عندما تتحوّل النشويات إلى عدو لدود
في السنوات الأخيرة تحوّلت النشويات، في الاذهان، إلى عدو لدود نظراً الى الفكرة المحيطة بها بأنها تسبب زيادة في الوزن. فمن البطاطا إلى المعكرونة والأرز والخبز، كلّها أطعمة أصبحت مرادفة للسمنة، ولخفض الوزن لا بد من الامتناع عن تناولها.
وفيما يعتبر تناول النشويات باعتدال أمراَ طبيعياً ، يتحوّل الأمر إلى حالة مرضية مع ظهور حالة الcarborexia التي يسيطر فيها هاجس الحمية الخالية من النشويات على الشخص وعلى حياته ككل.
حالات كثيرة نراها من حولنا أساسها بعض الحميات التي يخطئ البعض في تطبيقها على طريقتهم، متجاهلين كون النشويات مصدراً أساسياً للطاقة لا يمكن التخلّي عنه تلقائياً بهدف التخلّص من الكيلوغرامات الزائدة.
اختصاصية التغذية سابين كرم أوضحت كل الحقائق المتعلّقة بالcarborexia والحميات القليلة النشويات او الخالية منها مؤكدةً أن لغياب النشويات في الغذاء أضراراً صحية وأن هذا النوع من الحمية لا ينجح في المدى البعيد.
- كيف يمكن التعريف بالCarborexia؟ وهل يمكن اعتبارها مشكلة نفسية، إلى حد ما؟
تعني حالة الCarborexia الأشخاص الذين يعانون هاجس الحميات الخالية من النشويات أو على الأقل القليلة النشويات.
ويرتبط هذا الهاجس بالرغبة الشديدة في خفض الوزن. ونظراً الى غياب النشويات في الحميات المتبعة تكون غنية بالدهون والبروتينات بهدف خفض الوزن بسرعة كبرى.
- ما أبرز الأنظمة الغذائية الداعية إلىعدم تناول النشويات أو الحد منها؟
أكثر الانظمة الخالية من النشويات شيوعاً نظاما Atkins وDukan وهما يرتكزان على البروتينات. وفيما يسمح نظام Atkins بتناول الدهون، يتضمّن نظام Dukan مراحل عدة يتم في خلالها العودة تدريجاً إلى تناول النشويات.
- هل تعتبر صحيحة الفكرة الشائعة بأن النشويات تسبب زيادة الوزنوأن الامتناع عن تناولها يساعد على خفض الوزن بسرعة؟
لا يمكن أن نعتبر أن إحدى المجموعات الغذائية يمكن أن تسبب زيادة في الوزن بذاتها، إلا في حال الإفراط في تناولها.
فمما لا شك فيه أننا نميل عادةً إلى الإفراط في تناول النشويات، وهي غالباً ما تكون غنية بالدهون والوحدات الحرارية كالمعجنات والكرواسان والمعكرونة مع الكريما الطازجة والجبنة.
وهنا تكمن المشكلة، وليس في النشويات نفسها. المشكلة في الدهون التي تضاف إلى النشويات، خصوصاً تلك المصنّعة والزيوت والزبدة مما يزيد بنسبة عالية كمية الوحدات الحرارية فيها. أي أن المشكلة في سوء النوعية.
- هل صحيح أن إحدى المشكلات التي قد تنتج عن اتباع هذا النوع من النظام الغذائي أنه يسهل اكتساب المزيد من الكيلوغرامات الزائدة لمجرد وقفها؟
تكمن المشكلة في الأنظمة الغذائية الخالية من النشويات في كون نتائجها ليست طويلة المدى. فالحمية يجب أن تكون دائماً طويلة المدى لتعتبر ناجحة وإلا فلا فائدة منها ويدخل الشخص عندها في دوّامه الحمية ال YoYo حيث ينخفض الوزن ثم يرتفع مجدداً وهكذا دواليك.
كما أن هذه الأنظمة تركز على الحرمان من أطعمة موجودة بكثرة في حياتنا ومن الصعب أن نزيلها منها.
فهل يسهل الامتناع عن تناول النشويات وهي منتشرة إلى هذا الحد في حياتنا، وبأشكال مختلفة؟ لهذا السبب يرتفع الوزن أكثر بعد العودة إلى تناولها بعد فترة من الحرمان. فبعد أن نكون قد حرمنا أنفسنا منها، نفرط في تناولها عند العودة إليها.
- ما المشكلات الصحية التي يمكن أن تنتج عن اتباع نظام غذائي خالٍ من النشويات؟
إضافةً إلى كون الأنظمة الغذائية الخالية من النشويات غير طويلة المدى، فإن لها نتائج سلبية على الصحة لا يمكن إهمالها، وتحديداً بسبب غناها بالبروتينات وبالدهون أحياناً إذ لها آثار سلبية على الكلى.
كما أنها تسبب الإمساك لنقص الألياف فيها. إضافةً إلى التعب الدائم الذي يشعر به الشخص الذي يتبعها بسبب فقدان مصدر الطاقة الأساسي فيها وهو النشويات.
كما انه بمجرد الامتناع عن تناول مجموعة معينة من المجموعات الغذائية، يحصل نقص في الفيتامينات الموجودة فيها والتي لا نجدها في مجموعة أخرى نركز عليها. كما يولّد فقدان مصدر الطاقة الأساسي وهو النشويات تعباً.
ومن أبرز المشكلات التي تنتج أيضاً عن الحميات الخالية من النشويات العودة السريعة إلى اكتساب الوزن عند وقفها، خصوصاً في حال حصول ذلك بشكل غير مدروس.
- هل يلجأ عادة الأشخاص إلى الحمية الخالية من النشويات نتيجة اليأس من اتباع حميات فاشلة؟
لا شك أن بعض الذين يلجأون إلى الحمية الخالية من النشويات، يفعلون ذلك نتيجة يأس بعد فشل حميات سابقة كون نتائجها سريعة.
كما أن البعض يتأثر بالمجتمع، إذ تسود موضة الابتعاد عن النشويات وتنتشر فكرة أنها مسببة لزيادة الوزن.
فنجد أن كثراً ممن يتبعون هذا النوع من الحمية لم يجرّبوا سابقاً اي نوع آخر، فيجدونها حمية سريعة لخفض الوزن في أسرع وقت ممكن. فالمشكلة هي في المعتقدات السائدة في هذا الموضوع والاقتناع بها حتى إذا أكد طبيب العكس.
- هل يمكن أن تصفيها كاختصاصية تغذية لأشخاص معينين؟
قد نحتاج إلى وصفها لأشخاص معينين في مراحل معينة. فقد يكون الجسم بحاجة إلى تقليل النشويات دون وقفها نهائياً في مراحل أخيرة من خفض الوزن، حيث يصل الجسم أحياناً إلى مرحلة يتوقف فيها عن خسارة الكيلوغرامات. في هذه الحالة تعتبر الحمية القليلة النشويات صحية لمتابعة خفض الوزن.
كما يمكن وصفها لأشخاص ليست أجسامهم معتادة على كميات كبرى من الوحدات الحرارية. وبالتالي لا بد من اللجوء إلى حمية قليلة النشويات لخسارة الكيلوغرامات الزائدة القليلة المتبقية التي يعجزون عن التخلّص منها بمجرد خفض كمية الوحدات الحرارية، خصوصاً أن نظامهم الغذائي لا يسمح بخفض كمية الوحدات الحرارية التي يحصلون عليها أكثر.
- لماذا يسمح هذا النوع من الحمية بخفض الوزن بسرعة كبرى؟
كون النشويات مصدر طاقة للجسم، يبحث الجسم عند وقفها عن مصدر آخر له يجده في العضل والدهون والمواد الخارجة من الدهون بهدف الحصول على الطاقة. هذا ما يسبب انخفاضاً سريعاً وواضحاً في الوزن.
- هل ثمة أشخاص لا تنجح مع هذه الطريقة؟
قد تفيد الحمية القليلة النشويات أو الخالية من النشويات بعض الأشخاص، كما يمكن ألا تفيد البعض. مع الإشارة إلى أن ليس كل الأشخاص قادرين على وقف النشويات نهائياً.
يمكن زيادة الحركة البدنية أكثر بدلاً من ذلك بهدف خفض الوزن. أما في حال اتباع نمط حياة يرتكز على الركود، فقد تكون ممكنة أكثر.
- كيف يمكن الخروج تدريجاً منها، خصوصاً أن كثراً من الاشخاص الذين يعانون هذا الهاجس من تناول النشويات يشكون من زيادة سريعة في الوزن بعد العودة إلى النظام الطبيعي؟
عند وقف النظام الخالي من النشويات، نميل عادةً إلى الإفراط في تناولها بعد حرمان لفترة ويكون الجسم قد اعتاد على غيابها.
من هنا أهمية العودة تدريجاً إلى تناول النشويات الكاملة الغذاء على أن يتم تناولها صباحاً والامتناع عنها مساءً.
بعدها تُزاد الحصص تدريجاً من أسبوع إلى آخر بطريقة مدروسة. لا بد من التوضيح أن الوزن يرتفع في حال الحصول على كمية وحدات حرارية اكثر من الحاجة سواء كانت هذه الوحدات الحرارية من النشويات أو الدهون أو غيرها.
الحميات الخالية من النشويات
حمية Atkins: اقترح د.روبرت أتكينز في كتابه الصدر عام 1972 Dr Atkin's Diet Revolution انه يمكن خفض الوزن بالامتناع عن تناول النشويات وبالتركيز على الدهون والبروتينات.
وقد شاعت هذه الحمية إلى حد كبير بعد 30 سنة على ظهورها ولاقت رواجاً واسعاً. وصحيح أنها أظهرت نجاحاً لكن في مقابل ثمن يدفعه من يعتمدها من صحته من خلال أمراض في القلب وترقق عظام، إضافةً إلى الإمساك وضيق النفس.
وتعتبر هذه أكثر الحميات القليلة النشويات تطرفاً وقساوة.
حمية Dukan: أطلق هذه الحمية اختصاصي التغذية د.بيار دوكان قبل 10 سنوات وقد جذبت كثيرات من المشاهير أبرزهن جنيفر لوبيز وكارول ميدلتون وغيرهما.
بعكس أتكينز، يركز دوكان على قلة الدهون في حميته. كما ترتكز الحمية على يوم واحد في الأسبوع يتم الحصول فيه على النشويات. أما البروتينات المقبولة فهي الدجاج ومشتقات الحليب كاللبن. وعند التخلص من الوزن الزائد، يمكن العودة تدريجاً إلى تناول النشويات.
حمية South Beach: ابتكرها طبيب أمراض القلب Arthur Agatston مع اختصاصية التغذية Marie Almon . في هذه الحمية لا تلغى النشويات تماماً من النظام الغذائي، لكن يجري التمييز بين النشويات السيئة والمصنّعة وتلك الجيدة التي ترفع السكر في الدم ببطء كالخضر والحبوب.
نصائح لاختيار النشويات الجيدة
- تناولي الأطعمة الكاملة الغذاء عند الفطور
- تناول الخبز الكامل الغذاء في وجبة الغداء بدلاً من الخبز الأبيض
- تجنبي البطاطا واستبدليها بالبرغل أو الأرز الأسمر أو المعكرونة الكاملة الغذاء في وجبة العشاء.
- تناولي الفاكهة بدلاً من العصير فهي غنية اكثر بالألياف وتحتوي على نسبة أقل من السكر.
- تناولي الحبوب فهي مصدر ممتاز للبروتينات إلى جانب كونها من النشويات التي تهضم ببطء.
الغذاء المناسب لسد النواقص
يحتاج الجسم إلى فيتامينات كثيرة وعناصر مغذية يؤدي نقصها إلى أمراض مختلفة.
إليك مجموعة من المغذيات الغنية بالفيتامينات التي تقضي على بعض المشكلات الصحية التي تتعرضين لها
الكاروتين
تساعد مادة الكاروتين في تقوية شرايين العينين وفي حمايتهما من الأشعة ما فوق البنفسجية.
وتؤخر شيخوخة الأنسجة التي قد تؤدي إلى فقدان البصر.
الغذاء المناسب: يمكنك أن تحصلي على حاجة الجسم من الكاروتين من خلال طبق من الخضار الملونة كالجزر والبروكولي والذرة والملفوف.
من جهة أخرى، يزيد الفيتامين E من قدرة الجسم على امتصاص الكاروتين، لذلك من الأفضل تناوله مع هذه الخضار، علماً أنه يمكنك الحصول عليه بتناولك زيت الزيتون أو زيت القمح.
المغنزيوم
يقضي المغنزيوم على التعب، علماً أن بعض الأعراض كالتوتر وارتجاف الجفنين تشير إلى نقص المغنزيوم في الجسم. وفي هذه الحالة من الضروري تعويض هذا النقص.
الغذاء المناسب: يحتوي الكاجو والحبوب الكاملة واللوز والفاصوليا البيضاء على نسبة عالية من المغنزيوم، لذلك يمكنك تأمين حاجتك منه من خلالها.
الأحماض الدهنية الضرورية
تتسبب العدسات اللاصقة بجفاف العينين. وتزداد الحالة حدةً نتيجة نقص الدهون في الغذاء الضرورية لترطيب العينين الجافتين.
الغذاء المناسب: تحتوي أسماك الترويت والسلمون على الأحماض الدهنية اللازمة للجسم.
الكالسيوم والفيتامين C
يساعد الكالسيوم والفيتامين C في تجنب التكثف في عدسة العين الذي يظهر مع التقدم في السن، خصوصاً نتيجة التعرض الزائد للأشعة فوق البنفسجية.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع نسبة السكر يزيد الحالة حدةً.
الغذاء المناسب: لكي تحصلي على حاجتك من الكالسيوم والفيتامين C ، عليك تناول السردين واللوز والفاكهة الطازجة.
إلا أنه من الأفضل أن تتجنّبي الحليب الذي يساهم في زيادة حالة التكثف في عدسة العين، لذلك يمكنك أن تستعيضي عنه بالمياه المعدنية الغنية بالكالسيوم وبحليب الصويا.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024