ومرتبطًا بالدرس. مثلاً من الضروري أن يجرّب الأهل وضع جدول عمل يطبقه التلميذ خلال الأسبوع، ومن المفضل أن يكون مقتصراً على أيام الأسبوع من الاثنين إلى الجمعة أي أن تكون العطلة الأسبوعية فترة راحة بالنسبة إلى الطفل. ويجب تنظيم الوقت بطريقة تناسب الأهل من دون أن يكون على حساب أعمالهم، وفي الوقت نفسه على الطفل أن يدرك أنه بسبب تقصيره خلال السنة مضطر ليدرس خلال الصيف زيادة عن أترابه. وفي المقابل على الأهل أن يفسّروا له بكل هدوء:" أنت رسبت لأنك قصرت في دراستك خلال السنة عن قصد أو عن غير قصد. ومهما يكن من أمر، من واجبك اليوم أن تقوي مهاراتك لذا عليك التمرّن وتكريس الوقت الكافي. ومن الضروري أخذ رأيه في تنظيم الوقت، ولكن في النهاية يجب أن يعود القرار إلى الأهل. وكل ذلك يكون من دون حرمانه من النشاطات الأخرى الترفيهية.

يميل بعض الأهل إلى المقارنة بين ابنهم الناجح وابنهم الراسب، ظنًا منهم أنهم يحفزون الثاني على الدرس. فهل هذا الأسلوب صحيح؟ 
الرسوب وحده يكون درساً بالنسبة إلى الطفل يتعلّمه طوال حياته مهما كانت سنّه. فهو سوف يدرك بمجرد أن يعود إلى المدرسة أنه ليس مع أصدقائه ويقارن بين ما كان عليه وما أصبح. إذاً من الناحية التربوية تكون الرسالة التي يريد الأهل أن يبعثوها إلى ابنهم قد وصلت. والمقارنة ستزيد توتره وشعوره بالإحباط.  لذا لا يجوز أبداً المقارنة بين الابن الناجح والابن الراسب، فهذا سيجعل الناجح يستغل إشادة أهله به ويتعامل معهم على أساس أنه ناجح ويحق له أن يفعل ما يشاء، كأن ينام في وقت متأخر ويمضي ساعات طويلة أمام الكمبيوتر أو التلفزيون... مما يستفز أخاه الراسب الذي يشعر بالغبن واللامساوة فيبدأ بالاعتراض وينشب الشجار بينه وبين أهله وتتردد على لسانه "لمَ عليّ أن أدرس وأخي لا"! إذًا من الضروري ألا يقارن الأهل بين الأخوة لأن ذلك قد يسبب غيرة بين الأبناء. على العكس يمكن أن يطلبوا منهم مساعدة أخيهم. أي أن يكون هناك تضامن جماعي، وهذه تكون فرصة لتعزيز اللحمة بين الأبناء.

كيف يمكن الأهل مساعدة ابنهم الراسب على تخطي الشعور بالفشل؟
من الطبيعي أن يشعر الطفل الراسب بخيبة أمل، ومن الممكن أن تؤدي هذه التجربة إلى صعاب نفسية منها فقدان ثقته بنفسه. لذا لا يجوز أن يذكّره الأهل برسوبه كل يوم. بل من الضروري مساعدته على تخطي تجربة الفشل. كأن يشرح له الأهل أن الرسوب تجربة في الحياة ويجب أن يتعلّم منها لأنها ليست النهاية، ويمكن أن يعطوه مثلاً عن فشل مروا به، وكيف استطاعوا أن يتخطوه، ولكي ينهض من جديد عليه أن يتسلح بالعلم، والمدرسة هي الوسيلة الصحيحة للتحصيل العلمي.

أحيانًا يتجنب التلميذ الراسب زيارة صديقه الحميم الناجح، فماذا يفعل الأهل؟
من الضروري أن يشجع الأهل ابنهم  على زيارة صديقه الحميم الناجح واللعب معه، فهو ما تبقّى له من ذكرى جميلة، خصوصاً أنه لن يلتقيه في السنة المقبلة. وإذا قال له هذا الصديق شيئاً جرحه من الضروري تعليمه كيف يدافع عن نفسه. ومن الضروري أن يدافع الأهل عنه وأن يتذكروا أنه ابنهم وهم يحبونه وكل واحد معرّض للرسوب أو الفشل في حياته، وهذا ليس آخر الدنيا.

هل تعيين أستاذ خصوصي خلال الصيف حل مفيد؟
يعود هذا إلى شخصية الطفل، فهناك بعض المدارس لا ترسّب التلميذ شرط أن يتابع دروسًا مكثفة خلال الصيف. وتعيين مدرّس خصوصي يساعده خمسة أيام في الأسبوع وفي شكل متتالٍ قد يصيب الطفل بالملل وعدم الاستيعاب، وقد لا يصل إلى نتيجة، لأنه لن يتواصل مع المدرّس. المهم أن يقتنع التلميذ بضرورة تعيين مدرس يساعده. ومن المهم أيضاً أن يفسر له الأهل سبب تعيين مدرّس، وهذا يكون شخصاً حيادياً. فهناك الكثير من الأهل لا يستطيعون أن يدرّسوا أبناءهم لأنهم غير قادرين و غير صبورين. كما يمكن الأهل الأخذ برأي إدارة المدرسة، فربما لديها شخص يرتاح إليه التلميذ وإلى طريقة تدريسه.

هل من الصواب إخفاء رسوب الطفل عن محيطه أي الأقارب والجيران؟
من الخطأ أن يخفي الأهل رسوب طفلهم أو الادعاء أنه ناجح، لأنهم بذلك يعلّمونه الكذب، وبالتالي يدرك الطفل خجلهم من رسوبه مما يشعره بالدونية وأن أهله لا يحبونه... والكذب يولد الكذب. كما من الضروري ألا يسمحوا للآخرين بلوم الطفل أو تعييره، لأن ذلك يفقد الطفل ثقته بأهله.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080