تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

حواس الطفل الخمس

عندما يأتي المولود إلى الحياة تغمر السعادة الوالدين والأقارب. هذه المخلوق الصغير، الذي يكبر يومًا بعد يوم بشكل سريع. فتبدو عيناه تلتفتان يمنة ويسرة وكأنه يحاول اكتشاف العالم الذي أتى إليه، ويثغثغ حين ترضعه أمه وكأنه يعرف مذاق الحليب، ويهدأ حين تضمه إلى صدره كأن رائحتها عطر لا يضاهى، وينتفض حين يسمع صوتًا قويًا. إنه يستعمل حواسه الخمس بكل ما أوتي حتى يدرك هذا العالم. فكيف تنمو حواس الطفل؟ هل في إمكانه أن يرى ويسمع ويشم ويتذوق ويلمس؟  عن الحواس الخمس تسأل الأمهات ويجيب  الاختصاصيون.

حاسة النظر
يسأل الكثير من الأهل عما إذا كان المولود يرى، بعضهم يقول إنه لا يرى شيئًا وبعضهم الآخر يقول إن المولود يرى الألوان فقط. ويبقى السؤال ما هي الحقيقة الطبية؟ وكيف يتطور نظر الطفل.

- كيف يتطوّر نظر الطفل؟
يؤكد الاختصاصيون أن الطفل يرى منذ الولادة، ولكن حاسة النظر عنده لا تكون كاملة. ورغم أن درجة البصر تكون 1/20 فإن المولود لديه مؤهلات لا يمكن إهمالها، فهو حساس بالنسبة إلى تضاد الألوان، الأبيض والأسود، الأصفر والأزرق...، وقادر على إدراك نظرة والدته ومتابعتها. ويكون نظر الرضيع مركزيًا عندما يوضع وجهًا لوجه أثناء تبادل الحديث معه.

أما مراحل تطور حاسة النظر فهي على الشكل الآتي:
عند الولادة
تكون درجة البصر عند الطفل أثناء الولادة 0،5/10. ولا تكون عيناه بعد قادرتين على معرفة المسافات، ولا يدرك النتوء والألوان، فهو يرى الأشياء حوله بشكل مشوش. فشبكة عينيه لا تحتوي على كمية كافية من المادة الملونة. كما يبدو الرضيع سريع الانبهار.
في الشهر الثاني
يكون الرضيع قادرًا على البحث عن نظرة شخص، ويميز بين الأبيض والأسود، والأحمر والأخضر، وحقل بصره يكون محدودًا بواقع60 سنتمترًا بالطول و60 سنتمترًا بالعرض.
في الشهر الثالث
تكون درجة البصر عند الرضيع 1/10 ويكون قادرًا على معرفة الأشياء المألوفة مثل زجاجة الرضّاعة ودمية «البيلوش». ويدرك الأشياء من مسافة 2 مليمتر إلى 60 سنتمترًا.
في الشهر الرابع
يتوسع حقل بصر الطفل، يلاحق بعينه تنقلات أمه ويميز بين الوجه الضاحك والوجه العابس.
في الشهر السادس
يتطور نظر الطفل، ويكون 2/10. ويرى الأشياء الصغيرة مثل الخيط وفتات الخبز. ويدرك المسافات والصور والنقوش.
في الشهر التاسع
تكون درجة البصر عند الطفل 3/10 ويتوسع حقل بصره في شكل لافت. ويمكن القول إن في استطاعته إدراك الكلمات الموجودة في الكتاب مثل الراشد.
في السنة الأولى
تكون درجة بصر الطفل  4/ 10وبصره البارانومي يشبه بصر الراشدين. ويدرك الاختلاف بين الألوان، ويتطور لديه مفهوم الارتفاع والأعماق ويبدأ المشي.
في السنة الثانية
تكون درجة البصر عند الطفل 6/10 ويدرك بعض الأشياء، ولا يخلط بين الألوان الأساسية.
في السنة الرابعة
يكون نظر الطفل  مكتملاً وتكون درجة بصره 10/10 ويدرك كل الأشكال والأحجام والألوان والمسافات.


حاسة السمع
أثبتت الدراسات أن الجنين في الشهر السابع للحمل وأثناء وجوده في رحم أمه قادر على إصدار رد فعل تجاه أي صوت. ويؤكد الاختصاصيون أنه بين الشهر الخامس والسادس للحمل يكتمل نمو هيكل الأذن الداخلية، وبالتالي يسمع الجنين في رحم أمه الأصوات التي تأتي من العالم الخارجي. وهكذا يتلقى الرضيع الموجات الخفيفة والكلمات البسيطة والمتداولة. فالجنين قادر على تذكر الأصوات ، مثل صوت أمه والألحان الموسيقية.
ولملكة السمع المكتسبة خلال وجود الجنين في رحم الأم دور مهم في التعرّف إلى الأشخاص وخصوصًا الأم. ويملك المولود سمعًا انتقائيًا ويفضّل الأصوات المرتفعة، ويميز الأصوات القوية والحادة والأصوات المألوفة وغير المعتادة، ويستدل إلى مصدر الأصوات وإن اختفت ردات فعله فإنها تعود لاحقًا.
وبعد ذلك تظهر الثغثغة عند الطفل. وتبادل الثغثغة مع والدته والوشوشة في أذنه تؤديان إلى تواصل ما قبل الكلمات، وبالتالي إلى تعديل استقبال طبقة الصوت والنغمات الأساسية في سمع الطفل واكتساب اللغة لاحقًا.

- هل يشبه سمع الطفل سمع الراشد؟
أثبتت الدراسات أن الطفل بدءًا من شهره الثالث قادر على تلقي الأصوات ذات الموجات المتوسطة بالطريقة نفسها التي يتلقّاها الراشد. وهكذا يكتسب الطفل بسرعة لغته الأم. وتصبح اللغة الأم البسيطة الوسيلة المثلى لتعلّمها. وتتطور حاسة السمع وتنمو تبعًا للأصوات المحيطة بالطفل مما يسمح له بالتعرّف إلى العالم المحيط به.
وهكذا يكوّن المولود المساحة الصوتية الأساسية تزامنًا مع نمو شخصيته. وتصبح الأذن وسيلة للاكتشاف، وبناء العلاقات. ويتطور السمع لديه وينضج في سن الخامسة بإدراك الأصوات الحادة، وفي سن العاشرة يدرك الأصوات الهادرة.

- متى على الأم القلق على سمع الطفل؟
يمكن الأم الاستدلال على وجود مشكلة سمع عند الطفل قياسًا بقدرته أو عدم قدرته على التفاعل مع الأصوات القوية والحادة، وملاحظة ما إذا كان يدير رأسه إذا حصل ضجيج ، وإذا كان يثغثغ في شهر الثالث، وإذا كان لديه رد فعل حين تلفظ اسمه في شهره التاسع. فإذا بدا الطفل أنه لا يقوم بكل ردود الفعل هذه، فهذه مؤشرات لأن لديه مشكلة وعلى الأم استشارة طبيب أطفال من أجل تشخيصها، وما إذا كان لديه اضطرابات سمعية، فكلما كان التشخيص مبكرًا تقلص إحتمال حدوث مشكلة سمع تؤثر في نموه.

نصائح لتنبيه حاسة السمع عند الطفل

  • تجنب الأصوات ذات التموجات العميقة مثل الراديو والتلفزيون اللذين يشوشان على الإثارات السمعية الدقيقة مثل صوت الهرة أو العصفور. لذا يكون توفير محيط هادئ صامت مفيدًا جدًا للطفل.
  • تعريض الطفل للأصوات المتناقضة، فمثلاً يمكن الأم أن تعرّضه لصوت الخشخاشة الدقيق ثم تعرّضه لصوت الطبلة القوي.
  • معرفة استعمال الأصوات اليومية التي توفر مروحة من الأصوات غنية ومثيرة للسمع.
  • الغناء للطفل بدل إسماعه موسيقى صادرة من قرص مدمج. فالطفل يكون أكثر تنبهًا لصوت أمه الذي يحبه ويعرفه.
  • القيام بالكثير من الحركات أثناء تحدث الأم أو الغناء لطفلها، كما يمكنها إستعمال تعابير مختلفة لوجهها، وتنغيم صوتها.
  • إتاحة الوقت للطفل ليسمع وبالتالي للتواصل، وعلى الأم أن تعرف كيف تنتظر رد فعله.

حاسة الذوق
يستطيع الجنين التعرف إلى مذاق الطعام في الشهور الأولى للحمل عن طريق سائل الأمنيوتيك لأن عضو الذوق يتكوّن في هذه الفترة. وهكذا فالمذاقات الأربعة الحلو المالح والحامض والمر ليست سرَا بالنسبة إليه. ومع ذلك فهو يفضل المذاق الحلو، فكلما كان سائل الأمنيوتيك حلو المذاق ابتلعه.
يسمح الأساس الجيني للرضيع إما بقبول المذاقات أو رفضها. ويبقى المذاق الحلو مفضلاً لديه لمدة طويلة لأن المذاق المالح يتطور لديه في سن السابعة. ويحتاج الطفل إلى إرشاد لينوّع غذاءه. فالطفل عمومًا يقبل بطريقة عفوية بكمية صغيرة من الطعام الحلو، وبعض الطعام المالح وبعض اللحوم وبعض المأكولات المغذية ذات المذاق الذي لا يعرفه جيدًا. ولكن من الصعب إقناعه بتناول الأغذية الأخرى كالخضر الخضراء والأغذية ذات الطعم الحرّيف أو الأطباق الجديدة.

- لماذا يرفض الطفل تناول الوجبات الجديدة التي لا يعرفها؟
إن الغذاء المفضل عند الطفل خاص بشخصيته ورغبته في اكتشاف مذاقات أخرى. وهكذا فإنه عندما يقطّب وجهه بشكل مستمر أثناء تقديم طبق طعام جديد له ، على الأم ألا تجبره على تناوله فهذا التصرف لن يشجعه على محاولة تناول طبق آخر. فتذوق الأطعمة المختلفة يتطلب من الطفل التغلب على خوف أساسي يتعلق بخطر  إدخال هذه الأطعمة إلى المعدة، وإيجاد حافز لتخطي خوف تذوقها. وللراشدين دور في تهذيب الذوق عند الطفل، فعلى الأم أن تنبه الطفل إلى المذاقات بدل فرضها عليه. لذا عليها أن تمنح طفلها الوقت ليتعرّف إلى الأطعمة الجديدة قبل أن يضعها غصبًا عنه في فمه، بأن يتعرف إلى شكلها ولونها ومظهرها ومكوّناتها.

معلومة مفيدة
تعطي الأعشاب المسببة لدر حليب الأم مثل الكمّون والشمار واليانسون طعمًا طيبًا. وهكذا يصبح للحليب مذاق طيّب مما يحفز الرضيع على الرضاعة وبالتالي يزيد در حليب الأم.

حاسة الشم
يستطيع الجنين التمييز بين الروائح في الشهر السابع من حمل الأم بسبب انتقالها إليه عبر سائل الأمنيوتيك. ويختفي العضو الذي ينقل الروائح السائلة إلى أنف الجنين بعد الولادة مباشرة. ورغم ذلك تحتفظ ذاكرة الدماغ بهذه التجربة، وهكذا فالطفل منذ الولادة يكون لديه روائح مفضّلة. وبسرعة وبعد الولادة يكون قادرًا على استعمال حاسة الشم، ويعرف رائحة أمه خصوصًا التي تفوح من عنقها وثديها. إذ تشكل هذه الرائحة بالنسبة إليه مسألة حياة لأنها تسمح له بالشعور بالراحة والأمان لوجود أمه والاستدلال إلى ثديها والرضاعة. وبعد أقل من 12 ساعة على ولادة الطفل يمكن المولود التعبير عن نفوره من الروائح الكريهة. ويعبر عن اكتفائه عندما تكون الرائحة زكية مثل رائحة أمه أو رائحة الفانيللا أو الموز.

حاسة اللمس
تعتبر حاسة اللمس أولى الحواس التي تظهر عند الجنين. إذ يسمح سائل الأمنيوتيك، حيث يسبح الجنين في رحم أمه، بتلقي مشاعر اللمس بدءًا من الشهر الرابع للحمل، فتكون الرسائل الجلدية هي أولى المعلومات المنتقلة إليه.

اللمس وظيفة وجودية
تعتبر حاسة اللمس الوسيلة الأولى التي يتواصل من خلالها المولود مع العالم الخارجي. فالبشرة العضو الحساس الأكثر تمددًا في الجسم، وتنقل إلى الطفل مثيرات كثيرة. لذا فالطفل منذ لحظة الولادة وبفضل حاسة اللمس يستطيع أن:

  • يستعلم عن الحرارة ونوع القماش الذي يرتديه والمحيط الذي يستقبله.
  • تكوين تواصل مع الأشخاص الذين يحيطون به.
  • إظهار حاجته إلى اللمس ورغبته في أن يلمس.

وينقل التواصل الجسدي والمداعبة والتدليك ردود فعل جسدية وعاطفية تُشعر الطفل بالاسترخاء وتساعد في نموه وشعوره بالراحة. والاحتكاك ببشرته وشعوره بالدفء من المثيرات القوية التي تكفيه حتى يتوقف عن البكاء.


- كيف يمكن تطوير حاسة اللمس لدى الطفل؟
رغم أن حاسة اللمس تكون متطورة جدًا عند الولادة فالطفل في حاجة وبفضل أمه إلى تعلم اللمس من خلال عادات يومية. وهي:

  • احضني طفلك عاريًا بعد الحمام واستعملي منشفة دافئة تضعينها على ظهره.
  • غطيه أو ألبسيه ثيابًا مصنوعة من قماش ناعم وجنّبيه الأقمشة الرطبة والباردة.
  • دلكي طفلك.
  • اتركيه يرتدي لباسه عن طريق الرأس فهكذا يتذكر الأشكال والقماش.
  • دعيه يكتشف مختلف أنواع اللمس بوضعه على الأرض عندما يبدأ المشي. مثلا يكتشف نوع السجاد والبلاستيك والماء الفاتر والماء البارد والحصير.



على
الأم ألا تنسى

  • التفكير في وضع فوطة خاصة بها في سرير الطفل بالقرب منه فهذا يشعره بالراحة والاسترخاء.
  • تجنب تغيير الرائحة والصابون و«لوسيون» الجسم خلال الشهور الأولى، فالتغيير يُفقد الطفل شعوره بالاستقرار.
  • منح الطفل الوقت لاستعمال حاسة الشم عندما تبدئين بتنويع وجباته وتسمحين له بتقديرها أو رفض الروائح المرتبطة بغذائه وبما يحيطه.
  • في عمر السنتين اللعب مع الطفل لعبة الروائح:
  • من خلال الكتب التي تخرج روائح.
  • من خلال الأطعمة الموجودة في المطبخ مثل الخل والزهورات والشوكولا والموز المهروس، على أن يصنّف الطفل ماذا يحب وماذا لا يحب.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078