المشكلات الصحية تنتقل بالوراثة...
صحيح أن تأثير العوامل البيئية كبير في عدد من الأمراض، لكن العوامل الوراثية لها أيضاً دورها في بعض الأمراض. من الأفضل إذاً الاطلاع على كل الحقائق ومعرفة دور الوراثة في الصحة.
نعلم جميعاً أن مظهرنا الخارجي يتحدد غالباً بجيناتنا، سواء كنت صغيرة القامة أو كبيرة، سمراء أو شقراء أو صهباء، نحيلة أو ممتلئة... لكن الصحة تتحدد أيضاً بالجينات. فقد تبين أن العديد من الأمراض النسائية تنتقل وراثياً من الأم أو الجدة إلى الابنة أو الحفيدة، حتى لو كنا نجهل أحياناً ما إذا كان الأمر صدفة أم مرضاً وراثياً.
لكن لا داعي للهلع. فوجود سوابق عائلية لمرض ما لا يعني بالضرورة تعرضك حتماً للمرض نفسه. إلا أن الاحتمال يكون ببساطة أكبر مما هو عند الأشخاص الآخرين، ولا بد من إذاً من توخي الحذر والخضوع للمراقبة بانتظام.
القصور الوريدي
يمكن لأي شخص كان أن يصاب بقصور وريدي، علماً أن النساء أكثر عرضة من الرجال لهذا المرض. إلا أن الوراثة تؤدي دوراً مهماً في المرض. وكلما كانت العوامل الوراثية أكثر، بات احتمال نشوء المرض أكبر.
فمعاناة أحد الأهل من القصور الوريدي يزيد بنسبة 60 في المئة تعرض الفتاة للدوالي، مقابل 25 في المئة فقط للولد. وترتفع هذه النسبة إلى 90 في المئة عندما يكون الأم والأب مصابين بالقصور الوريدي، فيما تقتصر النسبة على 20 في المئة فقط عندما لا يكون الأهل مصابين بهذه المشكلة.
- ما الذي يجدر بك فعله؟
في حال معاناة أحد الأهل من القصور الوريدي، عليك اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة. تجنبي كل عوامل الخطر التي يمكن أن تسبب مشكلة في الدورة الدموية، مثل الوزن الزائد، وأسلوب العيش الكثير الجلوس، والوقوف لساعات طويلة، وارتداء الملابس الضيقة جداً، والحرارة المرتفعة...
البدانة
الوزن الزائد ينتقل غالباً بالوراثة من أحد الأهل إلى أولاد الجنس نفسه. فقد أظهرت الدراسات أن الوزن الزائد ينتقل بالفعل من الأم إلى ابنتها ومن الأب إلى ولده. والفتاة التي تولد من أم تعاني من الوزن الزائد تكون عرضة للوزن الزائد هي أيضاً عشر مرات أكثر من أية فتاة أخرى. أما الصبي الذي يكون والده مصاباً بالوزن الزائد فيكون معرضاً للوزن الزائد ست مرات أكثر من أي صبي آخر.
- ما الذي يجدر بك فعله؟
في حال وجود العوامل الوراثية، يجب الانتباه أكثر إلى العادات الغذائية والحرص على توفير غذاء متوازن منذ السنوات الأولى.
سرطان الثدي والمبيض
المرأة التي عانت أمها (أو أختها) من سرطان الثدي تكون عرضة مرتين أكثر من غيرها لهذا المرض الخبيث. لكن لا يعني ذلك أن سرطان الثدي وراثي. فقد أظهرت الدراسات أن 5 إلى 10 في المئة فقط من سرطانات الثدي والمبيض تنجم عن تحولات وراثية تنتقل من جيل إلى آخر وتزيد كثيراً من احتمال التعرض للسرطان (80 إلى 90 في المئة لسرطان الثدي و25 إلى 50 في المئة لسرطان المبيض).
لكن لا يتم تطبيق هذه النظرية إلا في حال وجود ثلاث حالات على الأقل من سرطان الثدي أو المبيض في العائلة (الأم، الأخت، الخالة، ابنة الخالة)، أو في حال تشخيص حالتين من السرطان قبل عمر 50 عاماً.
- ما الذي يجدر بك فعله؟
في حال التثبت من وجود خلل وراثي، ينصح الأطباء بإجراء تحاليل شاملة ومبكرة: صورة سنوية للثدي (بالترافق مع صورة صوتية إذا كان الثديان كثيفين)، و/أو صورة للحوض والمهبل مرة كل سنة.
ألياف الرحم
كل النساء اللواتي هنّ في سنّ الإنجاب يمكن أن يعانين من مشكلة الألياف في الرحم، لكن المرأة التي عانت أمها من هذه المشكلة تكون عرضة لألياف الرحم مرتين أكثر من غيرها.
لكن لا يفترض بالعامل الوراثي أن ينسيك العوامل الأخرى التي تجعلك عرضة لألياف الرحم، ومنها الوزن الزائد أو البدانة، العقم، عدم إنجاب الأولاد، أو بلوغ سن الطمث في عمر مبكر جداً (قبل 12 عاماً).
- ما الذي يجدر بك فعله؟
عليك زيارة الطبيب النسائي بانتظام للخضوع لفحوصات دورية. صحيح أن ألياف الرحم حميدة عموماً، لكن لا يجدر بك إهمالها. فهي قد تكون سبباً لمشكلات أخرى معيقة: نزف غير طبيعي، ثقل وآلام في أسفل البطن، مشاكل بولية، مشاكل خصوبة.
سلس البول
صحيح أن العمر، والوزن، والحمل والولادة الطبيعية هي من العوامل المحفزة لسلس البول، لكن الاستعداد الوراثي هو أيضاً أحد عوامل الخطر المهمة.
فبنات النساء المصابات بسلس البول يكنّ عرضة لهذه المشكلة 30 في المئة أكثر من البنات الأخريات. ويصح ذلك على أي نوع من أنواع سلس البول: ذلك الناجم عن الجهد، أو سلس البول الإلحاحي، أو المزدوج. وفي حال الأعراض الوخيمة عند الأم، تتضاعف أيضاً احتمالات الأعراض الوخيمة عند البنت.
- ما الذي يجدر بك فعله؟
فور ظهور أية إشارة منذرة بسلس البول، يجب استشارة الطبيب بأسرع ما يمكن. فكلما تم الشروع في العلاج في مرحلة مبكرة، كان العلاج أكثر فاعلية. وفي حال إنجاب أولاد، من الضروري احترام برنامج إعادة شد عضلات الحوض بعد كل حمل.
داء ألزهايمر
تبدو العوامل الوراثية مهمة جداً في هذا المرض. ففي 5 إلى 10 في المئة من الحالات، يرتبط داء ألزهايمر بخلل وراثي منتقل من الأهل إلى الأولاد: إذا كان الأب أو الأم يملك جينة المرض، فإن كل واحد من الأولاد يكشف عن احتمال وراثة المرض بنسبة 50 في المئة والتعرض لداء ألزهايمر قبل عمر 65 عاماً. وبصرف النظر عن هذه الأمور العائلية، فإن معاناة الأب أو الأم من داء ألزهايمر تزيد كثيراً خطر تعرض الأولاد للمرض.
- ما الذي يجدر بك فعله؟
يجب توخي الحذر في حال وجود سوابق عائلية، ولاسيما عند حصول فقدان في الذاكرة، وزيادة في تواترها ومدتها. وعلى رغم عدم توافر أدوية حالياً قادرة على الشفاء من داء ألزهايمر، هناك بعض العلاجات التي تستطيع إبطاء تفاقمه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024