«الهيبة» ملحمة شعبية
اتبعَ شكلاً مختلفاً لما يُسمى بالأعمال المشتركة. هو مخرج «الهيبة»، العمل الأكثر نجاحاً في الموسم الماضي، والذي سبق له أن أخرج كلاً من «لو»، «تشيللو»، «نص يوم» و «لعبة الموت». اصبح من أكثر الفنانين والمخرجين تواضعاً وتعاوناً وحضوراً. إنه المخرج سامر برقاوي الذي التقيناه في دمشق، ليحدّثنا عن الجزء الثاني من «الهيبة»، تركيبته، وتحوّله الى ما يشبه الملحمة الشعبية، ويكشف لنا عن أماكن التصوير، وشخوص العمل، وحقيقة المشاركين فيه والمنسحبين منه، ويوضح ما إذا كان العمل تجسيداً لشخصية حقيقية أم أنه عمل بيئة افتراضية، وتفاصيل أخرى نعرفها من خلال هذا الحوار.
- هل تؤيد فكرة بعض صنّاع الدراما والتنبؤ بموسم درامي سيئ بسبب قلّة الأعمال المُنتجة حتى الآن؟
الأحكام المُسبقة لهذا الموسم يجب ألا تكون محبِطة، فلندع الحكم لما بعد الموسم الرمضاني، وأعتقد أننا لا ننتظر هذا الموسم أعمالاً على مستوى الكم بل النوع، وهناك محاولات جادّة لتجاوز الأزمة التسويقية في الدراما السورية، من خلال مجموعة حلول لدى صنّاع الدراما، وثمة أعمال لم تسوَّق العام الماضي سيتم عرضها، مما يزيد من عدد الأعمال المشاركة هذا الموسم. كما أن هناك أعمالاً مبشّرة في الدراما السورية، كمسلسل «الواق واق» لصديقي المخرج الليث حجو، والذي تتبناه شركة إنتاج ضخمة، وقد توافرت لهذا العمل عناصر النجاح المطلوبة.
- هل نحن اليوم بحاجة إلى أعمال جادّة أكثر مما مضى في تاريخ الدراما السورية؟
أنا ضد فكرة تقييم الأعمال بالوزن الفكري الذي تحمله، فنحن في النهاية نتعاطى مع منتج يهدف في الأساس إلى الترفيه، ولا يزال هناك اختلاف في وجهات النظر حول هذا الأمر، وفهم السوق وعملية تسويق المنتج هما من أبرز مشاكلنا، فنحن نعمل اليوم في فترات حساسة، ونوعية المادة قد تُفهم من صنّاع الدراما، لكن نذهب الى أماكن تبدو سوداء، وهذه المواضيع تعتبر محور النقاش.
- لماذا لم ينل عملك «شبابيك» نصيبه من العرض في الموسم الفائت، رغم معالجته مواضيع اجتماعية مهمة؟
لا أعتبر السباق الرمضاني تقييماً للأعمال الدرامية، فهناك أعمال أًصبحت مناسبة للعرض خارج الموسم الرمضاني، وهي التي تعتمد على الحلقات المنفصلة المتصلة، كمسلسل «شبابيك»، و»أهل الغرام» في جزئه الثالث، وجزء من خماسيات «مدرسة الحب»، وتبين أن هذا الظرف هو الأنسب لعرض تلك الأعمال، وقد عُرض مسلسل «شبابيك» على محطة مشفّرة، وهذا يشكّل مردوداً مهماً لمنتج العمل من ناحية التسويق، وهو جزء من الأهداف التي نعمل عليها بالتوازي مع تطلعاتنا الفنية.
ومن ناحية التسويق، لا أعتبر أنه هناك «فيتو» على الأعمال السورية كما يُشاع، ففي مسلسل «شبابيك» قدّمنا وجهة نظر درامية، واستطعنا أن نسوّق العمل على محطة خليجية مشفّرة في هذا الزمن الصعب، حيث يمتد العرض خلال العام إلى أن يُعرض في رمضان أيضاً، وتأخُّر العمل لا يؤثر في جودته، فكم من الأعمال اكتسبت قيمتها من تراكم عرضها، والأمثلة على ذلك كثيرة.
- كنت مُخرجاً لأحد انجح الأعمال العربية في الموسم الماضي، وهو «الهيبة»، كيف تفسّر نجاحه؟
نجح مسلسل «الهيبة» نتيجة تضافر عناصر عدة، أولها فريق العمل الذي تراكمت خبرته في هذا النوع من الأعمال، بدءاً من مسلسل «لعبة الموت»، مروراً بـ «لو»، «تشيللو»، «نص يوم»، وصولاً الى «الهيبة»... والحرفية في التنفيذ، واقتراح ما يناسب المشاهد العربي وما سيُعرض في رمضان، كما أن البيئة التي تناولناها في العمل لامست الفضاء الجذّاب للمشاهد، لأنه موجود ولم يُطرح على مائدة العرض سابقاً، فبدا «الهيبة» حالة جديدة في الدراما، حيث لامس للمرة الأولى المربعات الوهمية الخارجة عن سيطرة الدولة، وهي موجودة في معظم الدول العربية، وغالباً ما تنتشر في المناطق الحدودية، وهي مجتمعات تخلق منظومة أعراف عشائرية تحكمها اقتصادياً واجتماعياً، هذا فضلاً عن عدد من النجوم الذين ساهموا في نجاح هذا العمل.
- «لا تهكلو للهم» لازمة تكررت في العمل... واللحية واللباس، هل كانت من اقتراحات الفنان تيم حسن، أم أنها رؤيتك الخاصة؟
اللحية واللباس واللازمة التي أُدرجت في العمل، هي اقتراحات أولية تأتي في صلب النص، ثم ينتقي الفنان كلمة تضمنها أحد المشاهد لتكون اللازمة في العمل، ونحن نتحدث هنا عن الفنان تيم حسن، الذي حملت شخصيته صفات كالقوة والقدرة، فلا مستحيل لديه، والفنان لا يقول اللازمة إلا في مكانها المناسب فتُوظّف درامياً بالشكل الصحيح، وتكون في سياق المشهد، ومن هنا أتت قوة هذه اللازمة فذاعت واشتهرت.
- وهذا ينطبق أيضاً على اللحية التي ميّزت شخوص العمل؟
لئلا يكون هناك فرز في تفاصيل العمل، أؤكد أن العمل الناجح هو العمل الجماعي، ونجاح «الهيبة» جاء نتيجة جهود فريق كامل متكامل، بمخرجه سامر برقاوي وكادره وفنانيه.
- ظهر السلاح واضحاً في العمل، ألم تخف من أن تروّج لفكرة الإرهاب؟
ما تمر به البلدان العربية من أزمات، وما نراه يومياً على شاشات التلفزة من سلاح متفلت وصور قتل ودمار، حتى الأطفال أًصبحوا يجدون السلاح أينما يذهبون، ومن شاهد «الهيبة» وسيتابع الجزء الثاني منه، سيدرك أن إظهار السلاح خلال أحداث العمل هو لإرشاد المُشاهد وللدلالة على خطورة حمل السلاح، وأهمية الحرص في استخدامه.
- ثمة من ربط شخصية «جبل» بشخصية حقيقية موجودة في الواقع، هل هي فعلاً الشخصية نفسها؟
إطلاقاً، مسلسل «الهيبة» عمل بيئة افتراضية، وهذا ما أؤكده من دون أن أستثني شركة «الصبّاح» التي تبنّت المشروع وأنتجته في هذا الوقت ووفرت له كل شروط النجاح، وأقول إن أي تشابه بين اللازمات التي وردت في «الهيبة»، وأي بيئة أو شخصية واقعية أخرى هو حكماً بمحض الصدفة، وليس مقصوداً.
وهذه التكهنات تعود الى أننا نتناول شخصية واقعية، حتى أن البعض ذهب باتجاه أن هذه المنطقة موجودة بالفعل و«الهيبة» هو اسمها الحقيقي، لذا أدعوهم للاطلاع على خريطة الجغرافيا اللبنانية للتأكد من أن لا شيء اسمه «الهيبة»، وكذلك الشخصيات وأسماؤها التي ذُكرت، كلها من وحي خيال الكاتب هوزان عكو، أما هذا العام فسيتولى كتابة الجزء الثاني من المسلسل الكاتب باسم السلكا، وأي شخصية جديدة فهي حتماً من نسج الخيال.
- ما أطرف المواقف التي صادفتكم أثناء تصوير «الهيبة»؟
كان علينا أن نصوّر مشهد المعركة الأخيرة لـ«جبل»، وهو مشهد الكمين، وبعد تصوير الكمين والتفجير يجب أن نستكمل التصوير، وتطلب الأمر دراسة طويلة، لأن مشهد الكمين يستلزم ماكياجاً معيناً لرجال «جبل»، وآخر لاستكمال المشاهد، فتوصلنا إلى حل يوفر في الوقت والجهد، فبدلاً من إظهار الممثلين في مشهد الحريق، استخدمنا عوادم السيارات ووضعنا فوقها الوقود، لمزيد من التأثير، وتعاونا في ذلك مع الماكييرة، وحققنا أفضل النتائج في أسرع وقت.
- هل «الهيبة» عمل ملحمي أم بوليسي؟
نعمل هذا العام على تجريد الشخصيات وتقريبها من الملحمة الشعبية، حتى تكون راسخة وقابلة للمشاركة في أجزاء أخرى.
- سمعنا عن انسحاب الفنان عبدو شاهين من الجزء الثاني، وعودته من ثم بطلاً، على أي أساس تتم كتابة النص؟
بالطبع، من سيحضر في الجزء الثاني سيرى أن السياق الدرامي هو الذي يلعب دوراً في هذا الجزء.
- هل سيعيش «جبل» قصة حب جديدة؟
لا يمكنني التأكيد أو النفي، بغية الحفاظ على سرية النص وعنصر التشويق الذي هو جزء من نجاح المشروع. ولشدّة غيرتنا على هذا العمل، من الأفضل أن نتكتّم على تفاصيله.
- وماذا عن انتشار خبر مشاركة الفنانة ستيفاني صليبا في العمل؟
لن تكون الفنانة ستيفاني صليبا موجودة معنا، بل ستشارك في المسلسل فاليري أبو شقرا، والشائعات حول العمل كثيرة، فما لم نسمعه أكثر مما سمعناه، والسبب أن هناك سيناريوات متخيلة لدى المشاهد أو الناقد، وهذا من نتائج نجاح العمل.
- هل ستتغير مواقع التصوير في الجزء الثاني؟
هناك مشاهد ستُصوَّر في المواقع نفسها، وأحداث أخرى ستُصوّر في دمشق.
- من هم النجوم الجدد الذين سيشاركون في الجزء الثاني من «الهيبة»؟
النجوم سيلتحقون تباعاً بالعمل، ويمكنني حالياً ذكر أسماء الفنانين: نيكول سابا، رفيق علي أحمد، وفاليري أبو شقرا، عبدالمجيد مجذوب، وأحمد الزين.
- يبدو أن العمل ستكون له أجزاء متلاحقة على نسق «باب الحارة»...
فكرة الأجزاء المتلاحقة واردة، لكننا الآن ننفّذ الجزء الثاني، وبعد موسم رمضان يمكن أن تتضح الصورة أكثر، ولكننا نقوم بكل ما يلزم حتى يكون العمل أقرب إلى الملحمة الشعبية القابلة للأجزاء.
- قلت إن هناك نقلة زمنية في العمل الجديد، هل سنرى جبل متقدّماً في السنّ، أو حتى أولاده؟
هناك نقلة زمنية، لكن لا يمكنني الكشف عن التفاصيل للمحافظة على عنصر التشويق.
- بعيداً من مقولة «كلهم أبنائي»، أي أعمالك هو الأقرب إليك؟
منذ أن عملت في الفن قبل 17 عاماً، وأنا أبذل في كل عمل أُقدّمه جهدي وطاقتي وأُعطي أفضل ما عندي، ولا يمكنني الجزم أي عمل هو المفضل عندي إلا بعد توقف مسيرتي الفنية، وربما يكون العمل الأقرب إلى قلبي ليس الأكثر جماهيرية، فهذا يرتبط بالعامل الشخصي والوجداني.
- سمعنا عن مشروعك الجديد «دولار»، فماذا عنه؟
لا نزال في مرحلة البحث عن النص، وستتضح ملامحه رويداً رويداً، وهو عمل يتحدث عن ثنائية نجم ونجمة سنكشف عنهما قريباً.
- فوجئ المشاهدون بزواج الفنان تيم حسن بالإعلامية وفاء الكيلاني، هل كنت على علم بقصة حبهما؟
تيم حسن صديقي، وهو شخص يتكتم على أمور حياته الخاصة، وفي مراحل التصوير كانت تبدو على ملامحه علامات الارتباط، وتحدّثنا عن الزواج، من دون أن أعرف هوية الطرف الآخر، وكنا نصوّر حين سمعت عبر وسائل الإعلام عن خبر زواجه بوفاء الكيلاني، وفوجئت بالخبر.
- هل يمكن أن نرى وفاء الكيلاني تشارك في أعمالك مستقبلاً؟
لم أسمع منها أو أرى لديها تطلعات الى التمثيل، وإن كانت تملك القدرة والإمكانيات فلا شيء يمنع من ذلك.
- مَن الفنان أو الفنانة العربية التي تتمنى أن تشارك في أعمالك؟
العمل هو الذي يفرض عليّ الفنان الذي سأختاره، ولليوم كل اختياراتي للشخصيات المشاركة في أعمالي كانت ناجحة وموفّقة. وقد سألوني سابقاً وبشكل مغرض، هل يمكن أن يحدث تعاون بيني وبين الفنانة هيفاء وهبي؟ فأجبتهم بأنني أتابع تجربة هيفاء في الدراما وأراها جادّة ونتائجها مثمرة ومشجعة، ولا مانع في أن نلتقي في مشروع عمل... لكن حُرّف كلامي وتم تناقله بشكل تحريضي، بحيث قالوا إنني أحلم بمشاركتها في أعمالي، وأنا لم أقصد ذلك أبداً، بل أحلم بالعمل الجيد، ومع احترامي لكل النجوم، أشدّ على يد هيفاء وأُشجّعها في مجال التمثيل، خاصة أنه ليس استثماراً لجمالها، بل يظهر موهبتها...
- هل توقعت انسحاب نادين نسيب نجيم من هذه الثنائية؟
العمل ليس مناسبة يُدعى إليها الفنان ويعتذر. هناك سياق درامي للنص يفرض غياب هذه الشخصية، ومن سيتابع حلقات الجزء الثاني سيتأكد من ذلك، لكن لا يمكنني الكشف عن أي تفاصيل لئلا يفقد العمل ميزة التشويق وعنصر المفاجأة.
- هل انتهت ثنائية تيم حسن ونادين نجيم؟
لا، ويمكن أن يتعاونا في أي عمل آخر.
- سبق وصرحت أن البطولة في الجزء الثاني ستكون ذكورية، هل ستكون قصص الحب ثانوية في العمل؟
أريد أن أوضح أمراً، لم أقل أبداً إن البطولة ذكورية، بل قلت إن العنصر الذكوري حاضر بقوة، وهذا لا ينطبق على دور «جبل» فحسب، بل على الجميع، من دون أن يؤثر ذلك في البطولات النسائية، فهي أيضاً موجودة وحاضرة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024