تأثير تغيّر الفصول على صحّة الإنسان وجماله!
مع تبدّل فصول السنة وتغيّر العوامل الخارجية، يتأثر الناس بطريقة مباشرة، من حيث الصحّة، وحتى من الناحية الجمالية، خاصة تلك المتعلّقة منها بالبشرة وبمعالم الشيخوخة المبكرة والتعب والترهّل.
ذلك أنّ أشعّة الشمس والرطوبة والحرارة، من شأنها أن تؤذي البشرة و تُتلف الشعر في حال الإهمال. يبقى أنّ الإنتقال من فصل إلى آخر يجب أن يتمّ بتدرّج وإنسيابيّة، حتى لا «يُصدم» الجسم وتهبط مناعته.
لذلك، لا بدّ من إيلاء الذات حيّزاً من الإهتمام للمحافظة على النضارة والإشراقة والصحّة الجيّدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ التعرّض المفرط للحرارة المرتفعة، أو حتى للبرد والهواء، يؤدّي إلى نتائج سلبية، خاصة على المظهر الخارجي، إذ تتشقّق البشرة وتبدو التجاعيد واضحة عليها، كما تفقد رونقها ونضارتها.
لكلّ فصل حسناته وسيّئاته، لكن المهمّ هو معرفة سُبل العناية الصحيحة للإستفادة قدر الإمكان من الوقت.
غالباً ما يقع المرء ضحيّة جهله أو إهماله، خاصة في ما يتعلّق بالعناية اليومية بمظهره. وتبقى تلك الأمور البسيطة التي قد يغضّ النظر عنها من حيث يدري أو لا يدري، هي التي تشكّل العلامة الفارقة وتبدو ملامحها جليّة! فالروتين اليوميّ لا يقتصر على الغذاء والعمل والنوم، بل هو مرتبط أيضاً بالإهتمام بالصحة الداخلية كما الجمال الخارجيّ. ذلك أنّ البشرة والشعر والجسم في حاجة إلى عناية متواصلة وإهتمام ومتابعة.
يشرح الطبيب اللبناني-البرازيلي رامي عنداري، إختصاصيّ طبّ وجراحة تجميل وترميم، وعضو الجمعيات العالميّة واللبنانية والبرازيلية والخليجية والجنوب أميركية والأوروبية والأميركية للتجميل والترميم، وصاحب عيادات طبية تجميلية في مسقط وبيروت، تأثير تغيّر الفصول والمناخ على جمال البشرة، والعلاجات الواجب إتباعها في فصول معيّنة. كما يفسّر الدكتور ميشال معلولي، إختصاصيّ طبّ عائلة وطبّ عام، إنعكاسات كلّ فصل على الصحّة بشكل عام.
البشرة هي العضو الخارجيّ الذي يحتكّ بكل العوامل الخارجية ويتأثر بالتالي بها، سلباً أو إيجاباً. ففي مختلف الفصول، تبرز مشاكل، صغيرة إجمالاً، وسرعان ما تتفاقم في حال إهمالها أو التغاضي عنها. لذلك، يشدّد الأطباء على ضرورة اتباع نظام حياتيّ يتأقلم تدريجياً مع مختلف التغيّرات، حتى يستطيع الإنسان التقليل من الإنعكاسات السلبية.
بين فصل وآخر
من المؤّكد أنّ لكلّ فصل عواقبه على صحّة الإنسان وجماله. لكن من الممكن تفادي تفاقم المشاكل في حال إستباق الأمور واتباع الوقاية.
يقول الدكتور معلولي: «إنّ فصل الصيف إجمالاً هو أقلّ ضرراً بصحّة الإنسان، من حيث الأمراض. لكن قد يتعرّض الإنسان لموجات حرّ أو ما يُعرف ب«ضربة شمس» وأعراضها الإسهال والتقيّؤ والغثيان وآلام في الرأس. كما يمكن أن يجفّ الجسم Dehydration من الماء في حال عدم الإكثار من الشرب وتناول الفاكهة والخضار، فيعاني المرء من حالة وهن وضعف وتعب مزمن وآلام مختلفة في الجسم. وتكثر في الهواء الفيروسات التي تتسبّب بالإسهال والتقيّؤ والصداع وسواها، خاصة في موسم البحر».
ويضيف: «أما موسم الشتاء، فهو موسم الرشح والسعال والإنفلونزا والحرارة المرتفعة ونزلات البرد والGrippe والإلتهابات الرئويّة Bronchitis، بسبب تدنّي الحرارة والصقيع والهواء البارد وموسم المدارس، بحيث تكون أغلبية الأمراض متناقلة من شخص إلى آخر».
كما لا يخلو فصلا الربيع والخريف من المشاكل، خاصةً للذين يعانون الحساسية وضيق النفس والربو، بسبب الPollen من الأزهار والأشجار، والغبار، والطفيليات، وكلّ الملوّثات المحيطة بنا. فتكثر نوبات السعال والرشح والصفير التي قد تتفاقم أحياناً وتتطلّب علاجات مكثفة، إضافةً إلى العلاجات الدورية الموسمية على مدار السنة، للسيطرة على الحساسية قدر الإمكان، بمختلف تشعّباتها.
انعكاسات على البشرة
يقول الدكتور عنداري إنّ «فصل الصيف عموماً هو اكثر إيذاءً للبشرة، بحيث أنّ البشرة هي العضو الذي يتفاعل مباشرةً مع العوامل الخارجية، وتكون ردّة الفعل بالتالي، هي لحماية الجسم برمّته.
ففي فصل الصيف، ترتفع الحرارة، وتزداد بالتالي كمّية الدم والماء المتجهة نحو البشرة، لتخفّ الكميّة التي تتوزّع على مختلف أعضاء الجسم. لذلك، لا بدّ من الإكثار من شرب الماء وتناول الفاكهة والخضار لتعويض نقص الماء في الجسم وللمحافظة على النضارة للبشرة.
كما أنّ أشعّة الشمس مضرّة بالبشرة، لأنها تؤدّي إلى الشيخوخة المبكرة والتجاعيد والترهّل، كما قد تتسبّب بظهور البقع الداكنة والكلف والتصبّغات، إضافة إلى ترجيح سرطان الجلد». يتابع الدكتور عنداري: «يبقى فصل الشتاء هو صديق البشرة، بحيث يكون الضرر الناجم عنه أقلّ. كما من الممكن إجراء مختلف العلاجات للبشرة خلاله.
وهذا لا يمنع بعض المشاكل في هذا الفصل، مثل جفاف البشرة وتشققها وخسارة كميات من المياه وإن بنسب أقلّ». ومن الملاحظ أنّ الأشخاص في البلدان الأوروبية حيث الشمس أقلّ حدّة، يتمتعون ببشرة اكثر نضارة وترطيباً وراحة من الذين يعيشون في الدول العربية والأفريقيّة.
من جهة أخرى، يتأثر الشعر أيضاً بالعوامل الخارجيّة في الصيف. إذ تتأثر بصيلات الشعر بالرطوبة وأشعة الشمس والحرارة ونوعية الماء والكلور وتقنيات التسريح والتصفيف والصبغ، ما يؤدّي إلى تلف الشعر وتعبه، خاصة في الصيف، وقد يؤدي ذلك إلى تساقطه أيضاً.
وفي الشتاء، يستلزم الشعر وقتاً اطول ليجفّ، لذلك، لا يجب النوم بشعر مبلّل، كي لا نمرض اولاً، وكي لا يتساقط ويتعب بفعل عدم تجفيفه بطريقة مناسبة.
علاجات في فصول محدّدة
من المفضّل إجراء بعض العلاجات والجراحات الطبية-التجميلية في فصل الشتاء، بسبب انخفاض الحرارة وحدّة أشعّة الشمس. كما أنّ كمية الدم التي تصل إلى الجلد صيفاً تكون مرتفعة، ما يؤدّي إلى ازدياد كمّيّة الورم بفعل طول فترة الإمتصاص التي يتطلّبها الجسم.
يفسّر عنداري: «في الجراحة التجميلية إجمالاً، لا نتأثر مباشرةً بتغيّر الفصول، وإنما نفضّل إجراء بعض التقنيات شتاءً كونها لا تحبّذ التعرّض المباشر لأشعة الشمس بعد العملية.
فعملية شفط الدهون تتطلّب إرتداء مشدّ، ويكون مزعجاً في فصل الصيف مع الحرارة المرتفعة، لذلك نعتمدها في الشتاء. كما أنّ شدّ الوجه يتطلّب عدم التعرّض للشمس مباشرة، لذلك من المستحسن القيام به في فصل الشتاء.
لكن من الممكن مثلاً إجراء عملية لمنطقة الصدر في الصيف لأنها أقلّ عرضةً للشمس .ونفضّل إجراء جراحة الأنف في الصيف منعاً لإلتقاط عدوى الGrippe».
أمّا تقنيات الليزر، فمن المفضّل ألاّ تكون في الصيف، خاصة في حال إزالة الشعر أو تقشير البشرة ومعالجتها من الشوائب، منعاً للتعرّض للشمس، ما يؤدّي إلى حروق ودبوغ.
وفي ما خصّ البوتوكس والفيلير ، فمن الملاحظ أنّ حقن البوتوكس في الصيف تستمر لفترة أقلّ بعض الشيء من حقنها في الشتاء، بسبب سرعة امتصاص الجسم للمادة. وبالنسبة الى الفيلر، نلاحظ انه يعطي حجماً أكثر في فصل الصيف، لكن لا مانع من إجراء هذه الحقن في مختلف الفصول.
انتقال بين الفصول
بعد فصل الصيف، تكون البشرة تعبة من كثرة تعرّضها للشمس والبحر والرطوبة والمستحضرات. لذلك، لا بدّ من إجراء عناية مكثفة لها، مع بداية الخريف، من حيث التقشير وتوحيد اللون وإستعادة النضارة.
وفي فصل الصيف، لا بدّ من الترطيب المتواصل واستعمال الواقي من الشمس منعاً لزيادة كمية التجاعيد والبقع والتصبغات والترهّل وقلّة النضارة.
يشير الدكتور عنداري: «توجد كريمات ومستحضرات خاصة بكلا الفصلين ولا يجوز استخدامها في غير وقتها. فلا يجوز تقشير البشرة بالأسيد والريتينول مثلاً في الصيف، كما لا يجوز إهمال استخدام الواقي. وفي الشتاء، لا بدّ من إعادة تجديد الخلايا التالفة والتعبة لإستعادة النضارة». يختم الدكتور معلولي: «يجب أن يكون الإنتقال تدريجياً بين الصيف والشتاء، وعدم التسبب بصدمة للجسم كي لا يفقد مناعته.
لذلك، لا يجوز التعرّض المكثف للحرارة المرتفعة والشمس من دون تمهيد، كما يجوز السفر لمناطق ذات حرارة متدنية جداً من مناطق حارة في وقت قصير. هذا، ولا بدّ من تناول جرعات من الفيتامينات أو حقن ضدّ الرشح والإنفلونزا، خاصة للصغار والمتقدّمين في السن والذين يعانون من مشاكل حساسية أو صحية».
تبقى الإجراءات الوقائية هي لمساعدة الإنسان على التكيّف مع التغيّرات المناخيّة المحيطة، ومنعاً للمعاناة من عواقب ثانوية، تتحوّل مرضية مع الإهمال المتكرّر.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024