تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

منى أبو حمزة: برنامجي أسقط الأقنعة ولا أكترث لعواقب قول الحق

لإطلالتها على الشاشة سحرٌ خاص، سواء جلست على كرسي الحكم، أو كانت هي من يُدير الحوار في البرامج. تركت منى أبو حمزة بصمةً في عالم التلفزيون، وهي اليوم عادت إلى «حبيبها الأول» «حديث البلد»، في موسمٍ متجدّد على قناة MTV. أبعدها التلفزيون عن الأدب وعالم الكتابة، وقلّص المسافة بينها وبين المشاهدين من خلال ثلاث برامج أطلّت من خلالها على الجمهور في فترة زمنية قصيرة، ولعلّ التجربة الأبرز بالنسبة إليها كانت «حكايتي مع الزمان» والتي تصفها بالإنسانية. في حوارها مع «لها»، تتحدّث أبو حمزة عن عودتها إلى «حديث البلد» وكواليس برنامجيّ «ديو المشاهير» و«حكايتي مع الزمان» وغيرها من الأمور.


- لنتحدّث بدايةً عن «ديو المشاهير» والإيجابية التي أحاطت بهِ؛ كيف تقيّمين الموسم؟
استمتعتُ بكوني جزءاً من هذا البرنامج الناجح في موسمه الثاني، فهو يجمع بين الترفيه والأهداف الإنسانية، وفيه يُظهر المشتركون النجوم خفّة ظل كبيرة، وهذا ما يُضفي أجواء مميّزة عليه، ولا تنسَ أنّ لديهم قاعدة جماهيرية عريضة. ناهيك عن احتراف محطة MTV، والطريقة التي تُقدِّم بها البرنامج، ففي كلّ حلقة تشعر وكأنّك تُشاهد حفلة متكاملة. مرتاحة جدّاً بوجودي في اللجنة، وكما قُلتُ لك هناك طاقة إيجابية وخفّة ظلّ وفرح كبير في البرنامج.

- أين ترين أنّ تجربة التحكيم تتضمن جدّية أكثر؛ في «ديو المشاهير» أم «مذيع العرب»؟
كما تعلم، هذه ليست أولى تجاربي في التحكيم، ولكن في «مذيع العرب» الأمر مختلف، فأنا أحكِّم في مجالي، ونحن في لجنة التحكيم مسؤولون عن مصير مشتركين محترفين ويسيرون على درب الاحتراف في مهنةٍ اختاروها بأنفسهم، وعليها تقييمهم، وعلامتنا تشكّل 60 في المئة من مجمل العلامة النهائية الخاصة بكلّ مشترك، وأن تكون صارماً وتتحدّث بضمير مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي. في «ديو المشاهير»، الأجواء العامة مختلفة وكذلك طابع التحكيم، فالمشتركون مشاهير معروفون في مجالاتهم، والموضوع ليس مصيريّاً بالنسبة إليهم. ولكن هذا لا يمنع أن أكون محترفة في حُكمي، سواء على الأداء أو الإطلالة، ولي أذن موسيقية تستطيع التمييز بين النشاز والغناء السليم. كُرسي الحكم يُحمّلك مسؤولية بغض النظر عن البرنامج، وفي «ديو المشاهير» أرى أنّ دورنا تقييمي توجيهي، والدور الأبرز للجمهور.

- أين تجدين سقف التعليقات محدوداً أكثر؟!
بطبعي دائماً أوجّه الملاحظات بلطف وديبلوماسية، سواء كانوا مشاهير أو مشتركين. يجب أن تدرس طريقة توجيهك للملاحظة، ويبقى في «ديو المشاهير» أن تأخذ في الاعتبار احتراف المشتركين وجمهورهم ومكانتهم.

- ركّز الجمهور هذا العام في إطلالاتكِ وحصدتِ مدحاً عليها... لماذا برأيكِ؟
في السنوات الماضية، كانت إطلالاتي تُوصف بالكلاسيكيّة القصوى في الماكياج والشعر، وطولِبتُ بالتغيير، وأظنّ أن تسريحة شعري الجديدة غيّرت إطلالتي، والناس بدأوا يُحبّونها أكثر.

- في أي برنامج تضع منى أبو حمزة من شخصيتها أكثر؟
لكلِّ مقامٍ مقال... أتصرّف دائماً وفق الأجواء السائدة، ولكن منى هي نفسها في كلّ البرامج.

- كيف تلخّصين تجربة «حكايتي مع الزمان»؟ وهل من موسمٍ ثانٍ كما يُقال؟!
التجربة رائعة وفيها مشاعر كثيرة، سواء في التحدّث مع المشاهير أو حتى عندما صوّرت إعلان البرنامج وخضت تجربة التقدّم في السنّ... حينها انتابني شعور متناقض من الحنين والقلق والتفكير أنّني عندما أصل إلى هذه السنّ، أين سأكون وأين سيُصبح أولادي ومن أحبّ، وإحساس بالوحدة أيضاً وسألتُ نفسي؛ هل سأكبر وأكون مُحاطة بمن أحبّ أم لا؟ التجربة غنيّة جدّاً على الصعيد العاطفي، وتكرّرت بالنسبة إليّ مع استضافة كلّ نجم وضيف في الحلقات، وكلّ حلقة كانت مليئة بالانفعالات. 30 حلقة مضت وعشتُ خلالها تجربة لا مثيل لها، أمّا بالنسبة الى الموسم الثاني فهذا أمر يعود إلى الشركة المنتجة والمحطة.

- سبق وقلتِ إنّ التجربة مُتعبة...
مُتعبة وجميلة، ولا أعلم ما إذا كنتُ سأخوض موسماً ثانياً منها في حال نُفِّذ... لن تُصدّق أنّني كنتُ أمضي حوالى 24 ساعة متواصلة من العمل، من التحضيرات للتصوير مروراً بالتصوير ومرحلة تغيير الشكل ووصولاً إلى عودتي في اليوم التالي إلى المنزل.

- هل لديكِ مشكلة في أن تخلفكِ أي مذيعة في تقديم البرنامج؟
هذا ليس منصباً، وبالتالي لا مشكلة لديّ في أن يُقدّمه أحد غيري... التجربة بالنسبة إليّ كانت مُتعبة ولكنّها مثمرة ورائعة، ولا أنسى هنا العمل مع تلفزيون دبي وإدارته المحترفة، هذه المحطّة العريقة، والتي تمثّل الوجه المشرق للإمارات العربية المتحدة عموماً ولإمارة دبي خصوصاً، منارة الازدهار والتقدّم في الشرق... وعلى العموم قد يكون مبكراً الحديث عن موسم ثانٍ الآن.

- هل كونكِ قليلة الكلام وكثيرة المشاعر، هو استراتيجية متبعة في «حكايتي مع الزمان» أم نابع من المواقف العفوية؟
هذا صحيح، كنت كثيرة المشاعر ومُقلّة في الكلام، والصمت للحقيقة هو الأفصح في حضرة الموقف، واللحظات التي يكتشف فيها النجوم أشكالهم بعد مضي سنوات، وأعتبرها لحظات خاصة. ولا تنسَ أنّهما ضيفان، وبالتالي هناك ردود فعل مختلفة، وفي بعض الأوقات غير متوقّعة على تغيير الشكل. كان ذلك متعمّداً في فقرتَي تبديل الأشكال حتى يعيش النجوم اللحظة ويعبّروا عن مشاعرهم ويتحدّثوا بطلاقة عن كلّ ما يُريدونه، وهذا بخلاف الفقرة الأولى التي تتضمّن حواراً بيني وبين الضيوف للتعرّف إليهم أكثر ونقل انطباعاتهم إلى الجمهور.

- لاحظتُ أنّكِ في حلقة النجمين درّة وظافر العابدين كنتِ متأثرة...
(تقاطعني)... للأمانة كنتُ متأثرة في كلّ الحلقات!

- كان هناك بريق في عينيكِ... عموماً ما أكثر الحلقات التي ما زلتِ تذكرينها؟
كلّ حلقة كانت عبارة عن تجربة إنسانية، وبمقدار ما بدت أفكار هذه التجارب متشابهة، إلّا أنّ هناك ما يُفرّقها، وعندما يمرّ الضيف في مراحل التقدّم في السنّ يكشف عن إحباطات وتراكم حزن تارةً، وعن فرح ومخاوف وكبت ومشاكل من الماضي تارةً أخرى. كلّ حلقة هي تجربة فريدة وقائمة بحد ذاتها، وكلّ إنسانٍ منّا هو بحرٌ من الذكريات والعواطف. وبما أنّك تحدّثت عن درّة وظافر العابدين؛ فدرّة إنسانة رقيقة وشفافة وفنانة حقيقية، لا تستطيع إلّا أن تتأثر وتتفاعل مع إطلالتها، أمّا ظافر فقلتُ له أنه Old Soul، فهو شخصية حقيقية ومتجذّرة ويتمتع بحكمة كبيرة، ويضع عائلته وابنته في مقدّم أولوياته وتبقى الأمور الأخرى تفاصيل يترفّع عنها.

- عادةً يكون الفنانون ديبلوماسيّين ويُحاولون إخفاء مشاعرهم؛ هل كسرتِ هذه الصورة النمطية؟
«حكايتي مع الزمان» أسقط كلّ أقنعة الديبلوماسية عن وجوه الضيوف... البرنامج واقعي، وقد كشف لنا عن روح الضيوف المشاهير، وعن شخصياتهم الحقيقية.

- هل تحدّ البرامج الـ Scripted من قدرة المُحاور الإبداعية، أم أن كلّ محاور يُضفي على برنامجه صبغة خاصة رغم التيمة المشتركة؟
بالتأكيد... في «حديث البلد» مثلاً لا مجال للاستطراد عندما تستضيف أكثر من 13 ضيفاً في حلقةٍ واحدة، ومخصّص لكلٍّ منهم مدّة لا تتجاوز العشر دقائق، فالوقت قصير جدّاً للتحليل والابتكار والخوض في تفاصيل عدة، كما ويبقى «حديث البلد» البرنامج الأصعب من ناحية التحضيرات وضيق الوقت والعدد الكبير من الضيوف، ويحمل في طيّات حواره لمسة إنسانية، وأقدّم من خلاله مادة تدخل قلوب الناس وبيوتهم من دون أن تكون جامدة، وأكون متمكّنة منها، من دون أن يؤطّرني البرنامج.

- هل تشعرين أنّك متمكّنة من فن تقديم برامج «الفورمات»؟
أنا ببساطة شخصية متمكّنة من كل ما أقدّمه وأقوم به، ومتفانية في عملي.

- هل لا تزال عينكِ على حلقات الحوار «السبيسيال» التي قدّمتها سابقاً؟
لكلّ برنامج ونوع حوار لذّته، ولكن يمكنني أن أستخرج المزيد من المعلومات من الضيف في الحوارات الطويلة و»السبيسيال». هناك مساحة من الوقت، وكذلك الإطار الموضوعة فيه المقابلة. تستطيع أن تُخرج من الضيف أخباراً وحكايات كثيرة، ولكن كما قلتُ لكَ، من ناحية صعوبة التقديم والتحدي، أظنّ أنّ «حديث البلد» هو المتفوّق.

- هل تندم منى أبو حمزة على أنّها خاضت تجربة تقديم «الفورمات» والتزمت بها إلى حد كبير في مسيرتها؟

أشبّه فورمات «حديث البلد» بدورة المغاوير في الجيش، فهي الأصعب وبعدها تصبح كلّ الأمور سهلة. وعلى الصعيد الشخصي، هذه البرامج لم تحدّ من إنسانيّتي، ولم تُلغِ قوانين البرنامج ولا المعلومات الكثيرة فيه شخصيتي. وكما قلتُ لك، هو لم يؤطّرني، بل أنا من وضعته في قالب يُشبهني.

- عندما ترى المرأة، وانطلاقاً من تجربة شخصية، التجاعيد على وجهها؛ كيف يكون شعورها؟ وهل تتقبّل مظهرها الجديد؟
في المرحلة الأولى من التقدّم في السنّ، 90 في المئة من الضيوف، رجالاً ونساءً، لم يتقبّلوا أشكالهم وكان هناك رفض كبير، ولكنّهم عادوا ورضخوا للأمر الواقع في المرحلة الثانية. كان هناك تصالح مع العمر وفكرة أنّنا لا نستطيع إيقاف التقدّم في السنّ، لا من خلال ممارسة الرياضة ولا عبر الجراحات التجميلية، ففي سنّ الثمانين تقريباً شعرنا جميعاً أنّنا نرضخ للأمر الواقع، فنستسلم تلقائياً وتخفّ مقاومتنا لهذه الظاهرة، وهذا أمر منطقي.

- توقّفتِ مع ضيوف «حكايتي مع الزمان» عند محطات كثيرة في حياتهم، ما أكثر المحطات التي تتوقّف عندها منى أبو حمزة في حياتها؟
قد أختصرها بأربع محطات؛ الأولى قبل الزواج، وهي تتمثل بتكوين شخصيتي والتربية والبيت الذي عشتُ في كنفه والتواصل مع العائلة. المحطة الثانية هي الزواج والمرتبط بالأمومة التي كانت من أكثر نقاط التحوّل في حياتي، لتأتي بعدها إطلالتي التلفزيونية الأولى عام 2009 وأول احتكاك لي مع الجمهور. وقد لا يعرف الكثيرون أنّني تزوّجتُ وأنجبتُ وعندما تقدّم أولادي في السنّ انصرفتُ للعمل الإعلامي، والمحطة الأخيرة هي توقيف زوجي ظُلماً على مدى 3 سنوات، والتي خرج بعدها بريئاً... هذه كانت «معمودية النار» بالنسبة إلينا.

- هل صحيح أنّ جمهور «حكايتي مع الزمان» نخبويّ؟!
أبداً... فقد وصلتني ردود فعل من ناس كثيرين، والتحوّل والتغييرات في الشكل كما التقدّم في السنّ، كلّها أمور مثيرة للجدل، ويحبّ الجمهور متابعتها، وأوّد هنا الإشارة إلى أنّ الناس تعلّقوا أيضاً بالجانب الإنساني من البرنامج بمقدار ما تحمّسوا لمشاهدة الضيوف قبل التعديل في أشكالهم وبعده.

- في الحديث عن صور «قبل وبعد»، هل تنزعجين عندما تُنشر لكِ صور قديمة؟
لا أنزعج، بل أولي الموضوع اهتماماً وآخذه من منحى إيجابي. والمضحك في الأمر، أنّه وفي معظم المرّات قد لا أكون أنا صاحبة الصورة، ولكنّني لا أردّ، فكلّ شخصية عامة معرّضة لمثل هذه المواقف، ولكنّني أتعامل معها بإيجابية مطلقة.

- تقولين إنّ بداياتكِ في التلفزيون كانت في النصف الثاني من عام 2009؛ عندما تتحقق النجومية في سنّ ناضجة، هل تكون مسؤولة وحكيمة بما فيه الكفاية؟
المسؤولية تنبع من أمرين، هما العمر والبيئة التي تحتضنك. ثمة كثر لا يكترثون للتفاصيل ولا شيء يزعزع ثقتهم بنفسهم أو يغرّهم، والعمل ساعدني كثيراً، فالنجومية أفرحتني ولكن في المقابل زادت لدي هاجس الإنتاج والإنجاز الجيّد بنوعية أفكار مميّزة، ما جعلني لا أنشغل بالضوء والإطراءات.

- لماذا تأجّلت إطلالتكِ في «حديث البلد» إلى شباط/فبراير 2018؟
كان من المفترض أن أفتتح الموسم كالمعتاد في بداية الخريف مع الدورة البرامجية الجديدة، ولكنّني كنت منشغلة بتصوير «حكايتي مع الزمان» وتضاربت بعض مواعيده مع «ديو المشاهير» ففضّلنا التأجيل.

- كيف تصفين العودة إلى هذا البرنامج؟ وهل صحيح أن هنّاك برامج تشيخ على الهواء؟
«حديث البلد» مجلّة تلفزيونية أسبوعية متغيّرة ومتجدّدة، تحافظ على الشكل والهيكلية نفسهما ولكن الضيوف يتغيّرون، وحتى لو تكرّر بعض الضيوف فيكون لديهم جديد للتحدّث عنه. هذه النوعية من البرامج لا تشيخ أبداً وليس لها مدّة صلاحية، فالبرنامج يعتمد على أخبار وأحاديث مجموعة بساعة وخمسين دقيقة، كما أنه يعتمد في الأساس على الحدث.

- عندما يعتاد الإعلامي على برنامجه، هل تكون العودة إليه أصعب من الانطلاق ببرنامج جديد؟
عندما أبتعد، أشعر أنّني في إجازة تلفزيونية، أسمح لنفسي بأن أقيّم وأراقب بموضوعية. الخوف ليس من الجديد فقط ولكن من الانطلاقة و«التقليعة» في أولى حلقات الموسم، ودائماً أقول إنّ تقديم البرامج مثل قيادة السيارة، عادة وإذا أقلعتَ عنها تتطلّب جهداً بسيطاً لاستعادة مهاراتك فيها، ولكن عليكَ التطوّر والتحسّن لأنك لو بقيت مكانك فسيسبقك الجميع.

- كيف يتأقلم «حديث البلد» مع ظاهرة الـ Late Night Shows؟
هذه الفئة من البرامج اعتمدت كثيراً على فقرات من «حديث البلد»... سواء لبنانياً أو عربيّا.

- (أقاطعها): حتى فقرة الأسئلة السريعة هي الأكثر رواجاً اليوم...
وفي بعض المرّات يسألون الأسئلة نفسها. برنامجي غني بمضمونه ومعلوماته، وبرامج الـ Late Night Show هي فقط للتسلية والترفيه. أتذكّر هذه الحادثة... في إحدى المرات كنتُ أحضر مؤتمراً في أحد فنادق بيروت المهمة، ولم يكن «حديث البلد» حينذاك مُذاعاً على الهواء، وعند مغادرتي تقدّم منّي مسؤول التشريفات في الفندق قائلاً «قطعتينا»... وعندما سألته لماذا؟ أجاب بأنّه كان يدوّن كلّ مواعيد النشاطات التي نتحدّث عنها في البرنامج لينصح بها نزلاء الفندق والسيّاح، وهذا فعلاً ما أحب الاستماع إليه... تأثير البرنامج في الجمهور.

- في المواسم الأخيرة شعرنا أنّك أكثر ارتياحاً... لماذا؟
أنا بطبعي أميل الى الضحك والمُزاح، ولكنّني أسيطر على هذا الجزء من شخصيتي عندما أكون على الهواء، لأنه لا يمكنني أن أمزح وصديق البرنامج في الوقت نفسه، فيضيع المحتوى ونفقد الرصانة. عموماً، أحاول أن أكون على طبيعتي أمام عدسة الكاميرا، ولكنّنا نتغيّر من دون أن نشعر ولا نستطيع الحُكم على أنفسنا من هذا المنظار... نحن نتغيّر من موسم الى آخر وتتبلور شخصيتنا أكثر فأكثر مع مرور الوقت.

- بالنسبة إليكِ؛ هل الإعلام غدّار أم الجمهور ينسى الوجوه؟
الجمهور قد ينسى من يمرّ على الشاشة، والمحطات تقدّم على الدوام وجوهاً جديدة ومادة مختلفة كلّ يوم، والمشاهدون يستهلكونها، ولا نستطيع اتهام الإعلام بالغدر، لأنّ عدداً كبيراً من المذيعين والمذيعات مرّوا وتركوا بصمة في ذاكرة الجمهور الجماعية، ويبقى هناك عدد منهم غير محظوظ لم يستطع الرسوخ في ذاكرة الناس.

- إذا قمنا معكِ بـ Zapping؛ ماذا تشاهدين على التلفزيون؟
ينطبق عليّ المثل القائل «الاسكافي حافي»، فأنا لا أشاهد التلفزيون كثيراً، لأنّني أعمل يومياً في التلفزيون والإعلام، وخلال الإجازة أفضّل الابتعاد عنه وقد أشاهد الأفلام. الإعلام العربي واللبناني خصوصاً تحسّن كثيراً من ناحية نقل الأخبار والصورة والإنتاج، وبات أفضل من قبل، ولكن لا تزال الموضوعية في المحتوى تطرح عدداً من علامات الاستفهام، وحتى أنّ خلاصة ما نشاهده تطرح علامة استفهام... أنا لستُ ضد الضحكة، بل أستعملها في برامجي، ولكن بعيداً من الإسفاف.

- أنتِ ضد مبدأ «الجمهور عايز كده» في الإعلام...
الإعلام يلعب دوراً كبيراً في قولبة نبض الشارع، وهذه مسؤولية كبيرة، وعليه توجيه الجمهور وخلق شريحة واعية ومثقفة بالتزامن مع تقديم مواد مرحة ومسلية بطريقة راقية. للأسف، نجد اليوم إسفافاً لدى غالبية المحطات الكبيرة والمعتمدة، والجمهور يظنّ أنّ هذا هو السائد وينساق وراءه، ولكن هذا خطأ، والجميع اليوم أسير التلميحات الجنسية، وهي أسهل الطرق لإضحاك الناس وأكثرها إسفافاً... نسي الكثيرون أنّ هناك جيلاً من المراهقين لم تكتمل شخصياتهم بعد، ويتلقّفون ما يسمعونه ويُشاهدونه ويكوّنون شخصياتهم على مبادئ خاطئة.

- هل جعلكِ التلفزيون كسولة في الكتابة؟
لم يترك لي الوقت للأمانة... أتمنى أنّ تظلّ لدي «عجقة عمل»، وفي المستقبل أتفرّغ للكتابة لو أطال الله بعمري.

- متى سيحين موعد إصدار منى أبو حمزة الأدبي الثاني بعد «بلا حقائب»؟
الكتابة تتطلّب تفرّغاً ووقتاً وصفاءً ذهنيّاً، ولا تنسَ أنّني مررتُ بفترة صعبة، تلاحقت فيها الأحداث بسرعة. أتمنى أن تبقى الأمور جيّدة وتتحسّن ليكون لدي الوقت للكتابة.

- عندما ينجح الإنسان، هل يزيد عدد الكارهين أم المقنّعين؟
الإثنان معاً، ولكن تتفوق نسبة الكارهين... في السابق كنتُ أنزعج من كارهي البرنامج أو أي نشاط أقوم به إلى أن اكتشفتُ أنّ هناك أشخاصاً يكرهون حياتي، وحينها هانت عليّ التعليقات السلبية. عندما اكتشفت أنّ بعض الكارهين يملكون السلطة لإيذائك ويؤثرون في حاضرك ووضعك اليومي ومعيشتك... بتُّ قادرة على استيعاب التعليقات السلبية والانتقادات، والأمور المادية لم تعد تعني لي إطلاقاً. فقد وصلتُ إلى مرحلة كان الممكن أن تنكسر فيها عائلتي وتتشتّت...

- وصلتِ إلى قناعة أنْ تقولي ما تريدينه من دون التفكير في ردود فعل الناس؟
ما زلتُ منى الحسّاسة والتي لا تُعادي الناس بلا سبب، ولكن «ما بقا بدّي ساير» وخاصة في الصداقات، وأصبحتُ أقول كلمة الحق ولا أكترث لعواقبها.

- عام 2018 عالميّاً هو عام تمكين المرأة؛ أين تقول منى أبو حمزة للنساء... انظرن ها هو الأمل؟!
«النساء بحد ذاتهن أمل»... المرأة هي أساس التكاثر والنمو وركيزة العائلة، وتعرف كم هي جميلة وقوية وقادرة على القيام بأمور عدة. المرأة ليست مكسورة كما يُصوّرونها أو تابعة لأحد، بل على العكس هي من يُمسك بزمام أمور المنزل، وهي أيضاً Leader عليها مسؤوليات فكرية وليس هناك ما قد يُلهيها عن الأساس... الأمومة أمل والنجاح أمل، وكلّ هذا ينعكس على دور المرأة في المجتمع، ولو لم تكن المرأة قوية لما وُضِعَت القوانين للسيطرة على قوّتها وضبطها، ومحاولة مساواتها بالرجل.

- رغم ذلك... تقولين إنّ الكفاءات النسائية اللبنانية والعربية مهمّشة؛ ما السبب؟
القوانين طبعاً... على كلّ امرأة أن تطوّر ذاتها وتتقدّم لتنجح، وبالتالي لا تسمح لأحد بأن يسرق نجاحها... عندما أنجح أُشجّع النساء من حولي ليُصبحن ناجحات أيضاً، والمرأة الناجحة قدوة لزميلاتها.

- كيف ترين علاقة الرجل بالمرأة، وهل هو فعلاً يغار من نجاحاتها؟
ينظر بعض الرجال نظرة دونية الى المرأة في محاولةٍ للتخفيف من أهمية إنجازاتها ونجاحاتها بنوع من السخرية والتهكّم... ولكن هذا المنطق ليس سائداً في كل مجتمع. يجب عدم التوقف عند هذه النقطة، فالرجل ليس خصماً، والصراع ليس معه، بل لتقديم الأفضل.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080