تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

تقنيّات منحّفة حديثة

لم تعد عمليّة التنحيف تقتصر على حرمان الذات كلّ ما لذّ وطاب، أو على اتباع نظام غذائيّ قاسٍ ومتشدّد. كما أنّ القوام الممشوق لم يعد خيالًا أو حلماً مستحيلاً، بل هناك تقنيات عديدة متوافرة تخدم هذا الغرض.
بما أنّ النحافة في عصرنا هذا هي مرادف للجمال، أضحت الأجسام الممتلئة أو البدينة غير مستحبّة. لذلك نرى أنّ الجميع يحاولون، وإن بطرق مختلفة، خسارة مقاسات أي شحوم زائدة وسُمنة.
كثيرة هي الطرق التي يمكن من خلالها إعادة القوام إلى ما كان عليه، أو ببساطة تحسين شكله بما يتناسب مع تطلّعاتنا. رجال ونساء يواجهون المهمّة عينها ويخوضون اللعبة حتى آخرها، ليخرجوا محقّقين ما رغبوا فيه: الجسم النحيف والطلّة الممشوقة!
فكيف يمكن خسارة الوزن والدهون بغير الطرق التقليدية من نظام غذائيّ صارم ورياضة مجهدة؟


يشرح الدكتور أنطوان أبي عبّود، الإختصاصيّ في جراحة الترميم والتجميل، مختلف السبل الطبية العلاجية التجميلية للتخلّص من الشحم الإضافيّ. كما يتطرّق أيضاً الدكتور رولان طعمه، الإختصاصيّ في جراحة التجميل والترميم، إلى ما توصّل إليه العلم الحديث في هذا المضمار.
يرى أبي عبّود أنّ «الحاجة إلى التنحيف ليست صحية وجسديّة فحسب، بل يمكن أن تكون نفسيّة، بمعنى أن يشعر المرء بضرورة تحسين شكله عبر التخلّص من الدهون الزائدة. وهذا الأمر يجري أيضاً تبعاً للعصر وللموضة التي نتلقّنها من خلال الإعلام والإعلان».
في القرون المنصرمة، كان الجمال يعني السيدة التي تتمتّع بأرداف أو بطن، لأنّ الفنان كان يصوّرها من منظار الصحة والقدرة الإنجابية. فكانت النحافة هي الفقر أو المرض. وأمّا الآن، فكلّ الصور والإعلانات تخاطب المرأة ذات القوام الممشوق! حتى مصممو الأزياء يعملون على هذا الأساس. لذلك، لا بدّ من مساعدة المرء على التمتّع بجسم نحيف ومشدود وجميل.


طرق تقليدية

لا ننكر أنّ للرياضة والأنظمة الغذائية المتّبعة تأثيراً كبيراً على النحافة أو البدانة. فبمجرّد أن يقرّر المرء خسارة الوزن، يلجأ بلا تردّد إلى ممارسة الرياضة بإنتظام وإلى تحسين نوعية طعامه وإنتقاء الأطعمة التي من شأنها أن تحافظ على صحّته من دون إكسابه الكيلوغرامات الزائدة والسعرات الحرارية الكثيرة. لكن بحسب الدكتور أبي عبّود «مهما حاول الإنسان التخفيف من الشحوم المتكدّسة والدهون الزائدة، يبقى أنّ بعض المناطق في الجسم تختزن الشحم أكثر من سواها، وتحتاج إلى مساعدة أخرى غير الرياضة الطبيعية والأكل المنتظم. فبعض الأجسام مركّبة على هذا النحو، إذ إنّ بعض الدهون لا تزول إلاّ عبر الشفط».

يبقى أنه من المهمّ أن يلتزم المرء بمنهج صحيّ وسليم أثناء تناول الطعام، لتفادي السعرات الحرارية الهائلة والدهون والشحوم. كما يجب أن يُدخل كلّ إنسان الرياضة على أنواعها في روتينه اليوميّ أو الأسبوعيّ، لتحسين الشكل والصحة والحالة النفسيّة أيضاً.


بدانة وجراحات مختلفة

البدانة تعبير شائع لكنه متشعّب! فلا يمكن القول إنّ الحلّ الوحيد والأسرع هو ذاته للجميع. وإنما يجب تقسيم مفهوم البدانة إلى خانات. يقول أبي عبّود: «عندما يكون الإنسان Overweight أي بدانته مفرطة، لا يمكن إجراء جراحة شفط أو الإستعانة بالتقنيّات الحديثة منذ البداية.
بل يجب أن يخضع لريجيم مطوّل أو أن يلجأ إلى تقنية البالون في المعدة أو الربط أو التكبيس وسواها، لخسارة نحو عشرين كيلوغراماً، ليتمكّن بعدها من الخضوع للشفط ومن ثمّ لشدّ البشرة على مستويات البطن والصدر واليدين والفخذين وحتى الوجه. من جهة أخرى، إنّ الشخص غير القادر على الإلتزام بالنظام الغذائي أو الريجيم يمكنه اللجوء إلى التقنيات المساعِدة.

تجدر الإشارة إلى أنّ المرشّح الأبرز المخوّل الخضوع لجراحة الشفط Liposuction هو الذي يعاني من بدانة موضعيّة في مناطق محدّدة من الجسم. تتمّ جراحة الشفط على بشرة سليمة، خالية من التشققات والسيلوليت، وفي مختلف مناطق البطن والفخذين والردفين والخاصرتين وتحت الذقن. ومبدأ الشفط، يقول أبي عبّود، «هو إجراء الجراحة عبر ثقوب صغيرة في المنطقة المحدّدة، يتمّ من خلالها حقن ماء وأدرينالين لسحب الدهن وليس الدم. وهذه الجراحة تعطي نتائج ملموسة وواضحة بعد نحو شهرين عبر الإلتزام بالنظام الغذائي السليم وإرتداء المشدّ».

ومن جهته، يقول الدكتور طعمه إنّ «التقنية الأحدث للشفط هي تقنيّة الـLipolaser. وهي عبارة عن موجة محدّدة من الليزر يتمّ تمريرها بأنبوب تحت الجلد عبر إحداث ثقب يُستعمل لتذويب الشحم وتصريفه. ويتمّ دمج هذه التقنية بالشفط التقليديّ للحصول على النتيجة المثلى. لكن يمكن الإستعانة بها وحدها لإعادة شدّ البشرة مثلاً. إلاّ أنّ سيئاتها لا تزال حاضرة. فمن إمكان حرق البشرة في حال إساءة الإستعمال، إلى عدم التثبت من أن نتائجها أكثر فعالية من سواها، ثمّة أسئلة لا تزال قيد الدرس. كما أنّها لم تحصل على موافقة في كل البلدان بعد».


ماكينات وتقنيات أخرى

تنتشر ماكينات «التنحيف» في مختلف العيادات والمراكز التجميليّة، وهي متعدّدة حسب حالة الشخص وما يعانيه.
يؤكّد الدكتور طعمه أنّه «من الممكن التخفيف من السيلوليت والشحوم الزائدة عبر تقنيّات تدليك محترف عند معالج فيزيائيّ، يدويّ أو بواسطة ماكينة معيّنة. كما يمكن تكسير التجمعات الدهنيّة وتحريك الماء في الجسم عبر الـ Endermology لتصريف الشحوم بعدها.
ومن المستطاع  تحفيز العضل Muscle Stimulation لتحريك الدهون عبر الحركة. وتوجد ماكينات Ultrasound تعمل على ذبذبات صوتيّة تخترق طبقات الشحم في الجسم لتكسّرها. ويمكن الخضوع لفحص بول بعد الجلسة لرؤية نسبة الLipids المرتفعة، مما يعني أنه يتمّ تصريف الشحوم، عبر مرورها بالكليتين».
أمّا لشدّ الجلد، فلا توجد وسائل غير جراحيّة مضمونة 100% بعد. لكن توجد تقنية ال Cold Laser التي تعمل على إعادة مطاطية البشرة، وتقنية الـ Thermage التي تنشّط الكولاجين والإيلاستين.
يضيف طعمه: «طبعاً هذه التقنيات لا تحتمل المقارنة بالجراحات، لكنها تفي بالغرض وهي مفيدة للحالات التي لا تعاني وزناً مفرطاً أو شحوماً زائدة بالمئات، وإنما تنفع لتخفيف الشكل وتحسينه وصقله ونحته».


نصيحة الأطباء

كلّ شخص عرضة لزيادة الوزن، سواء بعد فترة الحمل، أو بسبب الأكل الخاطئ وقلّة الحركة والروتين اليوميّ. لكن ينصح الدكتور أبي عبّود «بوجوب الإلتزام بنوعيّة حياة أفضل للحفاظ على نوعيّة البشرة الحسنة. فإكتساب الوزن وخسارته مراراً وتكراراً، وإن عبر تقنيات مختلفة، من شأنهما أن يضرّا بسلامة البشرة ويتعباها.
لذلك، يجب التنبه إلى الأكل وممارسة الرياضة لتفادي الوقوع في مأزق». كما يختم الدكتور طعمه: «الطبّ-التجميليّ موجود لمساعدة الجميع، لكن الخطوة الأولى هي الإلتزام من الإنسان بنفسه لعدم معاودة اكتساب ما خسره بالجهد والتعب والمثابرة وحتى الطبّ».
ولا بدّ من الإشارة إلى وجوب الإبتعاد الكامل عن الحبوب التي تزعم خفض الوزن، لأنّ معظمها تجاريّ بحت ولا يجدي نفعاً. بل يجب في المقابل الإلتزام بنصائح وإرشادات الأطباء والإختصاصيين للحصول على النتيجة المطلوبة التي تدوم.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080