قصتي مع السكري...
تتعايش الطفلة السورية تايلين مع مرض السكري من سن سنة ونصف السنة أي أنها فتحت عينيها على حياة مختلفة عن بقية الأطفال فاعتادت روتين علاج السكري ونمط حياة يلزمها به مرضها. حتى أن هذه الحياة تبدو لها طبيعية جداً لأنه نمط تعايشت معه وتقبلته كما هو. فهي لا تشعر اليوم بأنها مختلفة عن بقية الأطفال، بل تعيش حياة طبيعية لا يشوبها إلا روتين حقن الأنسولين صباحاً وظهراً ومساءً ، إلى جانب النمط الغذائي الخاص الذي تلتزم به . والدتها رزان حزواني ترافقها خطوة خطوة مؤكدة أن ابنتها تايلين ليست مختلفة ولا تحتاج إلى معاملة خاصة سواء في المدرسة أو في أي مكان آخر، فهي تعيش كأي طفل آخر غير متأثرة بمرضها، خصوصاً أنها تتعايش معه من طفولتها وصارت معتادة على هذا النمط الذي أصبح طبيعياً لها.
- كيف اكتشفت إصابة تايلين بالسكري في هذه السن المبكرة، وما الأعراض التي ظهرت في ذاك الوقت؟
لم تظهر لدى ابنتي أعراض السكري الخطيرة بل لاحظنا أنها تعاني خمولاً وانخفض وزنها بشكل مقلق. إضافةً إلى التبوّل المتكرر والجفاف. عرفنا مباشرةً أنها مريضة وبحثنا عن السبب، استشرنا أطباء وتبيّن في فحص الدم أنها تعاني السكري.
- ما كان شعورك كأم أصيبت طفلتها الأولى بالسكري؟
في البداية، بدا الأمر لنا كعائلة أنها مصيبة حلّت بنا وكأننا ندخل دوّامة لن نتمكن من الخروج منها. انقلبت حياتنا رأساً على عقب. كان عبئاً كبيراً علينا.
- ما العلاج الذي كان يمكن إعطاؤه لطفلة لا تتخطى سنّها السنة ونصف السنة؟
لم يكن أمامنا اختيار آخر غير الأنسولين، فوضع تايلين فرض علينا هذا العلاج الذي كان لا بد منه.
- ما الصعاب التي واجهتها في البداية، خصوصاً أنك كنت تجهلين كل شيء عن السكري؟
لا شك أن المرحلة الأولى كانت صعبة جداً. كنت اجهل كل شيء عن السكري ولا أعرف التعامل مع الموضوع. في البداية كانت تدخل تايلين بشكل متكرر إلى المستشفى، كانت الكلفة كبيرة علينا، إضافةً إلى الضغط النفسي والجسدي. لكني حضرت دورات تثقيفية عن السكري عبر البرنامج التثقيفي للسكري، بعدها أصبحت مثقّفة وأعمل في هذا المجال من 8 سنوات وأسسنا الجمعية السورية لرعاية السكريين.
من ذاك الوقت، لم تدخل تايلين مرةً المستشفى. شعرت بعد أن ثقفت نفسي كيف أتعامل مع مرض ابنتي وشعرت بأني أعود إلى الحياة. وكأني كنت في نفق تمكنت من الخروج منه. كما أن تكاليف المرض علينا انخفضت بشكل كبير.
- هل تظهر تايلين انزعاجاً أو تذمراً من إصابتها بالسكري ؟
فتحت تايلين عينيها وهي مصابة بالسكري، وبالتالي هي معتادة على وضعها هذا وتعايشت معه ولا تنزعج منه.
- هل تتفهم مدرستها وضعها الخاص؟
لا تحتاج تايلين إلى تمييز فهي طفلة طبيعية جداً ولا تحتاج إلى من يهتم بها اهتماماً خاصاً. لا بل على العكس أنا أقول أن الله قد خصّها بهذه الميزة ويجب أن نكون سعداء بذلك. كما أشير إلى أن تايلين أصبحت تعرف تماماً كيف تتعامل مع حالتها فهي تجري حقن الأنسولين بنفسها في الأوقات المحددة.
كما تأخذ معها جهاز فحص السكري إلى المدرسة وتتصل بي عبر الخلوي الخاص بها لتعلمني بنتيجة الفحص. كما أنها تعرف جيداً ما يجب أن تتناوله وما يجب أن تمتنع عنه.
حتى أنها تجمع رفاقها في المدرسة وتجلس وتخبرهم عن السكري وكيف تتعامل معه وعن نمط حياتها، فيحسدونها على حالتها. نحن نعيش كلّنا حياة طبيعية ولا نشعر بالضغط النفسي أو التوتر بسبب السكري الذي أصاب تايلين، وهذا كلّه بفضل التثقيف المتعلّق بالمرض.
- هل تتعرّض تايلين لمشكلات أو مضاعفات ناتجة عن المرض؟
في البداية، كانت تتعرّض لمشكلات متكررة كهبوط السكر وتدخل على المستشفى باستمرار. لكن لاحقاً بعدما أصبحت مثقّفة وصرت على اطلاع واسع في خفايا المرض، صرت أتوقع المشكلة قبل حصولها.
على سبيل المثال كنا نتناول طعام العشاء قبل أيام في المطعم وأكلت تايلين مثلنا تماماً السمك والدجاج والخضر. أدركت مباشرةً أنها ستتعرّض إلى نوبة هبوط في السكر في ساعات الصباح الأولى كونها تناولت البروتينات دون أن تتناول النشويات. وهذا بالفعل ما حصل حين استيقظت في الساعة الرابعة صباحاً وهي تعاني هبوطاً في مستوى السكر فعالجت ذلك بنفسي وسرعان ما تحسّنت حالتها بعد أن تناولت موزة وتفاحة.
- ما الذي تنصحين به أي مريض آخر أو أهل مريض؟
لا بد لي من التشديد على أهمية التثقيف في مرض السكري. فمن الضروري المشاركة في حلقات للتوعية والتثقيف بهدف الحصول على كل المعلومات اللازمة ومعرفة التعامل مع المرض حتى لا يؤثر أبداً على حياة المريض فيعيش حياة طبيعية كأي شخص آخر. ويمكن أن يتم التثقيف الذاتي أيضاً من خلال الانترنت أو من خلال طبيب أو من خلال مرضى آخرين في لقاءات أو حلقات حوار، خصوصاً أن الطبيب لا يملك الوقت اللازم لشرح كل التفاصيل المتعلّقة بالمرض للمريض.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024