تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

ما من حب أعظم من حب الأم

«الزوجة الصالحة لأجل النصيحة الرشيدة، والحماة لأجل الاستقبال اللطيف، ولكن لا شيء يضاهي الأم الحنون»
من رواية «آنا كرينينا»، ليون تولستوي (1828- 1910)

هذه العبارة جعلتني أتذكر حادثة حصلت معي شخصيًا، فقد تعرّفت إلى مراهقة حاولت الانتحار، اتصلتُ بوالدتها المنفصلة عن أبيها التي تعيش خارج لبنان مع زوجها، لأعلمها بما يحدث مع ابنتها فلذة كبدها. كان رد فعلها صادمًا، بل يمكن القول إنه نزل عليّ كالصاعقة فإجابتها كانت« ماذا أفعل لها؟ أرسل لها 2000 دولار مصروفًا شهريًا، لم أعد أكترث لمحاولات انتحارها». كيف يمكن أمًا أن تقول كلاما كهذا؟ هل يكفي توفير المأكل والملبس ومصروف الجيب حتى يشب الأبناء بصحة جسدية ونفسية وعقلية ممتازة؟ بالطبع لا. فهذه الفتاة لم يكن يثير غضبها و نقمتها على الحياة سوى إهمال والدتها لها رغم أن معاملة والدها ليست أفضل. ولكنها لم تكف يومًا عن لوم أمها. وما محاولات الانتحار المتكررة سوى صرخة ابنة تقول لأمها أنقذيني. فحنان الأم وعاطفتها هما الغذاء الروحي للأبناء الذي لا يقدّر بمال، ولا يعوض عنهما أحد أو شيء. كم مرّة قرأنا وسمعنا عن عظماء في التاريخ كان لأمهاتهم الدور الأكبر والأساس في تكوين شخصياتهم رغم أن بعضهم كان من طبقة فقيرة، بل معدمة.
محظوظ الطفل الذي لديه أم حنونة وحازمة في الوقت نفسه، يحترمها و لا يخاف منها، يلجأ إليها في السراء والضرّاء، ويطلب نصيحتها، حتى إن لم تكن تعيش معه في المنزل نفسه.
لا ألوم هذين الزوجين لأنهما انفصلا، بل لأنهما تخليا عن وظيفتهما الأبوية التي يحلم بالحصول عليها كل أزواج الأرض. وإذا كان الطلاق آخر الحلول التي يلجأ إليها الزوجان بغض النظر عن أسبابه، فإن الخاسر الوحيد هو الأبناء. فقد أظهرت الدراسات النفسية أن النسبة الغالبة من الأحداث الجانحين ينتمون إلى أسر مفككة. لذا فعند حدوث الطلاق يجب أن يكون هناك مستوى من الوعي عند الوالدين. فالأم وإن كانت معنفة ومظلومة من زوجها لن تستفيد شيئاً إذا أوغرت صدور أبنائها بالحقد على والدهم. كذلك بالنسبة إلى الأب. فيا أيها الآباء المطلقّون، لا تشتروا حب أبنائكم بالمال والهدايا، بل امنحوهم الحب والعاطفة اللذين حباكم بهما الله وفكّروا أن لحظة سعادة تمنحونها لأبنائكم هي أغلى ما يحصلون عليه في حياتهم، فهما الجناحان اللذان يساعدانهم على التحليق و الصمود حتى في أقوى العواصف النفسية والاجتماعية.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077