المخيم الكشفي والمبيت في الطبيعة تجربة فريدة للطفل
«يبدو على رانيا القلق حين سجّلت ابنها كريم 7 سنوات في المخيم الكشفي. فهو لا يزال صغيرًا وتخشى أن يصيبه مكروهًا خلال المخيم خصوصًا أنه سيمضي سبع ليالٍ خارج المنزل وسط الطبيعة».
لا يختلف اثنان على أن من حق الأهل أن يقلقوا إذا قرّروا إرسال طفلهم إلى مخيم كشفي يقام وسط الطبيعة. ولكن في مقابل هذا القلق يرى الاختصاصيون أن المخيم الكشفي يسمح للطفل بخوض تجربة إيجابية، فهو يتيح له فرصة بنّاءة على الصعيدين النفسي والذهني تساعده في المضي قدمًا في طريق تحمل المسؤولية وتدبير شؤونه. ورغم ذلك يجب أن تتوافر الشروط المناسبة والصحيحة التي تجعل من المخيم الكشفي تجربة جميلة يتذكّرها الطفل.
ينصح الاختصاصيون الأهل قبل إرسال طفلهم إلى مخيم كشفي أن يأخذوا في الاعتبار الأمور الآتية:
منح الطفل امتياز التفكير والتعبير عما إذا كان يرغب في الذهاب إلى المخيم أم لا
صحيح أن دفّتي القرارات التربوية وتنظيم نشاطات العطلة الصيفية هما في يد الأهل، ولكن من الأفضل أن يناقشوا قراراتهم مع أبنائهم وإقناعهم بها بدل فرضها عليهم. إذ من غير المجدي أن يضعوا أنفسهم في موقع صراع مع أبنائهم، فهذا يوتر العلاقة بينهم. و الذهاب إلى المخيم الكشفي أحد القرارات التي على الأهل مناقشتها مع ابنهم وإقناعه بها، وعدم فرضها عليه، وإلا سيشعر الطفل بأن أهله، خصوصًا إذا كان الوالدان موظّفين، يريدون التخلص منه لفترة فيما هم يريدون أن يستمتع بعطلته الصيفية، وبذلك يصبح الانفصال عنهم مسألة صعبة.
نصيحة
يرى الاختصاصيون أنه من الضروري أن يختار الأهل مخيمًا ينظم نشاطات يحبها الطفل وتلائم شخصيته. مثلاً هناك مخيّمات تنظم رحلات جوّالة في الطبيعة خلال أسبوع المخيّم مما يتيح للطفل ممارسة رياضة المشي في جو من الاكتشاف والمغامرة، أو يمكن تشجيعه على اختيار مخيم تساعد نشاطاته في تقليص الخجل إذا كان الطفل من نوع الخجول، مثل النشاطات التي ترتكز على اللعب الجماعي أو ممارسة رياضة تتطلب التعامل مع منافسين. ويشير الاختصاصيون إلى ضرورة أن يتحدّث الأهل عن حسنات المخيم، كما في إمكانهم بعد الاطلاع على برنامج المخيم تدريب الطفل على النشاطات التي لم يسبق له القيام بها، وبذلك يصبح مستعدًا لما ينتظره في المخيم بحماسة.
تعويد الطفل على التآلف مع فكرة الانفصال عن أهله
يلفت الاختصاصيون إلى أنه على الأهل أن يحاولوا قدر الإمكان عدم التحدّث إلى الطفل عن موضوع انفصاله عنهم قبل بداية المخيم بفترة وجيزة، تجنبًا لإيقاظ مخاوفه ومخاوفهم أيضًا. ورغم ذلك فإنه يمكن السماح للطفل بأن يعبّر بالكلام عما يشعر به تجاه فترة الانفصال عنهم مما يساعده في تخفيف وطأة مخاوفه. فإذا كان يفكّر في أنه سيشعر بالحزن لحظة تركه في المخيم أو بأنه سيشعر بالوحدة أثناء ذهابه إلى الفراش لأنه اعتاد على المحادثة مع والديه قبل النوم، فإنه بمجرّد أن يتحدث عن هذه الأمور لن يفاجأ عندما تحدث. بعبارة أخرى يصبح مستعدًا لهذا الانفصال ويعرف كيف يواجهه.
نصيحة
يمكن الأم التي تريد إرسال ابنها إلى المخيم أن توفر له بعض الأغراض الخاصة التي يمكنه اللجوء إليها عندما يشعر بالحزن أثناء وجوده في المخيم. مثلاً إعطاؤه «البيلوش» الذي يحبه أو الكتاب الذي اعتاد قراءته قبل النوم أو صورًا للعائلة، كما يمكن أن تسمح له بالنوم عند صديقه ليلة أو ليلتين قبل الذهاب إلى المخيم ليعتادا معًا على الفكرة.
التخفيف من وطأة القلق
يتوقع الأهل أن تحدث أعجوبة نوعًا ما عندما يرسلون طفلهم إلى المخيم الكشفي. فهم ينتظرون أن يعود من هذه التجربة أكثر نضجًا وقدرة على تحمّل المسؤولية وتدبر شؤونه، وتخطي الصعاب التي يواجهها مثل خوفه من العتمة أو الحشرات. وقد تسير الأمور كما يتمناها الأهل، ولكن شرط ألا يتركوه يحمل همّ هذه الأمور وحده. فهو بحاجة إلى أن يدرك أن أهله لا يتجاهلون همومه الصغيرة، ويسمحون له بالتحدث عنها، وبأنهم أخذوا التدابير اللازمة لعدم مواجهته أي مشكلة من هذا النوع.
نصيحة
من الضروري أن يتحدث الأهل إلى المسؤول عن المخيم عن المشكلات التي قد يواجهها ابنهم خلال المخيم خصوصًا في الليل، وما إذا كان في إمكانه أن يضع مصباحه في الخيمة التي ينام فيها. كما على الأهل أن يجيبوا عن كل الأسئلة التي يطرحها ابنهم.
تجنب نقل قلق الأهل إلى الطفل
لا يمكن الطفل الشعور بالأمان إذا كان والداه ينتابهما القلق وإن كانا لا يظهرا ذلك علنًا. فالطفل عندما يشعر بأن والديه خائفان يظن أن خطرًا يحدق به في المخيّم. ويخطئ الوالدان حين يعتقدان أن طفلهما لا يلاحظ قلقهما، فالأطفال عمومًا يستقبلون مشاعر أهلهم الخفية بشكل مباشر، وتؤثر فيهم أكثر مما لو كانوا يعبرون عنها بالكلام، فقد يكون قلق الأهل سببه الخوف من الفراغ الذي يتركه الطفل أثناء غيابه. لذا فإن التعبير عنه عن القلق أفضل ويخفف منه، فيما محاولة إخفائه تجعل الطفل أكثر قلقًا بسبب غموض سلوك أهله.
وينصح الاختصاصيون الأهل بألا يخضعوا للمخاوف غير المنطقية، فالأفكار والظنون الكثيرة تزيد حدة القلق فيما هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، لأن القائمين على المخيم الكشفي عمومًا يتخذون كل التدابير اللازمة لحماية الأطفال وأمنهم. لذا يمكن الأهل أن يسترخوا وأن يتخلصوا من كل الأفكار والظنون السلبية ويتمتعوا بالوقت الذي يمضيه ابنهم في المخيم للخروج والقيام بالنشاطات الاجتماعية كزوجين.
هل يمكن إرسال أبنائي الثلاثة إلى المخيم نفسه
لمَ لا فهذا يجعل من المخيم تجربة فريدة بالنسبة إليهم تساعد في توطيد العلاقة بينهم، ولكن في الوقت نفسه عليك ألا تبالغي في الطلب من الأخ الأكبر الاهتمام بأخويه الصغيرين لأن ذلك يجعله يشعر بالإحباط بسبب تحمله مسؤولية أخويه في الوقت الذي يريد فيه أن يستمتع بنشاطات المخيم. لذا يمكن أن تنصحي أبناءك بأن يهتموا ببعضهم وأن يستمتعوا بالنشاطات المخصصة لكل واحد منهم بحسب سنّه. كما عليك ألا تطلبي من المسؤول عن المخيم أن ينام الثلاثة في خيمة واحدة بل اسمحي لكل منهم بأن يتمتع بالاستقلالية والتواصل مع أقرانه وبناء صداقة معه، وإن كان أخواه موجودين في المخيم نفسه.
أشياء لا يمكن الاستغناء عنها في جعبة الطفل أثناء المخيم
واق للشمس، اطلبي من طفلك أن يتنبه لوضع واق الشمس كل ساعتين، أثناء المخيم كريم مضاد للسع الحشرات مطرة لشرب الماء قبعة تقيه الشمس ملابس داخلية بحسب عدد الأيام التي يمضيها في المخيم فرشاة أسنان ومعجون أسنان، شامبو وصابون حذاءان من النوع الخاص بالمخيم وغالبًا ما يكون عاليًا ليحمي من العشب البري والأشواك، وكعبه ضد التزحلق «تيشرت» قطنية ذات أكمام طويلة تقيه البرد ليلاً، وإذا كانت المنطقة التي سيخيم فيها باردة جدًا في الليل من الأفضل تزويد الطفل سترة سميكة أدوية إذا كان الطفل يعاني حساسية أو مرضًا مزمنًا كالربو مثلاً، وكتابة مواقيت تناولها وإعطاء نسخة عنها للمسؤول عن المخيم إذا نسي الطفل تناولها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024