سرطان الثدي...
تصاب امرأة واحدة من كل ثماني نساء بسرطان الثدي، ويتم رصد مئات آلاف الإصابات الجديدة كل سنة في أرجاء العالم. فسرطان الثدي هو السرطان الأكثر شيوعاً عند المرأة، لكن الأمل كبير بالتغلب على هذا المرض القاتل...
كلما تم كشف سرطان الثدي في مرحلة مبكرة، بات بالإمكان معالجته بعلاجات أقل وطأة وأكثر فاعلية. ويمكن شفاؤه في أغلبية الحالات. ففي أوروبا 78 في المئة من النساء اللواتي أصبن بالمرض يعشن حيواتهن في شكل طبيعي بعد مرور خمس سنوات على التشخيص.
الأسباب المحتملة
ما من سبب واحد يمكن إلقاء اللوم عليه في سرطان الثدي، كما هي حال التبغ في سرطان الرئة، لكن عدداً من العوامل القليلة الأهمية تجتمع مع بعضها البعض لتنتهي بتحفيز ظهور الورم. فمن هي إذاً المرأة المعرضة للخطر ومن هي المرأة غير المعرضة؟
- التقدّم في العمر. يعتبر العمر مسألة مهمة جداً في احتمال التعرض لسرطان الثدي. فكلما شاخت خلايا الثدي، تضاءلت قدرتها على حماية نفسها من العوامل المسببة للسرطان. وما كان يتم إبطاله في عمر 35 عاماً يصبح في عمر الستين خطراً داهماً لجهاز الترميم الخلوي.
- العامل الوراثي. تعزى 5 في المئة من سرطانات الثدي إلى عوامل عائلية أو وراثية، ومن هنا أهمية المتابعة الطبية المنتظمة في حال وجود سرطان في العائلة. فوجود التحول الوراثي يزيد من خطر حصول الورم الخبيث لأن 60 إلى 80 في المئة من النساء الحاملات للعامل الوراثي يصبن بسرطان الثدي، قبل عمر الأربعين في أغلب الأحيان.
- الحمل المتأخر (بعد عمر الثلاثين) أو غياب الحمل يزيد قليلاً خطر التعرض لسرطان الثدي لأن الخلايا الثديية لا تصبح ناضجة ومتمايزة إلا بعد الفصل الثالث من الحمل، بحيث تتحول إلى خلايا تتيح الإرضاع. وهذا ما يفضي إلى تضاؤل حساسيتها للاعتداءات الخارجية.
- سن البلوغ المبكرة (قبل 12 عاماً) هي عامل خطر إضافي لأن المرأة تتعرض لوقت أطول للهرمونات التي تنتجها حتى سن اليأس.
- العلاج البديل للهرمونات في سن اليأس يضاعف خطر التعرض لسرطان الثدي بنسبة 1.2 فقط. فالمرأة البالغة من العمر 55 عاماً ولم تبلغ بعد سن اليأس (أي أنها تتلقى استروجينات) تكون معرضة لخطر الإصابة بسرطان الثدي تماماً أو أكثر قليلاً من المرأة البالغة من العمر 50 عاماً وبلغت سن اليأس وتتناول العلاج البديل للهرمونات للتخفيف من أعراض سن اليأس. المبدأ هو أنه كلما طال أمد العلاج، ازداد خطر تعرض المرأة لسرطان الثدي.
- مبيدات الحشرات، وصبغات الشعر، ومزيلات روائح العرق، والهواتف الخلوية، والتلوث، والتوتر والإجهاض هي حتماً عوامل مضرة ويمكن أن تكون سبباً للسرطانات أو لظهورها المبكر. قد يكون هذا محتملاً لكن الدراسات لم تحسم لغاية الآن هذا الموضوع.
عوامل الوقاية
بات معروفاً أن البلوغ المتأخر للفتاة، وسن اليأس المبكرة، وتأسيس عائلة في سن مبكرة، وإنجاب الكثير من الأولاد (طوال تسعة أشهر تكون البيئة الهرمونية أقل خطراً) هي من العوامل الإيجابية التي قد تحمي المرأة من التعرض لسرطان الثدي.
ولا ننسى طبعاً الرياضة التي تعتبر بالغة الأهمية. فالمرأة التي تمارس نشاطاً رياضياً تكون معرّضة لسرطان الثدي بنسبة 10 إلى 30 في المئة أقل من المرأة التي لا تمارس أي نشاط رياضي.
وأظهرت الدراسات أيضاً أنه كلما ازداد إنفاق الوحدات الحرارية، باتت الوقاية أكثر أهمية. وهذا منطقي لأن النشاط الرياضي يقلل الكتلة الدهنية، علماً أنه كلما كانت مساحة الكتلة الدهنية أكبر، أنتج الجسم المزيد من الاستروجنيات.
ينصح الأطباء بممارسة التمارين الرياضية لمدة 3 إلى 5 ساعات أسبوعياً، ويحتسب من ضمن ذلك الاعتناء بالحديقة والأعمال المنزلية.
أهمية دعم الآخرين
سواء كان السرطان في مرحلة مبكرة أو في مرحلة متقدمة، وسواء كانت المرأة محاطة بدعم عائلتها أم لا، فإن المرأة المصابة بسرطان الثدي تشعر أنها وحيدة في هذا العالم.
وحيدة أثناء العلاج، وحيدة مع المخاوف والأرق، وحيدة مع الميل إلى إبقاء كل شيء للذات، لحماية المحيط كي لا تصبح عبئاً عليه، والأهم من كل ذلك ألا تتحول إلى محطة لشفقتهم.
العلاجات المتوافرة
يتولّى اليوم عدد من الأطباء الاختصاصيين معالجة المرأة المصابة بسرطان الثدي، لكن العلاج الأساسي يبقى الجراحة، وينطبق ذلك مبدئياً على السرطانات الموضعية، أي التي لم تنتشر في أنحاء عدة من الجسم.
ولعل التقدم الأبرز الحاصل في علاج سرطان الثدي ينبع من علاج Herceptin، الذي يتم وصفه بالترافق مع العلاج الكلاسيكي لسرطان الثدي. يتواجد هذا الدواء منذ أعوام قليلة، وتم استعماله بنجاح لمعالجة سرطانات الثدي المنتشرة في أنحاء الجسم بالترافق مع العلاج الكيميائي.
واليوم، تؤكد الدراسات الجديدة أن علاج Herceptin فعال في معالجة سرطان الثدي ليس بصفته علاجاً ثانوياً وإنما كعلاج رئيسي، أي أنه يتم وصفه لمعالجة المرحلة المبكرة من سرطان الثدي، حتى قبل حصول أي انتشار للمرض.
والنتيجة تضاؤل احتمال عودة السرطان بنسبة 50 في المئة!!!! ويعني ذلك أنه يتم شفاء 50 في المئة من النساء اللواتي يتلقين هذا العلاج، مع تأثيرات جانبية أقل.
أما العلاجات الكلاسيكية الأخرى المتوافرة لسرطان الثدي فهي العلاج الإشعاعي، واستئصال الثدي بكامله، واستئصال الورم فقط مع الحفاظ على شكل الثدي، والعلاج الكيميائي والعلاج بالهرمونات.
يتم اختيار العلاج حسب درجة تقدم السرطان وانتشاره، وحجم الورم، ومناعة المرأة، والعديد من العوامل الأخرى التي يقررها الطبيب بنفسه.
- ماذا بعد سرطان الثدي؟
تكشف أغلبية النساء عن سرطان صغير (1 إلى 2 سم)، حسب حجم الثديين، علماً أن الورم البالغ قطره 2 سم عند المرأة التي ترتدي حمالة ثديين بمقاس 95 ليس مماثلاً أبداً للورم البالغ قطره 2 سم عند المرأة التي ترتدي حمالة ثديين بمقاس 80.
وفي حال خضوع المرأة لعلاج فعال في مرحلة مبكرة من السرطان، يمكن أن تصل فرص الشفاء إلى 95 في المئة. لكن كما هي حال داء السكري وارتفاع ضغط الدم، يجب إبقاء الثديين تحت المراقبة طوال الحياة.
فالسرطان قد يعود للظهور مجدداً بعد 15 أو حتى 20 سنة! إلا أن هذا لا يعني ضرورة البقاء في المستشفى، بل تستطيع المرأة متابعة حياتها بصورة طبيعية، وإجراء فحص للثديين كل 6 أشهر والخضوع لصورة أشعة للثديين مرة كل سنة.
ما عدا ذلك، يتوجب على المرأة الاهتمام بصحتها، واستئناف النشاط الرياضي، الذي تبين أنه يقلل كثيراً من احتمال عودة السرطان مجدداً.
لا يجدر أيضاً بالمرأة تناول حبوب منع الحمل أو العلاج البديل للهرمونات، علماً أنه يمكنها إنجاب الأولاد، إذا كان هذا ممكناً، شرط الانتظار سنتين أو ثلاث سنوات بعد انتهاء العلاج.
مع الطبيب
تحت وقع الصدمة، وعلى رغم مناخ الثقة الذي يعطيه الطبيب والذي يعتبر أساسياً، لا تفهم المرأة بالضرورة الكلمات التي يقولها لها الطبيب. يتحدث الطبيب عن «علاج»، وعن «نوعية حياة»، وعن «مرض مزمن»، لكن المريضة لا تسمع إلا كلمات «سرطان»، و«علاج كيميائي» (وبالتالي تساقط الشعر)، و«انتشار الأورام».
بالنسبة للمرأة، يعتبر السرطان مرضاً حاسماً: إما يقضي عليها وتموت، وإما تقضي عليه وتعيش. لكن، برأيها، لا يمكن التعايش معه. إلا أن الدراسات والإحصاءات تؤكد بقاء نساء على قيد الحياة لمدة 15 عاماً، أو حتى أكثر، بعد إصابتهن بسرطان الثدي.
مع المحيط
ترغب العديد من النساء المصابات بسرطان الثدي في الحفاظ على الحقيقة والصراحة في علاقاتهن مع الآخرين. بالفعل، لا ترغب المرأة المصابة بسرطان الثدي في أن يتم الضحك عليها (لا تقلقي، ليس هذا بالأمر المهم) أو الشفقة عليها (حبيبتي، كم أنت مسكينة...) أو أن يقتصر الحديث معها على مرضها. فالمرأة المصابة بسرطان الثدي ترغب في أن يبقى محيطها طبيعياً معها، ومصغياً إليها، تماماً مثلما كان قبل إصابتها بالمرض.
مع الأولاد
ينتقل خوف الكبار حتماً إلى الأولاد، حتى لو لم يتم لفظ أي كلام أمامهم. والمؤسف أن الأولاد يتخيّلون الأسوأ لأن الكبار لا يفصحون حقيقة ما يجري أمامهم، ويكون الصمت هو سبب الخوف. لذا، يجب قول الحقيقة للأولاد بطريقة تدريجية، حسب المراحل المختلفة للمرض.
سوار الأمل
ظهرت أساور السرطان عام 2004 مع إطلاق مؤسسة لانس أرمسترونغ أساور Livestrong الصفراء. أما الهدفان الرئيسان وراء ظهور سوار السرطان، فهما جمع المال لأبحاث السرطان ونشر الوعي حول المرض.
وقد عرف السوار انتشاراً واسعاً، وبعدما وصل عدد أساور السرطان الموزّعة حول العالم إلى 50 مليوناً، ما زالت فكرته رائجة جداً حتى أن جمعيات عديدة اقتبست فكرة السوار للترويج لأهدافها الخيرية.
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
فُتحة فستان ليلى علوي تثير الجدل... والفساتين...
إطلالات النجوم
مَن الأجمل في معرض "مصمّم الأحلام" من Dior:...
أخبار النجوم
يسرا توضح حقيقة خلافاتها مع حسين فهمي
أكسسوارات
تألّقي بحقيبة الملكة رانيا من Chloé... هذا سعرها
إطلالات النجوم
الـ"أوف شولدر" يغلب على فساتين نجمات الـ"غولدن...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024