تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المناعة القوية حليفة الشفاء الذاتي

ينطوي الجسم على موارد طبيعية مذهلة ما علينا إلا استكشافها واستثمارها للحصول على فوائد رائعة. فإذا كان جهاز المناعة قوياً، يستطيع الجسم التعافي بسرعة من الأمراض والمشكلات التي تصيبه، وتتضاعف فاعلية الأدوية التي يتم وصفها من قبل الطبيب...
الجسم مبرمج بيولوجياً للبقاء بصحة جيدة. ولا بد من إعطائه بين الحين والآخر بعض الدعم الإضافي. نعرض لك في ما يأتي عدداً من الطرق والتمارين التي يمكن أن تساعدك في الحفاظ على التوازن الصحي، والتعافي بسرعة أكبر من الأمراض، وتعزيز تأثيرات الدواء.

الانعكاسات اللا إرادية
العلاج بالانعكاسات أو Réflexothérapie هي طريقة معتمدة في الصين منذ أكثر من 5000 عام، وترتكز، تماماً مثل الوخز بالإبر، على فكرة أن كل جزء في الجسم البشري، سواء كان عضواً أو وظيفة أو غدّة، يرتبط بنقطة محددة في الجسم.
وحسب الطرق المختلفة للعلاج بالانعكاسات، يمكن أن تتواجد تلك النقاط المحددة في اليدين، أو القدمين، أو حوضيّ الأذنين أو الوجه... وتستند الطرق المختلفة كلها إلى المبادئ نفسها الكل موجود في كل جزء، وثمة ارتباط وثيق وكامل بين الجسم والروح.
عند تحفيز تلك النقاط، المعروفة بمساحات الانعكاسات، بواسطة الإبرة أو الحرارة أو حتى التدليك أو الضغط بالإصبع، تتيح إعادة إطلاق دورة الطاقة في مساحة الجسم المتطابقة معها. بهذه الطريقة، يستعيد العضو، أو الوظيفة (مثل الهضم)، أو الجهاز العصبي وظيفته الطبيعية، ويتفاعل الجسم فوراً بطريقة إيجابية مع الاعتداءات الخارجية.
ولا شك في أن هذه الطرق القديمة خضعت لغربال العلم الحديث. وقد تم تبرير تأثيرها الإيجابي بالقول إن التوتر يسهم بنسبة 75 في المئة تقريباً في الأوجاع التي تصيبنا.
من وجع الظهر إلى ارتفاع ضغط الدم، مروراً بانخفاض فاعلية جهاز المناعة لدينا الذي يصبح أقل قدرة على مواجهة الالتهابات. لذا، فإن تحفيز تلك النقاط المرتبطة بالانعكاسات اللاإرادية، عبر إطلاق تحرير الأندورفينات من الدماغ، يتيح السيطرة على ذلك التوتر.
وعند خفض التوتر، يمكن للتحفيز المجهري أن يحسن الدورة الدموية واللمفاوية.


6 نقاط أساسية للتحفيز الذاتي
يقوم التمرين على تدليك تلك النقاط المختلفة لمدة 5 دقائق على الأقل، عبر فرض ضغوط واعتماد حركات دائرية صغيرة بواسطة الإبهام.

1 في تجويف الأذن، عند مدخل القناة السمعية
تساعد هذه النقطة على تنظيم إفرازات الغدد الصماء وأيض الجسم، وتكشف أيضاً عن تأثير مضاد للالتهاب.

2 في تجويف الذقن
تعيد هذه النقطة إطلاق الطاقة، وتساعد على محاربة التعب، وتحفز الدفاعات المناعية.

3 تحت المنخرين
تحسن هذه النقطة الدورة الدموية وتخفف آلام البطن.

4 في أعلى الأنف، بين الحاجبين
تساعد هذه النقطة على تخفيف آلام الرأس والحنجرة، وإزالة التعب من العينين، وتنشيط الدورة الدموية في الدماغ. وعند الضغط على وسط هذه المساحة، يمكن خفض التوتر، وتخفيف التهاب الجيوب الأنفية، وفك التشنجات من العنق وتخفيف أوجاع العنق.

5 وسط أخمص القدم
تتيح هذه المساحة تنشيط الكليتين وتحفيز التخلّص من السموم. في أية حال، لا تترددي في تدليك كل القدمين. وإذا أحسست بوجود نقطة حساسة، خصصي لها المزيد من الانتباه. فهذا دليل على وجود خلل في مساحة الجسم المتطابقة معها.

6 اليدان
يمكن لدقائق قليلة من التدليك الذاتي، من راحة اليد وصولاً إلى أطراف الأصابع، أن توفر استرخاء فورياً، وتفك التوترات، وتزيل الضغط، وتعيد الطاقة والحيوية والتناسق إلى وظائف الجسم.

النباتات والأدوية
هل تعلمين أن ربع الأدوية التي تباع اليوم في الصيدليات مصنوعة من خلاصات النباتات والأعشاب؟ ويستمر العلماء في استكشاف مزايا النباتات وقدراتها للاستفادة منها أكثر وأكثر في صناعة الأدوية الشافية.
لذا، يشجعنا العلماء اليوم على زراعة عدد من النباتات الشافية في حديقة المنزل، أو حتى على الشرفة، للاستفادة من قدراتها العلاجية.
وقد اكتشف العلماء المتخصصون في علم الأعصاب أن ثمة بكتيريا فطرية، موجودة في كل النباتات تقريباً، تحفز جهاز المناعة بشكل ملحوظ.
اسمها Mycobacterium vaccae، وهي تزيد أيضاً معدلات السيروتونين، أي جزيئة السعادة. لقد حان الوقت إذاً للاستفادة من النباتات بهدف إزالة التوتر، وتعزيز المناعة، وتقوية الصحة.


5 نباتات ضرورية

الصعتر
إنه مضاد قوي للالتهاب ومضاد للفيروسات. وهو يتيح محاربة الأمراض في الجهاز التنفسي، ويحفز الدورة الدموية وكل الوظائف الهضمية. إنه أيضاً محارب ممتاز للتعب.
ضعي مقدار ملعقة إلى ملعقتين كبيرتين من الصعتر في كوب من الماء واتركي الخليط منقوعاً لمدة 5 دقائق إلى 15 دقيقة، ثم اشربيه.

القصعين أو النبتة المنقذة
إنها النبتة الطبية الأكثر استعمالاً أيام الرومان والإغريق. إنها تشفي الكبد المتعب، وتنظف المعدة، وتنشط الأمعاء.
كما تخفف من أوجاع الطمث ونوبات التوهج. ضعي مقدار ملعقة صغيرة من القصعين اليابس أو عشرة أوراق تقريباً من القصعين الطازج في ربع ليتر من الماء المغلي، ثم اشربي النقيع بسرعة.

الحبق
إنه يحفز الهضم، ويكشف عن خصائص مضادة للتشنجات. كما يخفف آلام الحنجرة، وصداع الشقيقة، والعصبية، ويحارب السعال. يمكن غرغرة الفم بنقيع الحبق لتخفيف التهابات الفم، أو يمكن استعماله على شكل كمادات لتلطيف العيون المتعبة.
إنقعي مقدار ملعقة طعام من أوراق الحبق في ليتر من الماء المغلي لمدة 10 دقائق، ثم صفي هذا النقيع واشربيه ساخناً.

النعناع
إنه يحفز الإفرازات المعوية، وينشط الكبد، وينظم الوظائف الهضمية. ولا تقتصر مزاياه على هذا فقط. فهو أيضاً مطهّر ممتاز، ويلطف السعال والزكام والبحّة. إنه منشط ممتاز للصحة ومسكن طبيعي للألم ومطهر للجسم.
لكن يستحسن عدم الإفراط في استهلاك النعناع مساء إذا كنت عرضة للأرق. ضعي حفنة كبيرة من أوراق النعناع في نصف ليتر من الماء أو الشاي الأخضر، واتركيها منقوعة لمدة 10 دقائق، ثم اشربي النقيع.

البقدونس
إنه مركّز للفيتامين C. يكفي استهلاك 20 غ من البقدونس للحصول على نصف المأخوذ اليومي الموصى به من الفيتامين C. وأثبتت الدراسات أن البقدونس يكشف عن خصائص مدرّة للبول، ما يجعله مثالياً لإزالة السموم من الجسم.
إنه أيضاً حليف ممتاز في حال الالتهابات البولية، والروماتيزم، وداء النقرس والتهاب المفاصل. لذا، يستحسن استهلاك البقدونس بشكل يومي نظراً لخصائصه الممتازة.
ضعي باقة كاملة من البقدونس مع الأعناق في نصف ليتر من الماء واغلي المزيج على النار لمدة 3 دقائق. صفي النقيع واشربي كوباً واحداً كل يوم، على مدى أسبوعين. يمكنك اللجوء إلى هذا العلاج المزيل للسموم ثلاث مرات في السنة.

التنفس ضروري
العلاج العطري لا يقتصر على نشر روائح طيبة لمجرد الإحساس بالمتعة. فكل زيت عطري ينطوي على عشرات، أو مئات، لا بل آلاف المكونات النشطة التي تقوي بعضها البعض.
والواقع أن نشر هذه المكونات في الهواء يمكن أن يساعدنا على محاربة التعب، والسعال، وأوجاع الرأس، والتهاب الجيوب الأنفية، والمشاكل الهضمية، والأرق.
تكشف أغلبية الزيوت العطرية عن مفعول منظم للجهاز العصبي، إضافة إلى قدرة مذهلة على محاربة البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات. هكذا، تستطيع الزيوت العطرية تحفيز الدفاعات الطبيعية للجسم وتقوية جهاز المناعة.
لكن في حال استعمال الزيوت العطرية لتطهير الجو أو تعقيمه، لا ينصح بنشرها في الهواء لأكثر من عشرين دقيقة متتالية، وليس في حضور طفل أبداً.

العقل حليف الجسم
الجسم والعقل ليسا كيانين منفصلين. إنهما يتفاعلان باستمرار مع بعضهما. قبل زمن بعيد، لم يهتم الطب الغربي لدور العقل، لكن الدراسات أظهرت يوماً بعد يوم أن العقل يؤدي دوراً أساسياً في قدرتنا على الشفاء.
وبات التنويم المغنطيسي، والتنفس الواعي، والتصور، والتأمل، والعلاج بالموسيقى وما شابه من الركائز الأساسية للعلاج الطبي، سواء كان ذلك على مستوى ضبط التوتر أو السيطرة على الألم أو مواجهة السرطان.
والواقع أن الصلة الوثيقة بين الجسم والعقل أفضت إلى نشوء علم المناعة العصبي النفسي، الذي يحاول فك الروابط المعقدة بين الوعي (النفسي)، والجهاز العصبي (العصبي) وآليات الدفاع ضد الالتهابات وبعض الانقسامات الخلوية المنحرفة (علم المناعة).
ويتحدث الأطباء عن تأثير وضعنا النفسي والعقلي في إفراز مواد، مثل الهرمونات، والناقلات العصبية، والأندورفينات، لضبط بعض الوظائف الفيزيولوجية.
واكتشف العلماء مثلاً أن التوتر أو الاكتئاب أو العواطف السلبية يمكن أن تحفز إنتاج السيتوكينات، وهي بروتينات صغيرة مسؤولة عن تنظيم استجابة جهاز المناعة والتواصل بين الخلايا.
والواقع أن الإنتاج المفرط للسيتوكينات يمكن أن يفاقم العديد من الالتهابات المرتبطة بنسبة مهمة من الأمراض، مثل النوع 2 من داء السكري، والمشاكل القلبية الوعائية، وترقق العظام، والتهاب المفاصل، والسرطان، ومرض ألزهايمر.
لمساعدة الجسم إذاً على الشفاء، يجب التفكير بصورة إيجابية...


3 تمارين يمكن ممارستها في المنزل

التنويم الذاتي المغنطيسي لإفراغ الرأس من الهموم.
قفي منتصبة وركزي جيداً كما لو أنك تحملين طابة بين يديك. تخيلي أن يديك تنجذبان إلى بعضهما البعض. ركزي جيداً على الأحاسيس التي تشعرين بها على مستوى اليدين، وقولي لنفسك مع كل زفير للهواء «كلما تنفست، اقتربت يداي من بعضهما... وكلما اقتربت يداي من بعضهما، فرغ عقلي من الهموم...». بعد ذلك، خصصي بضعة دقائق للتأمل.

اليوغا لتنفس منقٍّ.
قفي منتصبة، وأبعدي ساقيك عن بعضهما، وتنفسي الهواء ببطء وعمق. أحبسي الهواء لمدة 5 ثوانٍ ثم ازفريه على دفعات، مع شفتين مزمومتين كما لو أنك تريدين الصفير. كرري ذلك خمس مرات متتالية.

الكي غونغ لزيادة المقاومة.
اجلسي بشكل مرتاح، واجعلي ظهرك منتصباً. سطحي يديك على الفخذين، ثم باشري في تثبيت قدميك على الأرض، على أن يكون العصعص (coccyx) مرتاحاً في العمود الفقري.
تخيلي خطاً يمرّ بين الكليتين وعظميّ الكتفين وصولاً إلى العنق. تنشقي الهواء بعمق وتخيلي أن الهواء يدخل عبر وسط الجبين، بين العينين، ثم ازفري الهواء ببطء، مع تمرير الهواء عقلياً عبر العينين (العضو المرتبط بالكبد)، والأنف (العضو المرتبط بالرئتين)، والأذنين (العضو المرتبط بالكليتين)، والفم (العضو المرتبط بالطحال)، وصولاً إلى وسط الصدر، مقرّ الرئتين.
من دون استنشاق الهواء، أشعري بالطاقة تصل إلى أخمص القدمين. كرري هذا التنفس تسع مرات متتالية، مع تثبيت اللسان في الحنك. وعند ممارسة هذا التمرين بشكل منتظم، تزداد قدرة الجسم على المقاومة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079