الجلطة الدماغية... الاكتشاف المبكر يزيد فرص الشفاء
في لحظة من اللحظات ودون سابق إنذار أو على الأقل دون إنذار واضح، يمكن أن يتعرّض أحد المقربين لجلطة دماغية تسبب حالة من الهلع، خصوصاً أن معظمنا يجهل كيفية التصرف في هذه الحالات الطارئة.
صحيح أن هذه الحالة قد تحصل دون إنذار مسبق، لكن ثمة عوامل خطر ومشكلات صحية يهملها المريض ويتجاهلها حتى يتعرض للجلطة.
كل الاسئلة المتعلّقة بالجلطة الدماغية تجيب عليها أستاذة طب الدماغ والأعصاب في جامعة القاهرة نيرفانا الفيومي التي تشدد هنا على ضرورة معالجة بعض الأمراض للحد من خطر الإصابة بالجلطة، خصوصاً أنها تترك وراءها غالباً مضاعفات يصعب تخطيها فتستحيل عندها العودة إلى الوراء.
كما توضح هنا طرق التصرّف عند التعرّض لجلطة للحد من أخطارها ومن مضاعفاتها.
- كيف يمكن التعريف بالجلطة؟
الجلطة عبارة عن خلل مفاجئ في تدفق الدم بأحد شرايين الدماغ، حيث يقلّ الارتواء الدموي في الشريان فتحدث أعراض الجلطة حسب الشريان المسدود في أحد مراكز الدماغ، فإذا انسد الشريان المؤثر على مركز الحركة يصاب الشخص بشلل نصفي بداية من الوجه والفك مروراً باليد ونهاية بالقدم، وإذا انسد الشريان المؤثر على مركز الإبصار يصاب بالعمى، وإذا حدث الخلل بالشريان المؤثر على مراكز الذاكرة والإدراك يصاب بقصور في الذاكرة أو اضطراب في الوعي، وهكذا تختلف الإصابة حسب الشريان المسدود.
- هل من أسباب معروفة تساهم في الإصابة بالجلطة؟ وما الحالات التي تستدعي معالجة ضرورية بهدف تجنّب حصولها؟
تصلّب الشرايين هو السبب الرئيسي، بالإضافة إلى أمراض القلب والذبذبة الأذينية واضطراب ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، ويجب معالجة تلك الأمراض على الفور والمتابعة مع طبيب الدماغ المختص لتجنب حدوث الجلطات في أي وقت.
- هل التدخين يعتبر عاملاً مسبباً؟
بالطبع، لأن التدخين يحتوي على مادة النيكوتين التي تؤدي إلى تقلص شرايين الدماغ وتقليل تدفق الدم فيها فيصاب الإنسان بالجلطة، فضلاً عن أنه يؤثر على بعض البروتينات الهامة في الدم مثل بروتين S وبروتين C، كما يرفع التدخين ضغط الدم، وهو عامل مهم في الإصابة بالجلطات.
- هل من مؤشرات معينة تنذر بحدوثها قبل أن تحصل أم أن الإصابة بالجلطة تحصل فجأة؟
توجد أعراض شبيهة بالجلطة تعطي إنذاراً باحتمال الإصابة بها، تكون مدتها في البداية دقائق وقد تمتد إلى أقل من 24 ساعة، وتتمثل تلك الأعراض في تنميل بالجسم أو تلعثم في الكلام أو دوخة، ومن الممكن تكرار الأعراض لأكثر من مرة، وتزداد خطورة الأعراض إذا كان المريض يعاني أحد عوامل الخطورة التي ذكرناها سابقاً، مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكر أو أمراض القلب، وهنا يحتمل الإصابة بالجلطة كاملة مع إعاقة مستمرة حسب وظيفة الشريان المسدود بالدماغ.
- هل يمكن الخلط بين مؤشرات الجلطة ومؤشرات حالات أخرى؟
نعم، فبعض الأمراض في الجهاز العصبي من الممكن أن تتشابه مع أعراض الجلطة المنذرة، مثل مرض MS أو مرض الالتهاب المتناثر، خاصة لو كان المريض صغير السن، حينها يضع الطبيب الاحتمالين، لذلك يجب أن نجري للمريض بسرعة أشعة مقطعية لتشخيص الحالة وتحديد علاجها.
- هل إصابة أحد أفراد العائلة بالجلطة يزيد خطر إصابة آخرين من العائلة بها؟ هل تعتبر الحالة وراثية؟
يلعب العامل الوراثي دوراً في الإصابة بالجلطة بنسبة تراوح من 10 إلى 20 في المئة. وثمة خطر أيضاً إذا كان التاريخ المرضي للعائلة يحمل أحد عوامل الخطر، كالسمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وبعض العيوب الخلقية في الدماغ، وهنا تزيد احتمالات إصابة الشخص بالجلطة في سن صغيرة.
- هل هناك عوامل أخرى تزيد احتمالات الإصابة في سن مبكرة؟
إضافة إلى عوامل الوراثة تزداد الاحتمالات مع الإصابة بالحمى الروماتيزمية في القلب، وانخفاض بروتينات S و C في الدم، والإصابة بأمراض القلب تأتي في المقام الأول.
- هل يزيد خطر الإصابة بالجلطة مع التقدم بالسن؟
نعم ، وعلى الإنسان بداية من وصوله إلى الأربعين أخذ الاحتياط بالكشف الطبي الدوري وعمل بعض التحاليل الطبية، مثل السكر وصورة الدم وقياس نسبة الدهون في الدم عالية ومنخفضة الكثافة، لأن المنخفضة هي سبب الخطورة، بالإضافة إلى قياس نسبة الدهون الثلاثية، وإجراء تحليل حمض البوليك.
- هل من إجراءات سريعة وطارئة يمكن اتخاذها عند حصول جلطة للحد من خطورتها ومضاعفاتها؟
أهم شيء إذا لاحظ المحيطون بالمريض أي عرض، مثل تنميل في اليد أو الرجل أو حدث شلل أو ضعف واضطراب في النظر أو الذاكرة أو الإدراك، يجب استدعاء طبيب على الفور أو نقله إلى المستشفى بأقصى سرعة ممكنة، لأن الجلطات تتشابه أحياناً مع نزف الدماغ، وإجراء الأشعة المقطعية الذي يحدد المرض، وبالتالي يسرع الطبيب في إجراء الإسعافات، خاصة لو تم اكتشاف الجلطة في أول ثلاث ساعات من الإصابة بها، فيعطي الطبيب للمريض أدوية إذابة الجلطة فتذيبها على الفور وتزداد نسبة الشفاء منها.
- هل يوجد أشخاص أكثر عرضة للإصابة؟
كبار السن ومرضى الضغط والسكري وجميع أصحاب عوامل الخطورة.
- كيف يمكن أن تتفاوت خطورة الجلطة؟ ولماذا تكون أخطر في حالات معينة؟
تفاوت الجلطة يعتمد على سن المريض، وما إذا كانت الإصابة بها أول مرة أو متكررة، كما تعتمد على حجم الشريان المسدود إذا كان صغيراً أو كبيراً، ومكان الشريان في الدماغ إذا كان في مكان حيوي، مركز الإدراك أو الحركة أو الذاكرة أو قشرة الدماغ، وتبقى الإصابة في جذع الدماغ هي الأخطر.
- من الأشخاص الذين يكون وقع الجلطة عليهم وخطورتها أكبر؟
كبار السن ومرضى القلب.
- هل تكون الجلطة أكثر خطورة على المرأة أو على الرجل عادةً؟
أخطر على الرجل، لأنه أكثر عرضة لأمراض القلب، أما المرأة فتحميها الهرومونات الأنثوية من الجلطات وأمراض القلب، خصوصاً في سن الخصب، لكن عندما تقل الهرمونات في سن اليأس تتساوى درجة الإصابة بالرجل.
- ما المضاعفات والعواقب التي تنتج عنها؟ وهل هي دائمة أم يمكن تخطيها؟
المضاعفات لو كانت كبيرة أو في مركز حيوي تؤدي إلى زيادة ارتشاح السائل النخاعي في الدماغ فيؤدي إلى الوفاة، كما أن طول فترة المرض والمكوث في السرير يؤدي إلى حدوث التهابات في الصدر قد تتطور إلى التهاب رئوي يؤدي إلى جلطة في الصدر قد ينتج عنها الوفاة، أو امتداد في شرايين الساق فتحدث جلطة في الساق، ويمكن تخطي المضاعفات بالسيطرة على عوامل الخطورة والعلاج بسرعة في أول ثلاث ساعات على الأقل، والأهم من علاج الجلطة محاولة منعها من البداية.
- في أي حالات يمكن أن تؤدي الجلطة إلى فالج؟
إذا أصيب شريان في مركز الحركة ومكانه بالفص الأمامي من الدماغ فيصاب غالباً النصف الأيمن من الجسم، وقد يصحبه تلعثم في الكلام وجمود في عضلات الوجه.
- ما نسبة الشفاء من الفالج؟
تتوقف حسب مكان الجلطة وخطورتها، فثلث الحالات يتم شفاؤها والثلث الآخر قد يترك نسبة إعاقة والثلث الأخير يصاب بمضاعفات.
- ما المضاعفات التي تنتج عن الفالج؟
جلطة في الساق، التهاب في الصدر، بالإضافة إلى الاكتئاب بسبب الإعاقة.
- متى تؤدي الجلطة إلى غيبوبة؟
لو كانت كبيرة في الحجم وفي قشرة الدماغ فتؤدي لارتشاح حول الجلطة، وهذا يضغط على خلايا الدماغ ويؤدي إلى غيبوبة، أو أن تكون حدثت في جذع الدماغ لأنه مكان مراكز الوعي.
- هل الوقوع في الغيبوبة يعني انعدام احتمال الشفاء وتخطي الحالة؟
ليس شرطاً، لكنه مؤشر خطورة، لكن الأدوية تقلل الارتشاح الموجود في الدماغ، ويجب التنبيه مرة أخرى إلى أن العلاج دائماً يتوقف على سرعة نقل المريض إلى المستشفى.
- ما العلاجات التي يمكن اللجوء إليها بعد الإصابة بجلطة؟ وما نوعها وما مدى فاعليتها؟
أدوية الإسبرين ومشتقاته، والأدوية الفورية المذيبة للجلطة، ويختلف العلاج حسب كل حالة، فلو كان سبب الجلطة تصلباً في الشرايين يكون الإسبرين الأفضل.
- هل الإصابة بجلطة مرة يعني ازدياد احتمال تكرارها مرات أخرى؟
نعم، ويجب الاحتياط دائماً فما زالت عوامل الخطورة التي أحدثتها أول مرة قائمة.
ما العوامل التي تزيد احتمال الإصابة بالجلطة
أولاً إذا كان الإنسان كبيراً في السن عليه توخي الحذر، وإذا كان لديه تاريخ مرضي مع أمراض القلب، زيادة في الكولسترول، مرض السكر، ارتفاع حمض البوليك، خلل في كرات الدم الحمراء أو البيضاء، السمنة، ارتفاع ضغط الدم وأمراض السكر وأمراض القلب. لذلك يجب أن نحاول قدر الإمكان معالجة الأمراض الخطيرة وتجنبها.
تعتبر الرياضة مهمة الى جانب التغذية السليمة، والحياة الصحية والابتعاد عن مسببات التوتر والقلق والأكل صحي، فكلها عوامل مهمة.
ما العوامل التي يمكن أن تساعد على الحد من خطر الإصابة بالجلطة أو من عودتها بعد الإصابة بها
أولاً الانتظام في العلاج وتناول أدوية سيولة الدم حسب الجرعة التي يحددها الطبيب، والانتظام في التحاليل الدورية، وعلاج أمراض عوامل الخطورة، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بانتظام حتى ولو كان المشي لمدة نصف ساعة يومياً، لأنه يقلل من الكوليسترول منخفض الك ثافة وهو من أخطر العوامل المؤدية إلى الجلطة.
كما يجب الابتعاد عن التوترات والقلق وضبط الضغط، والاهتمام بالأكل الصحي والابتعاد عن الوجبات السريعة، والاهتمام بأكل الفاكهة واستعمال زيوت الأوميغا 3 في الطهو، مثل زيت الزيتون لأنها تحسن وتساعد على منع حدوث الجلطات وتحسن الذاكرة في الوقت نفسه.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024