تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

سامية عمر.. عداءة صومالية ماتت من أجل ميدالية

سامية عمر.. عداءة صومالية ماتت من أجل ميدالية

سخر العالم في أولمبياد بكين عام ٢٠٠٨ من عداءة صومالية تدعى سامية يوسف عمر، بعد انطلاق إشارة بدء سباق ٢٠٠ متر، حيث تخلفت عن باقي منافساتها بمسافة طويلة، وبدت كأنها تجري وحدها.

فتوح شعبان



ولم يكن ذلك فقط ما أثار سخرية العالم ووسائل الإعلام منها، ولكن أيضاً، في الوقت الذي تحيط بها النساء في ملابس من ماركات عالمية، كانت سامية ترتدي طاقمها المكون من البنطال الأسود والقميص الأبيض المتضخم، مع حذاء تبرعت به سيدة سودانية.

الكاتب الصحافي تشارلز روبنسون، قال بعد أن شاهد السباق وأجرى حواراً مع العداءة الصومالية : "تفاعلت كثيراً مع سامية، وحاولت تشجيعها بصرخة كبيرة مني، كنوع من دفعها وتحفيزها".

وجعل ذلك العداءة تشعر بالحرج وقالت إنها كانت تفضل أن يثني على أدائها وإنجازاتها، وتابعت: "رؤية نوعية الرياضيين الآخرين في بكين في ذلك العام، جعلتني أدرك قلة موارد وإمكانات التدريب في بلدي الصومال".

وعلى الرغم من تاريخ البلاد المضطرب، تحرص مقديشو دوماً على التواجد في الألعاب الأولمبية، ولكن كانت ألعاب بكين الأولمبية آخر مشاركة لسامية عمر، التي واجهت في ما بعد قصة مأساوية، تحولت إلى دافع وإلهام لدى الرياضيين في الصومال ليطالبوا بدعم واهتمام أكبر من المسؤولين.

فبعد سخرية العالم منها في بكين، بدأت سامية الاستعداد للأولمبياد المقبلة، وتضاعفت التحديات أمامها، فلم تقتصر على تدريب ضعيف فقط،، ولكن كان عليها أن تتعامل مع نفوذ متزايد لـ"حركة الشباب" المسلحة، التي كانت تسيطر في هذا الوقت على العاصمة مقديشيو.

وقالت زليلى سامو، زميلة سامية في فريق التدريب إن التعامل مع حركة الشباب بالنسبة للرياضيات كان الأصعب، "فالفتاة لا يمكن أن تتدرب، ولا يمكن أن تمشي في الطرقات من دون ملابس ثقيلة".

ولم تحظر حركة الشباب جميع الألعاب الرياضية في المناطق التي تسيطر عليها في جنوب الصومال فحسب، بل ضغطت على الرياضيين للانضمام إلى صفوفها.

ويؤكد العداء الصومالي عبدالله باري، الصديق المقرب من سامية عمر، أنه في الفترة من عام 2008  إلى عام 2011، إذا ارتدى أحدهم ملابس رياضية يمكن لحركة الشباب أن تقول:" لديك وقت فراغ، تعال وحارب معنا ".

وبحلول تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2010، قررت عمر مغادرة الصومال، بعد أن أجبرت على الانتقال إلى مخيم للنازحين خارج العاصمة، وأصبح من الصعب بالنسبة عليها أن تتدرب، وحلمت بإيجاد مدرب في أوروبا. وبحلول أواخر عام 2011 كانت في ليبيا، بعد أن دفعت للمهربين لنقلها عبر إثيوبيا والسودان.

واستقلت عمر قارباً مزدحماً في نيسان (أبريل) من عام 2012، على أمل الوصول إلى إيطاليا والعثور على التدريب الذي تريده. كانت خطة محفوفة بالمخاطر، ولم يكن لها أي صلة بالمدربين المحترفين أو الفرق في أوروبا، وتعرف عدداً قليلاً جداً من الأصدقاء أو العائلة خارج الصومال.

وخرجت سامية مع نحو 70 شخصاً على متن القارب، ولكن سرعان ما نفد الوقود، وانجرف القارب في المياه المفتوحة، وعندما وجدتهم سفينة الإنقاذ الإيطالية، كافح عدد من المهاجرين للإمساك بالحبال التي ألقيت إليهم، ولكن في هذه الفوضى، اختفى كثيرون غرقاً تحت الماء، ومنهم العداءة الصومالية سامية عمر، عن سن يناهز 21 عاماً.

وتجمع بعد رحيل سامية عدد من الرياضيين للمكافحة من أجل ظروف أفضل للرياضة في الصومال. ولكن، حتى الآن، لم يتم بناء مرافق مهنية لاستيعاب الرياضيين في مقديشيو،  وهو أمر له أهمية خاصة بالنسبة للنساء اللواتي يعجزن عن التدريب في الأماكن العامة.

 سئلت سامية عمر خلال مقابلة عن المصاعب التي عانت منها في الصومال، فرفضت الإجابة، وقالت: "نحن الصوماليون لا ننظر إلى الوراء في تلك الأمور، نحن فقط نمضي إلى الامام".
وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الرياضيون في الصومال، والتي كشفتها قصة سامية المأساوية، تتوالى العروض الأوروبية لرعاية وتدريب اللاعبات الصوماليات، لتجنيبهن تلك الرحلات المحفوفة بالمخاطر والتي تنتهي بالموت.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078