"المخلل" سيد الموائد في البيوت وسم قاتل في المعامل
الخيار، اللفت، الباذنجان، الارنبيط، الشمندر، الجزر، الملفوف، الفليفلة، وربما غيرها ايضاً، هي خضروات يمكن "كبسها" لتحمل إسم "مكبوس" (او "مكدوس" لدى البعض)، ثم تكدس في أوعية زجاجية (مراطبين)، وبكمية قليلة من الملح الصخري والسكر والثوم والماء المغلي تتحول إلى مخلل غني بفيتامين "ج"، وتقدم كمقبلات شهية ومرغوبة الى جانب معظم أصناف الأطعمة على الموائد العربية بدل الخضار الطازجة.
هبة دنش
شيء من التاريخ
تقول روايات إن المستكشف كريستوف كولومبوس كان يكثر خلال رحلته الكبرى لاكتشاف العالم الجديد، من إحضار كمية كبيرة من الخيار المخلل لطاقم البحارة الخاص به، ممن يعانون نقص فيتامين "سي" في الجسم. وقد ادرجته الملكة كليوباترا ضمن نظامها الغذائي، واستخدمه عشيقها القيصر بإعطائه لقوات جيشه، واجبرهم على تناوله، فيما كان يذهب نحو 40 في المئة من الانتاج الوطني الأميركي من الخيار المخلل إلى صالح الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كانوا يعتقدون أن المخلل سيعطيهم القوة والعنفوان.
الطريقة
تشرح ماجدة طريقتها في صنع المخلل: بعد غسل الخضار، وبحسب أنواعها، تقوم بتقشير (اللفت، الشمندر..) أو تقطيعه إلى دوائر ومكعبات (الجزر، باذنجان..)، أو تقسمه الى أزهار صغيرة (زهرة القرنبيط)، ثم توضع الخضروات في قدر، ويضاف إليها الماء المغلي وتترك مدة 5 دقائق، ثم تصفى الخضار جيدا.
وفي وعاء كبير، توضع كمية الملح والسكر وتغمر بالماء المغلي، وتحرك الى أن يذوب الملح "الخشن" والسكر. وفي مرطبانات ضغط يوضع فص من الثوم في القعر، ثم يصفى فوق الخضار ماء الملح المغلي، بحيث يعلو عن سطح الخضار بثلاثة سنتيمترات. وتكدس الخضروات المكبوسة في المراطبين، لمدة عشرة أيام تقريبا. وبطعمها اللذيذ واللاذع، تستعمل لاحقا في لفائف الشاورما أو الفلافل، والى جانب الأطباق التي تحتوي على العدس والحمص والفول والفتة وأطباق البندورة.
فوائد ومضار
تشير الدراسات إلى أن تناول الصوديوم والأطعمة الغنيّة به مثل المخللات يساهم في رفع الضغط الدموي الشرياني. ويقول الدكتور جميل القدسي: "للمخلل فوائد كثيرة، فهو يوفر للجسم الفيتامينات الأساسية، ويمنع عنه الدهون المشبعة التي تضر بالصحة الجسدية، ويعيد توازن البكتيريا الموجودة في الأمعاء بشكل ممتاز. الا أن وجود ملح الصوديوم في المُخلل، يعمل على رفع الضغط بشكل زائد".
أما الطبقة البيضاء التي تتكون على سطح المخلل، فهي بكتيريا نافعة، لأنها تتغذى على السكر الموجود في الخضار وتحلله وتحوله الى حمض. لذلك فأن الخضراوات المخللة لا تحتاج إلى الخل لتكتسب النكهة الحامضة، كما نعتقد. فهي تنتج "حامض اللاكتيك" ذاتياً، والمعروف عنه إنه يعالج نزيف اللثة. ولمنع تكون الطبقة البيضاء على سطح المخللات المنزلية تنصح الخبيرات بصنع المخللات بغلي الماء المضاف إليه ملح، وبعد أن يبرد يضاف إلى وعاء المخلل، مع التأكد أن جميع الثمار مغمورة في المحلول الملحي.
نصائح
تقدم آمنة (ربة منزل) ثلاث نصائح في تحضير المخلل الناجح في المنزل بدلا من شرائه جاهزا: "صناعة المخللات تحتاج الى نظافة، لأن أي قطرة زيت أو أوساخ يمكن أن تفسد الخضار المكبوسة وتجعلها غير صالحة للأكل. ثانيا: يجب أن يكون الملح خشنا صخرياً والا سيصبح المخلل طريا ولزجا. ثالثا: أن نحكم إغلاق الوعاء الزجاجي للمخلل، وندعه في مكان دافئ الى أن ينضج لمدة تتراوح ما بين أسبوعين الى ثلاثة أسابيع".
سوء تخزين
يخزن بعض أصحاب معامل الكبيس والمخللات خضارهم المكبوسة في معامل لا تتوافر فيها الشروط الصحية فيها، ويعبئون منتجاتهم في براميل بلاستيكية غير مطابقة، يأكل الصدأ أطراف أغطيتها، بدلا من استخدام أخرى مخصصة للمواد الغذائية.
وتقول الدكتورة إحسان حيدر: "إن تفاعل الصدأ الموجود على الأغطية مع فوران الملح والخل ينتج موادا سرطانية. وهناك من يضيف ألواناً صناعية غير صحية لتلوين المخلل (صبغة ملابس)، بالإضافة الى مواد كيميائية أخرى تسرع إنضاجه، ما يسبب تسمما غذائيا وأمراضا قاتلة للمستهلك".
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024