تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

حقائق جديدة عن سرطان الجلد

ما لم يتم كشف الأورام القتامينية، أو سرطان الجلد، في مرحلة مبكرة، يملك الأطباء لغاية الآن وسائل محدودة لمواجهة هذا النوع من السرطان. إلا أن علاجات جديدة تلوح في الأفق وتحدث ثورة في الشفاء.

قبل أن يتخطى الورم حدود البشرة، ويتفشى في أنحاء أخرى الجسم، يمكن التخلص من «حبيبات السرطان» بسهولة بواسطة مبضع الجرّاح إذا أمكن القول.
إلا أن التشخيص يتم غالباً في مرحلة متأخرة لسوء الحظ، لأننا نملك جميعاً عدداً لا بأس به من الشامات (ثلاثين شامة تقريباً).
لذا، لا نعير الانتباه إذا تبدل مظهر شامة أو أكثر. والمؤسف أن هذا قد يحدث بسرعة كبيرة.
فإذا كانت بعض الشامات تحتاج إلى سنوات عديدة لتتحول إلى أورام سرطانية، فإن بعض الشامات تتخذ المنحى السلبي خلال أشهر قليلة.
والمؤسف أن العلاجات المتوافرة حالياً تبقى لسوء الحظ عاجزة أمام هذه المراحل المتقدمة من السرطان.
وهذا ما يبرر اعتبار الأطباء لسرطان الجلد أحد أنواع السرطان الأكثر خطورة.

علاجات هادفة
برز في الآونة الأخيرة علاجان جديدان، وللمرة الأولى، يعدان بالتأثير فعلاً في تطور المرض. فهذا السرطان يشهد حالياً ثورة مماثلة لتلك التي شهدها سرطان الثدي.
بالفعل، تم التعرف إلى تحول وراثي، في الجينة BRAF، الموجودة عند أكثر من نصف الأشخاص المصابين بسرطان الجلد. فهذا التحول في الجينة يحفز تكاثر الخلايا السرطانية.
هكذا، لم يعد بوسع الأطباء القول فقط من يملك ذلك التحول في الجينة، بفضل اختبار تحليل وراثي، وإنما أيضاً الجزيئات القادرة على قمع نشاطه.
وللمرة الأولى، يتوافر علاج هادف ومحدد، علماً أن الباحثين لا يزالون ينتظرون النتائج.
فقد أظهرت التجارب التي أجريت على أشخاص يحملون ذلك التحول في الجينة أن خطر الموت عندهم انخفض بنسبة 63 في المئة، فيما تضاءل خطر تفاقم المرض إلى 74 في المئة، مقارنة مع العلاج الكيميائي.
وقد حصل هذا العلاج حديثاً على رخصة تسويقه واستعماله في بعض الأسواق الأوروبية.

تعزيز المناعة
ثمة استراتيجية أخرى تقضي بتعزيز المناعة الذاتية. فمنذ أعوام عدة، يحاول الأطباء تحفيز دفاعات الجسم الطبيعية، وإنما من دون نجاح.
إلا أن وصول جزيئات جديدة بدأ يغير المعادلة. هكذا، تستطيع جزيئة الإيبيليموماب «إطلاق سراح» جهاز المناعة.
إنها تؤثر في نظام السيطرة على الخلايا اللمفاوية T (نوع من الكريات البيضاء).
ويمكن تشبيه ذلك بإزالة المكابح منها. هكذا، لا تتوقف الخلايا اللمفاوية T عن النشاط وتمنع انبثاث المرض (Metastase) بسرعة.
في أية حال، يصبح المرض مزمناً عند بعض الأشخاص. لكن يجب التعاطي مع هذه العلاجات بدقة وحذر.
فلكثرة تحفيز قدراتنا في المناعة الذاتية، يمكن أن تحصل أضرار جانبية وتكون مسؤولة، مثلاً، عن ظهور أمراض في جهاز المناعة.
ولا بد من الإشارة إلى أن المرض يستقر عند 15 إلى 20 في المئة من المرضى، وتزداد كثيراً فرصة العيش لسنوات أطول، الأمر الذي لم يتم إثباته قبلاً مع أية جزيئة أخرى.

علاجات ثنائية
كيف يمكن الاستفادة بأفضل ما يمكن من هاتين الطريقتين، وما هي الطريقة الواجب استعمالها كأولوية، وكيف يمكن جمعهما أو الدمج بينهما؟ إنها أسئلة عديدة يتم طرحها حالياً ويحاول الخبراء توفير الأجوبة المناسبة لها.
كما تبين أن الأورام المنطوية على تحول BRAF حساسة لقامعات MEK، وهي بروتين آخر مسؤول عن نمو الخلايا السرطانية.
لذا، فإن الجمع بين مضاد لـBRAF ومضاد لـMEK يمكن أن يشكل ثنائياً ناجحاً. وتتم حالياً تجربة هذا الدمج عند المرضى.
باختصار، يمكن القول إننا على عتبة جديدة في العلاج. لقد انطلق الأطباء من لا شيء تقريباً وها هم الآن أمام علاجات فعالة، ولا شك في أن المستقبل يستند على العلاجات الثنائية، لا بل الثلاثية.
وبالنسبة إلى اللقاح، لا توجد في الوقت الحاضر أية نتائج واعدة، وإنما يخضع للكثير من الأبحاث المسهبة والمكثفة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079