طفلك والحضانة
تعتبر الحضانة المكان الأمثل الذي تطمئن إليه الأم الموظّفة لترك طفلها في رعايته. فهي المكان الآمن الذي يساعد الطفل في اكتشاف العالم حوله ويطوّر قدراته الاجتماعية ويعتاد التآلف مع الآخرين لا سيّما أقرانه. ويشكّل الدخول إلى الحضانة للمرة الأولى مرحلة مهمة بالنسبة إلى الطفل ووالديه على حد سواء.
هذه ثمانية أسرار تجعل طفلك يطمئن لدخوله إلى الحضانة:
التحضير لدخول الحضانة واستباق الانفصال: الدخول إلى الحضانة بالنسبة إلى الطفل يعني تمضية النهار من دون والديه. وهذه مرحلة صعبة يمكن الوالدين استباقها بأن يعهدا إلى الجدة أو الخالة أو إحدى الصديقات الاهتمام به في الفترة السابقة لإرساله إلى الحضانة. وهكذا يعتاد الطفل على وجود أشخاص آخرين غير الوالدين يهتمون به، مما يسهّل لحظات الانفصال. وإذا كانت العائلة قد عادت إلى المنزل بعد تمضية إجازة خارج المدينة على الوالدين أن يمنحا الطفل الوقت الكافي ليعود ويتآلف مع المنزل. فهو في حاجة إلى أن يجد نقاط المرجع، قبل أن يجد نفسه في مواجهة محيط جديد عند دخوله إلى الحضانة.
طمأنة الطفل: قبل الدخول إلى الحضانة بأيام على الوالدين أن يشرحا لطفلهما أنهما يذهبان إلى عملهما خلال النهار وأنه خلال هذا الوقت سوف يكون في الحضانة، حيث يوجد أشخاص يهتمون به وحيث يلتقي أقرانًا له. حتى ولو كان لا يزال صغيرًا على فهم ما يعنيه والداه، فإن الطفل يكون حساسًا للرسالة التي يوصلانها إليه. لذا عليهما أن يتحدثا إليه بنبرة صوت تشعره بالأمان كي يفهم أن كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة إليه وإلى والديه في الوقت نفسه.
إيجاد الوقت للحوار: لكي يتكيّف الطفل مع دخوله إلى مكان جديد ويتآلف مع أشخاص جدد بشكل ناجح، على الوالدين أن يدخلا في حوار بنّاء مع المسؤولة عن الحضانة. وتكون فرصة لهما ليطمئن قلبهما إذا كان لديهما أية تساؤلات. مثلا ماذا يفعل الطفل خلال النهار؟ من سيهتم به؟ كيف تتصرف عندما يبكي الطفل... وإخبارها عما يفضله طفلهما وعاداته. فبناء الثقة بين الأهل والمسؤولين عن الحضانة ضروري كي لا يشعروا بالقلق خلال النهار.
مرافقة الطفل خلال الأيام الأولى لدخوله الحضانة: قد يستغرق اندماج الطفل مع الحضانة أسبوعين. وفي بعض الحضانات من الممكن أن يُسمح لأحد الوالدين بأن يرافق الطفل خلال النهار ومشاركته في لحظات خاصة ومميزة كاللعب أو الغداء أو القيلولة... وتتقلص ساعات البقاء مع الطفل يومًا بعد يوم إلى أن يعتاد الطفل تدريجيًا على المحيط الجديد.
عدم نسيان لعبته المفضّلة: يعتبر «البيلوش» بالنسبة إلى الطفل شيئًا أساسيًا ويسمى هذا الغرض في علم النفس شيء انتقالي، فـ"البيلوش" لديه قيمة رمزية وهي الاتحاد مع الأم. ووجود "البيلوش" الدائم مع الطفل يساعده في تحمل ابتعادها عنه. كما تذكره بالمحيط العائلي وتشعره بالطمأنينة عندما يخرج من فلكه العائلي.
عدم إحصاء وقت الوداع: على الأم ألا تستعجل في وداع طفلها أثناء تركه في عهدة الحادقة، بل عليها حضنه والقول له إلى اللقاء وتحديد ساعة عودتها إلى الحضانة لأخذه. حتى وإن لم يكن يفهم جيدًا ما تعنيه، فهو حساس جدًا لما تشعر به. لذا على الأم أو الأب منح لحظة الوداع الوقت الكافي كي لا يشعر الطفل بأن والدته مستعجلة، بل عليها أن تطمئنه بنبرة صوتها، ولكن في الوقت نفسه عليها ألا تبالغ في إطالة لحظات الوداع هذه.
الدقة في المواعيد: على الأب أو الأم العودة في الوقت المحدد إلى الحضانة لأخذ الطفل، فهذا يشكل أمرًا مهمًا بالنسبة إلى الطفل، مما يعزّز ثقته بوالدته أو والده ويسهل لحظات الوداع الصباحية
الاستعداد النفسي للمحيط الذي يتطور فيه الطفل: رغم أن الحضانة غالبًا ما تكون مراقبة فإن الطفل قد يواجه صعابًا كثيرة مثلاً قد يتشاجر مع أحد أترابه على لعبة. وفي المقابل على الأهل ألا يخشوا من هذا النوع من المشكلات الطفولية و النظر إلى الأمور بشكل إيجابي فهذا الانفصال مفيد للطفل لأنه يتعلم أسلوب العيش في المجتمع وبناء صداقات خارج الإطار العائلي.
خلاصة القول: إن الدخول إلى الحضانة هو الانفصال الأول الذي لا يكون التكيف معه سهلا، ولكن الطفل سرعان ما يعتاد عليه، وعلى الوالدين اللذين يبالغان في الاهتمام بطفلهما أن يعتادا الأمر، فمن الصحي أن يتعلم الطفل كيف يتدبر أموره من دونهما ويطور علاقاته مع الآخرين. فضلاً عن أن الحضانة تجربة مهمة جدًا لدخول الطفل إلى المدرسة في المستقبل.
فقدأثبتت الدراسات التربوية والنفسية أن السنوات الأولى للطفل مهمة جداً لنموه النفسي والفكري، وتجربة نوعية جيدة من المهارات التعليمية توفر له أساساً متيناً للنجاح المدرسي في المستقبل ما ينعكس إيجاباً على تطوره الإجتماعي والعاطفي.
فالنظام التربوي في الحضانة يجب أن يطور الثقة عند الطفل وينميها.
ولتعرفي ذلك، تأكدي أن برنامج الحضانة يوفر عناية جيدة وحادقات على مستوى عال من الوعي يسمح لهن بإدراك حاجات كل طفل ومزاجه وتصرفاته ومستوى نموه النفسي.
كما الحضانة الجيدة تساعد على تطوير لغة الطفل، وتنمي عنده الحس الاجتماعي، وتطور قدرته في السيطرة على انفعالاته وتعزز حس المسؤولية لديه، وتنمي روح التعاون من خلال اللعب والعمل الجماعي الذي يقوم به مع أترابه وكذلك قدرته على حل المشكلات التي قد تنشأ بين الأطفال في شكل سليم.
يبدو على طفلتي بعد عودتها من الحضانة الغضب والاستياء. فهي غاضبة من حاضنتها وأترابها. وتصبح هادئة بعد نصف ساعة من تناول الغداء. أرسلها أحياناً إلى غرفتها، وأحياناً أتجاهل سلوكها، وأحياناً أخرى ينتابني الغضب. ما السبب وراء تصرفها؟
من المعروف أن الحضانة عندها قواعد وقوانين تلزم الأطفال التقيد بها. ويبدو أن ابنتك لا تحب التقيد بما يُطلب منها كالتعاون مع أترابها واتباع تعليمات الحاضنة، كالانتباه إلى أغراضها، وربما تتشاجر مع أترابها في الصف. وقد يكون من الصعب على طفلة في سنها التكيف مع كل هذه الأمور. وربما كان أداؤها في الحضانة ممتازاً، ولكن عند عودتها إلى البيت تكون مرهقة وجائعة، فتتصرف بهذا الشكل.
لذا لا ترسليها إلى غرفتها ولا تتجاهليها، وكل ما عليك هو أن تبقي هادئة. وعوضاً عن ذلك اجعليها تعبر عن غضبها بالكلمات، وإذا كانت تصرخ بصوت عالٍ، تحدثي إليها بصوت منخفض وقولي لها مثلاً: «أنت غاضبة بسبب أمر ما قد حدث في الحضانة، معك حق أن تغضبي». ولا تعزليها بل ابقي إلى جانبها واحضنيها وادعيها إلى تناول الغداء. فأنت بذلك تساعدينها على التخلص من المشاعر التي تخرج عن إرادتها، وتمهدين السبيل أمامها كي تعتاد التحكم في مشاعر الغضب أو التذمر عندما لا تكونين إلى جانبها.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024