أيتها الأم لا تهملي فطور طفلك
ينصب اهتمام الأم، خلال العام الدراسي على الواجبات المدرسية وضرورة إنجازها ليصل أبناؤها إلى بر النجاح، وفي الوقت نفسه يشكّل نوع وجبة الغداء التي عليها تحضيرها همًّا بالنسبة إليها. فغالبًا ما نسمع أمًّا تقول: «لا أعرف ماذا أطبخ اليوم، فرامي لا يحب المحشي، ودنيا تفضّل البطاطا المقلية على طبق اليخنة، وجاد يرغب في المعكرونة، ولا يمكنني أن أجبر أحدًَا منهم على تناول ما لا يحبّه وإلا لن يأكل، وهم في حاجة إلى الغذاء الذي يمنحهم الطاقة والتركيز على الدرس». رغم ما تظهره الدراسات الطبية أن نسبة زيادة الوزن عند الأطفال قد ارتفعت بشكل هائل بسبب تناول الوجبات السريعة الغنية بالدهون المشبّعة والوحدات الحرارية، وقلّة الحركة عند الأطفال الذين بات معظمهم يفضّلون الجلوس إلى الكمبيوتر على القيام بنشاط رياضي، فإن هذا السلوك الغذائي والجسدي لا يزال صفة عامة عند الأطفال والمراهقين، وغالبًا ما يخضع الأهل لرغبات أبنائهم في تناول هذا النوع من الأغذية رغم إدراكهم أخطارها الصحية.
«لها» التقت الإختصاصية في التغذية لانا فايد عريسي التي تحدّثت عن أهمية الغذاء في حياة الطفل والمراهق والأخطار التي تنتج عن تناول الأغذية المشبّعة بالدهون.
في البداية تقول عريسي:« يؤدي تناول الأطفال الأغذية المشبّعة بالدهون إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول لا سيما السيئ LDL في الدم مما يزيد نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين في سن مبكرة. فيما تؤثر قلة تناول الطفل كميات كافية من الكالسيوم وقلة الحركة سلبًا في نمو الهيكل العظمي مما يهدد بالإصابة بترقق العظام في فترة لاحقة من العمر. كما أن لنقص الحديد في غذاء الطفل والمراهق آثارًا سلبية في النمو الجسدي والعقلي. لذلك أنصح بالتركيز على تناول الغذاء الغني بالحديد خصوصًا اللحوم والدجاج، إضافة إلى الإكثار من تناول الخضار مثل الملوخية والسبانخ وإضافة عصير الحامض إليها لتعزيز امتصاص الحديد النباتي منها.
أما رقائق الذرة المدعّمة بالحديد إذا كان يحبها الطفل فأنصح بعدم الإكثار منها أو تناول جرعات إضافية من هذا المعدن بعد استشارة الطبيب.
وإضافة إلى الكالسيوم والحديد فإن للألياف دورًا كبيرًا في محاربة أمراض مزمنة منها أمراض القلب والسمنة المفرطة والسكري وبعض أنواع أمراض السرطان فضلاً عن أن الوجبات الغنية بالألياف تكون عادة قليلة الدهون.لذا فإن اتباع عادات غذائية جيدة، وممارسة نشاطات رياضية يؤديان إلى نمو الطفل جسديًا وعقليًا في شكل سليم». وتنصح الاختصاصية باتباع الهرم الغذائي في تحضير الوجبات الغذائية:
الهرم الغذائي
يقسّم الهرم الغذائي الحصص الغذائية تبعًا لحاجات الطفل على النحو الآتي:
الحبوب
تحتوي الحبوب على الكاربوهيدرات وبعض البروتينات وتوفر الطاقة اللازمة للجسم، فضلا عن أنها تحتوي على فيتامينات ومعادن. لذا ينصح اختصاصيو التغذية بتعويد الطفل على تناول هذا النوع من الطعام شرط أن تكون مكوّنة من القمح الكامل لاحتوائه على الألياف الغذائية الضرورية والفيتامينات والمعادن الضرورية للنمو.
الفاكهة
الفاكهة ضرورية جدًّا للطفل، فهي تحتوي على الفيتامينات مثل A و C والفوليك أسيد والألياف. ويجب الإشارة إلى أن الكثير من الأمهات يقدّمن العصير لأطفالهن بشكل عشوائي. لذا من الأفضل إبدال العصير بثمرة فاكهة لأنها أغنى بالألياف وفيتامين C. ويجب تقديم العصير مباشرة بعد عصره لأنه يفقد مكوّناته الغذائية خاصة الفيتامين C إذا حفظ لمدة اكثر من ساعة. وإذا لم يكن في الإمكان الحصول على عصير طازج واختارت الأم عصيرًا معلّبًا فإن عليها اختيار النوع غير المحلّى بالسكر.
الخضار
يجب تناول ثلاث حصص خضار يوميًا، فهي تجنب الطفل النقص في الفيتامينات والمعادن والألياف التي تسهل عملية الهضم، بالإضافة إلى أنها افضل طريقة لإشباع الطفل بأقل سعرات حرارية ممكنة إذا أردنا إنقاص الوزن. هنا لا بدّ من الإشارة إلى ضرورة اهتمام الأم بطريقة الطبخ والتخفيف من المواد الدهنية حتى لو كانت تطبخ بالزيت.
الحليب
الحليب ضروري جدًا للطفل والمراهق على حد سواء نظرًا إلى احتوائه على الكالسيوم الضروري لنمو العظام وصحة الأسنان. يحتاج الطفل إلى ثلاثة أكواب حليب يوميًا على أن يكون من النوع الغني بالكالسيوم والمدعّم بالفيتامينات. والاستراتيجية الذكية لتقليل الدهون هي في اختيار الحليب القليل الدسم للطفل بين السنتين والست سنوات والخالي من الدسم بين الست سنوات وست عشرة سنة، خصوصًا إذا كان الطفل يعاني زيادة وزن، و الانتباه إلى أن الحليب يجب أن يكون مدعّمًا بفيتامين D. كما يستحسن اختيار الألبان والأجبان القليلة الدسم وتجنب الصفراء منها رغم أنها تحتوي على كمية كالسيوم أعلى من الأجبان البيضاء لأنها عالية بالوحدات الحرارية وتحتوي على مواد دهنية مشبعة تسبب زيادة الكوليسترول، لذلك وجب التنويه خاصة بحالات زيادة الوزن عند الطفل .
والجدير بالذكر أن العديد من الدراسات أثبتت أن شرب الحليب في سن صغيرة يصبح عادة تلازم الإنسان مدى حياته. لذا فإن إدخال الحليب ومشتقاته في الوجبات الغذائية الأساسية مثل طبق الكبّة باللبن أو الكوسى باللبن، أو تشجيع الطفل على تناول اللبن بالفواكه والحلويات الغنية بالحليب القليل بالدسم، أمر مهم للغاية.
اللحوم
تحتوي اللحوم على نسبة عالية من البروتينات الضرورية لتكوين العضلات والعظام، وتعتبر افضل مصدر للحديد، لذا يجب ألا يقل تناول اللحم عن حصتين في الأسبوع على أن تتراوح كمية الحصة بين ٦٠ و ٩٠ غرامًا . و لابدّ من التذكير دائمًا بأهمية الطهو بأقل كمية ممكنة من الزيت الممكنة.
كما يفضّل تناول لحم العجل الهبر بدلاً من لحم الغنم الذي يحتوي على كمية أكبر من الدهون المشبعة المسببة للكوليسترول وأمراض الشرايين.
الدجاج
عند تناول الدجاج تنصح اختصاصية التغذية بضرورة اختيار الصدر بدلاً من الفخذ ونزع الجلد عنه، لأن جلد الدجاج يحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبّعة مما يسبب ارتفاع الكوليسترول وتصلب الشرايين.
السمك
السمك هو من أهم أنواع البروتينات التي يمكن تناولها لاحتوائه على اليود إضافة إلى الزيت الأحادي غير المشبع اوميغا ٣ المضاد للأكسدة والمقاوم لعدة أمراض منها تصلب الشرايين. كما أنه يساهم في زيادة الكوليسترول الجيد، ومقاومة الاكتئاب وتفتيح الذهن وتقوية الذاكرة. لذا يجب إضافته إلى قائمة طعام الطفل ثلاث مرّات أسبوعيًا على الأقل.
البيض
يعتبر بياض البيض افضل مصدر للبروتين لذا يجب تناوله ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل (للأطفال الذين ليس لديهم حساسية من هذا الغذاء). ويجدر التذكير بأن صفار البيض هو غذاء غني بالدهون والفيتامينات والكوليسترول، إنما ما يجب معرفته أن تناول الكوليسترول بالكمية المطلوبة لا يزيد نسبة الكوليسترول إنما ما يزيدها هو الدهون المشبعة الموجودة مثلا في الزبدة. لذلك لا تقلى البيضة بالزبدة ومن الأفضل سلقها أو استخدام القليل من زيت الزيتون لقليّها.
الدهون والحلويات
يُنصح الأهل بتجنب تعويد أطفالهم على تناول الحلويات في شكل يومي لأنها تسبب السمنة المفرطة وتسوّس الأسنان، إضافة إلى أمراض عدة منها مرض السكري مثلا.
وتشير عريسي إلى أن اتباع الهرم الغذائي يتطلب اتباع عادات غذائية صحيحة للأهل دور رئيسي في تطبيقها، وتنصح بالإرشادات الآتية
- عدم إجبار الطفل على إنهاء طبقه إذا شعر بالشبع، لأنه يعرف متى يتوقف عن الأكل. فإرغامه يؤدي إلى تعويده على تناول كميات إضافية من الطعام لا يحتاجها جسمه مما يجعله يكسب وزنًا زائدًا.
- تجنيب الطفل تناول المشروبات الغازية الغنية بالسكر إذ يحتوي كل كوب من المشروبات الغازية على ما يقارب ١٠ ملاعق سكر، فضلاً عن الأحماض المؤذية للأسنان والامعاء والعظام.
- تجنب تناول الوجبات السريعة مثل الهامبرغر والدجاج المقلي والبطاطا المقلية. فهذا النوع من الوجبات يكون غنيًا بالوحدات الحرارية وفي الوقت نفسه يحتوي على نسبة عالية من الدهون لا سيّما المشبعة المسببة لانسداد الشرايين حتى عند الأطفال.
- السماح للطفل بمشاركة الأم تحضير الطعام فهذا نشاط يحبه كل الأطفال، خصوصًا عندما تفسر الأم لطفلها أثناء تحضيرها مثلا السلطة فائدة كل عنصر فيها كأن تقول له البندورة (الطماطم) ضد الأكسدة، والجزر للعيون B-Carotene، الخس الأخضر مفيد لزيادة النشاط، والفطر يحتوي على أسيد الفوليك...
- عدم توفير الحلوى و«التشيبس» (رقائق البطاطا) في المنزل بشكل دائم بحيث يمكن الطفل أن يتناولها ساعة يشاء، بل جعل تناولها يقتصر على المناسبات والنزهات. ويمكن الاستعاضة عن الآيس كريم الدسم بالآيس كريم القليل الدسم ورقائق الذرة الكورن فليكس.
وتؤكد الاختصاصية ضرورة أن يتناول التلميذ وجبة الفطور قبل ذهابه إلى المدرسة، فقد أكدت الدراسات أن أداء التلامذة الذين يتناولون فطورهم قبل ذهابهم إلى المدرسة يكون أفضل بكثير من أولئك الذين يغادرون المنزل من دون أن يتناولوا وجبة الفطور.
وتنصح عريسي الأم بتوفير «سناك» الفطور في المدرسة عبر وضعه في حقيبة طفلها:
- خبز أسمر ٣٠ غرامًا أو نصف رغيف مع اللبنة أو الجبنة القليلة الدسم
- أو نصف منقوشة جبنة مرة واحدة في الأسبوع إذا كانت الجبنة كاملة الدسم
- أو قطعة بيتزا صغيرة.
- تجنب اعتماد اللحوم المعلبة أو المصنعة كالمورتديلا ( لاحتوائها على كمية أملاح عالية توضع لحفظها كما أنها عالية بالدهون لاسيما المشبعة) أو العالية بالدسم كالنقانق في السندويشات. والاستعاضة عنها بصدر من الدجاج المشوي في الرغيف.
- أو قطعة لحم بعجين صغيرة بالإضافة إلى نصف كوب من اللبن قليل الدسم
- «كرا كوت» مع جبنة قابلة للدهن والأفضل اختيار النوع قليل الدسم.
- أو إذا أصر الطفل على إختيار الكورن فليكس المدعّم بالكالسيوم والحديد، والأفضل التقليل من الكورن فليكس بالشوكولا واختيار النوع القليل السكر.
- يمكن إدخال المشروبات (إضافة إلى المياه) مثل لبن عيران، عصير طازج.
- من المهم جدا أن توفر الأم يومياً علبة من الخيار المقطع أو رأس البندروة المقطع صغير،جزر مقطع مع قليل من عصير الحامض، تفاحة أو إجاصة أو أي نوع من الفاكهة الموسمية، وذلك لتعويض الطفل عن السناك الشائع في المدارس مثل «الشيبس» الخ...
وأخيرًا تشدد عريسي على ضرورة قيام الطفل بنشاط رياضي لمدة ساعة يومياً، فالحركة الجسدية ضرورية لتحقيق وزن صحي وتوازن نفسي وتمنح كثافة عظام مقبولة. فقد أظهرت الأبحاث الطبية أن زيادة الوزن عند الأطفال مرتبطة يشكل وثيق بعدد الساعات التي يمضونها أمام التلفزيون أو الكمبيوتر. لذا تنصح الإختصاصية الأهل بعدم وضع تلفزيون في غرفة الطفل، وتحديد وقت الجلوس إليهما بساعتين موزعتين بين التلفزيون والكمبيوتر.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024