حاربي الكولسترول...
يتم الحديث منذ أعوام عدة عن أطعمة محاربة للكولسترول وأخرى مسببة لارتفاع معدلاته في الدم. فما هي الحقائق في هذا المجال؟
لا بد من الإشارة أولاً إلى أهمية الكولسترول في الجسم. فالكولسترول هو مكوّن رئيسي في خلايانا، ويسهم في إنتاج الهرمونات، وفي حسن عمل الخلايا العصبية. من دونه، لا يكون الجسم على ما يرام.
فالجسم يحتوي تقريباً على 145 غ من الكولسترول تتيح له العمل بصورة جيدة. إلا أن الغذاء الذي نتناوله يزودنا بنحو 0.5 غ من الكولسترول يومياً، ولا تمتص الأمعاء إلا نصفها.
لا مجال إذاً للجرعة الزائدة. بالفعل، يتم إنتاج 70 في المئة من الكولسترول في الكبد. وإذا تجاوزت المعدلات الحدود المقبولة، فإن الأمر يعزى في أغلب الأحيان إلى استعدادات وراثية وعوامل عدة تؤثر في إنتاج الكولسترول أو امتصاصه.
ثمة عوامل مرتبطة بغذائنا من دون شك. لكن الاعتقاد الخاطئ الذي ساد لفترة من الزمن هو أن الكولسترول الآتي من الطعام هو الذي يرفع مستويات الكولسترول في الدم.
فقد تم التأكد الآن من أن هذه المعادلة غير كافية. فالدراسات والأبحاث الجديدة لم تظهر أي رابط بين الكولسترول الغذائي والأمراض القلبية الوعائية، إلا عند المصابين بداء السكري.
إلا أن 17 في المئة منا يعانون من ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم (أعلى من 2.5 غ/ليتر). فما هي الاستراتيجية الغذائية المناسبة إذاً؟
البيض مسموح والأطعمة المجلّدة مضرة
يتولى الكبد إنتاج كولسترول الدم. ولكنه يحتاج لهذه الغاية إلى مواد أولية، هي الدهون المشبعة. وكلما احتوى الغذاء على مقدار أكبر من الدهون المشبعة، أنتج الكبد مقداراً أكبر من الكولسترول.
بمعنى آخر، لتنظيم إنتاج مصنعنا الداخلي، لا جدوى أبداً من حرمان أنفسنا من البيض أو الدواجن، لأنها تحتوي على القليل من الدهون المشبعة.
في المقابل، يجب التخفيف من استهلاك اللحوم الدهنية، واللحوم المصنعة، والزبدة والجبنة لأنها تحتوي على الكثير من الدهون المشبعة. ولا بد أيضاً من تخفيف استهلاك الأحماض الدهنية المحولة.
فهذه الفئة من الدهون لا تزيد فقط إنتاج الكولسترول السيء (أي LDL) وإنما تخفض أيضاً مستوى الكولسترول الجيد (أي HDL).
والمشكلة هي أن الغذاء الصناعي منتشر بوفرة في كل مكان: في الحلويات، والبسكويت، والحساء، والبيتزا، والأطباق المجلدة، والمقبلات المبردة...
وإذا لم ننتبه جيداً إلى اللصائق الموضوعة على العلب، سوف نقع حتماً في شرك الإنتاج المفرط والمزمن للكولسترول.
إلا أن فائض الدهون المشبعة والدهون المحولة ليس المسؤول الوحيد. فقد أظهرت دراسة أميركية حديثة أنه كلما استهلكنا كمية أكبر من السكر، انخفض معدل الكولسترول الجيد في الدم (أي HDL)، وارتفع مستوى الكولسترول السيء (أي LDL) عند المرأة خصوصاً.
يستحسن إذاً عدم الإفراط في استهلاك الحلويات والأطعمة الغنية بالسكر. وإذا استمر الكبد رغم ذلك في إنتاج الكولسترول بكثرة، لا بد من اللجوء إلى الأدوية المحاربة لإنتاج الكولسترول.
نعم للألياف والسمك الدهني والجوز
يمكنك تحفيز التخلّص من الكولسترول السيء بتناول الغذاء السليم. فقد وجد الباحثون أن ثمة أطعمة واقية للجسم، تتمثل في الألياف، والفاكهة والخضار الغنية بمضادات التأكسد، والزيوت والأسماك الدهنية الغنية بأحماض أوميغا 3.
ولا ننسى طبعاً الفيتوستيرول الموجود في زيت الذرة، والجوز، واللوز، والحبوب الكاملة. يكفي استهلاك غرامين يومياً لخفض الكولسترول السيء (LDL) بنسبة 10 في المئة تقريباً. فهذه المواد النباتية تقمع امتصاص الكولسترول في الجهاز الهضمي.
نتيجة ذلك، يتم التخلص مباشرة من جزء من LDL من دون أن يمتصه الجسم. ثمة طعام آخر حليف للصحة هو بروتين الصويا.
فاستهلاك 25 غ من بروتين الصويا (أي 200 غ من التوفو) كل يوم يخفض مستوى الدهون في الدم، ويخفف بالتالي من خطر التعرض للأمراض القلبية الوعائية.
باختصار، يمكنك خفض مستوى LDL باستهلاك الطعام! وإذا لم يكن هذا كافياً، يستطيع الطبيب وصف أدوية تعدّل إنتاج الكولسترول، ولاسيما الكولسترول السيء.
الغذاء المتوسطي هو الأمثل
عند التخلص من بعض الكيلوغرامات الزائدة، يمكن خفض معدل الكولسترول السيء لصالح الكولسترول الجيد.
فعند التخلص من 5 كيلوغرامات، يمكن رفع مستوى الكولسترول الجيد HDL بنسبة 10 في المئة. وينصح الأطباء باعتماد الغذاء المتوسطي الغني بالفاكهة والخضار، والحبوب الكاملة، والبقول، وزيت الزيتون فيما يحتوي في المقابل على كمية ضئيلة من اللحم الأحمر (مرة أو مرتان على الأكثر في الأسبوع) ويركز بدل ذلك على السمك والدجاج والبيض (ولكن ليس بإفراط).
وأخيراً، لا بد من ممارسة التمارين الرياضية لأنها ترفع معدل الكولسترول الجيد HDL بنسبة 5 إلى 6 في المئة على حساب الكولسترول السيء LDL.
بالفعل، أظهرت الدراسات أنه يمكن الحصول على هذه الفائدة خلال شهر واحد شرط ممارسة التمارين الرياضية أربع مرات أسبوعياً، بمعدل نصف ساعة على الأقل كل مرة.
يمكنك الاختيار بين المشي، والركض، والسباحة، والركوب على الدراجة الهوائية، وكرة القدم، والتجذيف. وتذكري أن المدة المخصصة للتمارين توازي من حيث الأهمية نوعية التمارين وكثافتها.
تجنّبي «فخ» العشاء في مطعم
غالباً ما تشعرين بالإنزعاج لاضطرارك إلى تلبية الدعوات على العشاء التي لا تستطيعين خلالها أن تأكلي طعاماً صحياً، إذ أنك قد تجدين صعوبةً في الاستمرار في الحمية التي تتبعينها للوقاية من الكولسترول عند تناول العشاء في مطعم.
رغم ذلك، اعلمي أن العشاء في الخارج لا يعني بالضرورة تناول المأكولات المسببة للسمنة، إذ يمكنك تناول أنواع مختلفة من الأطعمة الصحية ولا يتطلب ذلك إلا القليل من الإرادة والتنظيم.
ليست الدعوة على العشاء مناسبة للإفراط في الأكل أو في تناول المأكولات التي لا يمكن تناولها في المنزل، بل هي مناسبة للقاء الأصدقاء والتمتع برفقتهم، لذلك من الأفضل التركيز على محادثة الأصدقاء بدل التركيز على الأكل. أما الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتجنب كثرة الأكل في هذه المناسبة، فهي:
- لا تضعي السلّة التي تحتوي على الخبز أمامك على الطاولة، فهو لا يحتوي على المغذيات بل يملأ معدتك فقط.
- حاولي أن تتحكّمي بكمية الطعام التي تتناولينها وتستمتعين بها في الوقت نفسه.
- أطلبي طبقين من المقبلات ( كالسلطة ) بدل أن تأكلي طبقاً كبيراً.
- اسألي عن طريقة تحضير الطعام وتجنّبي المقليات والصلصات.يما.
- إذا كان الطبق الذي طلبته كبيراً تشاركي فيه مع أحد الأصدقاء أو خذي منه إلى المنزل لتتناوليه في اليوم التالي.
الكولسترول نوعان
هناك نوعان من الكولسترول في الجسم: السيئ أو الLDL والجيد أو الHDL.
- ما هو الكولسترول السيئ؟
عندما يزداد مستوى الكولسترول السيئ في الجسم تتكدس الدهون شيئاً فشيئاً في الشرايين التي تغذي القلب والدماغ وتسبب انسدادها. ويساهم ظهور مشكلات عدة في القلب شيئاً فشيئاً في الإصابة بذبحة قلبية خصوصاً على أثر الإصابة بجلطة.
ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم إلى أكثر من 160 ملغ/دسل يعتبر مؤشراً لزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب. أما بالنسبة إلى مريض القلب فيجب أن يكون مستوى الكولسترول السيئ لديه أقل من 100 نظراً إلى الخطورة الناتجة عن ارتفاع مستواه في الدم. وبقدر ما يقل مستوى الكولسترول السيئ يخف خطر التعرض لمشكلة في القلب.
- ما الكولسترول الجيد؟
بحسب الدراسات الطبية والأبحاث، ينقل الكولسترول الجيد الكولسترول بعيداً عن الشرايين وصولاً إلى الكبد الذي يصرّفه خارج الجسم. ويعرف الHDL بالكولسترول الجيد كون ارتفاع مستواه في الدم يمكن أن يحمي ضد أمراض القلب، كما أن انخفاض مستواه يزيد من خطورة التعرّض لأمراض القلب والذبحة القلبية بشكل خاص(أقل من 40 ملغ/دسل لدى الرجال و50 ملغ/دسل لدى النساء).
الرياضة والكولسترول
- كيف يؤثر النشاط الجسدي على معدل الكولسترول في الدم؟
تساعد ممارسة الرياضة بانتظام في زيادة معدل الكولسترول الجيد لدى بعض الأشخاص. أما ارتفاع مستوى الكولسترول الجيد فيؤثر إيجاباً على احتمال الإصابة بأمراض القلب ويخفض احتمال الإصابة بها.
أيضاً يساهم النشاط الجسدي في السيطرة على الوزن ومعدل السكر في الدم ومستوى ضغط الدم. وفيما تساهم التمارين الرياضية (أيروبيكس) في تحسين نبضات القلب والتنفس، تؤثر الرياضة المعتدلة إلى قوية كالهرولة والسباحة إيجاباً على وظيفة القلب والرئتين.
في المقابل يشكل الركود وقلة الحركة عامل خطر بالنسبة إلى القلب مما يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب. وحتى النشاطات المعتدلة القوة تساهم في الحد من الخطر لدى ممارستها يومياً ومنها المشي ضمن نزهة والأعمال المنزلية والرقص والتمارين الرياضية البسيطة التي تجرى في المنزل.
التدخين والكولسترول
- كيف يؤثر التدخين سلباً على مستوى الكولسترول في الدم؟
يعتبر التدخين أحد عوامل الخطر الستة الأساسية المسببة لأمراض القلب والتي يمكن التحكم بها ومعالجتها. يسبب التدخين خفض مستوى الكولسترول الجيد HDL ويزيد القابلية لتخثر الدم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024