شيخوخة البشرة
يُصاب الجلد بتغيّرات واضحة مع التقدّم في السّنّ، وهذا أمر طبيعيّ. ولكن بعض العوامل الخارجية والداخلية تؤدّي إلى تسريع هذه التغيّرات وهذا ما يُعرف بشيخوخة البشرة.
الكلّ يتكلّم عن شيخوخة الجلد ويبحث عن طرق التخلّص منها وتجنّبها وتأخيرها إلى أقصى حدّ، لكن لا يُدرك الجميع أسباب هذه التغيّرات... عندما تبدأ علامات العمر تترك أثرها على الشكل الخارجي، سواء في البشرة أو الجسم أو الشعر، يشعر المرء بأنه فقد شيئاً من الصبا! لكن من الممكن أن نشيخ برقيّ ونكبر بجمال.
والسّر يكمن في العناية الدائمة والوقاية المبكرة. تُعرف شيخوخة الجلد بفقدان المرونة وزيادة التجاعيد، وكذلك ترهّل اليدين وفقدان اكتناز الجسم كلّه.
وهذا أمر يمكن ملاحظته مع التقدّم في العمر، حيث أنه بعد الخامسة والثلاثين، تحتاج خلايا الجسم إلى وقت أطول لكي تتجدّد، وهذا عائد إلى إنخفاض بعض الفيتامينات في الجسم وإلى عدم توازن الهرمونات.
شيخوخة البشرة عمليّة فيزيولوجية طبيعيّة، تختلف من شخص إلى آخر. ومع الوقت، تكون اليدان أكثر عُرضة للتلف بسبب تعرّضهما للعوامل الخارجية كأشعّة الشمس والماء والمنظفات.
كذلك الجلد حول العين هو عُرضة للإصابة بالشيخوخة المبكرة، فهو جلد رقيق للغاية وفي حركة مستمرّة. ومع التعب المستمرّ والإجهاد، يقلّ تصريف السائل اللمفاوي، مما يؤدّي إلى ظهور حلقات داكنة تحت العينين.
تشرح الدكتورة مي حدّاد تابت، إختصاصيّة في الأمراض الجلديّة والتجميلية ، أسباب شيخوخة البشرة وتتناول مختلف العلاجات الموجودة لمحاربة التجاعيد والترهّل. كما يعدّد السيد إيلي شاكر، إختصاصي صيدلة، طرق الوقاية لتفادي ملامح الشيخوخة المبكرة، عبر محاربتها بالمستحضرات الطبية المدروسة.
شيخوخة البشرة
تقول الدكتورة تابت: «تبدأ شيخوخة البشرة عندما يتباطأ تجدّد الخلايا الجلدية وتكاثرها. فمع العمر، تفقد البشرة حيويّتها ورخمتها، لتصبح رقيقة وفيها تجاعيد. كما يظهر ترهّل جلديّ وفقدان للمطاطية، وتظهر أيضاً بقع بنيّة داكنة في الوجه واليدين، وهي ليست بقع كلف».
تصيب شيخوخة الجلد الوجه والجسم على حدّ سواء، لكنها ملحوظة أكثر في منطقة الوجه. كما قد تترافق مع الشيخوخة الطبيعية للإنسان، عندما تهرم كل أعضائه، وهذا أمر طبيعيّ.
لا تفرّق الطبيعة والعمر والشيخوخة بين رجل وإمرأة، بيد أنّ ملامح الشيخوخة المبكرة تظهر جليّة أكثر على النساء. لكن ذوي البشرة الجافة أكثر عُرضة للإصابة بشيخوخة الجلد المبكرة، ذلك أنّ البشرة الدهنيّة تفرز زهماً Sebum يحمي البشرة .
أسباب جوهريّة
تقول الدكتورة تابت: «تتأثّر البشرة بعوامل كثيرة، داخلية وخارجيّة، تساهم في حدوث التجاعيد. وتتركّز العوامل الداخلية المسبّبة للشيخوخة المبكرة في الأسباب الوراثية التي لها الحيّز الأكبر، والإضطرابات العاطفية والضغوط النفسية، إضافةً إلى عوامل هرمونية وميكانيكية
وكيميائية، هي إمتداد طبيعيّ لنموّ الخلايا والأنسجة وتطوّرها».
أمّا العوامل الخارجيّة فتشمل التعرّض المفرط للمشس وللأشعة ما فوق البنفسجيّة، والتعرّض للرياح والتلوّث البيئيّ والإفراط في إستعمال
مساحيق وأدوات التجميل. وأهمّ عامل يساهم في حدوث الشيخوخة والتجاعيد بشكل مبكر جداً هو عادة التدخين. كما أنّ نوعيّة الحياة الخاطئة من أكل وعدم ممارسة الرياضة وسواها، من شأنها أن تساهم في ذلك أيضاً.
وقاية على الدوام
من الممكن تأخير بروز ملامح الشيخوخة، عبر إتباع روتين حياتي مدروس، يكفل «الشيخوخة برُقيّ»، بمعنى أن يتمتّع المرء بكلّ شريحة من عمره، من غير أن يشعر أنه مغبون أو مريض أو كهل قبل أوانه.
يرى السيد شاكر أنه «لا بدّ من المثابرة على الإعتناء بالبشرة منذ العشرينات من العمر. فلا تقتصر العناية على الأشخاص المتقدّمين في السن أو على الذين يعانون من مشاكل جلدية فقط. لذلك، لا بدّ من تنظيف البشرة صباحاً ومساءً، وتنظيف الماكياج كاملاً قبل النوم، وإستخدام كريمات خاصة ومستحضرات طبية - تجميلية، حسب نوعية البشرة. كما يجب إستخدام مستحضرات خاصة لمحيط العينين وحول الفم للترطيب والحماية».
ويجب إستخدام الواقي من الشمس وعدم العبث بتاتاً بالحبوب التي قد تظهر على البشرة. ومن المستحسن تفادي التعرّض مباشرةً للملوّثات البيئية. وطبعاً يجب الإقلاع عن التدخين. يضيف: «من الممكن أخذ بعض العقاقير التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح ومضادات الأكسدة عند الحاجة. ومن المستحبّ تناول الخضر والفاكهة والمنتجات العضوية، وشرب كميّات مناسبة من الماء يومياً».
علاجات ملائمة
بعد الحديث عن أسباب الشيخوخة الجلدية، يلاحظ كلّ واحد أن لا أحد بمنأى عن الإصابة بذلك. لهذا السبب، يجب تشخيص حالة البشرة والعمل على العلاج المناسب.
تفسّر الدكتورة تابت: «نحن نركّز إهتمامنا عموماً على بشرة الوجه، حيث نبدأ بالتنظيف وإستخدام المستحضرات بطريقة روتينية. وفي مرحلة أكثر تقدّماً، نلجأ إلى حقن البوتوكس لتخفيف ملامح التجاعيد القاسية والعبسة. وبعد أن يفقد الوجه دهونه، نلحظ تجوّراً عند الصدعين والخدّين والحنك، فنعمد إلى حقن الFillers التي هي مواد من الأسيد هيالورونيك، الذي لا يسبّب مضاعفات أو إلتهابات. ونتائج هاتين التقنيتين رائعة».
قد نستخدم حقن الدهون من جسم الإنسان كطريقة أخرى بدل الفيلير، لكنها أكثر تعقيداً، ولا يمكن التحكّم بالنتيجة من حيث الكمية والديمومة.
تضيف: «إنّ الرقبة ومنطقة الصدر من أصعب المناطق التي نعمل على إخفاء ملامح الشيخوخة المبكرة فيها. إذ تستجيب ببطء للعلاجات والتقنيّات. لذلك، نفضّل عندها اللجوء إلى جراحة شدّ البشرة، أي Lifting».
وتجدر الإشارة إلى أنّ الليزر Fractional ينشّط كل أنسجة البشرة، وحتى الرقبة ومنطقة الصدر ويعطيها Boost. وقد يُستعمل كوسيلة وقائية منعاً لتكاثر التجاعيد والترهّل. وهو يمحو الندبات إجمالاً ويعطي صفاءً ونقاءً للجلد.
ويتمّ إستخدام الميزوتيرابي، وهو وخز سطحيّ داخل البشرة، حيث نحقن أسيد هيالورونيك وفيتامينات داخل البشرة، وخاصة في الوجه، للحصول على نتيجة رائعة.
كما يستخدم بعض الأطباء الخلايا الجذعية Stem Cells المستخرجة من النبات عموماً لحقنها داخل خلايا البشرة لتنشيطها وإعادة الحيوية إليها.
نصيحة
الشيخوخة مرحلة عمريّة طبيعية، لكن ليس بالضرورة أن تبسط رحالها باكراً، خاصة على البشرة، فتنعكس تعباً نفسيّاً على الإنسان، وقد تشعره بالمرض حتى! لذلك، يجب الحرص على العناية المستدامة للتمتع بالشكل الجسديّ الذي يُلائم النفسية الداخلية التي تعكس السنّ الطبيعية للمرء.
ينصح السيد شاكر: «بوجوب المواظبة على إستعمال المستحضرات المناسبة والإهتمام بالبشرة في البيت وفي مراكز مختصّة. كما يجب ممارسة الرياضة والأكل بإنتظام وتحسين نوعية الحياة وتخفيف الضغوط النفسيّة».
ومن جهتها، تدعو الدكتورة تابت «كلّ شخص يشعر ببدء ملامح الشيخوخة بالتوجّه عند طبيب إختصاصيّ لتشخيص حالة بشرته بادئ ذي بدء، حتى يتمكّن من وصف العلاج المناسب لحالته. فكلّ بشرة مختلفة عن سواها، والعوامل قد تتداخل بعضها مع بعض. لذلك، لا بدّ من الفحص المدقق للبشرة، وعدم الإستعانة بوصفات الآخرين».
ويمكن التوجّه إلى الطبيب الإختصاصيّ لمحو التجاعيد وإزالة الترهّل، مع الإبقاء على المعالم الطبيعيّة والشكل الأصليّ للشخص، من دون تعديل جذريّ وتغيير شامل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024