تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

العلاج الوقائي ضروري لمكافحة أخطار ارتفاع الكوليسترول...

كلنا نستبعد فكرة إصابتنا بالمرض ولا نتقبلها حتى نواجه، فنعي عندها أهمية الخطر ونندم لأننا وقعنا ضحية الإهمال . من المشكلات الصحية التي نواجهها ارتفاع مستوى الكوليسترول الذي يستخف به كثر ولا يعون مدى خطورته.
في الواقع يشكل ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم، وتحديداً «الكوليسترول الضار»LDL ، سبباً رئيسياً للإصابة بأمراض القلب الوعائية، علماً أن نسبة 50 في المئة منها تصيب الذين هم أصحاء في الظاهر، كون ارتفاع مستوى الكوليسترول قد لا تكون له أي أعراض.
وبالنظر إلى الخطر الكبير الذي قد ينتج عن ارتفاع مستوى الكوليسترول في سن معينة أو في حالات معينة ، دعت آخر التوصيات الصادرة عن وكالة الأدوية الأوروبية وعن إدارة الأغذية والأدوية الأميركية إلى خفض مستوى الكوليسترول السيئ LDL إلى أدنى المستويات بما لا يتعدى 70 ملغ بدلاً من 100 لدى الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة والنساء بعد سن 60 سنة، كون هاتين الفئتين من الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
فالعلاج الوقائي بات ضرورياً وليس مطلوباً الانتظار حتى وقوع المشاكل لاتباع العلاج اللازم. الطبيبة اللبنانية الاختصاصية في طب العائلة رانيا صقر أوضحت كل الحقائق المتعلقة في هذا الموضوع مشددةً على العلاجات الوقائية للحد من الأخطار الناتجة عن ارتفاع مستويات الكوليسترول.

- متى يصبح ارتفاع مستوى الكوليسترول خطيراً، علماً أن وجود الكوليسترول ضروري؟
لدى كل منا نسبة معينة من الكوليسترول بمعدل طبيعي، ويختلف هذا المستوى بين شخص وآخر. ويعتبر الكوليسترول عنصراً مهماً لأغشية الخلايا ولإنتاج بعض الفيتامينات الأساسية.
لكن فيما يفرز الجسم الكوليسترول الذي يحتاج إليه، تساهم الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة وغير المشبعة في ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم مما يشكل خطراً ويزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية نتيجة تراكم الدهون والكوليسترول مما يحد من تدفق الدم ويضيّق الشرايين ويسبب انسدادها.
مع الإشارة إلى أن الأزمة القلبية تحصل عندما يحصل تجلّط في الدم ويُمنع تدفق الدم إلى عضلة القلب، فيما تنجم السكتات الدماغية عن جلطة تسد الشريان الذي يتجه إلى الدماغ أو الذي يوجد في داخله. ومع المتابعة المستمرة للحالات، أصدرت الجمعية الأميركية لأمراض القلب American Heart Association آخر التوصيات المشددة على أهمية العلاج الوقائي بهدف خفض الكوليسترول السيئ إلى أدنى المستويات لدى من هم عرضة للخطر.

- ما أهم العوامل التي تزيد الخطر على المريض جراء ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم؟
ثمة عوامل معينة تساهم في زيادة الخطر على الأشخاص الذين هم عرضة للإصابة بالكوليسترول، بحيث يوصى بالحفاظ على أدنى المستويات الممكنة للكوليسترول السيئ LDL لدى بعض الأشخاص تجنباً للمضاعفات.
مع الإشارة إلى أن ارتفاع مستويات LDL يعني أن الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية. فيما يساعد الـ HDL   في انخفاض خطر الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. أما الأشخاص الذين أكثر عرضة للخطر، فهم:

  • الرجال فهم يعتبرون أكثر عرضة للإصابة.
  • الرجال بعد سن 50 سنة والنساء بعد سن 60 سنة.
  • المدخنون.
  • الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم.
  • الذين يعانون السمنة، خصوصاً في منطقة البطن.
  • الذين لا يمارسون الرياضة.
  • الذين ينخفض مستوى الكوليسترول الحميد لديهم.

- ما المعدل الطبيعي لمستوى الكوليسترول لدى الأصحاء الذين لا عوامل خطر لديهم؟
يجب أن يراوح مستوى الكوليسترول السيئ لدى الأصحاء الذين لا عوامل خطر لديهم بين 100 و129ملغ. وفي ما يتعلّق بالأشخاص المعرضين للإصابة بأمراض القلب والسكري، يجب أن يحافظوا على مستويات LDL منخفضة لا تتعدى 70 ملغ.
ومن الأفضل ألا تتخطى مستويات الكوليسترول الإجمالية معدل 200 ملغ. أما بالنسبة إلى المستويات التي تراوح بين 200 و239 ملغ فتعتبر أعلى المستويات المقبولة ويدخل فيها المريض مرحلة الخطر. وعندما يتجاوز المعدل 240 مللغ يرتفع الخطر بنسبة كبيرة.

- ألا تظهر أعراض تشير إلى احتمال ارتفاع الكوليسترول؟
يمكن القول إن الكوليسترول "قاتل صامت" بحيث يمكن أن يصل الكوليسترول السيئ إلى أعلى المستويات دون أن تظهر أعراض له.

- إلى أي مدى يمكن أن يلعب العامل الوراثي دوراً في ارتفاع مستوى الكوليسترول؟
في حال وجود حالات ارتفاع مستوى الكوليسترول في العائلة، يزداد احتمال الإصابة بغض النظر عن النظام الغذائي المتبع وعن الكمية التي يحرقها الجسم.

- ما سبب ارتفاع مستوى الكوليسترول في سن مبكرة لدى نسبة كبرى من الشباب في أيامنا هذه؟
يلعب العامل الوراثي دوراً مهماً في ارتفاع مستوى الكوليسترول في سن مبكرة، إلى جانب الاتجاه إلى النمط الغذائي غير الصحي الغني بالدهون وقلة ممارسة الرياضة وحياة الركود. فنلاحظ اتجاهاً إلى الأكل غير الصحي المصنّع والسريع التحضير.
كما قلّت ممارسة الرياضة مما زاد نسبة ارتفاع الكوليسترول بين الشباب. هذا، إضافةً إلى انتشار ظاهرة التدخين بكثرة مما يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب على أثر ارتفاع مستويات الكوليسترول.

- ما أنواع الرياضة التي تفيد في خفض مستويات الكوليسترول؟
تعتبر التمارين الرياضية Aerobics مهمة جداً في مكافحة الكوليسترول شرط ممارستها بانتظام بمعدل 3 إلى 5 أيام في الأسبوع .

- هل من نظام غذائي معين يمكن اتباعه للعمل على خفض مستوى الكوليسترول؟
من المهم اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن كالنظام المتوسطي الذي يتميز بتنوعه وبكونه صحياً وقليل الدهون.

-
هل للتوتر تأثير على ارتفاع مستوى الكوليسترول كما يشاع؟
لا تأثير مباشر للتوتر على ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، لكن يمكن أن يكون له تأثيرٌ غير مباشر.

- هل يمكن تجنب ارتفاع مستوى الكوليسترول لدى من هم عرضة لذلك؟
دعت آخر التوصيات الصادرة عن وكالة الأدوية الأوروبية وإدارة الأغذية والأدوية الأميركية الأشخاص الذين هم عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب على أثر ارتفاع مستويات الكوليسترول لديهم إلى الحفاظ على أدنى المستويات الممكنة من الكوليسترول السيئ LDL إلى ما يقارب 70 بدلاً من 100.
ويعتبر هذا المعدل الطبيعي المطلوب حالياً للأشخاص الأصحاء. وتصنّف سبل الوقاية في ثلاث درجات أساسية، أولاها هي الوقاية الأولية من الكوليسترول لدى الأصحاء الذين هم عرضة للخطر، قبل ارتفاع مستوى الكوليسترول لديهم، وذلك بهدف الحد من الأخطار التي قد تنتج عن ذلك.
أما الوقاية الثانوية فتتم عند تعرّض المريض لمشكلات معينة كالنشاف في شرايين القدمين أو جلطة دماغية، تجنباً لحصول مضاعفات خطيرة. وتجدر الإشارة إلى أنه في ما يتعلّق بمرضى السكري يتم اللجوء لديهم، إلى الوقاية الثانوية فيعتبرون وكأنهم من مرضى القلب.
أما بالنسبة إلى الوقاية الثالثة فهي الخطوات العلاجية المتبعة بعد حصول مضاعفات بهدف تجنب مضاعفات أكثر خطورة. وتجدر الإشارة إلى أنه ينصح حالياً باللجوء إلى الوقاية الأولية لدى المدخنين مثلاً بغض النظر عن مستويات الكوليسترول السيئ لحمايتهم من أمراض القلب والسكتة الدماغية والمضاعفات الخطيرة. كذلك بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعتبرون عرضة للخطر أياً كانت مستويات الكوليسترول لديهم.


- هل صحيح أن علاج الكوليسترول هو علاج دائم لمدى الحياة؟
يتبع علاج الكوليسترول طوال الحياة لأن الهدف من العلاج هو حماية الشرايين والقلب بغض النظر عن مستويات الكوليسترول.

- أليس للعلاج آثار جانبية ؟
تعتبر الآثار الجانبية الناتجة عن علاجات الكوليسترول نادرة وحسناتها تفوق بنسبة كبرى سيئاتها.


الكولسترول جزء لا يتجزأ من الجسم الصحيح

بعكس ما يعتقد كثيرون ليس الكوليسترول وباء أو خطراً يهدد الصحة بشكل عام بل هو جزء لا يتجزأ من الجسم الصحيح إذ له دور في تجدد الخلايا وإنتاج الهرمونات وغيرها من الوظائف المهمة في الجسم. إلا أن المشكلة تكمن في ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم مما يزيد خطر التعرّض لأمراض القلب والشرايين ويؤدي إلى الإصابة بالذبحة القلبية. وبالتالي يمكن القول إن الكولسترول لا يعتبر خطراً بذاته بل تكمن خطورته في ارتفاع مستواه في الدم.

- ما هو الكولسترول السيئ؟
عندما يزداد مستوى الكولسترول السيئ في الجسم تتكدس الدهون شيئاً فشيئاً في الشرايين التي تغذي القلب والدماغ وتسبب انسدادها. ويساهم ظهور مشكلات عدة في القلب شيئاً فشيئاً في الإصابة بذبحة قلبية خصوصاً على أثر الإصابة بجلطة. ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم إلى أكثر من 160 ملغ/دسل يعتبر مؤشراً لزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
أما بالنسبة إلى مريض القلب فيجب أن يكون مستوى الكولسترول السيئ لديه أقل من 100 نظراً إلى الخطورة الناتجة عن ارتفاع مستواه في الدم. وبقدر ما يقل مستوى الكولسترول السيئ يخف خطر التعرض لمشكلة في القلب.

- ما الكولسترول الجيد؟
بحسب الدراسات الطبية والأبحاث، ينقل الكولسترول الجيد الكولسترول بعيداً عن الشرايين وصولاً إلى الكبد الذي يصرّفه خارج الجسم.
ويعرف الHDL بالكولسترول الجيد كون ارتفاع مستواه في الدم يمكن أن يحمي ضد أمراض القلب، كما أن انخفاض مستواه يزيد من خطورة التعرّض لأمراض القلب والذبحة القلبية بشكل خاص(أقل من 40 ملغ/دسل لدى الرجال و50 ملغ/دسل لدى النساء).

- ماذا عن الكولسترول والغذاء؟
نحصل عادةً على الكولسترول بطريقتين أولاهما الجسم الذي ينتج الكولسترول بنسب مختلفة (حوالي 100 ملغ في اليوم). أما الثانية فمن الأطعمة خصوصاً البيض واللحوم والدجاج وثمار البحر والحليب الكامل الدسم ومشتقاته.
أما الأطعمة النباتية فلا تحتوي على الكولسترول كالفاكهة والخضر والحبوب. وينتج الجسم عادةً حاجاته من الكولسترول أي أننا لا نحتاجه من مصادر خارجية. أما أهم المصادر المسببة لارتفاع مستوى الكولسترول في الدم فهي الأحماض الدهنية المشبعة التي تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب.
وفي الوقت نفسه، يساهم الكولسترول الموجود في الطعام في رفع مستوى الكولسترول في الدم، علماً أن قسماً منه يتخلّص منه الجسم من خلال الكبد. رغم ذلك، ينصح ألا يتعدى معدل الكولسترول الذي نحصل عليه يومياً من الغذاء 300 ميلليغرام.

أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون مشكلات في القلب فمن الأفضل ألا يحصلوا على أكثر من 200 ميلليغرام في اليوم. وفي الوقت نفسه يجب ألا ننسى انه بخفض كمية الدهون المشبعة التي نحصل عليها يومياً من الغذاء محصولنا اليومي من الكولسترول من الغذاء بشكل ملحوظ إذ أن الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة تحتوي على نسبة عالية من الكولسترول عادةً.
كما أن الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم قد يضطرون لخفض كمية الكولسترول التي يحصلون عليها يومياً من الغذاء على معدل أدنى . ونظراً إلى وجود الكولسترول في الأطعمة ذات المصدر الحيوان، لا بد من الحرص على خفض كمية اللحوم التي يمكن تناولها يومياً والسمك والدجاج وتناول الحليب الخالي من الدسم ومشتقاته.
أما الأطعمة ذات المصدر النباتي والغنية بالبروتينات كالحبوب فتعتبر بدائل جيدة للبروتينات ذات المصادر الحيوانية.

- كيف يؤثر النشاط الجسدي على معدل الكولسترول في الدم؟
تساعد ممارسة الرياضة بانتظام في زيادة معدل الكولسترول الجيد لدى بعض الأشخاص. أما ارتفاع مستوى الكولسترول الجيد فيؤثر إيجاباً على احتمال الإصابة بأمراض القلب ويخفض احتمال الإصابة بها. أيضاً يساهم النشاط الجسدي في السيطرة على الوزن ومعدل السكر في الدم ومستوى ضغط الدم.
وفيما تساهم التمارين الرياضية (أيروبيكس) في تحسين نبضات القلب والتنفس، تؤثر الرياضة المعتدلة إلى قوية كالهرولة والسباحة إيجاباً على وظيفة القلب والرئتين.
في المقابل يشكل الركود وقلة الحركة عامل خطر بالنسبة إلى القلب مما يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب. وحتى النشاطات المعتدلة القوة تساهم في الحد من الخطر لدى ممارستها يومياً ومنها المشي ضمن نزهة والأعمال المنزلية والرقص والتمارين الرياضية البسيطة التي تجرى في المنزل.

- كيف يؤثر التدخين سلباً على مستوى الكولسترول في الدم؟
يعتبر التدخين أحد عوامل الخطر الستة الأساسية المسببة لأمراض القلب والتي يمكن التحكم بها ومعالجتها. يسبب التدخين خفض مستوى الكولسترول الجيد HDL ويزيد القابلية لتخثر الدم.


نصائح ذهبية لمكافحة الخطر

يلعب الغذاء دوراً مهماً للحد من الأخطار الناتجة عن ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم. لذلك، من الضروري خفض كمية الدهون في الغذاء واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. إليك بعض النصائح الأساسية التي يمكن الالتزام بها لتجنب الأخطار:

  • يجب اختيار اللحم الهبر القليل الدهون ونزع الدهون الظاهرة من اللحوم قبل طهوها.
  • يجب تناول كميات صغيرة من اللحوم ويمكن تحضيرها ضمن أطباق غنية بالخضر والحبوب.
  • ينصح بتناول السمك والحبش والدجاج أكثر من اللحوم الحمراء لأنها تحتوي على نسبة أقل من الدهون. كما أنه من المهم نزع جلد الدجاج قبل طهوه.
  • يمكن اعتماد طرق صحية في الطهو كالشي والسلق والطهو على البخار بدلاً من القلي.
  • يمكن استعمال الزيوت المتعددة غير المشبعة والزيوت الأحادية المشبعة باعتدال.
  • يجب تناول الحليب الخالي من الدسم بدلاً من ذاك الكامل الدسم.
  • ينصح بإبدال الأجبان الصلبة بتلك الخالية من الدسم.
  • يمكن تحميص الطعام ضمن كيس في الفرن لحفظ رطوبته تجنباً لجفافه. أما اللحم فيمكن طهوه على البخار.
  • يمكن إعداد الصلصات القليلة الدسم بمزج الحليب القليل الدسم مع الطحين والماء البارد قبل الطهو.
  • ينصح بشراء الأطعمة القليلة الدسم بدلاً من تلك الكاملة الدسم بغية خفض كمية الدهون في النظام الغذائي.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079