تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

التعليم، تجربة سعيدة للطفل

«يجب أن يكون التعليم تجربة سعيدة للطفل، تنمّي قدراته نحو حياة أفضل، وتعتني بصحته وخلقه وذكائه وقدرته على التفكير».
من رواية «إميل» جان جاك روسو ١٧١٢- ١٧٧٨

هذه العبارة  لجان جاك روسو  مأخوذة من روايته الشهيرة «إميل» أو «التربية» التي كتبها قبل حوالي أربعة قرون. وإميل بطل الرواية فتى افترض روسو أنه توّلى تربيته منذ ولادته إلى أن أصبح رجلاً، معتمدًا قواعد تربوية جديدة وغير معهودة في ذلك الزمان. فشرح روسو طبيعة الطفل والتربية التي على الأهل والمعلّمين اتباعها  لتنشئته، مع الاحتفاظ بفكرة انه يجب فهم طبيعة الطفل واتباع نمطه ومراقبة سلوكه حتى ينمو ويتطوّر في شكل سليم.

ونحن اليوم عندما نتأمل في هذا العبارة التي هي في صميم المنظومة التربوية الحديثة، علينا أن نفكّر في ما إذا كان التعليم يشكّل فعلاً تجربة سعيدة بالنسبة إلى أبنائنا. فالتعليم لا يقتصر على ما بين جدران المدرسة و دروس القواعد والتاريخ والجغرافيا وحل المسائل الرياضية والفيزيائية، وإجبار أبنائنا بالتي هي أحسن أو بالقوة على حفظها،  بل الحياة في ذاتها مدرسة كبيرة أروقتها تنقلنا من مراحل الطفولة والمراهقة إلى سن الرشد، فإما أن نعبرها بسلام وسعادة أو أن تتحول إلى تجارب سيئة تعيش في لا وعينا وتؤثر في سلوكنا الاجتماعي والإنساني.

فلنعلّم أبناءنا قراءة التاريخ وفهمه لا حفظه بصمًا، ونبيّن لهم العلاقة بين النظريات الرياضية المجرّدة و الواقع الملموس. فكم جميل أن ترى طفلاً يتباهى بنجاح التجربة الفيزيائية البسيطة التي قام بها مطبقّا النظرية العلمية التي تعلّمها في الصف! وكم جميل أن يفهم الأهل طبيعة ابنهم ونمط تفكيره ويحترموه ويعملوا على تقوية قدراته. فإذا سأل يحاولون إجابته، وليس معيبًا أن يعرضوا عليه اكتشاف الجواب معه إذا لم يكونوا على دراية به. ولا يعاقبونه إذا اعترف بخطئه، ولا يهينونه بسبب حماقة ارتكبها، وكم هو طفل سعيد ذلك الذي يعيش في كنف أم وأب يتشاركان في وضع القوانين المنزلية ولا يحاول أحدهما التقليل من شأن الآخر. وكم هو رائع أن نعلّم الطفل الصدق بألا نكذب، واحترام الذات والآخر والقوانين بتطبيق هذه القاعدة على أنفسنا. أن نسمح له باللعب فهو أبسط حقوقه، أن نشجعه على ممارسة هوايته المفضّلة سواء كانت رياضية أم موسيقية أم حتى هواية تجميع أصداف البحر. أن نعلّمه كيف يعتذر بأن نعتذر له إذا أخطأنا في حقه. وأخيرًا على الأهل ألا يحمّلوا أبناءهم ما لا طاقة لهم فيه.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077