تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

روّضي طفلك المشاكس

روّضي طفلك المشاكس

في عمر السنتين أو الثلاث سنوات، يبدأ الطفل بإغاظة أهله عمداً أو عن غير قصد، مما يثير جنون الأهل. إليك نصائح الخبراء التي تساعدك على تهدئة طفلك ومنعه من إشعال نوبات غضب غير مبررة.

يقول «لا» على الدوام

بين عمر السنتين وعمر الخمس أو الست سنوات تقريباً، يرفض طفلك كل ما تقترحينه عليه، سواء تمثل ذلك في الأكل أو الشرب أو اللعب أو ممارسة أي نشاط. المهم برأيه هو معارضتك ليثبت لك أنه موجود وله رأيه الخاص.

ينصحك الاختصاصيون بعدم الانفعال كثيراً أمامه، وإنما أخذ رفضه في الاعتبار. «لماذا لا تريد؟». اجعليه يشعر أنه يستطيع مقاومتك، ويستطيع التعبير عن رأيه. إلا أن تفهمك لأفكاره وآرائه يبقى ضمن حدود معينة. اعترفي بالأمور المنطقية التي يرفضها، مثل رفضه لتناول الجزر لأنه غير لذيذ رغم أنه جربه مرة ومرتين وثلاث... لكن لا تستسلمي لنزواته. «لا، لا يمكنك عبور الشارع حين تكون الإشارة حمراء» أو «لا، لا يمكنك الاستمرار في اللعب لأن الوقت قد تأخر وعلينا العودة إلى المنزل». ابقي مصرّة على موقفك في مثل هذه الحالات واجعليه يفهم أن قرارك هو الذي سينفذ في النهاية.
لكن لا حاجة لإثبات سلطتك عليه بشكل مستمر ومعارضته في كل الحالات. حافظي على التوازن بين الصرامة والتفهم، حسب الظروف.

ينفجر غضباً عند رفض أي طلب له

بين عمر السنتين والأربع سنوات، يؤسس الطفل نواة شخصيته المستقبلية. ويحاول إجبار أهله على الرضوخ لطلباته للحصول دوماً على الأفضل والأكثر. لذا، نجد الطفل في هذا العمر يعارض أهله بعنف لأنه لا يتحمل رفضهم لطلباته أو حرمانه من الأمور التي يرغب فيها. هكذا، يلجأ إلى نوبات بكاء مفتعلة ومتكررة حتى ينال في النهاية ما يريده.

ينصحك الاختصاصيون
بفرض حدود على طفلك. إذا كنت في المنزل، أرسلي الطفل فوراً إلى غرفته حين ينفجر في نوبة الغضب واطلبي منه البقاء هناك حتى يهدأ. هكذا، يفهم أن أمه هي التي تفرض القواعد في المنزل وليس هو من يقرر ما يجب أن يحصل. وإذا كنت خارج المنزل، مع مجموعة من الأشخاص، قاومي نوبات غضبه ولا تستسلمي لها مهما كلّف الأمر. ولا تنسي أن صرامة الأهل تبعث الطمأنينة في الطفل.
وحين تزول نوبة الغضب، تحدثي إلى الطفل بروية وعقلانية. «ما الذي حصل؟ لماذا تصرفت هكذا؟». أثبتي له أن نوبات غضبه وبكائه ليست هي الطريقة الصحيحة للحصول على مراده. اجعليه يفهم أنك قد تلبين بعض مطالبه إذا تصرف بتهذيب أكبر وعقلانية أفضل.
لا تحاولي أبداً الاستسلام لتهديد الطفل. «إذا كنت تحبينني فعلاً، اشتري لي هذه اللعبة». قولي له لا وألف لا، واجعليه يفهم أن التعبير عن الحب لا يتم عبر شراء الهدايا فقط.

يصرخ ذعراً عند رؤية كلب كبير

في هذا العمر الصغير، يشعر الطفل أنه قوي جداً ويستطيع فعل كل شيء. بالفعل، نجده يستعمل شريط الحذاء بمثابة سوط لقتل الأشرار، والكتاب بمثابة درع لصدّ الأعداء... إلا أن سلطة الأهل تخفف تدريجياً من هذا الإحساس بالغلبة المطلقة، ولذلك نجد الطفل ينقل غضبه إلى «شيء» اصطلاحي، مثل الحيوان، ويصرخ ذعراً فور رؤية كلب كبير أو هرّ كبير.

عليك طمأنة الطفل والشرح له أن الكلب أو الهرّ لن يلحق به الأذى. الكلب ينبح لأنه خائف أو لأنه يشعر بالتوتر، وليس لأنه يريد مهاجمتك أو إلحاق الأذى بك.
لكن في المقابل، لا تجبري طفلك الخائف على مداعبة الكلب الكبير ظناً منك أن هذه المداعبة ستزيل إحساس الخوف عند طفلك. تابعي سيرك مع الطفل من دون التوقف أمام الكلب أو إعطاء الأهمية للنباح. إنها أفضل طريقة ليفهم الطفل أن نباح الكلب ليس مؤذياً وإنما هو أمر طبيعي.

لا يريد مشاركة ألعابه مع الآخرين

بين عمر السنتين والأربع سنوات، يكون الطفل في طور تنمية شخصيته، ويسعى إلى جمع الأجزاء المختلفة (أي الأهل، والاستقلالية، والرفض، والسلطة...) مثل قطع الأحجية لتكوين شخصيته الفريدة والمستقلة. والواقع أن الألعاب تشكل جزءاً من هذه الأحجية، ويعتبرها الطفل مثل تمدد لذاته وكيانه. لذا، لا يجد مبرراً لمشاركة هذه الألعاب مع شخص آخر.

إذا حصل الشجار على الألعاب بين طفلك وأطفال آخرين، دافعي طبعاً عن طفلك واطلبي من الأطفال الآخرين إحضار ألعابهم الخاصة. دوّني اسم طفلك على كل ألعابه لجعله يتأكد أن هذه الألعاب هي ملكه فعلاً.
لا تحاولي أبداً الطلب منه للتخلي عن ألعابه لصالح الآخرين. افهمي أنه في هذه المرحلة من العمر، يكون الطفل مركزاً كثيراً على ذاته، وهذا أمر طبيعي حتى يصل إلى مرحلة الرشد وهو متحرر من عقدة الذات والأنانية.

يتشبث دوماً بأمه أمام الآخرين

يمكن القول إن طفلك شقيّ جداً في المنزل ولا يترك شيئاً في مكانه. يبعثر الألعاب في كل مكان، ويرتكب الحماقات، ويتسلق على الكراسي والطاولات... لكن حين يقرر الطفل فرض مسافة بينه وبينك، تذكرينه أنه لا يزال صغيراً جداً على الاستقلالية الكاملة. هكذا، يضطرب الطفل ويشعر أنه بات مكبوحاً في تصرفاته مما يدفعه إلى الالتصاق بأمه رغماً عنه.

علمي طفلك أولاً على اللعب لوحده. اجعليه يعتاد على فكرة الاهتمام بنفسه بعيداً عنك لفترة طويلة نسبياً. قولي له إنك تضطرين أحياناً للابتعاد عنه ولن تكوني متوافرة لتلبية طلباته من دون أن تشعري بأي ذنب. فإذا قلت لطفلك إنك ستساعدينه في ما يريده بعد ساعة واحدة لأنك مشغولة حالياً، لن يعني ذلك أنك أم شريرة وغير صالحة.
من جهة أخرى، ينصحك الاختصاصيون بعدم تركيز انتباهك على موقف طفلك. اسألي نفسك إذا كانت هذه غلطتك لأن طفلك متشبث كثيراً بك. اجعلي طفلك يعتاد على غيابك عنه لبعض الفترات واجعليه يتآلف مع فكرة وجود شخص آخر للاهتمام به في غياب أمه.

يطالب مجدداً بالحفاضات

يفترض أن يصبح الطفل «نظيفاً»، أي يتوقف عن استعمال الحفاضات، في عمر السنتين نهاراً وفي عمر الثلاث سنوات ليلاً. لكن بعد أن توقف طفلك عن استعمال الحفاضات، تجدينه يطالبك فجأة بالعودة إليها. فهو لا يقبل أن يخرج أي شيء منه (وهو البراز هنا) ويختفي إلى الأبد. هنا، يمكن القول إن الطفل في مرحلة ارتداد ضرورية. يعود إلى الخلف ليحدد معالمه قبل التخلص من هذا الارتداد إلى الأبد خلال أسابيع قليلة.

وافقي على أن يستعمل طفلك السراويل التحتية التي على شكل حفاضات، وليس الحفاضات المخصصة فعلاً للأطفال الصغار. واحرصي على ألا تتعدى فترة استعمال هذه الحفاضات بضعة أسابيع. لا تحاولي تأنيبه أو تعنيفه أو الصراخ عليه لأن هذا لن يجدي نفعاً أبداً.

يواجه صعوبة في النوم

بين عمر السنتين والأربع سنوات، يحاول الطفل أن يثبت استقلاليته لأهله بكل الوسائل. لذا، نجده يثابر أحياناً على قول كلمة «لا» على مدى ساعات متواصلة مهما كان الطلب. إلا أن هذا الرفض يسبب له التوتر الذي يتجلى خصوصاً لحظة اقتراب موعد النوم والخلود إلى السرير. ففي هذا الوقت، يدرك الطفل أنه لا يستطيع أن يكون فائق القوة طوال الوقت. يعترف في قرارة نفسه أن عليه الاعتماد على الآخرين، مما يزيد توتره ويعيق قدرته على النوم.

ينصحك الاختصاصيون بالتحدث مع طفلك قبل خلوده إلى النوم وتكرار الكلمات اللطيفة والمطمئنة على مسامعه. اتركي نوراً خفيفاً مضاءاً في الغرفة حتى يشعر بالاطمئنان. لكن لا تقبلي أن يأتي طفلك إلى سريرك للنوم معك بحجة أنه يشعر بالمزيد من الاطمئنان. كوني صارمة في هذا الموضوع وتحدثي إليه بكلمات صارمة وإنما حنونة.

يلتقط أي شيء يجده أمامه

إنه نوع من آلية الدفاع بالنسبة إلى الطفل. فهو يلتقط أي شيء يجده أمامه لاستعماله لاحقاً في غرض ما. إنه طفل ذكي يحاول تركيب شخصيته بالعناصر الخارجية.
في هذا العمر، يفترض أن يميز الطفل بين ما هو نظيف وما هو وسخ.

لذا، ركزي كثيراً على مفهوم النظافة واجعليه يفهم أنه لا يستطيع التقاط أي شيء وسخ. ركزي خصوصاً على الأشياء التي تجرح وتؤذي واجعليه يدرك أن هذه الأوساخ التي يلتقطها قد تؤذيه جسدياً.
من جهة أخرى، لا ينفع الصراخ أو التأنيب. اشرحي له بروية وبكلمات واضحة ومفهومة أنه لا يستطيع التقاط أي شيء يعثر عليه لأن هذه الأشياء قد تكون مليئة بالجراثيم والأوساخ والمخاطر.

يتحرك بشكل مستمر من دون أية راحة

تشير هذه الحركة الدائمة والمستمرة إلى أن طفلك يضج بالطاقة والحيوية، وهذا أمر طبيعي. فحتى عمر الأربع سنوات، يكون الطفل مستكشفاً طبيعياً ويعجز عن تركيز انتباهه على أمر محدد لوقت طويل. واعلمي أن الطفل الكثير الحركة ليس بالضرورة طفلاً شقياً وسيئاً ومزعجاً.

اتركي طفلك على سجيته طالما أنه لا يؤذي أحداً، ولا تجبريه على الهدوء. فالبقاء من دون حركة قد يبعث القلق عند الطفل لأنه يعطيه الإحساس بفقدان الطاقة الحيوية. اجعليه يمارس الرياضة والنشاطات الفنية التي تتيح له إخراج الطاقة الكامنة داخله.
ولا تحاولي أبداً إثبات سلطتك عليه ومنعه من الحركة في الأوقات غير الملائمة، كما عند تناول العائلة طعام الغداء مثلاً. ففي مثل هذه الأحوال، تكون ردة الطفل معاكسة دوماً ويلجأ إلى العنف والمزيد من الحركة المزعجة.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078