لهذه الأسباب.. تجنب الجلوس طويلاً أثناء العمل
ميس نمر حمّاد
تتطلب طبيعة عمل البعض المكوث لساعات طويلة خلال العمل، والحفاظ على وضع الجسم المستقر بأقل قدر ممكن من الحركة.
لكن ذلك يكلفنا الكثير والعديد من المخاطر الصحية التي كشفت عنها بعض الدراسات الطبية العالمية.
وقد لا تكون هناك دراسات كثيرة في العالم العربي حول التوتر والضغوط التي يتعرض لهما الموظفون القائمون بأعمال مكتبية تتطلب الجلوس طويلاً، إلا أن المؤتمر الأول من نوعه حول الصحة العامة والذي عُقد في مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة في العام 2013، ناقش السلامة النفسية والجسدية للعاملين في مثل هذه الأجواء، إذ أكد على أن "السلامة في مكان العمل يجب أن تكون أولوية عند وضع القوانين الاجتماعية، والصحية العامة"، حسب تقرير نُشر على موقع Gulf News.
وجاء في التقرير المذكور كذلك، أن "التوتر الذي يسببه العمل في المكاتب، وسلامة البيئة نفسها، هما أهم عاملين يجب الالتفات إلى معالجتهما من قِبل الجهات المسؤولة عن الصحة العامة".
ويعرضنا الجلوس لساعات طويلة أثناء العمل لمخاطر صحية متعددة، منها ما هو متعلق بالبنية العضلية و العظمية للجسم، بحكم وضع الجلوس الذي قد لا يكون صحيا، مثل آلام الظهر وضعف النظر، فضلاً عن قلة الحركة، ومنها ما يتعلق بالوظائف الحيوية للجسم مثل ركود الأيض، وارتفاع معدلات الإصابة بأمراض السكري والسمنة، والتي تؤثر بصورة كبيرة على وضع الجسم المستقر. وقد تحتاج تلك الإصابات المهنية علاجاً طويلاً للشفاء منها بشكل تام.
كما تعتبر طريقة الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر في مكان العمل من أبرز أسباب مشكلات الظهر. وهنا يحذر الخبراء من الاقتراب الشديد أو الابتعاد الشديد عن الشاشة، فالوضع المثالي يتمثل في أن يكون الرأس والجزء العلوي من الجسم على استقامة واحدة وبشكل طبيعي.
وللحفاظ على النظر، ينصح الخبراء بألا تقل المسافة بين العين وشاشة الكمبيوتر عن 50 سنتيمترا، ويفضل أن تصل لـ 70 سنتيمترا مع الشاشات كبيرة الحجم. ولتجنب الإشعاعات يجب وضع الشاشة بزاوية جانبية يمين النافذة، أو مصدر الضوء بشكل عام.
كما يجب الحرص على وجود الفأرة (الماوس) في متناول اليد دون الحاجة لمدها بشكل كبير. ولتجنب إجهاد العين في القراءة، يفضل تكبير حجم الخط (بين 11 و 14) سواء في برامج الكتابة، أو حتى بالنسبة لصفحات الإنترنت. وبالنسبة للوحة المفاتيح، يفضل اختيار اللوحات فاتحة اللون، على أن تكون الحروف مطبوعة عليها بخط واضح، وفقا لصحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية.
من جانبها قدمت صحيفة Le Figaro الفرنسية، نصائح موجهة للموظفين الذين يضطرون إلى الجلوس ساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب، تمكِّنهم من الحفاظ على صحتهم وتجنُّب مخاطر الجلوس التي تفرضها ظروف العمل، وتقلل من التوتر الذي يشعرون به.
فغالباً، يعد الجلوس مع وضع الساق على الأخرى، ووضع لوحة المفاتيح بعيدة جداً، وشاشة الحاسوب منخفضة مع انحناء الظهر أمراً مريحاً بالنسبة لكثيرين. ولكن العمل على امتداد ساعات طويلة، مع اتباع مثل هذه الوضعية المريحة في نظر الموظفين، يعد أمراً مضرّاً بالصحة.
نصائح
يجب الانتباه إلى وضعيات الجلوس المتبعة، و التي قد تتسبب في إلحاق أضرار بصحتك، ومحاولة تجنُّبها قدر الإمكان خلال فترة العمل.
السكر
أجرى فريق باحثين من المعهد الألماني للتأهيل الرياضي في جامعة كولونيا، أبحاثاً عن أضرار الجلوس لفترات طويلة على صحة الإنسان. وقام الباحثون بدراسة نسبة سكر الدم في الجسم، لأنه يمثل دليلاً هاماً على مدى استفادة الجسم من الطاقة المستقاة من الطعام والشراب. إذ قام العلماء بقياس نسب الدهون والماء في الجسم من الأشخاص الذين أجريت التجارب عليهم.
وبعد ذلك تم وضع الأشخاص في أماكن للجلوس، وطُلب منهم قراءة الكتب أو استعمال الإنترنت، ولم يُسمح لهم بالوقوف لمدة خمس ساعات متتالية. وفي هذه الأثناء تم قياس نبضات القلب في فترات منتظمة. وبعد ذلك طُلب من الأشخاص تناول الطعام ومن ثم إكمال عملهم بوضعية الجلوس.
نتائج الدراسة كانت واضحة، وأكدت مخاوف الباحثين، إذ ارتفعت نسبة السكر في الدم في الأشخاص الذين أجريت التجارب عليهم بنسبة عالية تصل إلى مستوى الإصابة بمرض السكري، وذلك بعد يوم خال تماماً من النشاط أو الحركة. وفي حالة قطع فترة الجلوس بممارسة تمارين رياضية، أو المشي يقل مستوى السكر في الدم إلى الثلث.
عن ذلك يقول الدكتور إنغو فروبوزه من المعهد الألماني للتأهيل الرياضي في جامعة كولونيا، إنه ذُعر بعد مشاهدته النتائج، لأنه إذا بقي المرء دون حركة فهذا يعني أن نسبة السكر في دمه ترتفع إلى معدلات عالية جداً، وذلك لأن الجسم يبقى متوتراً والطعام لم يُهضم بصورة جيدة.
ونصح خبراء المعهد الألماني بممارسة حد أدنى من النشاط، كصعود الدرج بدلاً من استعمال المصعد الكهربائي، والمشي لتفادي أمراض السكر والسمنة.
وعن وضعية الجلوس السليمة على المقعد، أوضحت الهيئة الألمانية للتأهيل الرياضي أن العمود الفقري ينبغي أن يأخذ وضعه الطبيعي أثناء الجلوس، والمعروف باسم حرف (S) المزدوج، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال إمالة الحوض إلى الأمام قليلا، مما يساعد على انتصاب القفص الصدري وتمدد الفقرات العنقية.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي عدم البقاء في نفس وضعية الجلوس لساعات طويلة، إذ قد يؤثر ذلك سلباً على الجهاز العضلي والدورة الدموية والأقراص الفقرية.
وهنالك العديد من التمارين التي تساعد الجسم على الارتخاء أثناء العمل. فبحسب الهيئة الألمانية، يمكن ممارسة بعض التمارين البسيطة أثناء الجلوس على المكتب، والتي تساعد الجسم على الارتخاء.
ومن بين تلك التمارين رفع الكتفين بين ثلاث إلى خمس ثوانٍ، ثم خفضهما من جديد، مع تكرار التمرين ثلاث مرات. بالإضافة إلى ذلك، يوصى بوضع اليد اليسرى على الكوع الأيمن ثم سحب الذراع نحو الكتف اليسرى قليلاً. ويجب أن يستمر هذا التمرين خمس ثوانٍ، ثم اعتماد الطريقة ذاتها للجانب الآخر.
ومن التمارين أيضاً "شبِّك اليدين معاً، ومن ثم مد الذراعين فوق الرأس. وبعد ذلك، الانحناء إلى الوراء، ثم إمالة الجذع إلى اليسار وإلى اليمين لتحريك الخصر"، وفيما يتعلق بوضع الساقين "الجلوس، ثم إمساك الساق بإحدى اليدين، ورفع الركبة إلى فوق إلى أن تصبح الركبة قريبة من الأنف، ومن ثم تطبيق الخطوات نفسها على الساق الأخرى".
ورفع إحدى القدمين إلى فوق، والحفاظ على الأخرى على الأرض. إضافة إلى ثني الكاحل وسحب أصابع القدم إلى الأعلى، مع تنفيذ التمرين ذاته مع الساق الأخرى. بينما المعصمان "مد الذراع اليمنى، ثم ثني المعصمين إلى الأعلى، وتطبيق التمرين على اليد اليسرى.
بعد ذلك، قم بسحب أصابع اليدين نحوك وعقدها لمدة ثلاث إلى خمس ثوانٍ، مع إعادة التمرين بالنسبة لليد الأخرى.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024