شفقة المحيط تدّمر مريضة سرطان الثدي
مع التطور الطبي في وسائل التشخيص والعلاج لمرض السرطان، صار اثنان من ثلاثة من الأشخاص الذين تشخَّص إصابة بالسرطان لديهم يتخطيان المرض.
على الرغم من ذلك، لا يزال المرض مرتبطاً في أذهان البعض في مجتمعاتنا بفكرة الموت.
ومما لا شك فيه أن عوامل كثيرة، منها ما يرتبط بالمحيطين بمريضة سرطان الثدي ومنها ما يرتبط بشخصيتها نفسها، تلعب دوراً في حسن تعاملها مع المرض وتقبّله من الناحية النفسية، أو على العكس في إذعانها له وضعفها أمامه.
وهنا تبرز أهمية المحيطين بالمريضة في التركيز على مزايا الشخصية وقدراتها بدلاً من زيادة الضغوط عليها بالتركيز على مرضها أو على شكلها.
الأهم هو تشجيع المريضة على متابعة حياتها بإيجابية ليشكل المرض جزءاً من هذه المرحلة في حياتها لا أن يصبح هو حياتها كلّها.
المحاضرة الجامعية في علم النفس د.سرار معلوف تتحدث هنا عن الجانب النفسي في حياة مريضة الثدي مؤكدة أن للزوج والمحيط دوراً أساسياً في مساعدتها على تقبّل المرض بالشكل المناسب وتخطيه.
- كيف يمكن أن نصف الحالة النفسية لمريضة سرطان الثدي وهي تتلقى خبر إصابتها بالمرض، خصوصاً أنه يمسّ جزءاً مهماً من أنوثتها؟
كل سرطان يسبب صدمة للشخص المعني بالإصابة سواء كان سرطاناً في الثدي أو أي سرطان آخر. وهذا أمر لا شك فيه كون فكرة الإصابة بالسرطان تأتي موازية في مفهومنا لفكرة الموت مما يزيدها صعوبةً على الرغم من إمكان الشفاء حالياً نظراً إلى تطور الوسائل العلاجية.
وتحديداً، كون سرطان الثدي يرتبط بدورها كأنثى وبشكلها الذي نعلّق عليه أهمية كبرى في مجتمعاتنا، أكثر من الميزات الخاصة للشخص، يبدو للمرأة المصابة بالسرطان وكأنها خسرت جزءاً مهماً من أنوثتها، لا بل كأنها خسرت أنوثتها كاملةً.
لذلك، مما لا شك فيه أن الحالة النفسية للمريضة تبدو صعبة في المرحلة الأولى، إلا أن ردة فعلها تختلف بحسب شخصيتها.
- لكن أليس لعملية ترميم الثدي التي أصبحت متطورة الآن من أهمية في التخفيف من صعوبة تقبل مسألة الشكل في المرض؟
صحيح أنه تتوافر عملية ترميم الثدي التي تخفف من وقع المشكلة. لكن اللافت انه عندما تخضع المرأة لعملية ترميم ثدي تبقى تشعر بأن ثديها غير طبيعي، فيما تجرى لها عملية تكبير شفتين وتشعر بأن شفتيها طبيعيتان.
- إلى أي مدى يلعب المحيطون دوراً في التخفيف من وقع المصيبة أو على العكس في زيادة الوضع سوءاً؟
للمحيط أهمية كبرى لا يستهان بها. ولا شك أن ردود فعل الأشخاص الذي يحيطون بالمريضة لها تأثير كبير على حالتها النفسية وعلى تقبّلها للمرض ونتائجه، خصوصاً إذا كانت متزوجة نظراً لأهمية رد فعل الزوج لها في هذه الحالة.
كلنا نعرف أن المرأة تتأثر بنظرة زوجها إليها وتركز بشكل خاص على هذه النقطة. بشكل عام، في مجتمعنا لا نزال ننظر إلى مريض السرطان وكأنه هو نفسه سرطان.
ننظر إليه بشفقة بدلاً من أن نرى أنه يواجه مشكلة سيخرج منها. هذا يزيد الأمور صعوبة على المريضة فيشكل المرض عقدة لها. فإضافةً إلى مشكلة إصابتها بالمرض، تبرز مسألة نظرة المحيطين وشفقتهم وطريقة تعاملهم معها التي بدلاً من أن ترفع معنوياتها، تحبطها وتصيبها بالاكتئاب في معظم الأحيان.
هذه الشفقة تجرّد المريضة من كل المعطيات وتزعجها إلى أقصى حد. وكأن المريضة معوقة في الحالة التي هي فيها.
- إلى أي مدى تؤثر شخصية المريضة في طريقة تقبّلها لمرضها؟
ثمة معطيات عدة تلعب دوراً هنا كالعامل الجيني وما قد يعطيه من عزم أو قدرة على التحمّل ومواجهة الصعاب والتغلّب. ولا ننسى أهمية تجارب الشخص في الحياة وما سبق أن عاشه في مراحل سابقة.
فإذا كانت المريضة قد عاشت تجارب سابقة تمكنت من المواجهة فيها واكتسبت بعض القوة واعتادت على المواجهة وعلى اتخاذ القرارات، يمكن أن تواجه المرض بسهولة كبرى.
اما إذا لم تكن لديها خبرات من خلال تجارب سابقة وإذا لم تكن تتمتع بالاستقلالية إما بسبب حياتها أو بسبب كثرة إحاطتها من الأهل، فيزيد الأمر صعوبة لها.
فالخبرات في الحياة تساعد على المواجهة وتعطي الكثير من الاستقلالية. والطريقة التي يعتمدها الأهل بالحماية المفرطة للأولاد وتجنيبهم مواجهة الصعاب هي خاطئة.
من جهة أخرى، لا بد من التوضيح ان خبر الإصابة بالمرض يشكل صدمة لأي كان أياً كانت شخصيته، لكن لكل امرئ طريقة مختلفة في رد الفعل وفي التعامل مع الموضوع في المرحلة التالية.
فإما اننا نرى المرأة التي تلجأ إلى النكران لفترة قصيرة ثم تنتقل في مرحلة ثانية إلى المواجهة وتبحث عن الطريقة الفضلى لذلك. أما النوع الثاني من الأشخاص فهم الذين يلجأون إلى النكران المستمر للمرض والإصابة.
كذلك في طريقة التعامل الشخصية مع المرض، هناك نوعان من الأشخاص، الأول يتعلّق بالشخص الذي يركز على المشكلة بذاتها، والثاني هو الذي يركز على مشاعره حيال هذا الموضوع. وهنا يختلف الوضع بحسب شخصية المريضة.
فالشخص الذي يركز على مشاعره يحاول أن يعالج أحاسيسه فيما يحصل العكس في الحالة الثانية.
لكن في الواقع لا بد من التوضيح أنه في حال الإصابة بالسرطان يحتاج المريض إلى التركيز على الأمرين معاً حتى ينجح في التغلّب على المرض.
فالتركيز على المشاعر هو ضعف والتركيز على المشكلة يشكل وجهاً آخر من الضعف أمامها وهو هروب منها لا يفيد الشخص المعني.
في كل الحالات سواء كان الشخص عقلانياً بشكل مبالغ فيه في تعامله مع المرض او عاطفياً بشكل مبالغ فيه ليس الأمر جيداً، بل يجب ان يتمتع بمزيج من الاثنين معاً.
يجب فهم المرض ووطأته ومتابعة الحياة بشكل مستقل عن المرض وعما ينتج عنه لتتمكن المريضة من التغلّب عليه وتشعر باستمرار بأنها منتجة.
- كيف يمكن للمحيطين أن يلعبوا دوراً في مساعدة المريضة ودعمها؟
لهم دور كبير في مساعدة المريضة على مواجهة المرض، إذ يجب أن يعملوا على دعمها من خلال التركيز على قدراتها الخاصة وعلى تقويتها بدلاً من التركيز على مرضها طوال الوقت لأن الشفقة تدمّر المريضة.
يجب العمل على تسلية المريضة وعلى تحفيزها وعلى النشاط المستمر لتشعر بأنها منتجة حتى في فترة مرضها، ولكي لا تشعر بالعجز وبأن حياتها أصبحت بلا معنى.
يجب التركيز على كل ميزاتها الأخرى، لا التحدّث عن المرض طوال الوقت. لكن في الوقت نفسه يجب عدم نكران المرض أمامها أو الهروب منه.
ينصح في هذه الحالة بفتح المجال للمريضة لكي تتحدث عن مرضها عندما ترغب والعمل في الوقت نفسه على مساعدتها على مواجهته. يجب العمل على التخفيف عنها، وتعتبر الصراحة مهمة جداً هنا حتى إذا كانت حالتها صعبة.
في كل الحالات يجب ان يساعد المحيطون المريضة لتعرف حالتها ومساعدتها على تخطي هذه المرحلة مع الوقت بفضل الإرادة والعزم.
يجب عدم النكران وفي الوقت نفسه يجب عدم التركيز على الموضوع طوال الوقت، هذا ما يساعد المريضة على مواجهة المرض ويخفف عنها.
- كيف يمكن للزوج أن يساعد زوجته على تخطي هذه المرحلة بأفضل طريقة ممكنة؟
دور الرجل يعتبر أساسياً في هذه الحالة لأن المرض يمس أنوثتها بالنسبة إليها وتحتاج إلى الحفاظ على ثقتها بنفسها من خلال نظرة الرجل إليها.
فالرجل هو الذي يعطي المريضة قيمة كأنثى إذا كان يتصرف معها بشكل انها كاملة حتى إذا تم استئصال ثدييها، فيتصرف بشكل عادي وكأنه تم استئصال الزائدة لها مثلاً ويُشعرها بأنها هي الأهم كشخص .
من خلال تعامله معها يمكن أن يعوّض عليها ويشعرها بالاطمئنان والثقة بالنفس. كما أنه من المهم ان يبقى كما كان وأن تبقى تصرفاته هي نفسها حتى لا تشعر هي بأي تغيير لديه، فيشركها في مشاكله ويحدثها عن مشاعره ويحترم مشاعرها.
في المقابل، يجب على المرأة أن تتفهم أنه هو أيضاً يمر بمشاعر وظروف معينة ويحتاج إلى دعمها.
لكن بشكل عام، تعتبر طريقة تقبّل الزوج لمرض زوجته مهمة جداً لها. وفي هذه المرحلة، تلعب طبيعة العلاقة التي كانت بينهما سابقاً دوراً مهماً في تقوية الدعم والمساندة وزيادة الثقة بالنفس.
وهنا لا بد من التشديد على اهمية ترك المريضة تتحدث عن مرضها عندما ترغب في ذلك.
فلا يمكن أن يطلب منها ألا تحزن وألا تعبّر عن مشاعرها، لكن في المقابل يمكن التركيز على دعمها ومساندتها لتخرج من هذه المحنة بأفضل الطرق.
- يلاحظ أن ثمة مرضى يرفضون أن يعرف الآخرون عن مرضهم ويفضلون الانزواء، فيما يفضل آخرون إخبار أي كان عن المرض بشكل عشوائي، أيهما أفضل وما سر هذا التناقض؟
الأفضل هو ان تخبر المريضة الآخرين عن مرضها كأي مرض آخر لا أكثر ولا أقل. أما الاشخاص الذين يحدثون الكل عن إصابتهم بشكل عشوائي، فيسعون إلى جذب الانتباه.
أما المريض الذي يخفي عن الآخرين إصابته بالمرض، فيحاول أن يحمي نفسه من معرفتهم بالمرض ومن ردود الفعل تجاه ذلك.
لكن تكمن المشكلة انه في مجتمعنا نميل بكثرة إلى الشفقة مع المريض ونركز على المشاعر أكثر من الفعل، فيما يعتبر التصرف حيال هذا الموضوع وجمع المعلومات لمساعدة المريض هو الأهم.
صحيح أنه من المهم ترك المريضة تعبّر لكن بشرط أن تتابع حياتها بعدها.
يجب أن يشكل المرض جزءاً من حياتهاً لا حياتها كلّها، ويجب ألا يتحوّل إلى حديثها الأساسي طوال الوقت ومع أي كان.
من هنا أهمية أن تتابع حياتها لا أن تنزوي في المنزل وتنطوي على ذاتها وتجلس في المنزل بعيداً عن عيون الناس.
فالمريض شخص قادر على العيش وعلى متابعة حياته. وبالنسبة إلى الآخرين، من السيئ المبالغة في إظهار العواطف لأن ذلك لا يدخل في إطار العاطفة بل بالعكس لان الأهم هو التصرف بطريقة عملية ومفيدة.
طرق التعامل مع المريضة في سطور
- يجب أن تعطى المريضة وقتاً لتستوعب فكرة إصابتها بالمرض وتعترف بوجوده. يميل أفراد العائلة والاصدقاء عادةً إلى دفعها إلى التصرف مباشرةً مما يزيد الضغوط عليها.
- يجب أن تترك الفرصة للمريضة لتعبّر عما تشعر به سواء كان غضباً أو ضعفاً أو شعوراً بالعجز او خوفاً أو إيجابية وقوة. قد تشعر بالرغبة في التعبير عن مشاعرها يومياً. لذلك، يجب أن يسمح لها بالتحدث يومياً ولو لفترة قصيرة عن المشاعر السلبية التي لديها لدعمها ومساعدتها على تخطيها بعدها.
- تحتاج المريضة إلى تمضية بعض الوقت منفردة. قد يشعر المحيطون بأن من واجبهم البقاء إلى جانب المريضة طوال الوقت، مما يجعلها اتكالية وعاجزة بدلاً من أن تتمتع بالاستقلالية والقوة وتتخذ القرارات الصائبة في حياتها.
- يجب أن تدرك المرضة أنها ليست المرض نفسه ويجب ألا يشعرها المحيطون بذلك. على العكس يجب ألا ينسوا انها إنسانة قادرة على العيش وعلى القيام بأدوار عدة في الحياة. السرطان ليس إلا وجهاً من وجوه الحياة ، وعلى المريضة أن تعرف كيف تحدده في حياتها.
- يجب ان تدرك المريضة ان الحياة لا تزال أمامها وأنه لم يحكم عليها بنمط حياة معين مرتبط بمرضها. لذلك يجب دعمها لتبقى مسؤولة وتحافظ على قدراتها.
- يجب ان تطرح المريضة على طبيبها كل الاسئلة التي تخطر ببالها . كما أن لها الحق الكامل بمناقشة قرارات طبيبها والطرق العلاجية التي يتبعها.
- يجب أن تدرك المريضة والمحيطون أنها لم تصب بالمرض لأنها أكلت طعاماً معيناً او كونها لم تمارس الرياضة أو قامت بعمل خاطئ.
الحرب على سرطان الثدي... مستمرة والإقبال على الصورة الشعاعية للثدي يرتفع
تبين أنه بعد مرور عقد تم خلاله تسليط الضوء على أهمية الكشف المبكر، ارتفعت النسبة السنوية للإقبال على الصورة الشعاعية بشكل ملحوظ حتى بلغت أعلى مستوياتها. وقد برزت هذه النتيجة في المسح الوطني الذي قامت به وزارة الصحة اللبنانية بالتعاون مع شركة هوفمن لاروش لتقييم الحملة التي انطلقت من عام 2002 للكشف المبكر لسرطان الثدي ولتقدير فاعلية الحملات المتتالية وأثرها على النساء بحسب مختلف الشرائح الاجتماعية.
وبحسب وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل فإن النساء يدركن اليوم في لبنان، أكثر من اي وقت مضى أن الخضوع للصورة الشعاعية يساهم بشكل أساسي في إنقاذ حياتهن وإبقائهن بصحة جيدة.
ويقول «انخفضت معدلات النساء اللواتي يخضعن للفحص للمرة الأولى إلى أدنى مستوياتها فيما ارتفعت نسبة النساء اللواتي يعاودن الخضوع للصورة بشكل منتظم. إلا انه في المناطق التي خارج العاصمة بيروت، خصوصاً البقاع والجنوب وعكار، لم يسجّل خلال الأعوام المنصرمة تحسناً كبيراً في الإقبال مقارنةً بمناطق أخرى».
وقد أظهرت دراسة تقييم الحملة أن نسبة 35 في المئة من النساء سمعن عن حملة الكشف المبكر لسرطان الثدي بواسطة التلفزيون، ونسبة 23 في المئة من الأصدقاء ونسبة 17 في المئة من خلال الطبيب.
كما تبيّن أن نسبة 85 في المئة من النساء اللواتي لم يخضعن للصورة الشعاعية يوماً في مختلف الفئات العمرية، كن ليخضعن لها لو أن أطباؤهن أوصوهن بذلك.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن حالات الإصابة بسرطان الثدي تمثل نسبة 40،3 في المئة من حالات السرطانات النسائية عامةً في لبنان، بحسب السجل الوطني الأخير للسرطان. وتشكل نسبة 21 في المئة من مجمل الإصابات السرطانية.
هذا، ويتم تشخيص حوالي 40 في المئة من حالات سرطان الثدي لدى نساء هن دون سن الخمسين.
أما المريضات اللواتي يتم تشخيص إصاباتهن في مرحلة مبكرة من خلال التصوير الشعاعي ولا تظهر لديهن أي أعراض، فلهن حظوظ كبرى بالشفاء التام تصل إلى 90 في المئة.
الأكثر قراءة
أخبار النجوم
ياسمين عبد العزيز تضع حدّاً لتعليقات منسوبة إلى...
أخبار النجوم
خبيرة أبراج تثير الجدل بعد تنبؤاتها لمصير ثلاث...
أخبار النجوم
فاتن موسى تتذكر لحظات ممتعة مع الراحل مصطفى...
أخبار النجوم
أمل كلوني تثير الجدل بنحافتها بالشورت القصير
أخبار النجوم
رانيا يوسف تتحدث بصراحة عن زيجاتها وابنتيها...
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024