300 سيدة سعودية ينزعن حشوات 'سيليكون' فاسدة
أثار خبر انتشار مادة السيليكون المغشوشة (PIP) في السعودية الذعر بين أوساط السيدات اللواتي هرعن إلى أطبائهن للتأكد أنهن لسن من المتضررات بهذه المادة.
تأكد البعض منهن أنهن في مأمن عن أخطارها المؤدية بعد ثقبها إلى تليّف في منطقة الصدر، وأخريات وقعن ضحية إدخال هذه المادة بصورة غير شرعية إلى الأراضي السعودية، ودون علم هيئة الغذاء والدواء بحسب ما ذكر في هذا التحقيق. دخلت «لها» عيادات التجميل وتحدثنا إلى سيدتين بين 300 سيدة مصابة، آخذين بالآراء الطبية التي تؤكد أن هذه المادة ليس لها علاقة بمرض السرطان.
«لم أكن أعرف أن هذه المادة ممنوعة في السعودية»
قالت فاطمة (34 سنة) أنها سمعت عن خبر السيليكون المغشوش في التلفزيون، وأصابها الذعر، خصوصا أنها كانت تشعر بخللٍ في منطقة الصدر... «كنت أشعر بألم بجانب الإبط مع وجود إفرازات كثيرة ولم أكن أعي مصدرها.
وبعدما سمعت الخبر، توجهت فوراً إلى عيادة الطبيب الذي اجرى العملية لي لأتأكد منه إن كنت من المتضررات من هذه المادة».
رفض الطبيب المعالج في بداية الأمر التحدث إلى فاطمة أو إعطاءها أي معلومات عن نوع المادة المزروعة في صدرها. وأضافت: «بعد تهديدي الطبيب بأن زوجي شخص يعمل في المجال العسكري وقد ألجأ إلى إيقافه، تراجع عن صمته وأخبرني بأنني من المتضررات والألم الذي أشعر به سببه انفجار المادة في منطقة الثدي».
أخذت فاطمة ملفّها من العيادة وخرجت مسرعة إلى عيادة أخرى وطلبت من طبيب آخر إجراء عملية نزع هذه العينة الفاسدة من جسدها، وإنهاء آلامها بوضع أخرى جديدة وآمنة.
وأشارت فاطمة إلى أنها منذ أربع سنوات خضعت لزرع مادة السيليكون لتكبير منطقة الصدر، «لم أكن أعرف أن المادة المزروعة داخل صدري غير مسموح بدخولها السعودية، الأمر الذي أشعرني بالرعب، ولن أطمئن إلا عند رؤيتها خارج جسدي، وعلى المسؤولين محاسبة كل من له يد في انتشار هذه المادة الفاسدة في السعودية».
وفي حالة أخرى نجد مها (40 سنة) التي أجريت لها عملية زرع مادة السيليكون منذ ست سنوات، لتشوّه خُلقي في منطقة الصدر، إلا أن هذه المادة انفجرت في صدرها وهي لم تعترض أو تراجع الطبيب. تقول: «لم أشعر بالثقب الذي حدث في حشوة السيليكون، لكنني وبعدما علمت من أختي أن هناك حشوات فرنسية ممنوعة من الاستخدام طبياً في السعودية وأنها مغشوشة، تسرّب الخوف الى نفسي، وذهبت مُسرعة إلى الطبيب لأسأله عن نوع المادة، ليصدمني بقوله «أنت من المتضررات، ونعم حاسبت الشركة المسؤولة وسأطالب بمعاقبتهم، ومن الممكن أن أجري لكِ العملية مجانا».
لكنني لم أعره أي اهتمام وطلبت من الممرضة إعطائي ملفي بعد سماحه لي بذلك، وخرجت مسرعة إلى عيادة طبيب آخر كنت قد سمعت عنه من أختي، وغداً ستجرى عملية نزع الحشوة المغشوشة وزرع أخرى لإغلاق التجويف في منطقة الصدر».
الدكتور أحمد بخش: أُجري العملية لأي سيدة متضررة مجانا
›› ذكر استشاري جراحة التجميل والترميم والحروق في مستشفى الملك عبد العزيز الدكتور أحمد بخش أنه من حسن حظه أنه لم يأخذ من السيليكون من شركة (بي آي بي) الفرنسية، بل كان تعامله مع شركات أخرى. يقول: «من حظ مريضاتي أن أياً منهن لم تتعرض لزراعة سيليكون مغشوش.
لكن هناك الكثيرات من السيدات ممن اتصلن ليسألن عن نوع الحشوة التي وضعت لهن، وهل هن بحاجة إلى فحوص طبية من اجل سلامتهن. وهنا من واجبي كطبيب أن أُوضح أي نوع سيليكون استعملت، ولا بد أن يتم الفحص الدوري للمريضة للاطمئنان على وضعها بشكل مستمر».
›› وأضاف: «منذ اليوم الاول لظهور هذه المشكلة، قدمنا كل الدعم والمساندة والعلاج، لجميع السيدات من استفسار او استشارة وليس لدينا أي مانع من إجراء أي عملية لسيدة متضررة من هذا النوع من السيليكون مجانا».
وعن التأكد من مادة السيليكون قال بخش إن ملف المريضة عادة يُذكر فيه نوع المادة المستخدمة، وعن السائل الملحي أوضح: «السائل الملحي نوع من حشوات السيليكون، وما حدث ان اول الأنواع التي صُنعت كانت على شكل سائل، ومن الممكن أن تكون المشكلة وقعت منه. لكن السائل الملحي يأتي بحشوة لتكبير الصدر وفي الوقت نفسه يأتي كـممدد للأنسجة.
وهو بديل صحي لكن له مشاكل من نواحٍ أخرى فقد تشكو بعض السيدات من وجود ثدي اصغر من الاخر بسبب انفجار خفيف في هذه الحشوة، لتتأثر قساوة الحشوة بسبب احتوائها على مياه ويتغير الملمس عن الطبيعي، وهذه بعض المشاكل الخاصة به».
›› وشدد على ضرورة التواصل بين المريضة والطبيب، «ومن أرادت أي استسفار، فما عليها سوى الاتصال أو الحضور فوراً الى العيادة، ولا يوجد أي مشكلة لدي في إجراء عملية إبدال السيليكون المغشوش مجانا لأي سيدة متضررة».
الدكتور هيثم جمجوم: لا ارتباط بين هذا السيليكون والسرطان
ذكر مستشار جراحات التجميل والترميم في مستشفى الحرس الوطني الدكتور هيثم جمجوم أن عمليات زرع السيليكون التي يُجريها وسبق أن أجراها استعمل فيها نوعا من شركة أميركية معترف بها من هيئة الغذاء والدواء الأميركية ونظيرتها السعودية.
وقال: «عند ظهور موضوع السيليكون المغشوش (PIP) انتشر الهلع بين السيدات سواء ممن يضعن حشوات فرنسية أو غيرهن، فبدأن بالسؤال عن نوع الحشوة التي زُرعت.
لكن للأسف في السعودية 90% تقريباً من السيدات لا يعرفن نوع الحشوة الموجودة لديهن. من جانبي قمت بطمأنتهن عن نوع الحشوة وهنّ لسن من السيدات اللواتي يمتلكن في أجسادهن حشوات مغشوشة».
وأشار الى أن الطبيب الذي أجرى العمليات يجب أن يُبلغ مريضاته بنوعية الحشوة، «ليعطي السيدة الخيار إما بتغييرها لديه أو بالذهاب الى طبيب آخر».
وأكد انه لا يوجد أي وسيلة طبية أو من خلال الأشعة لمعرفة ما نوع هذه الحشوات «ولابد أن تكون هذه المعلومة مُسجلة في ملف المريضة الطبي»، مشيراً إلى أن الجراحة هي الوسيلة الوحيدة لسحب السيليكون من صدر المريضة.
وأردف أن إجراء عمليات نزع السيليكون المغشوش إن حصلت في مستشفيات حكومية فلا بد من توفيرها للمتضررات مجانا «كما فعلت الحكومة الفرنسية مع مريضاتها، أما إذا أجريت العملية في مراكز أو مستشفيات خاصة، فعلى السيدة أن تدفع قيمة المستشفى وقيمة السيليكون».
وأضاف أن هذه الحشوات على الرغم من أنها فرنسية، فإن «دخولها السعودية لم يكن بصورة رسمية، وهذه المشكلة التي جعلت وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء لا تعرفان أماكن توزيع هذه الحشوات في السعودية إضافة إلى عدم وجود وكيل رسمي لها».
وفي ما يتعلق بمشاكل هذه الحشوة تابع حديثه قائلاً: «كما ذكرنا سابقاً أن السيليكون المزروع في صدر السيدة غير مُصرّح باستعماله طبياً، وهذا يعني أن احتمال حدوث خدش أو ثٌقب في الغشاء المحيط في السيليكون عالٍ جداً.
وفي حال تسرّبه يُسبب تليّفا وألماً حول صدر السيدة، ومن الممكن أن تتأثر بسببه الغدد اللمفاوية المجاورة وتفرز الالتهاب وقد يحدث تهيّجاً والتهابا في الإبط، وهذا ما هو معروف عن أضرار هذه الحشوة».
وأكد أن هذه الأضرار ليست مرتبطة بالسيليكون الصناعي أو بالإصابة بمرض السرطان. «إلى هذه اللحظة لا يوجد ارتباط بين هذا النوع من السيليكون والإصابة بأي أمراض سرطانية».
الدكتور إبراهيم أشعري: التعرّف على السيليكون المغشوش لا يمكن أن يحصل الا من خلال جراحة
›› من جانبه ذكر مستشار جراحة التجميل وأختصاصي الليزر ونائب رئيس الجمعية السعودية لجراحة التجميل الدكتور إبراهيم أشعري أن سيليكون (PIP) صناعي وليس طبياً، «كما أن هيئة الغذاء والدواء الفرنسية أوقفت التعامل به منذ عام 2010، ومع أول حالة ظهرت في 2007 في بريطانيا أقيمت دعوى على الشركة ونجحت الحكومة في وقف انتشار هذه المادة.
كما أن مُشكلة هذا السيليكون أن صلاحيته تنتهي سريعاً وأضراره على جسد المرأة تبدأ بتغير شكل الثدي ومن الممكن حدوث تليّف في منطقة الثدي. لكنه لم يثبت أن هناك علاقة بين رداءة هذا النوع من السيليكون وبين مرض السرطان».
›› وأضاف: «عند انتشار الخبر بدأت المريضات بالاستفسار والسؤال عن نوع الحشوة التي زرعتها لهن، لكني طمأنتهن مؤكداً لهن أن النوع المستخدم آمن جداً. إلا أن هناك حالات لسيدات أجريت لهنّ العملية في عيادات أخرى سأغيرها لهن في عيادتي.
والتعرّف على السيليكون المغشوش لا يمكن أن يحصل إلا من خلال جراحة، إلا إذا كانت المريضة تعرف نوع الحشوة المستخدمة في جسدها، من خلال معلومات عن السيليكون من ملف العيادة أو المستشفى الذي أجريت لها العملية فيه».
الدكتور صالح الطيار: دخولها لم يكن نظامياً وعلاج المتضررات من السيليكون مجاناً...
أوضح نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأجهزة والمنتجات الطبية في هيئة الغذاء والدواء السعودية الدكتور صالح الطيار أن مشكلة السيليكون المغشوش ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر 2010، عندما عمّمت الهيئة على كل المستشفيات ومراكز التجميل ومديريات الشؤون الصحية في السعودية أن هناك نوعا من السيليكون لا يجوز استعماله.
كما طلبت من السيدات السعوديات اللواتي استخدمن السيليكون إبلاغ الهيئة، لتتأكد من نوعه واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وقال: «المعلومات الأولية لدينا، تشير إلى أن عدد السيدات اللواتي أجريت لهن عمليات تجميل الصدر في السعودية بزراعة حشوة السيليكون بلغ 300 سيدة سعودية، لكن ما زلنا نستقبل هذه المعلومات إما عن طريق الاتصالات، أو من سجلات الشركة التي اعترفت ببيعها.
وأعتقد أن الأرقام في تزايد ونحتاج إلى بعض الوقت لحصر الكميات». وأنشأت الهيئة مركزا للاتصال وبدأت تلقي الاتصالات من أي سيدة زرع لها السيليكون «للتواصل معنا، وطلبنا منهن بعض المعلومات مع الحفاظ على الخصوصيات.
وما يهمّنا معرفته هو المركز الطبي و التاريخ التقريبي لإجراء العملية والطبيب المتخصص، قبل إجراء عملية ابدال السيليكون مجانا».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024