تطوير قدرات الطفل يبدأ من شهره الأول
يفاجئ الطفل الرضيع والدته يومًا بعد يوم. فهو يتعلّم ويكتشف ويقوم بحركات جديدة ويتواصل معها بمشاعره. والأم لديها بالطبع رغبة في التواصل أكثر مع طفلها وتشجعيه على اكتشاف المحيط حوله، فتعمل كل ما في وسعها لبلورة انفتاحه على كل الأمور حوله. فما هي الإرشادات التي يمكن الأم اتباعها لتساعد طفلها على تطوير قدراته ونموّها؟
هناك طرق عدة يمكن الأم من خلالها أن تحقق الهدف الذي تصبو إليه في تطوير قدرات طفلها.
النقاط المرجع
حدّد اختصاصيو علم نفس الطفل تطور النفس- الحركي عند الطفل بمعايير عامة. ففي عمر الشهرين يبتسم عندما تتحدث الأم أو أي شخص آخر إليه ، وفي عمر الثمانية أشهر يخاف من الوجوه الغريبة، وفي السنة ونصف السنة يركّب جملاً من كلمتين أو ثلاث كلمات ولكن يجب ألا تنسى الأم أن هناك معايير عامة تخدم فقط نقاط المرجع، فكل طفل فريد من نوعه ولديه الإيقاع التطوري الخاص به، فقد يكون متأخرًا في بعض الأمور ومتقدّمًا على غيره في أمور أخرى. لذا فإن على الأم أن تأخذ بنصيحة طبيب طفلها الذي يطمئنها إلى نمو طفلها الذهني والجسدي، وبالتالي يزيل القلق الذي قد ينتاب الأم إذا لاحظت مثلا أن تطور قدرات طفل صديقتها متقدّم على تطور طفلها. كما أن بطاقة الصحة الخاصة بالطفل وسيلة جيّدة وفعّالة تمكّن الأم من متابعة نمو طفلها في شكل سليم.
تعلّم التواصل
خلال الشهور الأولى من حياته يتفاعل الطفل مع الأصوات من حوله خصوصًا صوت والدته أو الشخص الذي يهتم به، ويحاول بدوره أن يتواصل معه بطريقته. فعند الولادة يعرف الرضيع الصراخ والبكاء وفي شهره الرابع يبدأ بالمناغاة، ومع بداية شهره السابع يبدأ بلفظ جزء من كلمة مثل «با أو ما». وعلى الأم أن تنتظر بلوغه سنته الثالثة حتى يتمكن من تركيب جمل صحيحة، ولكن عليها خلال هذه الفترة أن تبدأ التحدث إليه والإجابة على ثرثرته بكلمات بسيطة وصحيحة اللفظ، ويكون ذلك بأن تبدأ تعلّق على الأفعال والأشياء الموجودة في المنزل بالكلمات الصحيحة كأن تقول له مثلا «هذا مطبخ، هذه كنبة، جاءنا زوار...». وبدوره يظهر الطفل رغبته في الاستماع إلى الأغاني وقراءة القصص. فهذا التعلم الشفهي أساس تعلّم الطفل الكلام، ليس فقط للتعبير عما يريده ولكن لتعلّم القراءة والكتابة لاحقًا بسهولة.
اللعب لإدارة مواقف جديدة
يعتبر اللعب طريقة تربوية تساعد في تطوير مهارات الطفل.في البداية يكون اللعب منفردًا، ثم يشارك في اللعب مع أقران له في سن السنتين. و ليس مهمًا نوع اللعب التي يحبها الطفل فهو قد يلعب بألعاب يخترع منها أشخاصًا أو حيوانات أو سيارة مثل مكعبات الليغو، المهم أن تكون هذه اللعب ملونة ومنوّعة ومتعددة ويمكنه أن يشكل منها ما يريد. كما يحب الطفل أن يشاركه راشد اللعب كأمه أو أبيه أو خاله... ليظهر له قدرته على التحكم في اللعبة التي بين يديه، فيريه كيف يملأ الدلو أو يركب المكعّبات... وبين الثالثة والرابعة تكون اللعب معقّدة، مثل الألعاب الجماعية التي تتطلب تبادل الأدوار مع أقران له.
شجعي طفلك
إن تشجيع الأهل الطفل نتيجته مفيدة جدًا ويساهم في إعطائه دفعًا في بذل الجهد وتذوق طعم النجاح. ويساعد هذا التشجيع على التطور في شكل متزايد. وفي المقابل يتعلّم الطفل أسرع عندما يشعر بأن أهله مهتمون له. فمثلا عندما يبدأ الحبو على يديه ورجليه ثم المشي يتعرّف إلى مشاعر كثيرة ويتعلّم مواجهة أخطار محتملة، فهو يقع كثيرًا قبل أن تصبح خطواته ثابتة وفي الوقت نفسه يتمتع كثيرًا أثناء تعلّمه المشي خصوصًا عندما يشجعه أهل ويطمئنونه.
ماذا عن عربة الطفل الجرّارة؟
تعتبر العربة أمرًا ضروريًا بالنسبة إلى الأم والطفل معًا. فالأم تجد فيها وسيلة مريحة وآمنة في الوقت نفسه. فهي لن تضطر لحمل طفلها طوال الوقت أثناء التنزه أو التسوّق أو تخاف عليه من التيه. ويختلف حجم عربة الطفل وشكلها ونوعها. فهناك العربة التي يمكن أن تتحوّل إلى كرسي سيارة بمجرد نزع قاعدة العجلات عنها، وهناك الحجم الكبير والحجم الصغير تبعًا لسن الطفل، وهناك العربات التي تحتوي على ستار يقي الطفل من الشمس.
وهناك نوع من العربات يكون الكرسي فيه موجهًا إلى الشارع أي تكون قبضة الجر خلف الكرسي، وآخر يكون فيه الكرسي موجهًا إلى قبضة الجر فيرى الطفل والدته طوال الوقت أثناء التنزه. فتحار الأم أي النوعين هو الأفضل لطفلها؟
إن معظم عربات الطفل الموجودة في السوق هي من النوع التي يكون فيه الكرسي موجّهًا إلى الشارع فتكون الأم خلفه تجره، وبهذه الطريقة يتمتع الطفل بمشاهدة المناظر الطبيعية ويتعرّف إلى الاختلاف في المحيط، فهو يرى أثناء تنزهه في السوق أو الحديقة وجوهًا مختلفة، ولكن في الوقت نفسه قد يسبب له هذا النوع من العربات توترًا بسبب المؤثرات الخارجية. بينما إذا كان جالسًا في عربة والكرسي بمواجهة أمه التي تجره، فإنه يشعر بالارتياح أكثر. فقد بينت دراسة ميدانية أجريت على عدد كبير من الأطفال ما دون الثلاث سنوات أن 75% من الأطفال يصطحبهم أهلهم في نزهة على العربة و90% منهم ما بين السنة والسنتين، و62% منهم يجلسون في عربات كراسيها موجهة إلى الشارع، بينما 13% منهم يجلسون في عربات كرسيها موجه إلى الشخص الذي يجرهم. ولاحظت الدراسة أن 57% الأطفال الذين يجلسون في عربات كراسيها موجهة إلى الشارع صامتون بينما 35% منهم نائمون، فيما الأهل نادرًا ما يتحدثون إلى أطفالهم أثناء النزهة...
...وفي المقابل، لاحظ الاختصاصيون أن الأطفال خصوصًا الرضّع الذي يجلسون في عربات كراسيها موجهة إلى الأم يشعرون بالراحة أكثر لأنهم يحوزون اهتمام أمهاتهم أكثر وبالتالي هم أقل توترًا، كما ينامون بشكل أفضل. وقد أثبتت هذه الدراسة صحتها من خلال قياس دقات قلب الطفل الذي يجلس في هذا النوع من العربات، فوجدوا أن دقات قلبه أبطأ من دقات قلب الطفل الذي يجلس في مواجهة الشارع. ولكن صحيح أن هذا النوع من العربات يعزز التفاعل بين الأم وطفلها ويخفف التوتر، ولكن لن ننسى أن هذا النشاط مدته تراوح بين العشر دقائق والساعتين في النهار وبالتالي فهي تجربة موقته بالنسبة إلى الطفل.
وينصح الاختصاصيون أنه ليس من الضروري أن يجلس الطفل في عربة عندما يبلغ الثلاث سنوات وبالتالي تكون خطواته ثابتة، بل من الأفضل أن يمشي على قدميه ويتعلّم كيف يمسك بيد والدته أو والده.
المراحل التي يمر بها الطفل منذ الولادة إلى سن السنتين هي:
- في الشهر الأوّل يتعرف الطفل إلى وجه أمه.
- في الشهر الثالث يتفاعل مع الأصوات المفاجئة، ينتفض أو يدير رأسه في الاتجاه الذي يصدر منه صوت.
- في الشهر الرابع يلعب بيديه
- يتجاوب بابتسامة مع من يتحدث إليه
- يدير رأسه ليتابع شيئًا يتحرك أمامه
- يلتقط غرضًا ناعمًا
- يمكن أن يثبت رأسه إذا كان في وضعية الجلوس
- يرفع رأسه و كتفيه مستندًا إلى يديه إذا كان متمددًا على بطنه
- يتفاعل مع المؤثرات الصوتية
- في الشهر التاسع ، يمكنه الجلوس من دون الاستناد إلى وسادة
- يتفاعل مع اسمه
- يردد حرفًا أو حرفين من كلمة
- يستطيع التنقل من مكان إلى آخر
- يدرك الأشياء ويقبض عليها بمساعدة أصابعه
- في عمر السنة يتجاوب عندما تناديه أمه باسمه.
- في عمر السنتين يبدأ الكلام وتصبح خطوات مشيته ثابتة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024