عمليات ترميم الثدي
تتجلّى أنوثة السيدة في شكل خارجيّ أنيق، متناسق من حيث التقاسيم ومتكامل من حيث القوام. إذ إنّ ما يُبرز جمال المرأة من حيث المظهر هو الوجه الجذاب إضافةً إلى الجسم المتناسق المنحوت.
إلاّ أنه في بعض الأحيان، قد تتعرّض السيّدة لأزمة صحّيّة أو مرض خبيث، ما يُضطرّها لمحاربته بكلّ ما أوتيت من قوّة.
وغالباً ما تدفع ثمن المعركة، حتى بعد انتصارها، عبر استئصال ثديها، منعاً لتفشّي المرض في كامل الجسم.
وما قد لا يدركه الجميع، هو أنّ فقدان السيدة ثديها له أثر نفسيّ وآخر عاطفي، إذ ليس من السهل فقدان أحد مصادر الأنوثة، وإن كان الظرف قاهراً ومرتبطاً بسلامة الحياة.
فلا بدّ من توفير حلّ بديل، يُعيد إليها الثقة بالنفس والعزم على العيش بكرامة.
تبرز عمليات ترميم الثدي كالحلّ الأمثل لعدد من مشاكل الإستئصال، ويكاد المرء لا يلحظ الفرق، بفضل تطوّر الطبّ التجميليّ وتقنياته، وبفعل مهارة الجراحين وتمرّسهم.
لا يشعر المرء بهول المصيبة إلاّ حين تطاله شخصياً. فبينما لا يزال عدد لا يُستهان به من النالس يعتبرون أنّ عملية ترميم الثدي هي مجرّد إجراء تجميليّ روتينيّ يلي عملية الإستئصال الضرورية، إثر الإصابة بمرض سرطانيّ، تظهر الحقيقة على الملأ، لتؤكّد أنّ هذا الإجراء البسيط من شأنه أن يعطي السيدة دفعاً إضافياً لمحاربة المرض ومتابعة العلاج والنظر إلى الحياة من منظار التفاؤل والأمل.
يشرح الإختصاصيّ في جراحة الترميم والتجميل الدكتور رولان طعمه عمليات ترميم الثدي وأسباب اللجوء إليها. كما يفسّر الإختصاصيّ في جراحة التجميل والترميم الدكتور جوزيف أبو موسى، من جهته، أهمّيّة الترميم بحدّ ذاته وطريقة القيام به.
ويبقى الأهمّ هو القيام بهذه الجراحة كضرورة وحاجة وليس كخيار تجميليّ بحت. فتقنية ترميم الثدي، أي إعادة بنائه بعد الإستئصال، هي تقنية قائمة بحدّ ذاتها، ولا تهدف فقط إلى تكبير حجم الثدي أو تصغيره، على غرار عمليات التجميل البحتة، بل إن هدف هذه الجراحة هو إعادة مظهر الثدي الطبيعي بعد إستئصاله.
ترميم الثدي
يقول الدكتور طعمه: «نلجأ إلى جراحة ترميم الثدي لإعادة الشكل الطبيعي للثدي إثر استئصاله بعد المعاناة من مرض خبيث، أو عند الأشخاص الذين يولدون بثدي واحد أو بلا ثديين، أو حتى عند الذين تعرّضوا في صغرهم لحروق جرّاء الزيت أو الماء الساخن، مما أوقف عملية النموّ المكتمل للثدي». يمكن إذاً القول إنّ الترميم هو فعلياً «تركيب» ثدي.
يضع الجرّاح نصب عينيه أنّ السيدة أُصيبت في صميم أنوثتها، ويحاول قدر المستطاع منحها الخيار البديل الذي قد لا يكون ثدياً حقيقياً، لكنه يسمح للمرأة بإستعادة ثقتها بنفسها والتمتع بحياة اجتماعية طبيعية.
وبفعل الشوط الكبير الذي قطعه الطب-التجميلي، باتت العمليات الترميمية تعيد الشكل الكامل مع أقلّ مقدار من التشوهات. ولا بدّ من التنويه إلى أنه يجب مراعاة صحّة المريض، ونوع الورم والحاجة إلى العلاج بالأشعة أو حتى العلاج الكيميائي لدى القيام بجراحة الترميم.
طرق مختلفة للترميم
يؤكّد الدكتور طعمه أنه «يجب استخدام الطريقة الأكثر ملاءمة للوضع، حسب الحالة. إذ يحرص الطبيب على تفصيل العملية لإعادة حجم الثدي وزيادة محتواه وإعادة تكوين الحلمة. وتتكوّن عند السيدة فكرة أوّليّة عمّا يمكن أن تتوقّعه بعد الخضوع للجراحة».
يضيف الدكتور أبو موسى: «تختلف طرق الترميم ومن أبرزها تركيب رمامة Prosthesis، أو استخدام مزقات جلدية مأخوذة من منطقة أخرى في الجسم كعضلة الظهر أو العضلة المستقيمة في البطن. كما يمكن الاستعانة بالرمامة إضافةً إلى عضلة الظهر.
ويمكن إحداث تمطّط جلديّ باستخدم رمامة قابلة للنفخ، ومزوّدة صمّاماً، بحيث تنفخ كلّ أسبوع 10% لمطّ الجلد وتوسيعه لنحو شهرين، لتركب بعدها الرمامة بشكلها النهائيّ».
وبعدها، يتمّ الإنتظار ما بين ثلاثة وستة أشهر لإعادة تشكيل الحلمة بواسطة الزرع والوشم، وذلك بهدف الحصول على التناسق التام بين الثديين.
موانع وإجراءات خاصة
ينبّه الدكتور أبو موسى إلى أنّه «من المهمّ ألاّ تُجرى العملية الترميمية ما لم يتم القضاء نهائياً على مرض السرطان.
إذ في بعض الحالات، لا بدّ من انتظار انتهاء الشق الطبي كاملاً قبل إعادة شكل الثدي المطلوب. وفي حالات أخرى، تجرى الجراحة بعد عملية الإستئصال كي لا تشعر المرأة بأنها قد خسرت معركتها مع السرطان».
يضيف: «في 10% من الحالات لا يمكننا القيام بترميم الثدي، وذلك عند اكتشاف المرض في مرحلة متقدّمة وفشل العلاج الكيميائي في تصغير حجم الورم، أو في حالة أخرى عندما يكون المرض السرطاني من النوع الإلتهابيّ ويستدعي العلاج الشعاعي. لا يُنصح بإجراء الترميم عندها، لأنّ السرطان لا يلبث أن يعاود الظهور».
أمّا بالنسبة إلى اللواتي قد عانينَ مشكلة الحروق في الصغر أو عدم اكتمال النمو في الثدي بشكل صحيح، فيمكن إجراء الجراحة الترميمية لهنَ بعد سنّ البلوغ وإكتمال النمو. وتكون الجراحة مختلفة ومنفصلة تماماً عن شقّ عمليات تكبير الثدي أو تصغيره.
عملية وندبات
يشير الدكتور طعمه إلى أنه «لا بدّ من إجراء عملية الترميم للثدين للحصول على التناسق والتشابه في الشكل، وإن كان المرض في ثدي واحد.
ومن سائر العمليات الجراحية، فإنّ عملية الترميم تخلّف ندوباً لا محالة حول الحلمة، وفي بعض مناطق الجسم إذا ما عمد الجرّاح إلى إقتطاع العضلات من منطقة البطن أو الظهر.
إلاّ أنّ فترة التعافي قصيرة نسبياً وتتطلّب الإستشفاء لبضعة أيام مع وضع ضمادة».
وفي ما خصّ الجراحة بحدّ ذاتها، يشير الدكتور أبو موسى إلى أنّ «مدّة إجراء العملية قد تقلّصت إلى نحو ساعتين أو ثلاث تحت تأثير تخدير عام».
أما الثدي الآخر الذي تُجرى له عملية جراحية بهدف الحصول على صدر متناسق، فيخضع لتقنيات جراحة الثدي التجميلية المختلفة، حسب ما يتطلّبه الموضوع.
جراحة تجميلية بحتة
من جهة أخرى، يمكن أن تقرّر السيدة لسبب أو لآخر الخضوع لجراحة تجميلية فقط، تتمثّل بتقنية تكبير الصدر أو بتصغيره.
وحسب الدكتور طعمه: «إنّ مفهوم إجراء عملية تكبير الصدر هو لإعطائه حجماً إضافيّاً، إذا كان الثديان صغيرين، كما في حالات النمو الخفيف منذ الولادة، أو عندما تنحف السيدة بشكل واضح، مما يؤدّي إلى ضعف في منطقة الصدر أيضاً، أو حتى بعد فترة الحمل والولادة.
ويكون السبب تجميلياً بحتاً. وعلى أساس القامة والمقاس والبنية وعرض الكتفين والصدر، وفضلاً عن رغبة السيدة، يقرّر الطبيب المختصّ مقدار الزيادة للحصول على نتيجة طبيعية وليس على أكبر حجم ممكن. وتجرى العملية عبر الإستعانة برمامة من المصل الفيزيولوجيّ أو من جلّ السيليكون، لإعطاء شكل طبيعيّ جميل».
أما الجراحة التجميلية الأخرى، فهي «جراحة تصغير حجم الثديين بسبب الزيادة المفرطة في الحجم التي تسبب الإنزعاجات الجسديّة والنفسيّة، من حيث حرية الحركة أو الألم في الظهر.
وتهدف العملية إلى إعطاء حجم مقبول عبر إنتزاع الزيادة من الغدد والشحم والجلد، وإعادة تشكيل الثديين المترهلين». ويشدّد على ضرورة إرسال كلّ فائض استخرج من الجسم إلى مختبر للزرع للكشف المبكر عن المرض.
في الختام
يشدّد الدكتور طعمه على «ضرورة توجّه السيدة إلى الطبيب النسائي أولاً للمعاينة الدورية لمحاولة الكشف المبكر عن أيّ نوع من الأمراض السرطانية التي قد تهدّد سلامتها.
ومن جهة أخرى، على أيّ سيّدة تعاني من خطب في شكلها، يؤثر على نفسيتها وثقتها بطلّتها، أن تتوجه إلى إختصاصيّ في جراحة التجميل لتخضع للعملية المناسبة التي تعطيها الشكل الجميل وراحة البال والثقة».
أما الدكتور أبو موسى، فيشير إلى «أهمية التعاون والحوار بين السيدة والطبيب المختصّ للحصول على النتيجة المطلوبة التي تُرضي الطرفين وتكون طبيعية قدر المستطاع وتضيف جمالاً، بعيداً عن الإبتذال والمبالغة.
كما على الطبيب المختصّ أن يشرح مفصّلاً للمرأة النتيجة التي سوف تحصل عليها منعاً للمفاجأة أو الصدمة لاحقاً».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024