تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الصعاب التي يواجهها الطفل

«لا تسعوا إلى تجنيب أطفالكم مواجهة صعاب الحياة، بل علّموهم كيف يتخطونها»
لويس باستور (١٨٢٢-١٨٩٥)

عندما قرأت هذه العبارة للعالم الفرنسي، فكّرت أنه من المؤكد أن الصعاب التي يواجهها الطفل ليست الأزمة الاقتصادية العالمية، أو انخفاض أسهم الشركات أو مشكلات البطالة...
واستحضرني مشهد أم تصرّ على إلباس طفلها الصغير ثيابه رغم أنه يريد أن يرتديها وحده، وأب يركّب لعبة الليغو بدلاً من ابنه لأنه لم يعرف كيف ينجزها، وآخر لا يسمح له بركوب الدراجة الهوائية ذات العجلتين لأنه يخاف عليه من السقوط..
ولكن لا لحماية الطفل المفرطة، بل علينا أن نصبر عليه ونعلّمه كيف يواجه المشكلة التي تبدو لنا نحن الراشدين بسيطة ولكنها عويصة بالنسبة إلى الطفل، ونسمح له بالإخفاق مرّة واثنتين وثلاثًا في إنجاز الأمور لأنه من الفشل سيتعلّم، فإذا لم يتألم من السقوط  كيف يتجنبه في المرّة الثانية؟
فربط شريط الحذاء أو ارتداء الكنزة أو تعلّم كيف يجعل جسمه متوازنًا أثناء ركوب الدرّاجة وغير ذلك أولى الصعاب التي يواجهها الطفل في هذا العالم الذي يعيش فيه. فتكثر حركته ويزداد نشاطاً. وإذا مال الأهل  إلى الإكثار من التدخل، وحدّوا حركة طفلهم، بقصد حمايته، أدى الأمر إلى اضطراب في علاقة الطفل مع عالمه.
وفي بعض الحالات تصل الأمور إلى حد خفض قدرة الطفل على التفاعل مع الأشياء المحيطة به ، مع ما يتطلبه ذلك من نشاط ذهني وجسدي واعتماده كلياً على الأهل. وهذا يمهد لأن يصير  الطفل اتكالياً.  لذا عليكم أيها الأهل بدل أن تبالغوا في حماية أطفالكم أن توفّروا لهم المحيط الملائم كي يتمكنوا من تطوير قدراتهم فينفتحوا على هذا العالم الكبير، بحلوه ومرّه. فرتّبوا أثاث المنزل في شكل يسمح لهم بحرية الحركة من دون أن يؤذوا أنفسهم.
لا تتدخّلوا عندما يغضب طفلكم من رفيقه بل علّموه كيف يمكنه حلّ المشكلة معه، ولا تنجزوا الأمور التي في إمكانهم القيام بها.
لا تتدخّلوا قبل أن يطلب أطفالكم مساعدتكم، وإذا تدخلتم عليكم أن تقوموا بدور الشريك لا دور العالمين بكل شيء. واكتفوا بتسهيل الأمور عليهم وليس القيام بها عوضاً عنهم.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077