تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

قواعد السلامة في استخدام الصغار للإنترنت

فوجئ السيد أكرم عندما جاءت إليه إحدى الأمهات وقالت له بفخر وسعادة إن شبكة الإنترنت غيّرت الكثير من الأمور في المنزل، فمنذ أن أصبح لديهم اشتراك في الإنترنت لم يعد ابنها يزعجها، فهو يجلس لساعات طويلة إلى الإنترنت مما أتاح لها القيام بالأعمال المنزلية. لا يختلف اثنان على أهمية الإنترنت في حياتنا المعاصرة وتفاعلنا اليومي مع الشبكة، فقد صارت جزءًا من التواصل السريع والمباشر بين الناس في أرجاء المعمورة. فبمجرّد ضغط الزر صار في إمكاننا الحصول على المعلومات التي نريدها أو الاتصال بأشخاص يعيشون في الجزء الآخر من الكرة الأرضية، وتبادل الرسائل خلال دقائق معدودة. وطفل اليوم لديه المهارات الكافية للتفاعل مع الشبكة العنكبوتية، وصار في إمكانه أن ينشئ مدونته الخاصة أو «الفيس بوك» أو إجراء بحث مدرسي أو التواصل مع أصدقائه عبر المحادثة الإلكترونية. وفي المقابل يخشى العديد من الأهل مساوئ هذه الوسيلة وبعضهم يلومها إذا ما تراجع أداء ولدهم المدرسي، بينما يرى الاختصاصيون أن الإنترنت وسيلة ضرورية لا غنى عنها وبالتالي يجب ترشيد هذه الأداة بما يخدم مصلحة الطفل.«لها» التقت رئيس جمعية« فكّر إجتماعيًا» (Think Community)  أكرم كرامي، و ماجد عقل، اختصاصي حلول المعلوماتية في شركة «مايكروسوفت في بيروت، اللذين تحدّثا عن كيفية ترشيد الإنترنت ودور الأهل في جعلها وسيلة مفيدة للطفل.

في البداية يقول كرامي: «يمكننا اليوم التحدث عن المواطنة الرقمية،إذ أن استخدام الإنترنت يمتد لفترات طويلة، مما يعني أن تفاعل الفرد مع الشبكة الرقمية أكبر من تفاعله مع العالم الواقعي. وأظهرت الإحصاءات أن معدل الجلوس إلى وسائل الاتصال على اختلافها هو حوالي ٤٠ ساعة أسبوعيًا على الصعيد العالمي. ووضعوا هذا الرقم ضمن تأثير الإعلام، لأنه مثلما للإنترنت تأثير في الأطفال كذلك وسائل الإعلام الأخرى كالتلفزيون. غير أن الإنترنت يمكن التحكّم فيها أكثر، فبضغط الزر يمكن أن أدخل الموقع الذي أريده، بينما على التلفزيون قد تظهر مشاهد خطأ تمر عبر الشاشة. وتشير الإحصاءات إلى أن الإعلام بمختلف وسائله تؤثر في البدانة عند الأطفال فليس الجلوس وحده إلى التلفزيون هو المؤثر، وإنما الترويج والتسويق للأطعمة التي تعرف بالوجبات السريعة وثقافتها هي التي تؤثر في سلوك الأطفال». 

- ما الفائدة التي يجنيها التلميذ من الإنترنت، خصوصًا أن بعض التربويين يرون أن مساوئ الإنترنت أكثر من  فوائدها؟
أحضرت شبكة الإنترنت العالم إلى البيت وأصبح في متناول التلميذ كل أنواع المعرفة

(أحداث، حضارات، تكنولوجيا). ولم يعد الطفل مجرد متلقٍ، بل أصبح في إمكانه إنتاج محتوى على الإنترنت و التعبير عن نفسه. وما أعنيه التفاعل بالمعنى الإنتاجي للكلمة. إذ يقوم المراهقون بابتكار صفحة المدوّنة الخاصة أي الـ Blogs ليعبّروا من خلالها عن آرائهم وأفكارهم مما يعني أنهم يشاركون في إنتاج محتوى من خلال الصور والتواصل الاجتماعي أو إنشاء فريق عبر الإنترنت ، وهذا لم يكن متاحًا في السابق. ولكن هذا لا ينفي وجود مساوئ لهذا النوع من التواصل، نتيجة غياب رقابة الأهل.

- يرى البعض أن قيام التلميذ ببحث عبر الإنترنت يجعله ينسخ المعلومات فقط دون أن يعرف كيف يصوغها بأسلوبه الخاص. فكيف يمكن تفادي هذه المشكلة؟
الحصول على المعلومة عبر الإنترنت وفّر على التلميذ الجهد والوقت اللذين يتطلبهما البحث في المكتبة الورقية التي تلزمه النظر في مجموعة كتب ليحصل على المعلومة. صحيح أن إمكان نسخ المعلومة وارد، ولكن عندما يعلّم الأستاذ التلميذ المنهجية الصحيحة للحصول على المعلومة عبر الإنترنت، ويطلب منه أن يعطيه ٣ أو ٤ مراجع على الإنترنت وعدم الثقة بمصدر واحد، وفي الصف يناقشه في المعلومات التي وجدها، ويتأكد أنه اطلع على المعلومة الصحيحة، ويعرف كيف يعرضها،وهذه إجراءات تفاعلية،فإنه يساعده في تعلّم منهج البحث، فالهدف ليس النسخ بل مناقشة المعلومة. لذا ليس تحت ذريعة الـ «Copy- paste» يحرم التلميذ من أداة جديدة للتعلم، توفر عليه الوقت. المشكلة ليست في الإنترنت لكن في الطريقة التي يعتمدها التلميذ في استخدامها. وهذا لا يعني أن نلغي الكتاب، ولكن إذا كان ثمّة وسيلة إضافية تساعد في تحسين المستوى الثقافي عند التلميذ فلمَ لا استعملها.

- في أي سن يسمح للطفل باستخدام الإنترنت؟
يزداد عدد الأطفال الذين يستخدمون الإنترنت في سن صغيرة، أي ما دون العشر سنوات، فبعض المدارس أصبحت تتيح استعمال الإنترنت في المراحل الابتدائية الأولى، ومن الطبيعي أن يعود التلميذ إلى البيت ويستخدم الإنترنت. وعمومًا الطفل ما دون العاشرة لا تكون لديه المهارات الكافية لاستعمال الإنترنت وحده بل غالبًا ما يفعل ذلك بمرافقة شقيقه الأكبر، أو أهله. لذا ننصح الأهل بأن يجلسوا مع أبنائهم أثناء استعمالهم الإنترنت.

- هل يجوز أن يكون للطفل عنوان إلكتروني خاص؟
من الأفضل أن يكون للطفل عنوان إلكتروني مشترك مع أهله، وعندما يصبح في سن كبيرة ويرغب في أن يكون لديه عنوانه الخاص، يمكن مراقبة الرسائل الإلكترونية الواردة باعتماد تقنية استقبالها أيضًا في علبة ورود الرسائل العائلية.

- ما هي القوانين التي يجب اتباعها في المنزل لاستعمال الإنترنت؟
 
مشاركة الأبناء في ابتكار اتفاق حقوق استعمال الكمبيوتر والإنترنت في المنزل، تساعد في نجاح الاتفاق والالتزام به لأنهم شاركوا في وضعه. أما الاتفاق فيجب أن ينص على الآتي:
  تحديد المواقع التي يسمح للأبناء بالدخول إليها وماذا يمكنهم الحصول عليه.
  تحديد مدة الجلوس إلى الإنترنت.
  ماذا عليهم القيام به عندما يشعرون بالريبة عند ظهور موقع أو شخص  فجأة أثناء استعمالهم المحادثة الفورية.
 عدم إعطاء أي معلومات شخصية.
  كيف يمكن البقاء آمنين في محيط تفاعلي.
  كيفية التصرف بشكل أخلاقي ومسؤول أثناء استعمال الإنترنت.
  كيفية استعمال المحادثة و«الفيس بوك» وخدمات الرسائل الفورية.

  يطبع نص الاتفاق على ورقة توضع إلى جانب كمبيوتر العائلة للتذكير بهذه القوانين أثناء استعمال الكمبيوتر.

 

- هل يمكن الطفل أن يصبح مدمن إنترنت؟
يمكن التلميذ استعمال الإنترنت كما ذكرنا سابقًا للقيام ببحث مدرسي، أو تعلّم مهارات جديدة والانفتاح على ثقافات جديدة وبناء علاقات مع أطفال من سنّه. والطفل الخجول قد يشعر بالراحة عندما يتواصل مع الأشخاص عبر الإنترنت. وفي المقابل قد يؤدي استعمال الكمبيوتر بشكل كثيف إلى عزل الطفل الخجول عن أقرانه، أو يبعده عن القيام بنشاطات أخرى كإنجاز الواجبات المدرسية أو ممارسة الرياضة أو تمضية الوقت مع أصدقائه. ولا يتنبه الأهل والأساتذة لوجود مشكلة مع الطفل الذي يجلس لساعات طويلة إلى شاشة الإنترنت لأنه ليس من السهل اكتشاف إدمان الإنترنت. لذا على الأهل وضع قوانين لاستخدام الكمبيوتر بصورة عامة والإنترنت بصورة خاصة، وعليهم أن يجدوا توازنًا بين الجلوس إلى الكمبيوتر وساعات القيام بنشاطات أخرى، كما عليهم أن يضعوا جهاز الكمبيوتر في مكان يخضع لرقابتهم طوال الوقت مثل غرفة الجلوس، وعدم وضعه في غرفة نوم الطفل. وإذا كان الأهل يستخدمون خدمة windows vista يمكنهم تثبيت قانون استخدام الكمبيوتر في المنزل من خلال تحديد وقت الاستخدام عبر الاستفادة من خدمة windows vista parental controls . وأخيرًا على الأهل أنفسهم أن يراقبوا طريقة استخدامهم للإنترنت، فإذا كانوا يجلسون مدة طويلة من الطبيعي أن يقلّدهم أبناؤهم.

- كيف يمكن الأهل حماية أبنائهم من أخطار مواقع الاستغلال الجنسي أو التحريض الديني أو الدعوة للانضمام إلى فرقة تنشر البدع عبر الإنترنت؟
أصبح هذا النوع من المواقع الإلكترونية شائعًا، والمراهقون هم المستهدفون. هنا يأتي دور الأهل في ترشيد استخدام الإنترنت عبر القوانين التي يجب الالتزام بها والتي ذكرناها سابقًا، فضلاً عن ضرورة أن يتحدث الأهل مع أبنائهم إذا لاحظوا ظهور محاور على الإنترنت وشعروا بالريبة منه. وعليهم أن يستعملوا خيار bloc الذي يمنع ظهور الرسائل المريبة أو تلك التي عناوين أصحابها غير معروفة.
وأخيرًا يشير كرامي وعقل إلى أن جيل اليوم محظوظً لأنه تربى مع التكنولوجيا، و لا يتخيل وجود هاتف جوّال أو كمبيوتر من دون بلوتوث أو كاميرا. والأهل إلى حد ما محظوظون لأنهم من الأوائل الذين يربّون جيل التكنولوجيا التي أصبحت جزءاً من حياة الأطفال. ولكن الأهل أنفسهم أصبحوا مغتربين والأبناء مواطنين في عالم الرقمية مما أدى إلى هوة رقمية واقعية، رغم وجود بعض الأهل المتقدمين في مجال التكنولوجيا. وهذا يوجد محاذير على استعمال الإنترنت ليس لأن الأهل لا يعرفون وإنما لأن الأطفال أصبحوا متقدمين على أهلهم في عالم التكنولوجيا. ليس المطلوب من الأهل أن يكونوا محترفين أو لديهم معرفة عميقة أو محترفة بتكنولوجيا المعلومات، وإنما أن يكونوا على اطلاع عما يقوم به أبناؤهم ويراقبوا سلوكهم التكنولوجي. فالإنترنت صارت واقعًا وجزءًا من حياة جيل اليوم لا يمكن إلغاؤهما.

- ماذا على الأهل معرفته قبل السماح لأبنائهم باستعمال الرسائل الفورية مثل Window live Messenger؟ 
دور الأهل الأساسي هو مناقشة الأبناء حول الطريقة الصحيحة للحفاظ على الخصوصية، وتشجعيهم على السلوك الجيد أثناء استعمال الإنترنت بما فيه عدم التنمّر على أحد، وإعلام أهلهم إذا حاول أحد التنمّر عليهم. وهذه بعض القواعد لاستخدام الرسائل الفورية:
عدم كتابة أي معلومات شخصية عنه أو عن أي فرد من العائلة، فهذه المعلومات يمكن أن يراها أي شخص يستعمل الخدمة نفسها.
عدم التحادث مع شخص يبدو عنوانه الإلكتروني مريبًا، وفي المقابل على الأهل مراقبة لائحة جهات الاتصال بشكل دوري للتأكد من أن الأسماء الواردة فيها يعرفون أصحابها.
التأكد من هوية المتصل الذي يرغب في الانضمام إلى لائحة جهات الاتصال قبل الموافقة على طلبه. فإذا كانت غامضة يمكن منعه من الظهور أو الاختراق أثناء المحادثة.
عدم استخدام الرسائل الفورية لنشر الشائعات أو النميمة أو إرسال رسائل كراهية.

- وهذه بعض الإرشادات التي ينصح بها ماجد عقل ويمكن الأهل اتباعها:
* التحدث إلى الطفل عن الاستغلال الجنسي وأخطاره على الإنترنت.
* الاشتراك في خدمة Parental control software  التي تساعد الأهل في منع دخول أي رسائل مريبة، ومراقبتها آليًا.
* الإصرار على الالتزام بشروط موقع شبكة التواصل الاجتماعي التي تحدد السن المسموح باستخدامها والتي يجب أن تكون قد تعدّت الـ ١٣، فإذا كان الابن تحت هذه السن يمكن الأهل منع استخدام هذا الموقع.
* عدم السماح للطفل باستخدام باب المحادثة Chat room، فاحتمال تعرض الصغار لأخطار مختلف أنواع الاستغلال كبير جدًا. وفي المقابل على الأهل إرشاد أبنائهم المراهقين إلى استخدام خدمة مراقبة باب المحادثة.
* وضع جهاز الكمبيوتر في غرفة الجلوس، فعندما يبدأ الطفل بالمحادثة يمكن الأهل مراقبة ما يحدث على شاشة الجهاز، فضلا عن أن عليهم الجلوس مع طفلهم أثناء المحادثة. فهذا يصعب الأمر على الغرباء ويحول دون تعريض الصغار للاستغلال.
* عندما يصبح الطفل في سن تسمح له باستخدام البريد الإلكتروني على الأهل الطلب من خدمة توفير الإنترنت ISP إبقاء بريد الطفل ضمن الحساب العائلي.
* الطلب من الطفل عدم الإجابة على الرسائل الفورية أو البريد المرسل من غرباء. وإذا كان الطفل يستخدم الإنترنت في المدرسة أو في المكتبة العامة أو في بيت صديق له، على الأهل معرفة نوع المراقبة computer safeguard المستخدمة.
* عدم نقل الصور المرسلة من عنوان بريدي مريب وغير معروفة هوية صاحبه.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078